الجزائر: تأجيل الانتخابات تمديد الولاية الرابعة لرئيس غائب

قرارات بوتفليقة، العدول عن الترشح لولاية خامسة وإرجاء الانتخابات، تثير غضب المعارضة الجزائرية، من باب أنه تمديد لولايته بشكل غير دستوري، وأن القوى الدستورية كانت تخطط للاستيلاء على صلاحياته بترشيحه لولاية خامسة، ويجري الآن بتمديد ولايته الرابعة

الجزائر: تأجيل الانتخابات تمديد الولاية الرابعة لرئيس غائب

جزائريون يحتجون في فرنسا على ترشح بوتفليقة (أب)

أثار قرار الرئيس الجزائري، عبد العزيز بوتفليقة، العدول عن الترشح لولاية خامسة وإرجاء الانتخابات، غضب المعارضة الجزائرية، من باب أنه تمديد لولايته بشكل غير دستوري.

واعتبر معارضون أن القوى الدستورية كانت تخطط للاستيلاء على صلاحيات "رئيس غائب" من خلال ترشيحه لولاية خامسة، إلا أن ذلك سيجري من خلال تمديد ولايته الرابعة.

احتج طلاب جزائريون، اليوم الثلاثاء، على قرار الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، إرجاء الانتخابات إلى أجل غير مسمى، كما انتقد مرشحان للرئاسة القرار،

وبدأت احتجاجات الطلبة في العاصمة الجزائر، اليوم، ومن المقرر أن تنتقل إلى مدن أخرى أيضا، كما يتوقع أن تنظم احتجاجات في أنحاء البلاد يوم الجمعة.

وقال مرشح الرئاسة ورئيس حزب "جبهة المستقبل"، عبد العزيز بلعيد، إن قرارات الرئيس تعتبر "خرقا للدستور"، بينما اعتبرها المرشح ورئيس حركة البناء الوطني، عبد القادر بن قرينة "تجسيدا لشرعية الأمر الواقع".

وكتب بلعيد على صفحته في فيسبوك، ضمن أول رد فعل على سحب بوتفليقه ترشحه وتأجيل الانتخابات "تقيدنا دوما في عملنا السياسي بأحكام الدستور، وطالبنا السلطة باحترامه، القرارات الواردة في رسالة رئيس الجمهورية المنتهية ولايته خرق صارخ لأحكام الدستور".

ولم يوضح بلعيد كيف خرقت القرارات الرئاسية الدستور لكن واضح أنه يشير إلى أنه لا توجد مادة دستورية تتيح تأجيل الانتخابات إلا في حالة إقرار حالة طوارئ.

من جهته نشر المرشح الإسلامي للرئاسة عبد القادر بن قرينة تغريدة على تويتر جاء فيها "رفض البعض حلولا دستورية في إطار شرعية منقوصة نتيجة الأنانية المفرطة والنظرة الضيقة، كيف يقبلون الآن بالشرعية الواقعية (المتغلب)؟؟"، في إشارة إلى موقف المعارضة التي طالبت بتأجيل الانتخابات وانسحبت من السباق.

وكان بوتفليقة قد أعلن في رسالة وجهها للشعب، سحب ترشحه لولاية رئاسية خامسة وتأجيل انتخابات الرئاسة التي كانت مقررة في 18 أبريل / نيسان المقبل.

كما قرر بوتفليقة إدخال "تعديلات جمّة"(واسعة) على الحكومة، وإطلاق حوار يشمل مختلف القطاعات، بهدف الوصول إلى صيغة لدستور جديد يُعرض لاستفتاء شعبي.

وإثر ذلك، أعلنت وكالة الأنباء الرسمية استقالة رئيس الحكومة أحمد أويحيى، وتعيين وزير الداخلية نور الدين بدوي بدلا عنه.

وقال بوتفليقة في رسالته: "تمُرُّ الجزائر بمرحلة حساسة من تاريخها، ففي الثامن من شهر مارس / آذار الجاري، وفي جُمعةٍ ثالثة بعد سابقتيها، شهِدت البلادُ مسيرات شعبية حاشدة".

وتابع: "أولاً: لا محلَّ لعهدة خامسة، بل إنني لم أنْوِ قط الإقدام على طلبها حيـث أن حالتي الصحية وسِنّي لا يتيحان لي سوى أن أؤدي الواجب الأخير تجاه الشعب الجزائري، ألا وهو العمل على إرساء أسُس جمهورية جديدة تكون بمثابة إطار لنظام جديد نصبوا إليه جميعًا".

وأضاف: "لن يُجْرَى انتخاب رئاسي يوم 18 من إبريل المقبل، والغرض هو الاستجابة للطلب الـمُلِح الذي وجهتموه إلي، حرصا منكم على تفادي كل سوء فهم فيما يخص وجوب وحتمية التعاقب بين الأجيال الذي اِلْتزمت به".

