رفع الدعم عن الوقود في لبنان: عون يستدعي سلامة والقرار يفجّر غضبا شعبيًّا

استدعى الرئيس اللبنانيّ، ميشال عون، اليوم الخميس، حاكم مصرف لبنان، رياض سلامة، بعد قرار الأخير خلال وقت متأخر أمس الأربعاء، رفع الدعم عن الوقود المُباع محليا، ما فجّر غضبا شعبيا وساهم في تصاعُد وتيرة الاحتجاجات.

رفع الدعم عن الوقود في لبنان: عون يستدعي سلامة والقرار يفجّر غضبا شعبيًّا

محتجّون لبنانيّون وخلفهم مرفأ بيروت المدمّر (أ ب)

استدعى الرئيس اللبنانيّ، ميشال عون، اليوم الخميس، حاكم مصرف لبنان، رياض سلامة، بعد قرار الأخير خلال وقت متأخر أمس الأربعاء، رفع الدعم عن الوقود المُباع محليا، ما فجّر غضبا شعبيا وساهم في تصاعُد وتيرة الاحتجاجات.

وقالت الوكالة الوطنية للإعلام: "استدعى رئيس الجمهورية، العماد ميشال عون صباح اليوم، حاكم مصرف لبنان رياض سلامة بعد قراره ليلا رفع الدعم عن المحروقات". دون مزيد من تفاصيل اللقاء.

قطع طرقات من الشمال حتّى الجنوب

وقطع عدد من المحتجين، الخميس، الطرقات في أكثر من منطقة وبخاصة مدخل العاصمة بيروت الجنوبي، حيث توقفت مئات السيارات في الطريق، رفضا لقرار حاكم البنك المركزي.

وأفادت غرفة التحكم المروري، بأن السير مقطوع على طريق ضهر العين، وعلى أوتوستراد البداوي شمالي لبنان بالاتجاهين.

محلّ للحلاقة دون كهرباء (أ ب)

كما قطع محتجون الطريق التي تربط كفر رمان بالنبطية جنوبي لبنان، بالسيارات والعوائق الحديدية والحجارة، ومنعوا السيارات من دخول المدينة، احتجاجا على الأوضاع الاقتصادية المتردية.

وأفادت وكالة الأنباء اللبنانية الرسمية بأن "محتجين قطعوا طريق تل نحاس – كفركلا، احتجاجا على إعلان مصرف لبنان رفع الدعم عن المحروقات".

وفي شمال البلاد، تجمع محتجون أمام قصر المكلف بتشكيل الحكومة، نجيب ميقاتي، في منطقة الميناء بمدينة طرابلس، احتجاجا على تردي الأوضاع الاقتصادية والمعيشية.

وذكرت الوكالة أن المحتجين قطعوا الطريق الرئيسي في المنطقة وأشعلوا شجرة في باحة قصر ميقاتي، كما رددوا هتافات مناهضة للسلطة، وسط حضور كثيف لعناصر الجيش اللبناني.

طوابير طويلة في انتظار الوقود (أ ب)

في السياق، أوردت الوكالة وجود إقبال غير مسبوق على محطات الوقود في عديد المناطق في البلاد، حيث اصطفت مئات المركبات في طوابير طويلة لتعبئة الخزانات.

ومساء أمس الأربعاء، أعلن المصرف المركزي توقفه كليا عن دعم استيراد الوقود من بنزين ومازوت، وقال في بيان إنه اعتبارا من اليوم الخميس، سيقوم بتأمين الأموال اللازمة لاستيراد المحروقات وفق سعر الدولار في السوق.

وبحسب دراسة أعدتها شركة لبنانية خاصة فإن وقف الدعم سينعكس ارتفاعا كبيرا في أسعار الوقود، حيث سيرتفع سعر صفيحة البنزين من نحو 75 ألف ليرة إلى 336 ألف ليرة، في وقت يبلغ الحد الأدنى للأجور في لبنان 675 ألف ليرة.

