تقرير: خطة خليجية إسرائيلية لإعادة "تأهيل" الأسد

بحسب التقرير الذي أعده الصحفي البريطاني المتخصص بشؤون الشرق الأوسط، ديفيد هيرست، فإن "السعودية والإمارات ومصر أعدوا خطة بالتعاون مع إسرائيل للترحيب بعودة الأسد إلى جامعة الدول العربية بهدف تهميش النفوذ الإقليمي لتركيا وإيران".

تقرير: خطة خليجية إسرائيلية لإعادة

من زيارة البشير إلى سورية (أ ب)

كشف موقع "ميدل إيست آي" البريطاني، نقلا عن مصادر خليجية رفيعة، تفاصيل ما قال إنه "خطة خليجية إسرائيلية مشتركة لإعادة تأهيل رئيس النظام السوري، بشار الأسد"، وإعادته إلى جامعة الدول العربية وذلك بهدف "تهميش النفوذ الإقليمي لتركيا وإيران".

وبحسب التقرير الذي أعده الصحافي البريطاني المتخصص بشؤون الشرق الأوسط، ديفيد هيرست، فإن "السعودية والإمارات ومصر أعدوا خطة بالتعاون مع إسرائيل للترحيب بعودة الأسد إلى جامعة الدول العربية بهدف تهميش النفوذ الإقليمي لتركيا وإيران".

ونقل الموقع عن مصادر خاصة قولها إن "رئيس الموساد الإسرائيلي، يوسي كوهين، التقى الشهر الماضي بمسؤولين سعوديين وإماراتيين ومصريين، لمناقشة سبل مواجهة النفوذ التركي في المنطقة، وانتهوا إلى خطة إعادة الأسد إلى الجامعة العربية".

يوسي كوهين (رويترز)

وأوضح "ميدل إيست آي"، أن تقريره يستند إلى معلومات حصرية تؤكد أن "الاتفاق على المبادرة الدبلوماسية تم خلال اجتماع سري عقد في إحدى عواصم الخليج الشهر الماضي"، دون ذكرها.

وشارك في الاجتماع المذكور "كبار المسؤولين في أجهزة المخابرات من أربعة بلدان، بما في ذلك يوسي كوهين، مدير الموساد"، بحسب ما نقل الموقع البريطاني عن مصادر خليجية وصفها بـ"المطلعة على تفاصيل اللقاء (لم يسمّها)".

وجاء اللقاء المذكور ردا على "البرود" الملموس في العلاقات بين الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، والرياض، منذ جريمة قتل الصحافي جمال خاشقجي داخل القنصلية السعودية في إسطنبول في تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، بحسب المصدر نفسه.

ووقف ترامب في العلن إلى جانب ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، والذي تقول وكالة المخابرات الأميركية (سي آي إيه) وأعضاء في الكونغرس الأميركي، إنه يتحمل المسؤولية عن قتل خاشقجي.

إلا أن مسؤولا على معرفة باللقاء، قال إن مسؤولي المخابرات قيل لهم إن "ترامب فعل ما يستطيع، وإنه لن يفعل أكثر".

كما اتفق المسؤولون في اللقاء على أنهم "يعتبرون تركيا، وليس إيران، هي الخصم العسكري الرئيسي في المنطقة، وناقشوا خططا الهدف منها مواجهة النفوذ التركي".

وقال الإسرائيليون في اللقاء إنه "بالإمكان احتواء إيران عسكريا، أما تركيا فلديها قدرات أكبر بكثير"، وفق الموقع البريطاني.

ونقل عن كوهين قوله أثناء الاجتماع: "إن القوة الإيرانية هشة، أما مصدر التهديد الحقيقي فيأتي من تركيا"؛ وفي سبيل التعامل مع هذه المسائل، اتفق المشاركون في اللقاء على أربعة إجراءات.

المحادثات مع "طالبان"

وأوضحت المصادر أن "الإجراء الأول هو مساعدة ترامب في مساعيه لسحب قوات الولايات المتحدة من أفغانستان، حيث ما يزال ما يقرب من أربعة عشر ألف جندي أميركي منتشرين هناك لدعم قوات الحكومة الأفغانية التي تقاتل حركة طالبان وجماعات متشددة أخرى".

وفي السياق نفسه، عقد مؤخرا اجتماع في أبو ظبي، حضره مسؤولون من الولايات المتحدة وطالبان بمشاركة كل من السعودية والإمارات وباكستان.

