اللبنانيون يطالبون بالمزيد وسط تكهنات حول طبيعة الحكومة المقبلة

عند اليوم الثالث عشر من الاحتجاجات الشعبية، أعلن الحريري استقالة حكومته، ليتحقق أحد مطالب المحتجين الرئيسية، ما أطلق فرحة عارمة وزاد إصرارهم على تنفيذ بقية مطالبهم، تحت شعار "كلن يعني كلن".

اللبنانيون يطالبون بالمزيد وسط تكهنات حول طبيعة الحكومة المقبلة

(أ ب)

لا تزال معظم المناطق اللبنانية تشهد تواجدا كبيرا للمتظاهرين في الميادين، مساء الثلاثاء، رغم إعلان رئيس الحكومة سعد الحريري في وقت سابق اليوم استقالته.

وغمر الشعور بنشوة الانتصار المتظاهرين على امتداد لبنان، بعدما اعتبروا أن صمودهم لنحو أسبوعين في الشارع أثمر عن استقالة الحريري، فاحتفلوا برقصات الدبكة التقليدية والمواكب السيارة وتوزيع الحلوى، وسط تأكيدات أن المعركة لم تنته بعد.

ويُجمع المتظاهرون في ساحتي الشهداء ورياض الصلح وسط بيروت، على الاستمرار بالتظاهر حتى تشكيل حكومة جديدة مصغرة بوزراء بعيدين عن الطبقة السياسية، ومحاسبة الفاسدين واسترجاع الأموال المنهوبة.

وعمد المتظاهرون في ساحة الشهداء إلى رفع مجسمات جديدة ترمز إلى "قبضة اليد" كرمز للاحتجاجات، مع إعادة تثبيت الخيم التي كان مناصرون لـ"حزب الله" وحركة أمل (شريكان في حكومة الحريري المستقيلة) إلى تكسيرها، قبيل استقالة الحريري.

مصدر مقرّب من عون: شكل الحكومة المقبلة لم يتضح والنواب سيختارون رئيسها 

في المقابل، قال مصدر مقرب من الرئيس اللبناني، ميشال عون، إن شكل الحكومة المقبلة لم يتضح وسيتم بحثه خلال الأيام المقبلة، مشيرا إلى أن نواب البرلمان سيحددون شخصية رئيس الوزراء من خلال المشاورات مع رئيس البلاد.

وأوضح المصدر، في تصريح لوكالة "الأناضول" التركية، مفضلا عدم الكشف عن هويته، أن "المشهد ليس واضحا حتى الساعة إن كانت الحكومة المستقبلية ستكون مُصغرة أو كبيرة أو موسّعة أو نصف تكنوقراط ونصف سياسيّين أو تكنوقراط بشكل كامل".

وأضاف: "لم يتضح بعد الشكل وهذه النقطة سيتم بحثها في الأيّام المقبلة، والآراء لا تلتقي على تحديد نوعيّة واحدة للوزارة أي تكنوقراط أو سياسيّين أو غيرهم، لكنّ الأمر يتوقّف عند قدرة الرئيس عون على تأمين إجماع أو شبه إجماع حول الصيغة أو التركيبة الحكوميّة الجديدة".

وأشار المصدر إلى أن من يُقرّر شخصيّة الرئيس المُكلّف الجديد للحكومة هم النواب من خلال الاستشارات النيابيّة الملزمة التي يُجريها رئيس الجمهوريّة.

ولفت إلى أنّه لم يتحدّد حتى الساعة بعد موعد إجراء هذه الاستشارات، خصوصًا وأنّها مُرتبطة بموعد قبول استقالة الحريري وتكليف حكومته بتصريف الأعمال، ريثما تُشكّل حكومة جديدة.

وحول آلية تشكيل الحكومة، ذكر أنه بعد استشارة النواب ورؤساء الكتل النيابية وتسمية مرشح يتولى مهمة رئاسة الوزراء، سيقوم الرئيس عون باستدعاء المرشح الذي حصل على أغلب الأصوات ويكلفه بتشكيل الحكومة الجديدة.

واستبعد المصدر أن يكون موعد تشكيل حكومة جديدة خلال وقت قريب، قائلا إن "مثل هذه الأمور تأخذ وقتًا". وذكر أن "هناك برنامجا إصلاحيا وضعته الحكومة المستقيلة لا بدّ أن تأخذه الحكومة الجديدة في عين الاعتبار".

بعد 13 يوما من التظاهر.. الحريري يستقيل واللبنانيون يطلبون المزيد

وعند اليوم الثالث عشر من الاحتجاجات الشعبية، أعلن الحريري استقالة حكومته، ليتحقق أحد مطالب المحتجين الرئيسية، ما أطلق فرحة عارمة وزاد إصرارهم على تنفيذ بقية مطالبهم، تحت شعار "كلن يعني كلن".

ويشهد لبنان، منذ 17 أكتوبر/ تشرين أول الجاري، احتجاجات طالبت برحيل الحكومة، وتشكيل حكومة كفاءات، إجراء انتخابات مبكرة، استعادة الأموال المنهوبة، مكافحة الفساد المستشري ومحاسبة المفسدين، وفق المحتجين.

وأعرب الحريري في كتاب استقالته عن اقتناعه بـ"ضرورة إحداث صدمة إيجابية وتأليف حكومة جديدة تكون قادرة على مواجهة التحديات والدفاع عن المصالح العليا للبنانيين"، بحسب بيان لرئاسة الجمهورية.

وقالت ما تُعرف بحركة "شباب الثورة"، في بيان، إن "إعلان استقالة الحكومة ليس إلّا المرحلة الأولى"؛ ودعت إلى "تأليف حكومة مصغّرة حيادية مستقلّة من المتخصصين (...) تحضيرًا لانتخابات نيابية مبكّرة".

وشددت على أن "تعطيل الدولة وشلل البلاد يقتضي الامتثال للقضاء والمحاسبة، وإعادة الأموال المنهوبة، بعد إنشاء محكمة محلية دولية".

وجاءت استقالة الحريري غداة تحذير رئيس المصرف المركزي، رياض سلامة، من احتمال انهيار الاقتصاد إذا استمرت الاحتجاجات، وفي وقت يعاني فيه لبنان من أزمات معيشيّة واقتصاديّة، مع الحديث عن أزمة خبز، وأزمتي وقود وأدوية تلوحان في الأفق.

ومنذ اليوم الثاني من الاحتجاجات أُغلقت أبواب المؤسسات الرسمية والخاصة، لاسيما المؤسسات المصرفية والتعليمية، حيث يقطع المحتجون الطرقات الرئيسية، لتنفيذ  مطالبهم.

واندلعت الاحتجاجات في لبنان رفضًا لمشروع حكومي لزيادة الضرائب على المواطنين في موازنة 2020، لتوفير موارد جديدة في بلد يعاني وضعًا اقتصاديًا مترديًا× وتراجعت الحكومة أمام المحتجين، في 21 من الشهر الجاري، عبر إقرارها موازنة 2020 من دون ضرائب جديدة على المواطنين، واتخاذ إجراءات أخرى، منها خفض رواتب الوزراء والنواب الحاليين والسابقين إلى النصف، لكن المحتجين كانوا قد رفعوا سقف مطالبهم.

التعليقات