غياب الملك سلمان عن قمة "كامب ديفيد" بطاقة صفراء لأوباما

حاول البيت الأبيض إظهار غياب الملك السعودي، سلمان بن عبد العزيز، عن قمة "كامب ديفيد" بأنه ليس نتيجة خلافات أو توتر في العلاقات. ووسط سيل من التعليقات والتحليلات حول ما يقف وراء قرار السعودية، أصدر البيت الأبيض بيانا قال فيه إن الملك السعو

غياب الملك سلمان عن قمة

حاول البيت الأبيض إظهار غياب الملك السعودي، سلمان بن عبد العزيز، عن قمة "كامب ديفيد" بأنه ليس نتيجة خلافات أو توتر في العلاقات. ووسط سيل من التعليقات والتحليلات حول ما يقف وراء قرار السعودية، أصدر البيت الأبيض بيانا قال فيه إن الملك السعودي عبر عن أسفه لعدم مشاركته في القمة.

وقال البيت الابيض إن الملك السعودي أجرى إتصالا هاتفيا بالرئيس الأميركي، باراك أوباما، يوم أمس الاثنين "ليعبر عن أسفه" للغياب عن قمة في البيت الأبيض وكامب ديفيد هذا الأسبوع،  وأن الزعيمين استعرضا جدول أعمال الاجتماع الذي سيعقده أوباما مع زعماء خليجيين.

وأضاف البيت الأبيض أن أوباما والملك سلمان اتفقا على الحاجة إلى العمل مع الدول الخليجية الأخرى "لبناء قدرات جماعية للتصدي بشكل أكثر فعالية للتهديدات التي تواجه المنطقة وتسوية الصراعات في المنطقة" مشيرا إلى أن الزعيمين اتفقا أيضا على الحاجة إلى مساعدات إنسانية عاجلة في اليمن.

وجاء هذا البيان الأميركي بعد أن قال محللون إن غياب الملك سلمان عن القمة الإقليمية التي يستضيفها الرئيس الأمريكي، باراك أوباما، يعتبر بطاقة صفراء للرئيس أوباما، ويشير إلى أن الدول الخليجية العربية - تشعر باستياء مما تعتبره لا مبالاة أمريكية إزاء التدخل الإيراني في العالم العربي- وأنها قد لا ترحب بأي اتفاق نووي مع طهران.

ووصف محللون ودبلوماسيون في الشرق الأوسط لوكالة "رويترز" قرار الملك السعودي عدم السفر للمشاركة في قمة كامب ديفيد هذا الأسبوع بأنه تجاهل رغم نفي مسؤولين أمريكيين وبعض المطلعين السعوديين.

وأعلنت الرياض يوم الأحد عدم مشاركة الملك سلمان في القمة بعد يومين فقط من تصريح البيت الأبيض بأنه سيحضر قمة مجلس التعاون الخليجي، وأوضحت أن ولي العهد السعودي محمد بن نايف الذي له علاقات قوية بالكيانين السياسي والأمني الأمريكيين سيمثل السعودية في القمة التي ستعقد في 13 و14 أيار/ مايو الجاري، كما سيشارك فيها أيضا محمد بن سلمان ولي ولي العهد ووزير الدفاع.

 ومنذ تولي الملك سلمان السلطة في السعودية في كانون الثاني/ يناير يدير الأميران محمد بن نايف ومحمد بن سلمان معظم جوانب السياسة السعودية.

وقالت الحكومة السعودية إن أحد الأسباب الرئيسية لعدم حضور الملك سلمان القمة هو أن موعدها يتداخل مع هدنة إنسانية مدتها خمسة أيام في اليمن.

وتشكو السعودية منذ سنوات من أن واشنطن لا تأخذ مخاوفها على محمل الجد. وتعتقد أن تركيز الولايات المتحدة على حل الخلاف بشأن البرنامج النووي الإيراني صرفها عن مشكلات أكثر إلحاحا.

وحاول وزير الخارجية الأمريكي جون كيري طمأنة دول الخليج بأن واشنطن لن تقبل اتفاقا نوويا سيئا قائلا إن مناقشات كامب ديفيد ستسفر عن التزامات من شأنها تهيئة "تفاهم أمني جديد" مع دول مجلس التعاون الخليجي.

وقال مسؤولون أمريكيون الأسبوع الماضي إن واشنطن تستعد أيضا لتقديم أسلحة جديدة من أجل منظومة دفاعية صاروخية مشتركة لمجلس التعاون الخليجي.

