نحو "توافق الأغلبية": مشادات عنيفة في الجلسة الأولى للبرلمان العراقي

شهد البرلمان العراقي، الذي عقد جلسته الأولى بعد الانتخابات النيابية، اليوم، الإحد، مشادات عنيفة وسادت فوضى تعرض خلالها رئيس الجلسة "لاعتداء" نقل على أثره إلى المستشفى.

نحو

البرلمان العراقي في جلسته الأولى (أ ب)

شهد البرلمان العراقي، الذي عقد جلسته الأولى بعد الانتخابات النيابية، اليوم، الإحد، مشادات عنيفة وسادت فوضى تعرض خلالها رئيس الجلسة "لاعتداء" نقل على أثره إلى المستشفى.

ويأتي ذلك على خلفية توتر سياسي قائم منذ الانتخابات التي تصدّر نتائجها التيار الصدري بزعامة رجل الدين الشيعي، مقتدى الصدر، فيما ندّدت الأحزاب والمجموعات المدعومة من إيران بهذه النتيجة.

وينعكس التوتر على عملية تشكيل الحكومة التي تتعثر، وسط إصرار الصدر على تشكيل حكومة أكثرية، وتمسك آخرين بحكومة توافقية يتمثل فيها الجميع.

وكانت الجلسة التي ترأسها النائب الأكبر سنًا محمود المشهداني (73 عامًا)، قد بدأت بقسم النواب الجدد اليمين الدستورية.

ثم فتح باب الترشح لرئاسة مجلس النواب التي يشغلها عرفا سني، قبل أن تندلع مشادات بين النواب وتسود الفوضى.

نواب "الكتلة الصدرية" الزي العسكري وأكفان كتبت عليها عبارة "جيش المهدي" (أ ب)

وقال النائب مثنى أمين، من الاتحاد الإسلامي الكردستاني، إن "الجلسة بدأت بشكل طبيعي برئاسة رئيس السن، وتمت تأدية اليمين الدستوري".

وأضاف "بعدها تقدم الإطار التنسيقي (يضمّ أحزابا شيعية بينها قوى موالية لإيران) بطلب تثبيت كونهم الكتلة الأكبر، مشيرين الى أن كتلتهم مؤلفة من 88 نائبا.

عندها طلب رئيس السن تدقيق هذه المعلومة، وحصلت مداخلات، وقام بعض النواب بالاعتداء عليه".

ونقل المشهداني إلى المستشفى لكن حالته مستقرة.

وحصد التيار الصدري 73 مقعدا في البرلمان، وفق النتائج الرسمية. ولم يكن في الإمكان التأكد من عدد النواب الذين انضموا الى "الإطار التنسيقي".

وأكد النائب رعد الدهلكي من كتلة "تقدّم" برئاسة رئيس البرلمان السابق، محمد الحلبوسي، لـ"فرانس برس" أن "مشادات حصلت ووقع تدافع بين الكتلة الصدرية والإطار التنسيقي حول أحقية أحدهما بأنه الكتلة الأكبر".

وبعدما سادت الفوضى لفترة، استأنفت الجلسة برئاسة خالد الدراجي من تحالف "عزم" السني (14 مقعدًا).

وأعلن إثر ذلك ترشيح كل من محمد الحلبوسي (37 مقعدًا لكتلته) البالغ من العمر 41 عامًا، ومحمود المشهداني من "عزم"، لرئاسة البرلمان، وفق بيان للدائرة الإعلامية.

وأظهرت نتائج التوصيح على انتخاب رئيس البرلمان فوز محمد الحلبوسي، الذي حظي بدعم 200 من أعضاء البرلمان، مقابل 14 صوتا لمنافسه محمود المشهداني.

وذكرت وكالة "الأناضول" أن المشهداني تولى رئاسة البرلمان مؤقتا باعتباره أكبر النواب سنا (73 عاما)، حيث تعرض للاعتداء بالضرب من قبل أحد النواب (لم تتسن معرفة هويته).

وأضافت أن الاعتداء حدث خلال جلسة لاختيار رئيس البرلمان ونائبين له، بناء على نتائج الانتخابات، التي أجريت في 10 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي.

