لبنان: أزمة تموين على الأبواب

تشهد المتاجر اللّبنانية إقبالًا غير مسبوق من قبل المواطنين مؤخرا، على مختلف الموادّ التّموينيّة كاللحوم والأجبان والخضار والفاكهة، كما اكتظّت الممرات المخصّصة للحبوب والمعلبات في المتاجر الكبرى، فيما خلت ممرات أخرى للكماليّات مثل المشروبات الكحولية والحلويات من الزبائن...

لبنان: أزمة تموين على الأبواب

(أ ب)

تشهد المتاجر اللّبنانية إقبالًا غير مسبوق من قبل المواطنين مؤخرا، على مختلف الموادّ التّموينيّة كاللحوم والأجبان والخضار والفاكهة، كما اكتظّت الممرات المخصّصة للحبوب والمعلبات في المتاجر الكبرى، فيما خلت ممرات أخرى للكماليّات مثل المشروبات الكحولية والحلويات من الزبائن. وذلك خشيةً من الانقطاع أو استباقًا لارتفاع حاد في أسعار المنتجات الغذائية.

وتأتي هذه الظّاهرة في خضمّ موجة احتجاجات غير مسبوقة ضد الطبقة السياسية في لبنان، فنقلت وكالة أنباء "فرانس برس" عن إحدى اللّبنانيّات قولها إنّها لا تذكر "أننا قمنا بالتموّن بهذه الطريقة من قبل (...) نحن مخنوقون، نتموّن تحسبًا للأيام المقبلة والمرحلة الضبابية التي تنتظرنا".

ويشهد لبنان منذ 17 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي حراكًا شعبيًّا غير مسبوق، مطالبًا برحيل جل مكونات الطبقة السياسية، سعيا لتحسين الوضع المعيشي المزري في البلاد، وتبعا لموجة الاحتجاجات، تم إغلاق المصارف البنكية لأسبوعين. وبعد إعادة فتحها تبيّن أن أزمة السيولة التي بدأت قبل التحرك الشعبي، باتت أكثر حدّة.

كذلك فللمرة الأولى، منذ أكثر من عقدين من الزمن، ظهرت هذا الصّيف سوق صرف موازية يُباع الدولار فيها أحيانا بقيمة تصل إلى 1800 ليرة، فيما لا يزال السعر الرسمي لليرة ثابتًا على 1507؛ وبناءً على ذلك، اتخذت المصارف اللبنانية، خلال الأسبوع الجاري،  إجراءات للحدّ من بيع الدولار وفرضت قيودًا إضافية بعد توقف دام أسبوعين جراء الاحتجاجات الشعبية.

ولم يعد بإمكان المواطنين الحصول على الدولار وهي عملة معتمدة في التداول في لبنان، من الصراف الآلي، بينما يطلب منهم تسديد بعض مدفوعاتهم من قروض وفواتير بالدولار. الأمر الّذي تسبّب بموجة هلع، وتدفق عدد كبير من اللبنانيين على المتاجر الغذائية خلال اليومين الماضيين، في حين أن محطات الوقود تشارف على انتهاء مخزون البنزين لديها.

وأعلن نقيب المستشفيات أن مخزون الأدوية والمستلزمات الطبية الحالي، يكفي شهرًا واحدًا فقط، نتيجة الإجراءات المشددة التي اتّخذتها المصارف اللبنانية، للحدّ من بيع الدولار الضروري للشراء من المستوردين.

في المقابل، أكدت مسؤولة صالة المواد الغذائية في مؤسسة تجارية في محلّة فرن الشباك شرق العاصمة، غيرين سيف، أن "الحركة أكثر من العادة وتشبه أيام الأعياد" من حيث الزحمة، وأضافت أنّ "هذا كله بسبب الخوف من انقطاع المواد الأساسية... يشتري الناس الخبز والطحين والسكر والحبوب والمعلبات والمستلزمات المنزلية مثل المحارم، ويستغنون عن كل ما يعدّ كماليات".

وبالرغم من استقالة الحكومة اللبنانية إلا أنها لم تشرع باستشارات جديدة لبدء تشكيل حكومة جديدة، وفي هذا دلالة على أنّ الطبقة الحاكمة تسعى إلى ثبات موقعها، بينما يتمسك المحتجون بالمطالبة بحكومة مستقلة؛ فيما حاول المسؤولون طمأنة مخاوف الناس، فقد عقد عون ومسؤولون ماليون ومصرفيون بينهم حاكم مصرف، لبنان رياض سلامة، اجتماعًا بعنوان "لا داعي للهلع"، مؤكدين اتخاذهم تدابير لتيسير أمور المودعين المالية".

ونقلت "فرانس برس" عن رئيس جمعية المستهلك غير الحكومية، زهير برو قوله إن التجار الكبار غير القادرين على الحصول على الدولارات من المصارف يبيعون بضائعهم للتجار الصغار بسعر الصرف الذي يناسبه؛ وأضاف برو أن "البلد في مرحلة فوضى بالأسعار"، مشيرًا إلى أن الارتفاع طال "العديد من المواد من البيض إلى اللحوم والأجبان والألبان، والخضار" بنسب مختلفة".

وقد وثّقت الجمعية، وفق شكاوى المواطنين التي تصلها، ارتفاعًا بنسبة 7% في أسعار اللحوم وأكثر من 25% في أسعار الخضار على سبيل المثال.

ومن خلف براد اللحوم في أحد المتاجر قال الموظف فادي صليبي (39 عامًا) أثناء تقطيعه اللحم إنّه "في الأيام الأخيرة، بتنا نعمل من الثامنة صباحاً حتى العاشرة مساءً" من دون توقف.

ويقول أنطوان ديراني (63 عامًا) الذي ملأ عربته بمواد غذائية، "نحن نعيش في صلب الأزمة"، مضيفاً "نتموّن اليوم ليكون لدينا احتياطات في المنزل"، وعاد الرجل الذي غزا الشيب شعره بالذاكرة، إلى سنوات الحرب الأهلية (1975-1990) متمنيًا ألا تعود تلك الأيام. ويقول "أذكر تمامًا كيف كنا نقف في الصفّ ونترجى البائعين للحصول على ربطة خبز فقط".

التعليقات