«داعش» في الواجهة والبعث والقبائل في الخلفية: العراق يغرق في المجهول

أكد محللون عراقيون أن مقاتلي «الدولة الإسلامية في العراق والشام » (داعش)، يلقون دعما من أنصار النظام العراقي السابق وحزب البعث وقبائل عراقية تشعر بالتهميش من السلطة التي يسيطر عليها رئيس الوزراء رياض المالكي، وان التمرد لا يخلو من الصبغة المذهبية، ولم يستبعدو أن تؤدي المعارك إلى تقسيم العراق، لكنهم يحذرون من خطورة المجموعات الإسلامية المتطرفة، ومن أن تقدم على إغراق العراق بأنهار من الدم على أساس مذهبي، محذرين من البيان الذي أصدرته "داعش" يوم أمس والذي يهدد بارتكاب مجازر على أساس مذهبي.

«داعش» في الواجهة والبعث والقبائل في الخلفية: العراق يغرق في المجهول

صورة من شريط فيديو لقافلة متمردين في نينوى (أ.ف.ب)

أكد محللون عراقيون أن مقاتلي «الدولة الإسلامية في العراق والشام » (داعش)، يتلقون دعما من أنصار النظام العراقي السابق وحزب البعث وقبائل عراقية تشعر بالتهميش من السلطة التي يسيطر عليها رئيس الوزراء رياض المالكي،  وان التمرد لا يخلو من الصبغة المذهبية، ولم يستبعدو أن تؤدي المعارك إلى تقسيم العراق، لكنهم يحذرون من  خطورة  المجموعات الإسلامية المتطرفة، ومن أن تقدم على إغراق  العراق بأنهار من الدم  على أساس مذهبي، محذرين من البيان الذي أصدرته "داعش" يوم أمس والذي يهدد بارتكاب مجازر على أساس مذهبي.

ويبدو أن الهدف القادم للمسلحين هو مدينة بعقوبة  البعيدة 60 كم عن بغداد العاصمة. وذكرت وكالة الأنباء الفرنسية أن المسلحين  واصلوا يوم أمس الخميس تقدمهم باتجاه العاصمة بغداد وذلك بعد ان استولوا على مناطق واسعة في شمال غرب العراق من جيش نظامي مستمر في التقهقر، في حين قالت الولايات المتحدة انها لا تستبعد اي خيار لوقف هذا الزحف.

وخشية زحف المسلحين على مدينة كركوك، اغتنمت قوات البشمركة الكردية الفرصة وبسطت للمرة الأولى سيطرتها بشكل كامل على المدينة النفطية المتنازع عليها منذ سنوات بين الحكومة المركزية وسلطات إقليم كردستان العراق

أوباما: ندرس كافة الخيارات

وإزاء الفوضى التي غرق فيها العراق منذ أن تم الاستيلاء الثلاثاء على الموصل، ثاني كبرى مدن البلاد، ومحافظتها نينوى ومناطق في محافظتي كركوك وصلاح الدين المجاورتين، أكد الرئيس الاميركي باراك اوباما ان فريقه للامن القومي يدرس "كافة الخيارات".

وقال أوباما "نحن نعمل بلا كلل لتحديد كيفية تقديم المساعدة الأنجع (للسلطات العراقية). لا أستبعد أي خيار"، دون المزيد من التوضيح.

ولئن جددت الإدارة الاميركية التأكيد على أنه من غير الوارد ارسال قوات على الارض، فإن مسؤولا أميركيا أشار إلى احتمال شن غارات لطائرات بدون طيار.

مجلس الأمن يدعو للحوار

من جانبه دان مجلس الأمن الدولي الخميس كل الأعمال الإرهابية التي يشهدها العراق داعيا كل الفرقاء العراقيين للبدء بحوار وطني عاجل. وعلى مدى ساعتين عقد أعضاء المجلس الخمسة عشر مشاورات مغلقة في مقر المجلس في نيويورك، استمعوا خلالها بالخصوص إلى عرض بشأن الوضع في هذا البلد من مبعوث الأمم المتحدة إلى العراق نيكولاي مالدينوف الذي تحدث اليهم عبر الدائرة التلفزيونية المغلقة.

