رفع أسعار المحروقات في لبنان

رفع لبنان الأحد أسعار المحروقات بنسبة ترواحت بين خمسين وسبعين في المئة، في خطوة تأتي في إطار مسار رفع الدعم تدريجيا عن الوقود مع نضوب احتياطي الدولار لدى مصرف لبنان، فيما تغرق البلاد في دوامة انهيار اقتصادي.

رفع أسعار المحروقات في لبنان

راكب درجة هوائية في العاصمة بيروت (أ ب)

رفعت السلطات اللبنانية، اليوم الأحد، أسعار المحروقات بنسبة ترواحت بين خمسين وسبعين في المئة، في خطوة تأتي في إطار مسار رفع الدعم تدريجيا عن الوقود مع نضوب احتياطي الدولار لدى مصرف لبنان، فيما تغرق البلاد في دوامة انهيار اقتصاديّ مستمرّ.

وبذلك تكون أسعار المحروقات في لبنان، الذي يشهد منذ عامين انهيارا اقتصاديا صنفه البنك الدولي بين الأسوأ في العالم منذ 1850، ارتفعت بحو ثلاثة أضعاف خلال شهرين فقط.

ويشهد لبنان منذ أشهر أزمة محروقات حادة، تفاقمت الشهر الحالي مع إعلان مصرف لبنان نيته فتح اعتمادات لشراء المحروقات بالدولار بسعر السوق السوداء الذي يقارب 20 ألف ليرة للدولار الواحد، ما أثار هلع الناس الذين تهافتوا على محطات الوقود خشية ارتفاع الأسعار بشكل هائل.

وأثار قرار مصرف لبنان جدلا واسعا بين السياسيين، فأعلنت السلطات أمس السبت عن تسوية تقضي باستيراد المحروقات بسعر ثمانية آلاف ليرة للدولار حتى نهاية شهر أيلول/ سبتمبر. وهذه المرة الثانية التي تعدل فيها السلطات سعر استيراد المحروقات، إذ بدأت في نهاية حزيران/ يونيو بتمويل استيراد المحروقات وفق سعر 3900 ليرة للدولار، بدلا من السعر الرسمي المثبت على 1507.

وبناء على التسوية المؤقتة، أعلنت المديرية العامة للنفط، اليوم الأحد، ارتفاع سعر البنزين 98 أوكتان من 77500 إلى 133200 ليرة، أي زيادة بنسبة 67 في المئة، والبنزين 95 أوكتان من 79700 إلى 129 ألف ليرة بواقع 66%.

وارتفع سعر قارورة الغاز المنزلي من 58500 إلى 90400 ليرة (50 في المئة) و"الديزل أويل" (المازوت) من 58500 إلى 101500 ليرة (73 في المئة).

وكان مصرف لبنان يدعم استيراد الوقود عبر آلية يوفّر بموجبها 85 في المئة من القيمة الإجمالية لكلفة الاستيراد، وفق سعر الصرف الرسمي، بينما يدفع المستوردون المبلغ المتبقي وفق سعر الصرف في السوق السوداء.

ويطالب مصرف لبنان منذ أشهر برفع الدعم عن مواد أساسية مع نضوب الاحتياطي الإلزامي بالدولار، وهو نسبة مئوية تودعها المصارف الخاصة لدى المصرف المركزي مقابل ودائعها بالعملة الأجنبية ويمنع القانون المسّ بها.

وتراجع الاحتياطي الإلزامي لدى مصرف لبنان إلى 14 مليار دولار. وتنعكس أزمة المحروقات على مختلف القطاعات من مستشفيات وأفران واتصالات ومواد غذائية.

وتراجعت خلال الأشهر الماضية، قدرة مؤسسة كهرباء لبنان على توفير التغذية لكافة المناطق، ما أدى الى رفع ساعات التقنين لتتجاوز 22 ساعة يوميا. ولم تعد المولدات الخاصة قادرة على تأمين المازوت اللازم لتغطية ساعات انقطاع الكهرباء، ما اضطرها أيضا إلى التقنين ورفع تعرفتها بشكل كبير جراء شراء المازوت من السوق السوداء.

ويحصل غالبية اللبنانيين على أجورهم بالعملة المحلية التي فقدت أكثر من 90 في المئة من قيمتها أمام الدولار، فيما بات نحو 80 في المئة من السكان يعيشون تحت خط الفقر، وفق الأمم المتحدة.

نصر الله يقترح الاستعانة بشركة إيرانية

في سياق ذي صلة، اقترح أمين عام جماعة "حزب الله" اللبنانية، حسن نصر الله، الأحد، على سلطات بلاده الاستعانة بشركة إيرانية للتنقيب عن النفط في المياه الإقليمية اللبنانية واستخراجه، في حال لم تتوفر شركات أجنبية.

وقال نصر الله في كلمة متلفزة: "إذا وصلنا إلى مرحلة لا يوجد شركات (أجنبية) تريد التنقيب لاستخراج النفط والغاز من المياه الإقليمية اللبنانية، فنحن جاهزون للاستعانة بشركة إيرانية لديها خبرة كبيرة".

وتابع أن الشركات الإيرانية "لا تخاف القصف الإسرائيلي، وتستطيع استخراج الغاز والنفط وبيعه".

وأعلن نصر الله، في 19 آب/ أغسطس الجاري، انطلاق سفينة تحمل وقودا من إيران إلى لبنان، في محاولة لحلّ أزمة شُح الوقود.

والأحد، قال إن "السفينة الثانية ستبحر من إيران بعد أيام، وستلحق السفينة الأولى التي صارت في عرض البحر".

وشدد على "مواصلة هذا المسار، طالما أن لبنان محتاج، وبهدف تخفيف معاناة الناس".

وأضاف أن "النفط الذي نأتي به هو لكل اللبنانيين، والمستشفيات والأفران، ولسنا بديلا عن الدولة، ولسنا بديلاً عن الشركات التي تستورد المحروقات، ولسنا في مجال التنافس مع أحد".

وقوبل استقدام حزب الله، سفينة وقود من إيران برفض من خصومه، مع تحذيرات من محاولة طهران السيطرة على لبنان، عبر الجماعة. وقلل نصر الله من أهمية تلك المواقف، واصفا إياها بـ"التهويل".

وحذر سياسيون لبنانيون، مرارا، من أن بلدهم صار ساحة صراع بين مصالح دول إقليمية وغربية، لاسيما بين طهران من جهة وعواصم أخرى، بينها الرياض وواشنطن، من جهة أخرى.

التعليقات