بعد يوم دامٍ: عصيان مدنيّ بالخرطوم... والمشاورات الأمميّة تلقّت "ضربة قاصمة"

يواصِل المتظاهرون المناهضون للانقلاب العسكري في السودان احتجاجاتهم، اليوم الثلاثاء، إغلاق بعض الطرق الرئيسية في العاصمة وإعلان حالة العصيان المدني، عقب يوم دامٍ من التظاهرات أسفر عن سقوط سبعة قتلى وعشرات المصابين.

بعد يوم دامٍ: عصيان مدنيّ بالخرطوم... والمشاورات الأمميّة تلقّت

("أ ب")

يواصِل المتظاهرون المناهضون للانقلاب العسكري في السودان احتجاجاتهم، اليوم الثلاثاء، إغلاق بعض الطرق الرئيسية في العاصمة وإعلان حالة العصيان المدني، عقب يوم دامٍ من التظاهرات أسفر عن سقوط سبعة قتلى وعشرات المصابين.

وأغلق المحتجون الجزء الجنوبي من شارع المطار أحد الشوارع الرئيسية في الخرطوم، كما أغلقوا أحد الشوارع الرئيسية في منطقة بُري شرق العاصمة، قبل أن تواجههم قوات الشرطة بإطلاق قنابل الغاز المسيل للدموع وإزالة المتاريس.

وفي حيّ بحري شمال الخرطوم، قطع المتظاهرون الطرق الرئيسية بالحجارة وجذوع الأشجار، ورفعوا لافتات كُتِبت عليها شعارات عدة من بينها؛ "الحصة وطن".

وأُغلِقت المحال التجارية والصيدليات في الخرطوم وأحيائها المجاورة. وشمل الإغلاق سوق "السجانة"، أكبر سوق في السودان لمواد البناء وسط العاصمة.

("أ ب")

ووُضِع على أبواب أحد المحال لافتة كُتب عليها: "المحلّ مغلق حِدادا على روح الشهيد عثمان الشريف"، وهو صاحب المحل، وقد سقط بين قتلى تظاهرات الإثنين الدامية.

كما علقت جامعتا الخرطوم والخرطوم للعلوم والتكنولوجيا، الدراسة لمدة يومين، وأكدت إداراتهما في بيانين، أن ذلك جاء تضامنا مع العصيان المدني.

وامتدت الاحتجاجات إلى ولايات أخرى، إذ أفاد شهود عيان بخروج المئات في ولاية كسلا شرق البلاد والنيل الأزرق في جنوبها.

وقال عمر عيسى عبر الهاتف من الدمازين عاصمة النيل الأزرق التي تبعد نحو 800 كلم جنوب شرق الخرطوم: "يتظاهر المئات رفضا للعنف الذي وقع ضد المتظاهرين في الخرطوم أمس (الإثنين)، وكانوا يهتفون لا لحكم العسكر ويحملون لافتات كتب عليها: لا لقتل المتظاهرين السلميين".

ومن كسلا، قال حسن إدريس أحد المتظاهرين لوكالة "فرانس برس": "خرجنا يوم ضد المجزرة التي ارتكبتها القوات الأمنية في الخرطوم بالأمس".

وأمس الإثنين، قُتل سبعة متظاهرين خلال احتجاجات في السودان، شارك فيها الآلاف ضد الانقلاب العسكري الذي نفذه قائد الجيش، عبد الفتاح البرهان، قبل قرابة ثلاثة أشهر.

ومن جهتها، قالت الشرطة السودانية في بيان ليل الإثنين، إنها تعاملت "بأقل قدر من القوة القانونية"، مضيفة أن خمسين من أفرادها أصيبوا في المواجهات.

ودفع ذلك النشطاء إلى الدعوة إلى عصيان مدني شامل لمدة يومين، وقال ائتلاف قوى الحرية والتغيير، الذي قاد احتجاجات 2019 التي أدت إلى إسقاط الرئيس السابق، عمر البشير، في بيان الإثنين: "ندعو كل جماهير شعبنا للدخول في عصيان مدني شامل لمدة يومين اعتبارا من الغد (الثلاثاء)".

ومن جهته وجّه مجلس السيادة، بحسب بيان له، "بتشكيل لجنة تقصي حقائق حول الأحداث التي وقعت خلال تظاهرات 17 يناير (كانون الثاني) على أن تكون عضويتها من الأجهزة النظامية والنيابة العامة".

("أ ب")

والأسبوع الماضي، أعلن ممثل الأمم المتحدة في الخرطوم، فولكر بيرثس، رسميا إطلاق مبادرة يقوم بمقتضاها بلقاءات ثنائية مع الأطراف المختلفة قبل أن ينتقل في مرحلة تالية الى محادثات مباشرة أو غير مباشرة بينها.