وقرر المشهداني قبل الحادث، رفع الجلسة للتداول بعد مشادات كلامية بين أعضاء "الإطار التنسيقي" و"التيار الصدري"، على خلفية تقديم كل طرف طلبا لاعتباره الكتلة الأكبر عددا، والتي تتولى تشكيل الحكومة.

وكان مقررًا أن تنطلق الجلسة عند الساعة 11 بالتوقيت المحلي لكن تأخر عقدها لبضع ساعات، إذ جرت مداولات مكثفة قبل الجلسة خارج قاعة البرلمان لمحاولة تخفيف التوترات.

ومدفوعًا بحيازته على العدد الأكبر من المقاعد (73 مقعدًا من أصل 329)، كرر الصدر مرارًا إصراره على تشكيل "حكومة أغلبية" ما سيشكّل انقطاعًا مع التقليد السياسي الذي يقضي بالتوافق بين الأطراف الشيعية الكبرى.

ويبدو أن التيار الصدري يتجه للتحالف مع كتل سنية وكردية بارزة من أجل الحصول على الغالبية المطلقة (النصف زائد واحد من أعضاء البرلمان)، وتسمية رئيس للوزراء يقتضي العرف أن يكون شيعيًا.

وقال الصدر في تغريدة عشية الجلسة: "اليوم لا مكان للطائفية ولا مكان للعرقية. بل حكومة أغلبية وطنية".

في المقابل، تدفع أحزاب شيعية أخرى منضوية في "الإطار التنسيقي"، منها قوى موالية لإيران، إلى حكومة توافقية تتقاسم فيها جميع الأطراف الشيعية المهيمنة على المشهد السياسي في البلاد، منذ الغزو الأميركي وسقوط نظام صدام حسين في 2003، المناصب والحصص.

ويضمّ الإطار التنسيقي تحالف الفتح الممثل للحشد الشعبي، الذي حصل على 17 مقعدًا فقط مقابل 48 في البرلمان السابق، فضلا عن تحالف دولة القانون برئاسة رئيس الوزراء الأسبق، نوري المالكي (33 مقعدًا).

ولعدة أسابيع، شددت القوى الموالية لإيران على رفضها لنتائج الانتخابات وقدّمت طعنًا للمحكمة الاتحادية لإلغائها، لكن المحكمة ردت الدعوى.

وتظاهر مناصرون لها أمام بوابات المنطقة الخضراء لأسابيع تنديدًا بالنتائج، فيما وصل التوتر في البلاد إلى ذروته مع محاولة اغتيال رئيس الوزراء، مصطفى الكاظمي، في تشرين الثاني/نوفمبر.

(أ ب)

ويرى رئيس مركز التفكير السياسي والباحث العراقي إحسان الشمري، أن الوضع يشي بأن "شكل الحكومة القادمة قد يكون وفق مبدأ جديد هو ما يسمى بتوافق الأغلبية هي حكومة ائتلافية لكن بصيغة جديدة"، على عكس الحكومات السابقة التي شاركت بها جميع الأطراف.

ويشرح "قد نكون أمام مفهوم جديد يسمى توافق الأغلبية أي أن يتحالف الصدر مع البيت السني الذي يمثله عزم وتقدم، ومع البيت السياسي الكردي (الحزب الديموقراطي والاتحاد الوطني)، وحتى جزء من الإطار التنسيقي قد يلتحق مع مشروع السيد مقتدى الصدر".

ويفترض أن ينتخب البرلمان بعد جلسته الأولى، خلال 30 يومًا، رئيسًا جديدًا للجمهورية الذي عليه بدوره أن يكلّف رئيسًا للحكومة خلال 15 يومًا من تاريخ انتخابه، يكون مرشح "الكتلة النيابية الأكبر عددًا"، وفق الدستور.

واعتبارا من يوم تكليفه، يكون أمام الرئيس الجديد للحكومة 30 يومًا لتشكيلها.

ويبلغ عدد النساء في البرلمان الجديد 95 فيما كان في البرلمان السابق 75.

ويضمّ البرلمان أيضًا كتلتين من المستقلين الأولى تضم 28 نائبًا من حركة امتداد المنبثقة من الحركة الاحتجاجية، وحركة الجيل الجديد الكردية، والثانية تضمّ تسعة نواب من كتلة "إشراقة كانون" ومستقلين. ومعظم هؤلاء يدخلون البرلمان للمرة الأولى.

التعليقات