وفي ختام الإجتماع عبر المجلس بإجماع أعضائه عن دعمه الكامل للحكومة والشعب العراقيين في تصديهما لمقاتلي تنظيم "الدولة الاسلامية في العراق والشام" (داعش). وقال السفير الروسي في الأمم المتحدة، فيتالي تشوركين، الذي تتولى بلاده الرئاسة الدورية للمجلس لشهر حزيران/يونيو إن "هذه مناسبة استثنائية لأن تكون هناك بداية جديدة عبر إطلاق حوار وطني مفتوح وعبر حل المسائل المتعددة" العالقة. واكد تشوركين على وجوب "بذل جهود مكثفة لإطلاق هذا الحوار".

ودعا مجلس الأمن ايضا الحكومة العراقية والمجتمع الدولي الى مساعدة بعثة الامم المتحدة في العراق على تلبية الاحتياجات الإنسانية الناجمة عن الأوضاع الراهنة.

وبحسب تشوركين فإن أعضاء المجلس ال15 دانوا "كل الأعمال الإرهابية والمتطرفة" التي ارتكبت في العراق، ولكنهم حذروا من انه يتعين على بغداد ان تعالج في آن معا العديد من الملفات المعقدة السياسية والاجتماعية والطائفية والنفطية.

وأضاف أن "الأمر الأكثر أهمية حالا هو التوصل الى اتفاق بين القوى السياسية الرئيسية لكي تتمكن من ان تقف سويا وبفعالية في وجه الإرهابيين".

وفي لندن اقر وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري أن قوات الأمن "انهارت" في الموصل لكن الآن "نسعى إلى طرد هؤلاء الإرهابيين خارج مدننا الرئيسية".

وشن الجيش غارات جوية على تكريت كبرى مدن محافظة صلاح الدين التي سقطت الأربعاء بأيدي المسلحين، بحسب شهود.

وفي تسجيل صوتي الأربعاء دعا أبو محمد العدناني، أحد قادة داعش المتمردين إلى "الزحف على بغداد".

وتمكنت مجموعات من المسلحين من السيطرة مساء الخميس على ناحيتي السعدية وجلولاء الرئيسيتين في محافظة ديالى العراقية، بحسب ما أفادت مصادر أمنية وعسكرية لوكالة فرانس برس.

وأوضح ضابط برتبة عقيد في الشرطة وضابط برتبة مقدم في الجيش أن المسلحين دخلوا الناحيتين المتنازع عليهما بين العرب والاكراد والواقعتين شمال بعقوبة (60 كلم شمال شرق بغداد) وبسطوا سيطرتهم عليهما بعدما غادرتهما قوات الجيش والشرطة.

وتقع هاتان الناحيتان على بعد نحو 80 كلم من مدينة بعقوبة، مركز محافظة ديالى، والتي لا تبعد سوى 65 كلم عن شمال شرق العاصمة بغداد.

وفي وقت سابق من نفس اليوم، تمكن مقاتلو تنظيم "الدولة الإسلامية في العراق والشام" من احكام قبضتهم على ثلاث قرى قريبة من ناحية العظيم الواقعة عند الحدود بين محافظتي ديالى وصلاح الدين.

ولم تؤكد المصادر الأمنية والعسكرية الجهة التي ينتمي إليها المسلحون لكن تنظيم "الدولة الإسلامية" أعلن على حسابه الخاص بديالى على موقع تويتر سيطرته على الناحيتين، متحدثا عن اشتباكات يخوضها في ناحية المقدادية القريبة.

بغداد: أجواء من التوتر

وتسود العاصمة العراقية منذ يومين أجواء من التوتر والترقب، وسط حالة من الصدمة والذهول جراء الانهيار السريع للقوات الحكومية في محافظتي نينوى وصلاح الدين، حيث بدت شوارع العاصمة أقل ازدحاما مما تكون عليه عادة، بينما فضل بعض أصحاب المحلات البقاء في منازلهم.

