ورشة البحرين: ضجيج بلا طحن ونهاية غامضة

طوت ورشة البحرين، التي تمثل الشق الاقتصادي لخطة سلام أميركية بالشرق الأوسط تعرف بـ"صفقة القرن"، بعبارات إنشائية، وغموض، صفحة الجدل الدائر حولها عقب يومين من المناقشات التي لم تشارك فلسطين بفعالياتها، وسط حضور عربي محدود.

ورشة البحرين: ضجيج بلا طحن ونهاية غامضة

(أ ب)

طوت ورشة البحرين، التي تمثل الشق الاقتصادي لخطة سلام أميركية بالشرق الأوسط تعرف بـ"صفقة القرن"، بعبارات إنشائية، وغموض، صفحة الجدل الدائر حولها عقب يومين من المناقشات التي لم تشارك فلسطين بفعالياتها، وسط حضور عربي محدود.

وتحدث البيان في ختام أعمال الورشة، عن "تفاؤل كبير" حول التنمية الاقتصادية والاستثمار لصالح الشعب الفلسطيني، دون أن يترجم لوقائع بعيدا عن العبارات الإنشائية.

وامتلأ البيان بتلك العبارات، مثل "التركيز على تحقيق الازدهار الاقتصادي لفلسطين"، و"الشروط والآليات اللازمة لتحقيق التحول الاقتصادي"، و"إفساح المجال أمام الفرص الاقتصادية".

وكرر البيان الصادر في ختام أعمال الورشة الحديث عن أغلب أزمات المنطقة المعروفة مثل "المعدلات المرتفعة للبطالة"، و"الحاجة إلى التواصل الفعال مع فئة الشباب"، وأهمية "تهيئة الظروف المناسبة لتطوير القطاع الخاص".

وحتى كلمة ولي العهد البحريني، سلمان آل خليفة، في الجلسة الختامية للورشة، أمس الأربعاء، تركزت على أمنيات عدة بينها تطلع بلاده إلى تحقيق فرص اقتصادية نوعية ومستدامة في جميع دول المنطقة، بجانب الدعوة لتكاتف الجهود وتوحيد المساعي من أجل تحقيق مستقبلٍ اقتصادي مزدهر.

ولم تقدم الورشة بيانا تفصيليا حتى الساعة بالمستهدفات جراء انتهاء تلك الورشة، التي طرح خطوطها الأولى جاريد كوشنر صهر الرئيس الأميركي دونالد ترامب.

وتتمثل الأرقام المعلنة مسبقا في ضخ استثمارات في الأراضي الفلسطينية بقيمة 28 مليار دولار، بينما ستخصص استثمارات أخرى (منح وقروض مدعومة)، بقيمة 22 مليار دولار في بلدان الأردن ومصر ولبنان.

وروّج كوشنر، عبر فيديو في اليوم الأول لمشاريع تنموية واستثمارية لضخها في المنطقة، سيما الضفة الغربية وقطاع غزة، دون الإشارة إلى شكل حدود دول المنطقة، بما فيها إسرائيل وفلسطين رغم حديث واشنطن عن "فرصة تاريخية" لحل الصراع.

وبخلاف هذا الغموض الذي اعترى مستقبل تلك الورشة الاقتصادية التي شهدت حضورا عربيا محدودا، خطف الضجيج مبكرا أحداثها.

ودافع وزير الخارجية البحرين، خالد آل خليفة، عن الورشة، قائلا في مقابلة متلفزة مع تلفزيون روسيا اليوم، إن الورشة ليست "صفقة"، ولكن "خطة اقتصادية من شأنها تغيير واقع المنطقة "، دون أن يدلل بتفاصيل على ذلك.

ودافع كونشر، أيضا قائلا في كلمة بالورشة التي ترعاها واشنطن، إنها ليست "صفقة القرن"، ولكن "فرصة القرن".

لكن صوت الرفض للصفقة وورشتها الاقتصادية، كان عاليا لاسيما من مسؤولين وحركات عربية، ولم يجعل لضجيج تلك التصريحات طحينا.

وظهر ذلك عبر تجمع العشرات في تونس، أمام سفارة البحرين لدى البلاد، وتنظيم فصائل وقوى وطنية وإسلامية فلسطينية، بغزة، وتأكيد من سعد الحريري رئيس وزراء لبنان، ولجنة العلاقات الخارجية في البرلمان العراقي، على رفض "صفقة القرن".

ووصل الأمر إلى تأكيد فلسطيني بأن "ورشة البحرين" فشلت، بحسب توصيف حنان عشراوي، عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، في مؤتمر صحفي برام الله.

وذهبت صحيفة "الغارديان" البريطانية في افتتاحية، الثلاثاء، إلى القول بأن الخطة الاقتصادية التي طرحها كوشنر، "مسرحية هزلية"، تستحق "الاستقبال الساخر" الذي لاقته.

ورفضت السلطة الفلسطينية المشاركة في ورشة البحرين، ودعت البلدان العربية لمقاطعتها، متهمة الولايات المتحدة، بتنفيذ الخطوات العملية لصفقة القرن، بدءا بالشق الاقتصادي.

وحتى ضجيج كونشر عن استبعاد مبادرة السلام العربية لم يفلح ولم يخرج بنتيجة، حيث جدد رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، والملك الأردني، عبد الله الثاني، أمس الأربعاء، في اتصال هاتفي تمسكهما بمبادرة السلام العربية، القائمة على رؤية حل الدولتين (فلسطينية وإسرائيلية).

والثلاثاء، قال جاريد كوشنر، إنه إذا تم التوصل إلى تسوية بين الفلسطينيين والإسرائيليين، فلن يكون ذلك على أساس المبادرة العربية.

وتنص المبادرة على إقامة دولة فلسطينية معترف بها دوليا على حدود 1967، وعاصمتها القدس الشرقية، وحل عادل لقضية اللاجئين الفلسطينيين، وانسحاب إسرائيل من هضبة الجولان السورية المحتلة والأراضي التي ما زالت محتلة في جنوب لبنان، مقابل اعتراف الدول العربية بإسرائيل، وتطبيع العلاقات معها.

ويتردد أن "صفقة القرن" تقوم على إجبار الفلسطينيين على تقديم تنازلات مجحفة لصالح إسرائيل في ملفات القدس واللاجئين وحدود عام 1967، مقابل تعويضات واستثمارات ومشاريع تنموية.

وعملية السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، متوقفة منذ نيسان/أبريل 2014، بسبب رفض إسرائيل وقف الاستيطان وعدم قبولها بحدود ما قبل حرب حزيران/يونيو 1967 أساسا لخيار "حل الدولتين"

وكذلك الإدارة الفلسطينية تقاطع الإدارة الأميركية منذ اعترافها بالقدس عاصمة لإسرائيل في أواخر 2017.

وبهذه الملامح الأولية، تمضي "ورشة البحرين"، في ظل المقاطعة الفلسطينية والتأكيد على فشلها، على سوابق مماثلة، من المؤاتمرات والاتفاقيات بشأن القضية الفلسطينية، في مسار يبدو عادة أنه "ضجيج بلا طحين".

 

التعليقات