البرهان يعفي المدنيين من عضوية مجلس السيادة واعتصامات الخرطوم تتواصل

أعفى قائد الجيش السوداني، عبد الفتاح البرهان، اليوم الأربعاء، الأعضاء الخمسة المدنيين من عضوية مجلس السيادة الحاكم الذي يرأسه، بينما يواصل السودانيون المناهضون للحكم العسكري اعتصامهم منذ أسبوع في الخرطوم وضواحيها.

البرهان يعفي المدنيين من عضوية مجلس السيادة واعتصامات الخرطوم تتواصل

متظاهرون في الخرطوم (Getty Images)

أعفى قائد الجيش السوداني، عبد الفتاح البرهان، اليوم الأربعاء، الأعضاء الخمسة المدنيين من عضوية مجلس السيادة الحاكم الذي يرأسه، بينما يواصل السودانيون المناهضون للحكم العسكري اعتصامهم منذ أسبوع في الخرطوم وضواحيها.

وأفاد بيان مجلس السيادة بأن البرهان أصدر "مرسوما دستوريا بإعفاء أعضاء مجلس السيادة المدنيين"، ليصبح المجلس مشكلا من العسكريين وعلى رأسهم البرهان ونائبه، قائد قوات الدعم السريع، محمد حمدان دقلو (حميدتي)، وأعضاء حركات التمرد المسلحة الذين وقعوا على اتفاق السلام مع الحكومة في جوبا.

وأتى قرار البرهان بالإعفاء، بعد يومين من إعلانه "عدم مشاركة المؤسسة العسكرية في مفاوضات (الحوار الوطني) الجارية حاليا، لإفساح المجال للقوى السياسية والثورية... وتشكيل حكومة من الكفاءات الوطنية المستقلة تتولى إكمال... (متطلبات) الفترة الانتقالية".

(Getty Images)

كذلك شمل إعلان البرهان أنه "سيتم حل مجلس السيادة وتشكيل مجلس أعلى للقوات المسلحة من القوات المسلحة والدعم السريع، لتُولى القيادة العليا للقوات النظامية، ويكون مسؤولا عن مهام الأمن والدفاع"، بعد تشكيل الحكومة المدنية.

وقابل كل من المعتصمين وقوى المعارضة، الإعلان، بالرفض.

الآلية الثلاثية توقف الحوار الوطنيّ بعد انسحاب المكوّن العسكريّ

وفي سياق ذي صلة، أعلنت قوى سودانية، اليوم، أن الآلية الثلاثية أبلغتها بوقف الحوار الوطني لحل الأزمة السياسية في البلاد بعد انسحاب المكون العسكري منه.

ونشرت وسائل إعلام محلية، منها " تاق برس" و"التغيير"، ما قالت إنه خطاب رسمي موجه من الآلية الثلاثية إلى قوى الحرية والتغيير- التوافق الوطني، تخطرها فيه بوقف العملية السياسية (الحوار الوطني).

وتتكوّن الآلية الثلاثية من الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي والهيئة الحكومية للتنمية (إيغاد).

وجاء في الخطاب المنسوب إلى الآلية الثلاثية أنه "دون مشاركة الجيش، وهو عنصر أساسي، في الاجتماعات المقبلة، لن يكون هناك حوار عسكريّ – مدني، وعليه لن يكون هناك جدوى من مواصلة المحادثات على شكلها الحاليّ".

وقال رئيس قوى الحراك الوطني، التجاني السيسي، في مؤتمر صحافي بالخرطوم اليوم: "استلمنا اليوم خطابا من الآلية الثلاثية، قالت خلاله أنها ألغت الحوار مسببة ذلك بخروج المكون العسكري من الحوار"، وفق ما أوردت وكالة "الأناضول" للأنباء.

وأضاف أن "الآلية الثلاثية أكدت أنه لا يمكن أن يستمر الحوار لغياب المكون العسكري".

وتابع السيسي أن القضية هي قضية الشعب السوداني، و تتطلب قيام الحوار "السوداني السوداني" للاتفاق على إدارة المرحلة الانتقالية.

حراك نسويّ

وعبر منصات التواصل الاجتماعي، انتشرت منشورات تحمل وسم "الموكب النسوي" تدعو السودانيات إلى الخروج للتظاهر اليوم، والانضمام إلى الاعتصامات.

وخرجت مئات النساء على رأس موكب اتجه إلى مقر اعتصام وسط الخرطوم أمام مستشفى الجودة، وهن يرفعن لافتات كُتب على إحداها؛ "صحة وتعليم المرأة تعيش في أمان".

وهتفت النساء "دم الشهيد ما راح" و"العسكر إلى الثكنات... الشارع فيه بنات"، وفي المقابل استقبل المعتصمون المتظاهرات وهم يهتفون "أنا أمي كنداكة". والكنداكة هو الاسم الذي يطلقه السودانيون على الناشطات السودانيات اللاتي يشاركن في التظاهرات المطالبة بالديموقراطية، تيمنا بملكات النوبة.