ومن المتوقع أن يصل، الثلاثاء، إلى العاصمة السودانية، وفد أميركي على رأسه المبعوث الأميركي للقرن الإفريقي، ديفيد ساترفيلد ومساعدة وزير الخارجية الأميركية للشؤون الإفريقية، مولي في.

والتقى الوفد في العاصمة السعودية، "أصدقاء السودان" وهي مجموعة تطالب بإعادة الحكومة الانتقالية في البلاد بعد الانقلاب العسكري.

واليوم كتب بيرثس الذي يحضر الاجتماع افتراضيا، عبر "تويتر" "مجموعة "أصدقاء السودان تجتمع الآن في الرياض .. قلق عميق بشأن عنف الأمس (الإثنين)".

وأضاف: "هناك حاجة إلى الدعم الدولي واستخدام وسائل التأثير المتوفرة .. يجب أن يتماشى دعم العملية السياسية مع الدعم الفعال لوقف العنف".

"الحريّة والتغيير": المشاورات الأمميّة تلقّت "ضربة قاصمة"

في السياق، قال الائتلاف الحاكم السابق بالسودان، الثلاثاء، إن المشاورات الأممية التي تجرى حاليا بالبلاد تلقت "ضربة قاصمة"، داعيا لتكوين "آلية دولية"، لتطوير "عمليّة سياسية ذات موثوقيّة".

جاء ذلك في بيان لتحالف قوى إعلان الحرية والتغير الائتلاف الحاكم السابق، بشأن رسالة أرسلها لملتقى دول ومنظمات "أصدقاء السودان"، الذي اختتم اجتماعه اليوم بالرياض.

وفي 8 كانون الثاني/ يناير الجاري، أعلنت البعثة إطلاق مشاورات "أولية" لعملية سياسية شاملة بين الأطراف السودانية لحل أزمة البلاد، وأجرت لقاءات مع قوى إعلان الحرية والتغيير والحزب الشيوعي والمؤتمر السوداني ولجان المقاومة ومجموعات نسائية وقوى المجتمع المدني.

وقال التحالف في بيان إنه أرسل رسالة اليوم، لاجتماع "أصدقاء السودان"، الذى انعقد بالرياض.

وأوضحت رسالة التحالف أن "المشاورات الأوليّة التي أطلقتها بعثة الأمم المتحدة المتكاملة بالسودان قد تعرّضت لضربة قاصمة بواسطة سُلطة الانقلاب"، دون توضيح تفاصيل بشأن ذلك.

وطالبت "المجتمِعين بدعم مطلب تكوين آليّة دوليّة رفيعة المستوى تكون مقبولة للشعب السوداني ومتوافقة مع تطلعاته".

وشددت على أهمية أن تساعد تلك الآلية في "تطوير عمليّة سياسيّة ذات موثوقيّة تُنهي الوضع الانقلابي كليًّا وتؤسس إطارًا دستوريًّا جديدًا يحقق مطلب السُلطة المدنيّة الكاملة".

وبحسب بيان صادر عن الخارجية السعودية، اجتمع ممثلو ملتقى "أصدقاء السودان"، بمقر وزارة الخارجية السعودية بالرياض، لبحث جهود الانتقالي السلمي السياسي، دون أن يصدر إشارة بشأن تلك الرسالة. وتأسس "ملتقى أصدقاء السودان" في 2018، كمجموعة من الدول والمنظمات العربية والدولية الملتزمة بالتنسيق للدعم السياسي والاقتصادي للسودان.

وعطّل قائد الجيش، عبد الفتاح البرهان، في 25 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي استكمال انتقال السلطة إلى المدنيين، في أعقاب اعتقال رئيس الوزراء، عبد الله حمدوك، وغالبية القادة المدنيين وتعليق عمل مجلس السيادة. ومنذ ذلك الحين، يكثف الناشطون السودانيون المطالبون بحكم مدني ديمقراطي احتجاجاتهم في موازاة تصاعد العنف من قبل قوات الأمن بحق المتظاهرين، ما أسفر حتى الآن عن مقتل 71 متظاهرا على الأقل وسقوط مئات الجرحى، كما تعرضت 13 امرأة على الأقل لحوادث اغتصاب.

إلا أن السلطات الأمنية تنفي بانتظام، استخدام الذخيرة الحية في مواجهة الاحتجاجات، واتهمت بعض المتظاهرين بعدم التزام السلمية في المسيرات، والتسبب في مقتل ضابط وإصابة عشرات من أفراد الأمن، وفق زعمها.

التعليقات