وأما الإجراء الثاني فكان بهدف "التحكم بالورقة السنية في العراق، والذي يقصد منه الجهود التي تبذل لتقليص نفوذ تركيا داخل تحالف المحور الوطني، أكبر كتلة برلمانية من النواب السنة في البرلمان العراقي"، بحسب المصدر نفسه.

ولفت الموقع البريطاني إلى أن "الضغوط ما لبثت أن مورست جراء ذلك على محمد الحلبوسي، رئيس البرلمان العراقي، في أول زيارة رسمية يقوم بها إلى الرياض في 17 كانون الأول/ ديسمبر الماضي".

وأضاف أن "الحلبوسي التقى، خلال زيارته، بثامر السبهان، السفير السعودي السابق في العراق، والذي ضغط على الحلبوسي مخيرا إياه بين أن يعمد إلى تقليص نفوذ تركيا على تحالف المحور الوطني أو أن ينسحب منه تماما".

وأكمل أنه "نتيجة لذلك دب الذعر داخل الكتلة بعد أن عارض الحلبوسي ترشيح صباح الطائي لمنصب وزير التربية، في خضم مفاوضات تشكيل الحكومة الجديدة في البلاد، ثم ما لبث أن رشح عضو آخر في تحالف المحور الوطني، صلاح الجبوري لذلك المنصب".

طريق عودة الأسد إلى جامعة الدول العربية

والإجراء الثالث الذي تمت مناقشته، يتابع التقرير، كان المبادرة الدبلوماسية لإعادة العلاقات الدبلوماسية الكاملة بين الدول العربية الثلاث وبشار الأسد. 

وأكد "ميدل إيست آي" أن رؤساء أجهزة المخابرات ناقشوا في اجتماعهم الرسالة التي أرادوا إيصالها إلى الأسد، الذي اعتمد بكثافة على الدعم العسكري الإيراني وعلى مقاتلي حزب الله، خلال الحرب الداخلية التي تشهدها البلاد.

وقال مسؤول خليجي مطلع على تفاصيل المباحثات: "لم يتوقعوا من بشار قطع العلاقات مع إيران، ولكنهم أرادوا منه استخدام الإيرانيين بدلا من أن يكون هو المستخدم من قبلهم".

(أ ف ب)

وأضاف المصدر: "كانت الرسالة على النحو التالي: عد إلى الكيفية التي كان والدك (حافظ الأسد) يتعامل من خلالها مع الإيرانيين، على الأقل قدم نفسك كند يجلس إلى الطاولة، بدلاً من أن تكون صاغرا للإيرانيين وخادما لمصالحهم".

وقال المحلل المختص بالشؤون السورية كمال علم، الذي يكتب في "ميدل إيست آي"، أن الزيارات تتابعت بعد اللقاء الاستخباراتي، وكان منها وصول الرئيس السوداني عمر البشير إلى دمشق في 16 من كانون الأول/ ديسمبر الماضي، في أول زيارة رسمية يقوم بها زعيم عربي لسورية منذ عام 2011.

وتابع علم قائلا، إن "هذا التحرك ما كان له أن يحصل لولا علم وموافقة الرياض".

كما قام نائب رئيس المخابرات الإماراتية، علي الشامسي، بزيارة إلى دمشق استغرقت أسبوعًا، وفي27 كانون الأول/ ديسمبر أعلن الإماراتيون إعادة فتح سفارتهم بعد ثمانية أعوام من الغلق.

في نفس اليوم، أعلنت البحرين، والتي تنسجم مواقفها مع مواقف كل من السعودية والإمارات، أنها ستعيد بعثتها الدبلوماسية إلى دمشق.

وقبل ذلك بثلاثة أيام، قام المستشار الأمني الخاص للأسد، علي مملوك، بزيارة علنية نادرة إلى القاهرة، وقد علم موقع "ميدل إيست آي" من مصادرها، أنه يتوقع قريبا الإعلان عن التطبيع الكامل للعلاقات بين البلدين.

وأكدت المصادر أن مصر تريد من النظام السوري أن يعلن أن أعدائه الرئيسيين هم تركيا وقطر والإخوان المسلمين.

وتتضمن المبادرات تجاه الأسد، تحديد مسار عودة نظامه إلى جامعة الدول العربية ودعم الدول العربية لدمشق في معارضة الوجود العسكري التركي شمال سورية.

