قمة جدة تدعو إيران للتعاون وإسرائيل لاحترام الوضع التاريخي القائم في القدس

غادر الرئيس الأميركي، جو بايدن، السعودية، في ختام جولة شرق أوسطية شملت أيضا إسرائيل والضفة الغربية المحتلة، بعد أن حرص على طمأنة قادة دول المنطقة أن واشنطن ملتزمة بدورها في الشرق الأوسط.

قمة جدة تدعو إيران للتعاون وإسرائيل لاحترام الوضع التاريخي القائم في القدس

(Getty Images)

غادر الرئيس الأميركي، جو بايدن، السعودية، مساء اليوم، السبت، في ختام جولة شرق أوسطية شملت أيضا إسرائيل والضفة الغربية المحتلة، بعد أن حرص على طمأنة قادة دول الخليج وثلاث دول عربية أخرى هي مصر والعراق والأردن، شاركوا في قمة عقدت في مدينة جدة السعودية، أن واشنطن ملتزمة بدورها في المنطقة، مشددا على أنها "لن تتخلى" عن الشرق الأوسط، حيث تلعب منذ عقود دورا سياسيا وعسكريا محوريا، وأنّها ستعتمد "رؤية جديدة" للمنطقة الإستراتيجية ولن تسمح بوجود "فراغ تملؤه الصين وروسيا".

وفي ختام "قمة جدة للأمن والتنمية" التي شهدت إلقاء كلمات مطولة لقادة الدول المشاركة، صدر بيان ختامي، أوردته وكالة الإعلام السعودية (واس)، وتطرق إلى مجموعة من القضايا التي بحثتها القمة بما في ذلك القضية الفلسطينية والأوضاع في لبنان وسورية وليبيا والسودان والعراق واليمن، بالإضافة إلى القضايا المتعلقة بأمن الطاقة والأمن الغذائي والاستقرار الإقليمي والحرب في أوكرانيا وأزمة المناخ.

واللافت في البيان الختامي تأكيد الدول المشاركة على مواقف سابقة معلنة حول القضايا المطروحة، دون أن يأتي على أي جديد، سوى إذابة الجليد ربما في العلاقات بين السلطات في السعودية وإدارة بايدن، رغم عدم حصول واشنطن على تعهد مباشر من الرياض بشأن إنتاج النفط.

وأوضح البيان أن القمة عقدت بدعوة من ملك السعودية، سلمان بن عبد العزيز، بهدف تأكيد الدول المشاركة على "شراكتهم التاريخية، وتعميق تعاونهم المشترك في جميع المجالات".

ووفقا للبيان فإن القادة المشاركين رحبوا بـ"تأكيد الرئيس بايدن على الأهمية التي توليها الولايات المتحدة لشراكاتها الإستراتيجية الممتدة لعقود في الشرق الأوسط، والتزام الولايات المتحدة الدائم بأمن شركاء الولايات المتحدة والدفاع عن أراضيهم، وإدراكها للدور المركزي للمنطقة في ربط المحيطين الهندي والهادئ بأوروبا وأفريقيا والأميركيتين".

وأضاف البيان أن "القادة أكدوا رؤيتهم المشتركة لمنطقة يسودها السلام والازدهار، وما يتطلبه ذلك من أهمية اتخاذ جميع التدابير اللازمة في سبيل حفظ أمن المنطقة واستقرارها، وتطوير سبل التعاون والتكامل بين دولها، والتصدي المشترك للتحديات التي تواجهها، والالتزام بقواعد حسن الجوار والاحترام المتبادل واحترام السيادة والسلامة الإقليمية".

وتابع "جدد الرئيس بايدن التأكيد على التزام الولايات المتحدة بالعمل من أجل تحقيق السلام العادل والشامل والدائم في الشرق الأوسط. وأكد القادة ضرورة التوصل لحل عادل للصراع الفلسطيني ـ الإسرائيلي على أساس حل الدولتين، مشددين على أهمية المبادرة العربية".

وأضاف أنه "أكد القادة ضرورة وقف كل الإجراءات الأحادية التي تقوض حل الدولتين، واحترام الوضع التاريخي القائم في القدس ومقدساتها، وعلى الدور الرئيسي للوصاية الهاشمية في هذا السياق. كما أكد القادة أهمية دعم الاقتصاد الفلسطيني ووكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أنروا). وأشاد الرئيس بايدن بالأدوار المهمة في عملية السلام للأردن ومصر، ودول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، ودعمها للشعب الفلسطيني ومؤسساته".