وقال المستشار الأمني الكويتي لدى مجلس التعاون الخليجي سامي الفرج إن نظريات المؤامرة القديمة ثبت صحتها. وأضاف "تخلق الولايات المتحدة تهديدات لنا ثم تقدم لنا المزيد من أنظمة السلاح. هذا لا يبشر بالخير بالنسبة لنا."

ويخشى السعوديون أن يعتبر أوباما التوصل إلى تسوية بين القوى العالمية وطهران بمثابة إرثه. ويعتقدون أن مثل هذا الاتفاق الخاص بالبرنامج النووي الإيراني قد يؤدي إلى رفع العقوبات الدولية المفروضة على إيران دون تحجيم طموحاتها الإقليمية.

وتعهدت واشنطن مرارا بالمساعدة في كبح الأنشطة الإيرانية وعرضت أسلحة جديدة على الدول الخليجية العربية وتدعم التحالف الذي تقوده السعودية ضد الحوثيين اليمنيين المتحالفين مع طهران.

وحصول أوباما على دعم من دول مجلس التعاون الخليجي مهم بالنسبة له حتى يوضح للكونجرس أن الاتفاق مع إيران يحظى بدعم إقليمي واسع رغم معارضة إسرائيل.

وأبدى الملك سلمان دعما حذرا إزاء اتفاق إطار نووي جرى التوصل إليه الشهر الماضي ولكنه يصر على أن أي اتفاق يجب أن يكون قويا ويجب التحقق منه وألا يمثل تهديدا لجيران طهران.

ويشعر مطلعون سعوديون بالقلق من أن أي تخفيف للعقوبات على طهران سيمنح إيران مجالا أكبر لدعم وكلائها الذين تعارضهم الرياض في الشرق الأوسط.

والملك سلمان ليس الزعيم الوحيد من دول مجلس التعاون الخليجي الذي يعتذر عن القمة. ولن يشارك سوى أمير الكويت وأمير قطر من بين قادة دول المجلس الستة.

وقال المتحدث باسم البيت الأبيض، جوش ايرنست، إن السعودية لم تعبر عن أي قلق بشأن جدول أعمال القمة سواء قبل أو بعد أن قرر العاهل السعودي عدم مشاركته.

وأضاف ايرنست أن الولايات المتحدة واثقة من أن المسؤولين الخليجيين الذي سيحضرون سيكونون قادرين على تمثيل بلادهم وتنفيذ أي قرارات تتخذ أثناء الاجتماعات.

وقال وزير الخارجية السعودي، عادل الجبير، للصحفيين في واشنطن "فكرة أن هذا تجاهل لأن الملك لم يحضر هي فكرة خاطئة في واقع الأمر." وأصر على أن الأمر لا يتعلق بأي خلافات بين البلدين.

ويشير دعم أوباما للحملة في اليمن - رغم تحفظات استراتيجية وإنسانية-  إلى التزام الولايات المتحدة بدعم أمن الرياض لكن هذا قد لا يستهوي السعوديين .

وقال مصطفى العاني المحلل الأمني العراقي الذي تربطه علاقات وثيقة بوزارة الداخلية السعودية إن تجربة السعوديين مع ست سنوات من حكم أوباما تشير إلى تعهدات ووعود وكلمات طيبة ولكن دون الحصول على شيء في نهاية الأمر.

وقال إن الرياض تعتبر الدعم الأمريكي للحملة في اليمن -والتي تتضمن اقتسام معلومات مخابراتية وتقديم إمدادات لوجيستية والإسراع بوصول شحنات الأسلحة- بمثابة مقايضة للحصول على مباركة السعودية لاتفاق مع إيران تهدف القوى العالمية وطهران إلى الانتهاء منه بحلول حزيران/ يونيو.

وسلط عبد الخالق عبد الله استاذ العلوم السياسية في الإمارات الضوء على تشكك المنطقة وقال "ما زلنا نعتقد أن إيران قوة تزعزع استقرار المنطقة وبالتوصل لاتفاق نووي ستكون أكثر زعزعة للاستقرار ومن ثم أعتقد أننا - مجلس التعاون الخليجي والولايات المتحدة- لم نعد نسير على نفس الخط."

ويعتقد بعض الدبلوماسيين في المنطقة أن غياب الملك سلمان عن كامب ديفيد والشيخ حمد بن عيسى آل خلفية ملك البحرين التي تستضيف الأسطول الخامس الأمريكي قد تكون له نتائج عكسية.

وقال دبلوماسي غربي يتمركز في المنطقة "بالطبع هذا (عدم مشاركة الملك سلمان) تجاهل. لا أعتقد أن أوباما سيتحمل ذلك. هو يريد الاتفاق النووي ويعطيه الأولوية."

 

التعليقات