ووفق الموقع، يتردد أن الجزائر أبدت رغبة في دعوة الأسد للمشاركة في القمة القادمة لجامعة الدول العربية في تونس في آذار/ مارس المقبل، وذلك بعد مرور سبعة أعوام على تعليق عضوية سورية في الجامعة.

دعم "وحدات حماية الشعب" الكردية ضد تركيا

وأما الإجراء الرابع الذي تم الاتفاق عليه في اللقاء، فكان دعم تنظيم "وحدات حماية الشعب" الكردية، إزاء مساعي أنقرة لطرد التنظيم بعيدا عن الحدود التركية.

كما وافق رؤساء أجهزة المخابرات على تعزيز العلاقات مع حكومة إقليم شمال العراق، والحيلولة دون أي مصالحة مع أنقرة منذ إخفاق استفتاء الإقليم على الانفصال عام 2017.

وحسب ما صرح به المسؤول الخليجي فإن "السعوديين لا يرغبون في أن يكونوا في طليعة الجهد الدبلوماسي الذي يستهدف الأسد بالتودد، ولكنهم وافقوا على السياسة التي تقضي بالسعي إلى تمكينه بهدف إضعاف تركيا".

وأوضح التقرير أنه "لا يوجد لدى إسرائيل تواصل مباشر مع الأسد، لكنها تستخدم رجال أعمال سوريين، كوسطاء".

سعي الإماراتيين لترتيب لقاءات مع "سي آي إيه" 

وأشار التقرير إلى أن ولي عهد أبوظبي، محمد بن زايد، والذي يوصف بأنه "أشبه ما يكون بالناصح لنظيره السعودي الذي يصغره سناً، يتصدر الجهود التي تبذل لإصلاح العلاقات المضطربة بين البيت الأبيض والديوان الملكي في الرياض".

وأضاف: "في البداية تدخل محمد بن زايد لإصلاح العلاقات بين الملك سلمان وابنه محمد بن سلمان، فقد غضب الملك بشدة عندما سمع بالدور الذي لعبه ابنه في جريمة قتل خاشقجي، ولوحظ غياب بن سلمان عن اللقاء الذي جمع ما بين الملك ومحمد بن زايد في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي"، وفق الموقع. 

بن زايد وبن سلمان (أ ف ب)

وتابع أنه بعد العرض الذي قدمته مديرة السي آي إيه، جينا هاسبيل، لعدد مختار من أعضاء الكونغرس الأميركي، وحملت فيه محمد بن سلمان "المسؤولية" عن جريمة قتل خاشقجي،"أوعز محمد بن زايد إلى شقيقه ومستشاره للأمن القومي، طحنون بن زايد، طلب لقاء مع هاسبيل".

وعلم موقع "ميدل إيست آي" أن "طلب بن زايد قوبل بالرفض، وعلى إثر فشل تلك المحاولة، أرسل ابنه خالد إلى واشنطن، حيث تم الاتفاق على يوم للقاء هاسبيل، إلا أن اللقاء لم يتم".

"عودة سورية للجامعة العربية مرهونة إجراءات"

وفي سياث متصل، انتهى اجتماع المندوبين الدائمين في جامعة الدول العربية، اليوم الأربعاء، دون مناقشة موضوع عودة سورية إلى مقعدها في الجامعة، والمجمد منذ تشرين الثاني/ نوفمبر 2011.

وحسب مراقبين، فإن عودة سورية إلى الجامعة يلزمها قرارًا عربيًا توافقيًا، ومشاورات مسبقة بين وزراء الخارجية العرب، قبل طرح الموضوع للتصويت في أقرب قمة قادمة.

وأوضح مراقبون "أن هناك تيارين داخل الجامعة، أولهما يدفع في اتجاه عودة سورية، وحضور الأسد القمة العربية الاقتصادية في لبنان، والقمة في تونس، والثاني يرى السماح أولاً بعودة السفراء العرب إلى دمشق، وعودة السفراء السوريين إلى الدول العربية، قبل البت في قرار عودة ممثلي النظام السوري للقمة المقبلة".

هذا وصرح وزير الخارجية المصري، سامح شكري، في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره المغربي، أمس الثلاثاء، بأن عودة سورية إلى جامعة الدول العربية "مرهونة باتخاذ الحكومة السورية عدداً من الإجراءات التي تمهد للعودة إلى الجامعة، في إطار العمل السياسي لمجلس الأمن، وكذلك الحاجة للخروج من الأزمة الراهنة"، معتبرًا أن "تركيا تُهدد سورية بوجودها على أراضيها من دون إرادة الشعب السوري".

التعليقات