العدول عن الترشيح وتأجيل الانتخابات تمديد لولاية بوتفليقة لا يستند لمادة دستورية

ورغم استجابته لأغلب مطالب الحراك الشعبي والمعارضة بالعدول عن الترشح وتأجيل الانتخابات إلا أن أول عقبة واجهت قرارات بوتفليقة هي قانونية بامتياز بحكم أن تمديد ولايته لم يستند إلى أي مادة دستورية.

وتعد المادة 107 من الدستور الأقرب لتفسير هذه الحالة من التمديد لأنها تنص على أن "يقرر رئيس الجمهورية الحالة الاستثنائية إذا كانت البلاد مهددة بخطر داهم يوشك أن يصيب مؤسساتها الدستورية أو استقلالها أو سلامة ترابها".

وتنص أيضا "تخول الحالة الاستثنائية رئيس الجمهورية أن يتخذ الإجراءات الاستثنائية التي تستوجبها المحافظة على استقلال الأمة، والمؤسسات الدستورية في الجمهورية".

وتشترط هذه المادة على الرئيس أن يتخذ مثل هذا الإجراء بعد استشارة رئيس مجلس الأمة، ورئيس المجلس الشعبي الوطني، ورئيس المجلس الدستوري، والاستماع إلى المجلس الأعلى للأمن، ومجلس الوزراء كما ويجتمع البرلمان وجوبا.

لكن الرئاسة الجزائرية لم تشر إلى السند القانوني لهذه القرارات، وحتى إلى عقد اجتماعات هامة كما ينص الدستور، كما أن البرلمان لم يجتمع بدعوة من الرئيس للنظر في هذا "الوضع الاستثنائي" الذي استدعى هذه القرارات.

السطو على صلاحيات رئيس غائب كان بالولاية الخامسة فأصبح بالتمديد

وفي الشق السياسي لهذه القرارات فإن قادة الحراك ومعارضين وصفوها بأنها "نصف انتصار" بعد سحب مشروع الولاية الخامسة، لكنهم رفضوا باقي القرارات، باعتبار أنها سطو على صلاحيات رئيس غائب كانت ستتم بترشحه لولاية خامسة، وستتم الآن بالتمديد.

وقال المحامي مصطفى بوشاشي أحد أبرز وجوه الحراك معلقا عليها "مطلب الجزائريين ليس التأجيل، وإنما كان إقامة مرحلة انتقالية بحكومة توافق وطني بعد مشاورات واسعة".

وتابع في مقطع فيديو له على موقع "فيسبوك" قائلا "لا نريد أن يتم الالتفاف حول رغبة الشعب الجزائري في الذهاب إلى انتخابات حقيقية وديمقراطية حقيقية" رغم أن بوتفليقة تعهد بإنشاء لجنة مستقلة جديدة لمراقبة الانتخابات، وحل الهيئة الحالية.

من جهته يرى المتحدث باسم حركة "مواطنة" المعارضة، جيلالي، في تغريدة فور صدور القرارات أنه "لا يجب الثقة فيها" وأن "المؤامرة بدأت" داعيا إلي مواصلة الحراك من خلال مظاهرات الجمعة الماضية.

بدوره قال رئيس الحكومة الجزائري الأسبق علي بن فليس (2000-2003)، إن "البلاد شهدت الإثنين تعديا بالقوة على الدستور بالإعلان عن تمديد الولاية الرابعة للرئيس (عبد العزيز) بوتفليقة بدون مباركة الشعب".

جاء ذلك في فيديو نشره علي بن فليس على صفحته الرسمية على موقع "فيسبوك.

وذكر علي بن فليس رئيس حزب "طلائع الحريات" المعارض أن "القوى الدستورية ستبقى مستولية على مركز صنع القرار، والسطو على صلاحيات رئيس غائب".

واعتبر أن "هذا الاستيلاء على مركز القرار كان مبرمجا بالولاية خامسة فأصبح بالتمديد للرابعة بدون مباركة من الشعب".

في السياق ذاته عجت صفحات لناشطين معارضين على موقعي "فيسبوك" و"تويتر" بمنشورات و"تغريدات" تدعو أيضا إلى مواصلة الضغط عبر الشارع وذلك بمظاهرات كبيرة للجمعة الرابعة على التوالي هذا الأسبوع.

وتلتقي هذه التعليقات في أن ما صدر من قرارات هو "تمديد لحكم بوتفليقة في انتظار الالتفاف على المطالب المرفوعة لاحقا" وهو مؤشر على أن جدلا جديدا في الأفق عنوانه "التجسيد الكامل لمطالب الحراك".

وكحل وسط لهذا الوضع كتب الإعلامي الجزائري الشهير محمد يعقوبي منشورا على صفحته بـ"فيسبوك" جاء فيه "الآن حان دور العقلاء في السلطة وفي الحراك لتقريب المسافات والوصول إلى حل بالحوار".

التعليقات