الجزائر تودع رجلها القوي: جنازة شعبية ورسمية لقايد صالح

شيّع، بعد ظهر اليوم الأربعاء، جثمان قائد الأركان الجزائري الراحل، الفريق قايد صالح الذي وافته المنية قبل يومين عن عمر ناهز 80 عاما، في جنازة رسمية وشعبية مهيبة.

الجزائر تودع رجلها القوي: جنازة شعبية ورسمية لقايد صالح

(أ ب)

ووري جثمان رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي، الفريق أحمد قايد صالح، الثرى، مساء اليوم، الأربعاء، بمربع الشهداء بمقبرة العالية بالعاصمة الجزائرية بعد جنازة رئاسية مهيبة.

وشيّع، بعد ظهر اليوم، جثمان قائد الأركان الجزائري الراحل، الذي وافته المنية قبل يومين عن عمر ناهز 80 عاما، في جنازة رسمية وشعبية حاشدة.

وتقدم الرئيس الجزائري الجديد عبد المجيد تبون، المشيعين بمربع الشهداء (يدفن فيها قادة تاريخيون للبلاد) بمقبرة العالية شرق العاصمة، إلى جانب كبار المسؤولين السياسيين والعسكريين.

وفي تأبينيته بالمقبرة، قال مسؤول دائرة الإعلام بوزارة الدفاع اللواء بوعلام ماضي: "الجزائر فقدت رجلا شهما بعد أن دخلت مرحلة أمان، لقد مد الله عمره حتى تأدية الأمانة وكأنه أمهله حتى يرى الدولة الجزائرية الجديدة".

وتابع: "لقد حافظ على أرواح الجزائريين ولم تسقط قطرة دم واحدة.. سيصون أبناؤك البررة ما تركته، وسنحمي عرين الوطن من الحاقدين، ولن نحيد عن ذلك مهما كلفنا ذلك من ثمن، هذا عهد نقطعه على أنفسنا لنجعل أمن البلاد قرة العين (..) الجزائر بين أيد أمينة الآن".

واكتظت الشوارع خارج المقبرة بحشود من المواطنين قدموا لتشييع الراحل، كما أدت مساجد بمختلف أنحاء البلاد صلاة الغائب عليه بطلب من وزارة الشؤون الدينية.

ونقل جثمان الرجل الأقوى في الجزائر، على متن عربة عسكرية من قصر الشعب بوسط العاصمة، إلى مقبرة العالية، عبر شارع "ديدوش مراد" الذي اصطف على جانبيه سكان العاصمة وآخرون قدموا من ولايات أخرى ليودعوه.

ومر المواكب الجنائزي بشارع جيش التحرير وصولا إلى مقبرة العالية على بعد حوالي 10 كيلومترات، في مشاهد بثها التلفزيون الرسمي على الهواء مباشرة، ووصفها بـ"الجنازة المليونية"، حيث وجد الموكب صعوبة في السير بهذا الطريق السريع.

ورافقت حشود من المواطنين الموكب منذ انطلاقه، حيث لم يسبق خلال السنوات الأخيرة أن تم تسجيل هذه الأعداد من المشيعين في جنازة مسؤول سياسي أو عسكري سابق، ظهرت مؤشراتها من خلال موجة نعي كبيرة على شبكات التواصل الاجتماعي.

ويقول مراقبون إن البلاد لم تشهد جنازة رسمية بهذا الحضور الشعبي منذ تشييع الرئيس الراحل هوري بومدين (ولد 1932 وتوفي 1978) نهاية السبعينيات.

وبدأت مراسم تشييع رجل البلاد القوي الذي توفي بسكتة قلبية، بوصول جثمانه إلى قصر الشعب، المبنى الرسمي للدولة في الجزائر العاصمة، يحمله عدد من الضباط وقد لف بعلم الجزائر، ليتاح للجزائريين وداعه.

وتجمع الآلاف على امتداد مئات الأمتار، خلف الحواجز الموضوعة على الأرصفة حول هذا البناء الذي كان المقر السابق للحكام العثمانيين، ويعود بناؤه إلى القرن الثامن عشر، وتجري فيه الآن الاحتفالات الرسمية.

وكان رئيس الأركان بالنيابة اللواء سعيد شنقريحة ومسؤولون آخرون حاضرين عند وصول الجثمان، وانحنى الرئيس عبد المجيد تبون، أمام النعش قبل أن يقدم تعازيه لأفراد عائلة الفريق صالح.

وكان آخر ظهور عام لقايد صالح في 19 كانون الأول/ ديسمبر، أثناء مراسم تنصيب تبون، الذي منحه في تلك المناسبة وسام "الصدر" وهو وسام مخصص تقليديا لرؤساء الدولة.

ووضع الوسام على التابوت، الذي أحاط به أربعة ضباط من مختلف فرق الجيش. وشارك في التشييع عبد القادر بن صالح، الذي شغل منصب الرئيس المؤقت بين استقالة بوتفليقة وانتخاب تبون، والعديد من كبار المسؤولين في الدولة الذين وقفوا أمام جثمان من برز كحارس "للنظام" في مواجهة حراك شعبي تشهده الجزائر منذ نهاية شباط/فبراير. 

وبث التلفزيون الرسمي صورا للمواطنين وهم يدخلون بمجموعات صغيرة لإلقاء النظرة الأخيرة على نعش الفريق الراحل، الذي شغل لنحو 15 عاما منصب رئيس أركان الجيش الذي شكل ركيزة الجزائر منذ استقلالها عام 1962.

وكان قايد صالح وهو نائب وزير الدفاع أيضا، أكثر شخصية في البلاد حضورا خلال المرحلة التي أعقبت رحيل بوتفليقة، وكان له "دور حاسم بتنحيته بعد إعلانه أياما قبلها دعمه للحراك الشعبي" في مطلب رحيل بوتفليقة، وفق مراقبين.

وظل هذا الرجل إلى آخر أيام حياته في قلب جدل بين داعميه الذي يرون فيه مسؤولا وفى بوعوده بعدم الاستيلاء على الحكم بعد بوتفليقة، والسهر على تنظيم انتخابات رئاسة لاختيار خليفته، كما لم ترق قطرة دم واحدة طيلة 10 أشهر من التظاهر.

ومقابل ذلك، يعتبر معارضوه أنه كان وراء فرض مسار سياسي أفضى إلى "فرض رئيس" دون الاستجابة لمطلب الشارع الجوهري بتغيير النظام والقطيعة مع الممارسات السابقة.

 

التعليقات