(Getty Images)

ونقلت وكالة "فرانس برس" للأنباء عن تهاني عمر، إحدى المتظاهرات قولها إنّ الموكب يرمز إلى "دور المرأة في ثورة ديسمبر (كانون الأول)"، التي أطاحت الرئيس السابق، عمر البشير من الحكم.

ويتظاهر السودانيون كلّ أسبوع تقريبًا ضدّ الحكم العسكري لكن منذ 30 حزيران/ يونيو، الذي شهد سقوط أكبر عدد من الضحايا في صفوف المتظاهرين منذ أشهر، يواظبون على الاعتصام في منطقة بحري شمال الخرطوم ومدينة أم درمان غرب العاصمة وأمام مستشفى الجودة في وسطها.

ومنذ الانقلاب العسكري الذي نفذه البرهان في الخامس والعشرين من تشرين الأول/ أكتوبر العام الماضي، قُتل 114 متظاهرا، بينهم تسعة أشخاص في 30 حزيران/ يونيو، بحسب لجنة أطباء السودان المركزية المناهضة للانقلاب.

ومساء الثلاثاء، بدأ المحتجون اعتصاما وسط مدينة ود مدني عاصمة ولاية الجزيرة التي تبعد 186 كلم جنوب الخرطوم، لتصبح نقطة الاعتصام الأولى خارج العاصمة. وقال محمود ميرغني أحد المعتصمين لـ"فرانس برس" عبر الهاتف "لن نغادر الاعتصام حتى تعود السلطة المدنية الكاملة ونضمن تقديم الذين قتلوا الشهداء إلى العدالة".

(Getty Images)

رفضت قوى الحرية والتغيير التي تمثل ائتلاف المعارضة الرئيسي في السودان اعلان البرهان ووصفته الثلاثاء بأنه "خديعة" داعية إلى مواصلة الاحتجاجات.

وجاء في بيان للائتلاف المعارض أن "قرارات قائد السلطة الانقلابية هي مناورة مكشوفة وتراجع تكتيكي.. واجبنا جميعا الآن هو مواصلة التصعيد الجماهيري بكافة طرقه السلمية من اعتصامات ومواكب والإضراب السياسي وصولا للعصيان المدني الذي يجبر السلطة الانقلابية على التنحي".

وخلال الفترة الماضية، مارست الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي ومجموعة دول شرق ووسط إفريقيا للتنمية (إيغاد) عبر ما يعرف باسم "الآلية الثلاثية"، ضغوطا لاجراء حوار مباشر بين العسكريين والمدنيين. إلا أن كتل المعارضة الرئيسية، مثل قوى الحرية والتغيير وحزب الأمة، رفضت خوض هذا الحوار.

بينما نقل بيان صدر أمس الثلاثاء، عن التحالف الذي يضم الموقعين على اتفاق جوبا للسلام بين بعض حركات التمرد المسلح والحكومة، انضمامهم "إلى الحوار الذي تسهله الآلية الثلاثية دون شروط ونطالب بالالتزام باتفاقية جوبا للسلام".

وفي واشنطن، أعلن المتحدّث باسم وزارة الخارجية الأميركية، نيد برايس، أنّ الولايات المتّحدة تعتبر أنّ "من السابق لأوانه" تقييم أثر قرار البرهان.

وأضاف أنّ واشنطن تناشد جميع الأطراف في السودان السعي للتوصّل إلى اتّفاق لتشكيل "حكومة يقودها مدنيون" وتنظيم "انتخابات حرّة ونزيهة".

ومن جهته، قال الأمين العام للأمم المتّحدة، أنطونيو غوتيريش، إنّه يأمل أن يؤدّي قرار البرهان إلى "إيجاد فرصة للتوصّل لاتّفاق".

(Getty Images)

ودعا غوتيريش في بيان إلى إجراء "تحقيق مستقلّ في أعمال العنف" في السودان.

لكن القيادي في الحرية والتغيير ياسر عرمان نشر بيانا مساء أمس أوضح فيه أن خطاب البرهان "استهدف على نحو رئيسي المجتمع الإقليمي والدولي الذي تبحث بعض أطرافه عن حلول سريعة، وتغلب أطراف أخرى الاستقرار على الديمقراطية".

وأضاف نائب رئيس الحركة الشعبية لتحرير السودان-شمال: "يسعى الخطاب لتمرير صفقة عبر الآلية الثلاثية تشرعن للانقلاب، وذلك باختيار رئيس وزراء من قبل المدنيين المؤيدين للانقلاب العسكري، يتلقى أوامره من القيادة العامة".

التعليقات