لماذا يسعى بن سلمان لاغتيال الجبري؟

كشف موقع "ميدل إيست آي" البريطاني، بعض التفاصيل المتعلقة بمحاولة القتل التي كانت تستهدف ضابط الاستخبارات السعودي السابق، سعد الجبري، موضحا أن الأخير؛ "كان أكثر خطورة على ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، من الصحافي جمال خاشقجي"

لماذا يسعى بن سلمان لاغتيال الجبري؟

توضيحية من الأرشيف

كشف موقع "ميدل إيست آي" البريطاني، بعض التفاصيل المتعلقة بمحاولة القتل التي كانت تستهدف ضابط الاستخبارات السعودي السابق، سعد الجبري، موضحا أن الأخير؛ "كان أكثر خطورة على ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، من الصحافيّ، جمال خاشقجي"، الذي قُتِل في قنصلية بلاده في إسطنبول، في 2 تشرين الأول/ أكتوبر 2018، لتُصبح قضيته من بين الأبرز والأكثر تداولا في الأجندة الدولية منذ ذلك الحين.

وأوضح الموقع في تقريره، أنه كان من المقرر تنفيذ عملية قتل الجبري، من قِبل مجموعة ثانية تابعة لـ"فرقة النمر" السعودية للاغتيالات، والمتهمة بقتل خاشقجي.

وقال الصحافيّ البريطاني، ديفيد هيرست، في التقرير الذي حمل عنوان "السعودي الذي يستطيع إسقاط محمد بن سلمان"، إنّ المعلومات المتاحة تفيد بأنّ فريق آخر من "فرقة النمر" مكون من 50 شخصا، وصل تورونتو في كندا، وكان بينهم خبير في الطب الشرعي لمسح آثار الجريمة.

وذكر أن "الصيد" المستهدف من عملية القتل في كندا "كان أكثر خطورة على ولي العهد السعودي من خاشقجي"، لافتا إلى أنّ هذا الصيد هو سعد الجبري، الذراع اليمنى للأمير محمد بن نايف، في وزارة الداخلية، بحسب ما أفادت وكالة "الأناضول" للأنباء.

الصحافي السعودي، جمال خاشقجي (أ ب)

"استعداد لمواجهة النظام بأكمله"

وأرجع هيرست أهمية وخطورة الجبري إلى معرفته بكل "الأسرار المحرجة في وزارة الداخلية، بما في ذلك تورط الملك سلمان وابنه ولي العهد في أموال صندوق مكافحة الإرهاب التابع للوزارة، والمبالغ التي تصل إلى عشرات الملايين من الريالات السعودية شهريا"، كما شدد على أن الجبري " كان ولا يزال بالفعل شخصا من الداخل، فيما لم يكن خاشقجي أكثر من صحافيّ ذو علاقات جيدة".

ونوّه هيرست إلى أن الجبري يختلف عن جميع المطلعين على أسرار الديوان الملكي، ويختلفون مع قياداته، قائلا إنه "على استعداد لمواجهة النظام بأكمله".

وضرب مثالا بالأمير أحمد بن عبد العزيز، الشقيق الأصغر للملك سلمان، قائلا :"ألمح (الأمير أحمد) إلى عدم رضاه عن الطريقة التي تدار بها الحرب في اليمن، عندما اقترب من متظاهرين يمنيين وبحرينيين خارج منزله في لندن (العاصمة البريطانية)، ولكنه لم يذهب إلى أبعد من ذلك".

كما أشار إلى التزام بن نايف الصمت إزاء الإذلال الذي تعرض له، كما يفعل أمراء كثر آخرين تم تجريدهم من ممتلكاتهم في فندق ريتز كارلتون، في واقعة اعتقال عدد من الأمراء والأثرياء ورجال الأعمال في الفندق بالرياض، في عام 2017.

الجبري (أرشيفية)

المعركة مع بن نايف "لم تنتهِ بعد"

وقال هيرست إن معركة بن سلمان مع سَلَفه بن نايف، "لم تنته بعد"، وأشار إلى أن عدم نجاح بن سلمان، في تحقيق النصر والحصول على الشرعية هو "سبب اهتمامه الشديد بإقصاء كل المقربين من بن نايف؛ خاشقجي أولا، والآن الجبري".

وأضاف: "ليس للجبري ما يخسره، وبحسب دعواه (القضائية) تمت محاولة استدراجه حيث يمكن القبض عليه، وكان (للنظام السعودي) عملاء في الولايات المتحدة يبحثون عن مكان وجوده، كما أرسلوا له فرقة لقتله، لكن كل هذا باء بالفشل".

وفي وثائق الدعوى القضائية ضد بن سلمان، حرص الجبري على إظهار علاقته الوثيقة بالمخابرات الأميركية. وجاء فيها أنه تم عزل الجبري من منصبه كوزير، بعد أن علم محمد بن سلمان، بحقيقة أن الجبري التقى بمدير وكالة المخابرات المركزية الأميركية "CIA" السابق، جون برينان مرتين.

وأشارت وثائق الدعوى كذلك، إلى أن الجبري غادر السعودية بعد بدء رئيسه "المخزي" حملة ضغط في واشنطن، وإبلاغه من قبل المخابرات الأميركية أنه بات الآن هدفا، كما أكدت دعوى الجبري ما كشفته "ميدل إيست آي" لأول مرة عن "فرقة النمر" في أكتوبر 2018، بأن الفرقة "تشكلت كفريق اغتيال شخصي لمحمد بن سلمان، بعد أن رفض الجبري طلبًا من بن سلمان باستخدام القوات السرية داخل وزارة الداخلية، التي كان يسيطر عليها الجبري وبن نايف، لاغتيال أمير سعودي يعيش في أوروبا".