وبحسب البيان فإن القادة المشاركين "جددوا عزمهم على تطوير التعاون والتكامل الإقليمي والمشاريع المشتركة بين دولهم بما يسهم في تحقيق التنمية المستدامة، والتصدي الجماعي لتحديات المناخ من خلال تسريع الطموحات البيئية، ودعم الابتكار والشراكات، بما فيها باستخدام نهج الاقتصاد الدائري للكربون وتطوير مصادر متجددة للطاقة. وأشاد القادة في هذا الإطار باتفاقيات الربط الكهربائي بين السعودية والعراق، وبين مجلس التعاون لدول الخليج العربية والعراق، وبين السعودية وكل من الأردن ومصر، والربط الكهربائي بين مصر والأردن والعراق".

وذكر البيان أن "القادة أشادوا بمبادرتي ‘السعودية الخضراء و‘الشرق الأوسط الأخضر‘ اللتين أعلنهما ولي عهد السعودية (محمد بن سلمان). وأعرب القادة عن تطلعهم للمساهمة الإيجابية الفاعلة من الجميع في سبيل نجاح مؤتمر الأمم المتحدة للتغير المناخي السابع والعشرين، الذي تستضيفه مصر، ومؤتمر الأمم المتحدة للتغير المناخي الثامن والعشرين، الذي تستضيفه الإمارات، والمعرض الدولي للبستنة 2023، الذي تستضيفه قطر، بعنوان ‘صحراء خضراء، بيئة أفضل 2023 - 2024‘".

ولفت البيان إلى أن "القادة أكدوا على أهمية تحقيق أمن الطاقة، واستقرار أسواق الطاقة، مع العمل على تعزيز الاستثمار في التقنيات والمشاريع التي تهدف إلى خفض الانبعاثات وإزالة الكربون بما يتوافق مع الالتزامات الوطنية. كما نوه القادة بجهود أوبك+ الهادفة إلى استقرار أسواق النفط بما يخدم مصالح المستهلكين والمنتجين ويدعم النمو الاقتصادي، وبقرار أوبك+ زيادة الإنتاج لشهري تموز/ يوليو وآب/ أغسطس، وأشادوا بالدور القيادي للسعودية في تحقيق التوافق بين أعضاء أوبك+" التي تضم روسيا.

وأضاف البيان أن "القادة جددوا دعمهم لمعاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية، ولهدف منع انتشار الأسلحة النووية في المنطقة. كما جدد القادة دعوتهم الجمهورية الإسلامية الإيرانية للتعاون الكامل مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، ومع دول المنطقة، لإبقاء منطقة الخليج العربي خالية من أسلحة الدمار الشامل، وللحفاظ على الأمن والاستقرار إقليميًا ودوليًا".

كما جدد القادة المشاركون، بحسب البيان، "إدانتهم القوية للإرهاب بكافة أشكاله ومظاهره، وعزمهم على تعزيز الجهود الإقليمية والدولية الرامية لمكافحة الإرهاب والتطرف العنيف، ومنع التمويل والتسليح والتجنيد للجماعات الإرهابية من جميع الأفراد والكيانات، والتصدي لجميع الأنشطة المهددة لأمن المنطقة واستقرارها".

وأضاف البيان أن "القادة أكد إدانتهم القوية للهجمات الإرهابية ضد المدنيين والأعيان المدنية ومنشآت الطاقة في السعودية والإمارات، وضد السفن التجارية المبحرة في ممرات التجارة الدولية الحيوية في مضيق هرمز وباب المندب، وشددوا على ضرورة الالتزام بقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، ومنها قرار مجلس الأمن 2624".

وتابع أن "القادة جددوا دعمهم الكامل لسيادة العراق وأمنه واستقراره، ونمائه ورفاهه، ولجميع جهوده في مكافحة الإرهاب. كما رحب القادة بالدور الإيجابي الذي يقوم به العراق لتسهيل التواصل وبناء الثقة بين دول المنطقة".