وقال ابو علاء (54 عاما) "هناك إحساس بين الناس أنه تم التخلي عنهم وأنهم بلا حماية".

وتبنت داعش الاعتداءات التي استهدفت «أحياء شيعة» الأربعاء وخلفت اكثر من 30 قتيلا ببغداد، وأعلنت انها ستنفذ هجمات اخرى.

وإزاء تقهقر الجيش الذي لم تتمكن السلطات واقعيا من اعادة بنائه منذ الإطاحة بنظام الرئيس الراحل صدام حسين في 2003، دعا رئيس الوزراء نوري المالكي كافة القبائل إلى تشكيل وحدات متطوعين لمحاربة المتمردين.

وفي تجسيد للأزمة السياسية التي تشل البلاد منذ أشهر تم إلغاء جلسة البرلمان التي كان يفترض ان تعلن حالة الطوارئ، بسبب عدم اكتمال النصاب.

وعلاوة على سيطرته على مناطق الشمال فان داعش، الذي تعتبره الولايات المتحدة أحد التنظيمات "الأخطر في العالم"، يسيطر منذ كانون الثاني/يناير على محافظة الانبار.

وفي الموصل لا يزال المتمردون يحتجزون حوالى خمسين تركيا اخذوا رهائن في القنصلية التركية اضافة الى 31 سائقا تركيا.

وفر حوالى نصف مليون من سكان الموصل من منازلهم خوفا على حياتهم.

وقتل المصور الصحافي الكردي كامران نجم إبراهيم يوم أمس، الخميس،  خلال اشتباكات غرب كركوك (240 كلم شمال بغداد) بين قوات البشمركة ومسلحين من "الدولة الإسلامية في العراق والشام" أصيب فيها أيضا 14 من عناصر الأمن الاكراد، وفقا لمصدر أمني. وكامران أول اعلامي يقتل في العراق منذ بدء هجوم تنظيم "الدولة الإسلامية" المباغت الثلاثاء الماضي.

ونجا الوزير الكردي المكلف بالبشمركة جعفر مصطفى من اعتداء أوقع قتيلا.

وداعش التي تضم العديد من المقاتلين الأجانب ، تلقى، بحسب محللين، دعما من قبائل مناهضة للحكومة وبعض الدعم ممن يعتبرون أنفهم مهمشون من السلطة المركزية.

وقال المحلل رياض قهوجي إن بين عشرة آلاف و15 الف مقاتل إسلامي متطرف ينتشرون في شمال العراق.

وتسللت داعش من الحدود مع سوريا حيث تسيطر على مناطق واسعة من محافظة دير الزور (شمال شرق سوريا).

وفي ردود الفعل الخارجية اعتبرت روسيا أن التطورات الأخيرة في العراق تترجم "الفشل التام" للغزو الاميركي للعراق في 2003.

إيران

وفي طهران، أكد الرئيس الإيراني حسن روحاني أن إيران "ستكافح عنف وإرهاب" المتمردين الاسلاميين المتطرفين ، من دون أن يذكر تفاصيل عن التحركات التي قد تقوم بها إيران لدعم جارتها.

كما قال وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس في بيان "أنا قلق جدا من الوضع في العراق. فتقدم تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام يشكل خطرا كبيرا على وحدة وسيادة الدولة العراقية اللتين تتمسك بهما فرنسا".

وأضاف أن تقدم المسلحين الإسلاميين أمام جيش متقهقر "يشكل خطرا كبيرا على استقرار المنطقة بمجملها".

الولايت المتحدة تخلي موظفيها والنفط يقفز

وأجلت شركات اميركية موظفيها من مناطق تقع شمالي بغداد الى العاصمة بسبب الخوف من وقوع تلك المناطق في أيدي المتمردين.

وفي نيويورك وعلى خلفية التصعيد في العراق، قفز سعر برميل النفط المرجعي الخفيف تسليم تموز/يوليو الى 106,53 دولارات، أعلى مستوى له منذ 18 ايلول/سبتمبر 2013 لدى اقفال جلسة التداول، مسجلا قفزة من 2,13 دولار في سوق نيويورك (نايمكس).

التعليقات