وبحسب هيرست، كان الأمير المذكور، والذي يعيش في أوروبا، قد انتقد الملك سلمان، عبر وسائل التواصل الاجتماعي، كما شدد على أن علاقة الجبري بـ"CIA" لن تبقى على هامش الحرب المفتوحة بينه وولي العهد السعودي، وأن الجبري بذل قصارى جهده ليؤكد في دعواه القضائية ضد بن سلمان علاقته القوية بالاستخبارات الأميركية.

بن نايف من اليمين، وبن سلمان (أرشيفية - أ ف ب)

"في حالة رحيل ترامب ستعصف الرياح بقصر بن سلمان"

وحذّر هيرست في مقاله من "الكارثة" التي قد تلحق ببن سلمان في حالة عدم فوز الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، في الانتخابات الرئاسية المقبلة.

وقال: "في حالة رحيل ترامب، ستعصف الرياح بقصر بن سلمان في الرياض، حتى لو كان قد نصب نفسه ملكًا بحلول ذلك الوقت".

ولفت إلى أن الأمل الوحيد لبن سلمان هو فوز ترامب لأن خسارته تعني "تحطم كل شئ حوله".

وأردف: "المعركة التي بدأها محمد بن سلمان بإطاحة بن نايف قبل ثلاث سنوات لم تنته بعد. ربما ظن أنه دفن بن نايف في المنزل، لكنه لم ينجح في قطع صلات الأخير بالمؤسسة الأمنية الأميركية".

وفي هذا السياق، نوه هيرست إلى الدعم العلني غير المعتاد الذي تقدمه واشنطن للجبري.

وذكّر هيرست بتصريحات أدلى بها متحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية لـ"ميدل إيست آي"، يوم الجمعة الماضي، قال فيها إنّ الجبري "كان شريكا مهما للولايات المتحدة في مكافحة الإرهاب، إن عمله مع الولايات المتحدة ساعد في إنقاذ حياة الأميركيين والسعوديين".

وقال المسؤول الأميركي حينها، إن "العديد من المسؤولين الحكوميين الأميركيين، الحاليين والسابقين، يعرفون الجبري ويحترمونه".

وجاءت هذه التصريحات الرسمية التي تبرز دعم واشنطن لمعارض سعودي، في ظل تأكيد مرشح الحزب الديمقراطي في الانتخابات الأميركية، جو بايدن على أنّه "سيعاقِب القادة السعوديين على مقتل خاشقجي؛ وإنهاء تصدير الأسلحة (للرياض)، جعلهم منبوذين" في حالة فوزه.

وذكرت صحيفة "كاثارينز ستاندرد" الكندية، يوم الخميس الماضي، أن ضابط الاستخبارات السعودي السابق، سعد الجبري، يقاضي ولي العهد، محمد بن سلمان، أمام محكمة أميركية، لافتةً إلى أن الجبري يعتقد أن اثنين من أبنائه، الذين اعتُقلا في السعودية في وقت سابق من هذا العام، والذين لا يُعرف مكان وجودهما، يُستخدمان الآن "كطُعم بشري" لاستدراجه.

وبحسب الصحيفة، فإن الجبري وجه لائحة اتهامات إلى بن سلمان، في دعوى قضائية رُفعت أمام محكمة في واشنطن.

ويطالب الجبري بتعويضات غير محددة من ابن سلمان ومساعديه، لتدبير "محاولة قتل خارج نطاق القضاء"، وانتهاك القانون الدولي، وفق ما أوردت وكالة "الأناضول"، نقلا عن الصحيفة.

ونقلت الصحيفة عما ورد في الدعوى القضائية، أنه بعد أيام من حادثة القتل الوحشية، للصحافي السعودي البارز، جمال خاشقجي في تركيا، في خريف 2018، أرسل بن سلمان مجموعة من القتلة تُعرف باسم "فرقة النمر" إلى كندا للبحث عن أحد كبار ضباط الاستخبارات السابقين، ممن انتقل للعيش في كندا.

الملك سلمان، مع ولي العهد، محمّد (أرشيفية)

وتقول الدعوى إنه على الرغم من إحباط المخطط عندما فشلت المجموعة في تجاوز ضباط الحدود في مطار بيرسون الدولي، فإن حياة سعد الجبري لا تزال في "خطر شديد".

والشهر الماضي، ذكرت صحيفة "Globe and Mail" الكندية، أن الرياض تمارس ضغوطا على كندا لإعادة ضابط الاستخبارات السعودي، سعد الجبري، اللاجئ على أراضيها.

وتلاحق السلطات السعودية ضابط الاستخبارات السابق (61 عاما)، لا سيما وأنه يمتلك معلومات حساسة وعميقة حول الأصول المالية لأفراد الأسرة الحاكمة في السعودية، بحسب الصحيفة.

ونقلت الصحيفة الكندية عن مصادر رفضت ذكر اسمها "لأسباب دبلوماسية"، أن السلطات السعودية حاولت اعتقال الجبري، عبر إصدار مذكرة توقيف بحقه لدى الشرطة الدولية (الإنتربول).

وأضافت أن الرياض أرسلت وفدا إلى كندا عام 2018، لمطالبة سلطات الأخيرة بإعادة الجبري إليها، إلا أنها لم تنل مبتغاها، ما دفعها لتقديم طلب رسمي خريف عام 2019 لإعادة الضابط الاستخباراتي.

ويحاول الجبري، مقاومة ضغوط بن سلمان للعودة إلى السعودية، بعد فراره إلى كندا عام 2017 وطلبه اللجوء هناك، بحسب المصدر نفسه.

التعليقات