الانتخابات البرلمانيّة بلبنان: استمرار فرز الأصوات... ونسب التصويت نحو 41%

أدلى اللبنانيون، اليوم الأحد، بأصواتهم في انتخابات برلمانية يُرجّح أن يُبقي الكفة مرجحة لصالح القوى السياسية التقليدية التي يُحمّلها كثر مسؤولية الانهيار الاقتصادي المستمر في البلاد منذ أكثر من عامين. وأغلقت مراكز الاقتراع أبوابها، مساءً، وبدأت عملية فرز الأصوات في

الانتخابات البرلمانيّة بلبنان: استمرار فرز الأصوات... ونسب التصويت نحو 41%

داخل أحد مراكز الاقتراع (Getty Images)

أدلى اللبنانيون، اليوم الأحد، بأصواتهم في انتخابات برلمانية يُرجّح أن تُبقي الكفة مرجحة لصالح القوى السياسية التقليدية التي يُحمّلها كثر مسؤولية الانهيار الاقتصادي المستمر في البلاد منذ أكثر من عامين. وأغلقت مراكز الاقتراع أبوابها، مساءً، وبدأت عملية فرز الأصوات في الانتخابات التي وصلت نسب التصويت التقريبية للاقتراع فيها إلى نحو 41%، وفق ما ذكر وزير الداخلية اللبناني، بسام مولوي.

واستمر الاقتراع بين السابعة صباحا بالتوقيت المحلي، والسابعة مساء، وبدأ بعيد ذلك فرز أصوات المقترعين في عدد من الدوائر الانتخابية، فيما كانت نسبة التصويت عند نحو 37،52% قبل نصف ساعة من إغلاق الصناديق، وفق ما أفادت وزارة الداخلية اللبنانية.

وتشكّل الانتخابات أول اختبار حقيقي لمجموعات معارضة ووجوه شابة أفرزتها احتجاجات شعبية غير مسبوقة في تشرين الأول/أكتوبر 2019 طالبت برحيل الطبقة السياسية.

وبدت نسبة الاقتراع حتى الساعة الخامسة مساء منخفضة نسبيا، إذ أعلنت وزارة الداخلية أنها بلغت 32 في المئة قبل ساعتين من إغلاق الصناديق، التي فتحت أمام أكثر من 3,9 ملايين ناخب يحق لهم الاقتراع. ولم تصدر النسبة النهائية حتى الآن.

وأقفلت صناديق الاقتراع عند الساعة السابعة مساء، وبدأت عملية فرز الأصوات. وأبقيت بعض الأقلام مفتوحة أمام الناخبين الذين كانوا داخل المراكز. ومن المرجح أن تصدر النتائج النهائية، غدا الإثنين.

"حان الآن الوقت لاختبار وجوه جديدة"

ورغم سلسلة الأزمات التي تعصف بالبلاد منذ أكثر من عامين، يرى محللون في المحطة الانتخابية فرصة للطبقة السياسية لإعادة إنتاج ذاتها، بسبب تجذّر السلطة والنظام السياسي القائم على المحاصصة وتحكّم النخب الطائفية بمقدرات البلاد وحالة الإحباط العام في البلاد.

داخل مركز اقتراع (Getty Images)

وقالت نائلة (28 عاما) بعد اقتراعها في مركز في منطقة الجميزة في بيروت لوكالة "فرانس برس": "أنا مع التغيير لأننا جرّبنا الطبقة السياسية من قبل وحان الآن الوقت لاختبار وجوه جديدة".

وتجري الانتخابات وسط انهيار اقتصادي صنّفه البنك الدولي من بين الأسوأ في العالم منذ عام 1850. وبات أكثر من ثمانين في المئة من السكان تحت خط الفقر وخسرت الليرة اللبنانية أكثر من تسعين في المئة من قيمتها أمام الدولار، ولامس معدل البطالة نحو ثلاثين في المئة. كما يعاني لبنان شحا في السيولة وقيودا على السحوبات المالية من المصارف وانقطاعا في التيار الكهربائي معظم ساعات اليوم.

كما تأتي بعد نحو عامين على انفجار الرابع من آب/ أغسطس 2020 الذي دمر جزءا كبيرا من بيروت، وأودى بحياة أكثر من مئتي شخص، وتسبّب بإصابة أكثر من 6500 آخرين.

ونتج الانفجار، وفق تقارير أمنية وإعلامية، عن الإهمال وتخزين كميات ضخمة من مواد خطرة تدور تحقيقات حول مصدرها، من دون أي إجراءات وقاية.

(Getty Images)

وأفادت تقارير إعلامية محلية بانقطاع الكهرباء في عدد من المراكز، وانتشرت صور لرئيس قلم يستخدم هاتفه الجوال للإضاءة أثناء اقتراع احدى الناخبات.

وساهمت الأزمات، وبخاصة انفجار المرفأ، في إحباط شريحة واسعة من اللبنانيين، لا سيما الشباب الذين هاجر آلاف منهم.