أما سعر صفيحة المازوت (ديزل) فسيرتفع من 57 ألف ليرة الى نحو 279 ألف ليرة لبنانية، وفق الدراسة ذاتها التي أعدتها "الدولية للمعلومات".

غضب عبر مواقع التواصل

وتزامن الغضب الشعبي على الأرض، مع حملة تنديد واستنكار على مواقع التواصل، حيث عبر نشطاء عن صدمتهم بقرار وقف دعم استيراد المحروقات، معتبرين أنه يشكل صفعة معيشية كبيرة للشعب اللبناني.

وقالت الصحافية المتخصصة بالشأن الاقتصادي، محاسن مرسل، في تغريدة عبر حسابها في "تويتر"، إن "السلطة تحرق شعبها بالفقر والجوع والعوز، كي يتلهى بالبحث عن أدنى مقومات الحياة ويتوقف عن المطالبة بالتغيير (السلطة)".

أما الصحافية إيمان إبراهيم، فاعتبرت أن "خبر رفع الدعم عن المحروقات يشبه خبر الموت"، مضيفة أن "الحد الأدنى للأجور في لبنان يشتري صفيحتين بنزين".

بدوره، أشار عضو نقابة أصحاب محطات المحروقات، جورج البراكس إلى أن "تحديد أسعار مبيع المحروقات يصدر بموجب جدول من وزارة الطاقة والمياه التي لم تعلن أي موقف بعد لغاية الآن"، بحسب ما نقلت وكالة الأنباء الرسمية عنه.

لا كهرباء حتى في المصالح! (أ ب)

وكان مصرف لبنان يدعم استيراد تلك المواد من خلال تأمين الدولار للمستوردين وفق سعر صرف يبلغ 3900 ليرة لبنانية، في وقت أن سعر صرف الدولار في السوق الموازية تخطى 20 ألف ليرة لبنانية في الأيام الماضية. إلا أن تراجع احتياطي العملات الأجنبية لدى المركزي على وقع أزمة اقتصادية طاحنة منذ أواخر عام 2019، تسبب في عدم توفر النقد المخصص لهذه الغاية، ما انعكس منذ أشهر شحاً في الوقود وسلع اساسية أخرى كالأدوية وغيرها.

وأمس الأربعاء، أعلن وزير الطاقة والمياه في حكومة تصريف الأعمال، ريمون غجر، أن حاكم المصرف المركزي رياض سلامة، أبلغ المجلس الأعلى للدفاع، بأن المصرف "لم يعد قادرا على دعم شراء المحروقات".

ويقول مراقبون أن رفع الدعم عن الوقود سينعكس ارتفاعا بأسعار سلع وخدمات أخرى تعتمد على تلك المادة في الإنتاج، والمصانع والأفران والمولدات الكهربائية الخاصة التي تستخدم لسد النقص بالتيار الكهربائي.

ويزيد هذا القرار من معاناة اللبنانيين الذين يرزحون منذ نحو عامين تحت وطأة أسوأ أزمة اقتصادية في تاريخ بلادهم الحديث، ما تسبب بارتفاع معدلات الفقر، وانهيار القدرة الشرائية لمعظم سكان البلاد.

وفي 25 حزيران/ يونيو الماضي، قررت الحكومة تأمين تمويل استيراد المحروقات على أساس تسعيرة 3900 ليرة بدلا من 1500 ليرة للدولار الواحد.

ومنذ شهور، يعاني لبنان شحا في المحروقات، ما تسبب بإغلاق معظم المحطات ومحلات تجارية تعمل على الوقود، مثل مطاحن الحبوب واصطفاف الناس بطوابير للحصول على الوقود.

ويعود سبب شح الوقود إلى عدم وفرة النقد الأجنبي اللازم لاستيراد كميات كافية لحاجة السوق المحلية، وسط انهيار أسعار الصرف.

التعليقات