السودان: المعارضة تدعو للمشاركة بعصيان مدني يبدأ الأحد

المجلس العسكري يستخدم قوات التدخل السريع المعروفة بارتكابها جرائم ضد المدنيين، ويعتقل 3 قياديين معارضين بعدما التقوا رئيس الوزراء الإثيوبي في الخرطوم والذي يسعى إلى التوسط بين المحتجين والعسكر بعد حملة القمع الدامية

السودان: المعارضة تدعو للمشاركة بعصيان مدني يبدأ الأحد

الخرطوم بعد هجوم العسكر الدموي على المعتصمين، الإثنين الماضي (أ.ب.)

أعلن تجمع المهنيين السودانيين، الذي قاد الاحتجاجات، اليوم السبت، أن حملة العصيان المدني ستبدأ غدا، الأحد، وتستمر إلى حين يسلم المجلس العسكري السلطة للمدنيين.

ودعا قادة الاحتجاج السودانيين إلى المشاركة في العصيان المدني، في محاولة للضغط على المجلس العسكري الحاكم عقب الهجوم الدامي على مخيم الاعتصام.

وقال تجمع المهنيين السودانيين، الذي قاد الاحتجاجات التي دفعت الجيش إلى الإطاحة بالرئيس عمر البشير، اليوم السبت إن حملة العصيان المدني ستبدأ غدا الأحد وستستمر حتى يسلم المجلس العسكري السلطة للمدنيين.

وتأتي دعوة الاحتجاجات المعارضة لحكم العسكر، ودفعت الجيش إلى الإطاحة بالرئيس عمر البشير، بعد هجوم دموي لقوات الأمن لاعتصام أمام مقر القيادة العامة للجيش في الخرطوم وإخلائه من المعتصمين، ما أسفر عن مقتل 113 شخصا، يوم الإثنين الماضي، وأحبطت آمال تحقيق انتقال ديمقراطي سريع للسلطة.

وأعلن التجمع، أمس، أنه قبل وساطة رئيس الوزراء الإثيوبي، آبي أحمد، لاستئناف المحادثات مع المجلس العسكري، لكنه طالب بإجراء تحقيق مستقل في أعمال العنف التي ارتكبها العسكر منذ الإطاحة بالبشير.

لكن قوات الأمن السودانية أوقفت ثلاثة من قادة المعارضة، حسب ما أعلن مساعدوهم اليوم، وذلك بعد لقائهم رئيس الوزراء الإثيوبي خلال زيارته للخرطوم في محاولة للتوسط بين طرفي النزاع بعد أيام من حملة القمع الدامية.

والتقى آبي أحمد، أمس، المجلس العسكري الحاكم في السودان وقادة الاحتجاجات، في محاولة لإحياء المباحثات بين الطرفين بشأن أي منهما يُفترض أن يدير المجلس الذي سيحكم البلاد في الفترة المقبلة.

ويقول شهود عيان إن الهجوم الدموي ضد المعتصمين نفذته "قوات الدعم السريع" المنبثقة من قوات الجنجويد، المتهمة بارتكاب فظائع في إقليم دارفور في عامي 2003 و2004. وتولى المجلس العسكري الحكم في نيسان/أبريل الماضي، بعد أن أقال البشير عقب أشهر من الاحتجاجات ضد حكمه الذي استمرّ ثلاثين عاماً. ومذاك، رفض قادة الجيش دعوات وجهها إليهم المحتجون والمجتمع الدولي لنقل السلطة إلى إدارة مدنية، وانهارت في منتصف أيار/مايو جولات محادثات عدة.

وقال آبي في بيان بعد الاجتماعات إن "الجيش والشعب والقوى السياسية يجب أن يتحلوا بالشجاعة والمسؤولية باتخاذ خطوات سريعة نحو فترة انتقالية ديمقراطية وتوافقية". وأضاف أن "على الجيش أن يحمي أمن البلد وشعبها وعلى القوى السياسية أن تفكر في مستقبل البلد".

وأوقف المجلس العسكري متمردان بارزان وقائد معارض بعيد لقائهم رئيس الوزراء الاثيوبي، ضمن وفد يمثل حركة الاحتجاج، حسب ما أعلن مساعدوهم اليوم. وجرى توقيف السياسي المعارض محمد عصمت، أمس، في حين اعتُقل القيادي في الحركة الشعبية لتحرير السودان – شمال، إسماعيل جلاب، من منزله في وقت مبكر اليوم.

وقال رشيد أنوار، وهو أحد مساعدي جلاب، لوكالة فرانس برس إن "مجموعة مسلحين حضرت على متن سيارة عند الساعة الثالثة من صباح اليوم، وأخذت اسماعيل جلاب من دون إعطاء أي سبب". وأضاف أن مبارك اردول، الناطق باسم الحركة، وهي الفرع الشمالي من حركة تمرد جنوبية سابقة، اعتُقل أيضاً. وأضاف "لا نعرف أين يتمّ احتجازهم".

وعصمت وجلاب هما عضوان بارزان في تحالف الحرية والتغيير، الذي يضمّ أحزاب ومجموعات متمردة ومنظمي الاحتجاجات التي تعمّ السودان منذ كانون الأول/ديسمبر الفائت. ويهدد توقيفهم بزيادة التعقيدات أمام جهود مصالحة حركة الاحتجاج والجنرالات.

وبعد حملة القمع الوحشي التي نُفذت الاثنين، تبدو فرص تحقيق انتقال ديموقراطي سريع بعيدة وسط إصرار قادة الاحتجاج حالياً على أن استئناف المحادثات مع الجيش لن يتم إلا في حال استوفيت شروط معينة.

وقال أحد أبرز قادة تحالف "قوى إعلان الحرية والتغيير"، عمر الدقير، أمس، إن على المجلس العسكري الانتقالي "الاعتراف بوزر الجريمة" التي ارتكبت في ساحة الاعتصام، و"سحب المظاهر العسكرية من الطرقات". كما دعا إلى تشكيل لجنة تحقيق دولية للنظر في "مجزرة فض الاعتصام". ودعا الدقير المجلس العسكري إلى إعادة خدمة الإنترنت والسماح بالحريات العامة وحرية الإعلام.

ومنذ فضّ الاعتصام، فرغت شوارع الخرطوم وبقي السكان داخل منازلهم، خصوصاً بعد أن هدد قائد "قوات الدعم السريع"، محمد حمدان دقلو، من أنه لن يسمح بأن ينزلق البلد إلى الفوضى.

وقال شهود عيان إن العديد من الطرقات كانت لا تزال مغلقة اليوم، عبر صخور وجذوع أشجار وإطارات وضعها محتجون بعد حملة القمع. وأضاف هؤلاء أن "عناصر قوات الدعم السريع يتواجدون في بعض الساحات والشوارع لكن ليس بشكل واضح".

ومُنع الوصول إلى موقع الاعتصام أمام مقرّ القيادة العامة للجيش، وقد أحاط جنود وعناصر من "قوات الدعم السريع" بكل جوانبه لإبقاء المتظاهرين بعيدين. ولم يكن بالإمكان سماع شعارات المحتجين التي هزّت الخرطوم على مدى أشهر.

التعليقات