لكن رغم النقمة التي زادتها عرقلة المسؤولين التحقيق في الانفجار بعد الادّعاء على نواب بينهم مرشحان حاليان، لم تفقد الأحزاب التقليدية التي تستفيد من تركيبة طائفية ونظام محاصصة متجذر، قواعدها الشعبية التي جيّشتها خلال الحملة الانتخابية.

واستنفرت الأحزاب التقليدية قواعدها الشعبية، وانتشر مندوبوها بكثافة أمام مراكز الاقتراع التي وقعت في بعضها صدامات بين مناصرين حزبيين، أبرزها بين مناصري حزب الله ومناصري أبرز خصومه حزب القوات اللبنانية.

(Getty Images)

وعلى غرار انتخابات سابقة، استقدم مندوبو أحزاب عدة مسنين أو مرضى حملوهم على كراس أو حتى حمالات للإدلاء بأصواتهم.

وتجري الانتخابات في غياب أبرز مكون سياسي سني بزعامة رئيس الحكومة السابق، سعد الحريري الذي أعلن مقاطعة الاستحقاق، بعدما احتل الواجهة السياسية سنوات طويلة إثر مقتل والده رفيق الحريري في 2005.

وسجلت معاقل رئيسية للحريري إقبالا متدنيا أبرزها في دوائر الشمال، إذ سجلت مدينة طرابلس نسبة 20,9 في المئة عصرا. وفي منطقة طريق الجديدة، معقل تيار المستقبل في بيروت، وضع شبان برك سباحة اصطناعية في وسط الطرقات تعبيرا عن مقاطعتهم للانتخابات.

ويخوض عدد كبير من المرشحين الانتخابات تحت شعارات "سيادية" منددة بحزب الله الذي يأخذون عليه انقياده وراء إيران وتحكّمه بالبلاد نتيجة امتلاكه ترسانة عسكرية ضخمة. ويطالبون بحصر السلاح بيد الجيش اللبناني. وبين المرشحين المعارضين من يحمل الشعارات نفسها.

(Getty Images)

ويتوقع محللون أن يحتفظ حزب الله وحركة أمل بالمقاعد المخصصة للطائفة الشيعية (27 مقعدا)، لكن لا يستبعدون أن يخسر حليفه المسيحي الأبرز، أي التيار الوطني الحر، عددا من مقاعده بعدما حاز وحلفاؤه 21 مقعدا عام 2018.

ويضمّ البرلمان 128 نائبا. والغالبية في المجلس المنتهية ولايته هي لحزب الله وحلفائه وأبرزهم التيار الوطني الحر الذي يتزعمه رئيس الجمهورية ميشال عون وحركة أمل برئاسة رئيس البرلمان نبيه بري الذي يشغل منصبه منذ 1992.

برك سباحة اصطناعية في وسط الطرقات تعبيرا عن مقاطعة الانتخابات

وتجري الانتخابات وفق قانون أقر عام 2017 يستند إلى النظام النسبي واللوائح المقفلة. ويقول محللون إنّه مفصّل على قياس الأحزاب النافذة. ويتوقّعون ألا تغيّر الانتخابات المشهد العام، خصوصا بعد فشل الأحزاب المعارضة والمجموعات الناشئة في الانضواء ضمن لوائح موحّدة.

لكن رغم غياب الموارد المالية وضعف الخبرة السياسية، تراهن أحزاب ومجموعات معارضة على تحقيق خروق في عدد من الدوائر.

ووثقت الجمعية اللبنانية من أجل ديموقراطية الانتخابات (لادي) التعرّض لمندوبيها في مناطق عدة بالتهديد أو الضرب، الجزء الأكبر منها في مناطق تحت نفوذ حزب الله.

(Getty Images)

ونشرت الجمعية صورا ومقاطع فيديو تظهر مندوبين لحزب الله وحركة أمل يرافقون الناخبين خلف العازل في بعض الأقلام الانتخابية بشكل مخالف للقوانين.

وأوقفت القوى الأمنية مندوب لائحة معارضة في حارة حريك جنوب بيروت، لشتمه الرئيس، ميشال عون أثناء خروجه من مركز الاقتراع. كما نشرت "لادي" مقطع فيديو قالت إنه يظهر "اعتداء مناصرين لحزب الله وحركة أمل" مرددين شعارات "صهيوني" على واصف الحركة، أحد أبرز المرشحين المعارضين، قرب بيروت.

وقالت سينتيا طوكاجيان (37 عاما) التي تعمل في مجال الاستشارات، بعد اقتراعها في محلة الكرنتينا في بيروت: "أتمنى أن يشعر الذين كانوا جزءا من هذه المنظومة المكسورة، أن من واجبهم اليوم أن يكونوا جزءا من عملية إصلاحها عبر الانتخاب" ضدها.

التعليقات