الثورة السودانية بعامها الثالث: احتجاجات متجددة وشعارات موحّدة

تتجدد الثورة السودانية لعامها الثالث على التوالي وسط عدم استقرار سياسي ومواصلة التظاهرات والوقفات الاحتجاجية والإضرابات والاعتصامات طوال هذه الأعوام الثلاث.

الثورة السودانية بعامها الثالث: احتجاجات متجددة وشعارات موحّدة

تتجدد الثورة السودانية لعامها الثالث على التوالي وسط عدم استقرار سياسي ومواصلة التظاهرات والوقفات الاحتجاجية والإضرابات والاعتصامات طوال هذه الأعوام الثلاث.

وفي كانون الأول/ ديسمبر 2018 انطلقت الاحتجاجات ضد نظام الرئيس المعزول عمر البشير، تنديدا بالتردي الاقتصادي آنذاك.

واستمر حراك الشارع نحو 5 أشهر حتى نيسان/ أبريل 2019 حينما عزل الجيش الرئيس آنذاك عمر البشير، وتوافق قادته مع قادة الاحتجاجات من القوى السياسية "قوى إعلان الحرية والتغيير" على فترة انتقالية تمتد لـ39 شهرا قبل أن تعدل لتصبح 54 شهرا عقب توقيع اتفاق سلام في جوبا مع الحركات المسلحة في تشرين أول/ أكتوبر 2020.

احتجاجات متواصلة

لم تتوقف التظاهرات والاحتجاجات في عام 2021 وهو عام الانتقال الثاني، ولا زالت حشود الشعب السوداني تنزل للشوارع للمطالبة بالحكم المدني الكامل.

وإن اختلفت مطالب المحتجين من مظاهرة إلى أخرى إلا أن الثابت فيها دائم هو "المطالبة بمدنية الدولة"؛ وظلوا يؤكدون على سلمية حراكهم.

في كانون الثاني/ يناير 2010 خرجت مظاهرات متفرقة احتجاجا على "شح الخبز وانعدام غاز الطبخ ووقود السيارات"، تلاها مظاهرات متفرقة تارة يشارك فيها عشرات الآلاف وأخرى مئات وفق الدعوات والمطالب المرفوعة.

لكن الاحتجاج الأبرز كان في 12أيار/ مايو (29 رمضان)؛ في وقفة إفطار نظمها آلاف السودانيين بمحيط القيادة العامة للجيش في الخرطوم، للتعبير عن تضامنهم مع أسر ضحايا فض اعتصام القيادة في الثالث من حزيران/ يونيو 2019، وسقط خلال الوقفة، قتيلان وعشرات المصابين.

وفي حزيران/ يونيو 2019، فض مسلحون يرتدون زيا عسكريا اعتصاما مطالبا بتسليم السلطة للمدنيين أمام مقر القيادة العامة للجيش بالعاصمة الخرطوم.

وأسفرت عملية الفض عن مقتل 66 شخصا، بحسب وزارة الصحة، فيما قدرت "قوى إعلان الحرية والتغيير" (قائدة الحراك الشعبي آنذاك) العدد بـ128.

ومنذ 25 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، تشهد البلاد احتجاجات وتظاهرات رفضا لقرارات قائد الجيش عبد الفتاح البرهان، ولاتفاقه السياسي مع رئيس الوزراء عبد الله حمدوك الموقع في 21 تشرين ثان/ نوفمبر الماضي.

وسقط على إثر هذه المظاهرات 44 قتيلا ومئات الجرحى بالخرطوم، بحسب لجنة أطباء السودان.

الشعارات ذاتها

والملاحظ بحسب المراقبين أن الشعارات المرفوعة لا زالت هي ذاتها التي رفعت قبل 3 أعوام، بل أضيفت إليها شعارات جديدة.

وظل الشعار الثابت في احتجاجات السودانيين "حرية.. سلام.. وعدالة.. مدنية خيار الشعب"، إلى جانب شعار للمطالبة بالقصاص لضحايا الاحتجاجات منذ عهد البشير وهو "الدم قصاد الدم ما بنقبل الدية".

وبعد 25 تشرين الأول/ أكتوبر أخذت الشعارات المنددة بقائد الجيش البرهان والمطالبة بإسقاطه هي الأكثر ترديدا وصار الشعار الأشهر هو" الثورة ثورة شعب.. والسلطة سلطة شعب.. والعسكر للثكنات".

الوعي السياسي

يرى المحلل السياسي، يوسف حمد، أن السودان حظي بمجتمع سياسي متفرد، لا يشبه في كثير من الملامح محيطه الإقليمي، وبني هذا المجتمع السياسي على وجود أحزاب سياسية مدنية، كانت موجودة حتى قبل حصول السودان على استقلاله من المستعمر البريطاني (1956).

ويضيف في حديثه للأناضول "أن حضور الأحزاب أكبر من تجربة الدولة، وأن الوعي السياسي السلمي الذي لازم الثورة هو نتاج خبرة هذه الأحزاب التي قاومت محاولات هدمها".

ويمضي قائلا: "إلى جانب عوامل أخرى منها تعدد الثورات السلمية في السودان، إضافة إلى أن التحرك السلمي في الشارع أثبت نجاحه في السيطرة على الحياة المدنية، التي هي محل الصراع الحقيقي بين السلطة والثوار".

العامل الأساسي

يعتبر المحلل السياسي، عمر الفاروق، أن العامل الأساس في استمرار ثورة ديسمبر 2019 يرتبط بأنها اندلعت في وجه حكم شمولي امتد لثلاثة عقود (عهد البشير 1989-2019)، وما يزال ذلك النظام موجود في شكل ثورة مضادة، وفي أجهزة الدولة بمستوياتها العليا.

ويردف: "وبالتالي، دخول المظاهرات العام الرابع يرتبط بأن جملة القضايا والأهداف التي قامت الثورة من أجلها لم تمض قدما".

ويشير الفاروق إلى أن الثورة السودانية استفادت من ثورة التكنولوجيا وخلقت فرقا كبيرا، لأن المحتجون يملكون أدوات ثورتهم الإعلامية ولديهم القدرة على صناعة الرأي العام وتوجيهه صوب أهداف الثورة، بالإضافة لاستفادة السودانيين مما حدث في ثورات الربيع العربي والتعلم من أخطائها.

ويضيف: "عامل مهم آخر يجعل من ثورة ديسمبر مستمرة حتى لسنوات مقبلة، تصميم ملايين السودانيين، على تحقق شعاراتها، حرية سلام وعدالة".

ويؤكد، أنها ثورة تأسيسية، ولم يعد أمام مشعليها من طريق سوى إكمالها، خاصة وأن فشل الثورة يعني مخاطر لا يمكن للسودان احتمالها أو النجاة من آثارها.

َوقبل قرارات 25 تشرين الأول/ أكتوبر، بدأت في 21 آب/ أغسطس 2019، مرحلة انتقالية تستمر 53 شهرا تنتهي بإجراء انتخابات مطلع 2024، ويتقاسم السلطة خلالها كل من الجيش وقوى مدنية والحركات المسلحة الموقعة على اتفاق السلام.

التعليقات