وتطرق البيان إلى الهدنة في اليمن، وذكر أن "القادة رحبوا بالهدنة وبتشكيل مجلس القيادة الرئاسي، معبرين عن أملهم في التوصل إلى حل سياسي وفقًا لمرجعيات المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات الحوار الوطني الشامل، وقرارات مجلس الأمن ومنها قرار مجلس الأمن 2216".

ووفقا للبيان "دعا القادة جميع الأطراف اليمنية إلى اغتنام الفرصة والبدء الفوري في المفاوضات المباشرة برعاية الأمم المتحدة. كما أكد القادة أهمية استمرار دعم الحاجات الإنسانية والإغاثية والدعم الاقتصادي والتنموي للشعب اليمني، وضمان وصولها لجميع أنحاء اليمن".

وفي ما يتعلق بالشأن السوري، ذكر البيان أن القادة المشاركين في القمة "أكدوا ضرورة تكثيف الجهود للتوصل لحل سياسي للأزمة السورية، بما يحفظ وحدة سورية وسيادتها، ويلبي تطلعات شعبها، بما يتوافق مع قرار مجلس الأمن 2254. وشدد القادة على أهمية توفير الدعم اللازم للاجئين السوريين، وللدول التي تستضيفهم، ووصول المساعدات الإنسانية لجميع مناطق سورية".

وفي ما يخص لبنان، أشار البيان إلى أن "القادة عبروا عن دعمهم لسيادة لبنان، وأمنه واستقراره، وجميع الإصلاحات اللازمة لتحقيق تعافيه الاقتصادي. ونوه القادة بانعقاد الانتخابات البرلمانية، بتمكين من الجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي. وبالنسبة للانتخابات الرئاسية القادمة دعوا جميع الأطراف اللبنانية لاحترام الدستور والمواعيد الدستورية. أشاد القادة بجهود أصدقاء وشركاء لبنان في استعادة وتعزيز الثقة والتعاون بين لبنان ودول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، ودعمهم لدور الجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي في حفظ أمن لبنان".

وأضاف البيان أن قادة الدول المشاركين في القمة "نوهوا بشكل خاص بمبادرات الكويت الرامية إلى بناء العمل المشترك بين لبنان ودول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، وبإعلان دولة قطر الأخير عن دعمها المباشر لمرتبات الجيش اللبناني". وبحسب البيان "أكدت الولايات المتحدة عزمها على تطوير برنامج مماثل لدعم الجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي. كما رحب القادة بالدعم الذي قدمه العراق للشعب اللبناني والحكومة اللبنانية في مجالات الطاقة والإغاثة الإنسانية.

وشدد البيان على أن "على أهمية بسط سيطرة الحكومة اللبنانية على جميع الأراضي اللبنانية، بما في ذلك تنفيذ أحكام قرارات مجلس الأمن ذات الصلة واتفاق الطائف، من أجل أن تمارس سيادتها الكاملة فلا يكون هناك أسلحة إلا بموافقة الحكومة اللبنانية، ولا تكون هناك سلطة سوى سلطتها".

وحول الشأن الليبي، ذكر البيان أن "القادة جددوا دعمهم للجهود الساعية لحل الأزمة الليبية وفق قرارات مجلس الأمن ذات الصلة، ومنها القرارين 2570 و2571، وضرورة عقد انتخابات رئاسية وبرلمانية جنبًا إلى جنب في أقرب وقت، وخروج جميع المقاتلين الأجانب والمرتزقة دون إبطاء. وجدد القادة دعمهم لتوحيد المؤسسات العسكرية بإشراف الأمم المتحدة. وعبر القادة عن تقديرهم لاستضافة مصر للحوار الدستوري الليبي بما يدعم العملية السياسية المدعومة من الأمم المتحدة".

وفي يتعلق بالسودان أكدت القمة، بحسب البيان، دعمها لـ"جهود تحقيق الاستقرار في السودان، واستكمال وإنجاح المرحلة الانتقالية، وتشجيع التوافق بين الأطراف السودانية، والحفاظ على تماسك الدولة ومؤسساتها، ومساندة السودان في مواجهة التحديات الاقتصادية".

وبالنسبة لسد النهضة الأثيوبي، أفاد البيان بأن "القادة عبروا عن دعمهم للأمن المائي المصري، ولحل دبلوماسي يحقق مصالح جميع الأطراف ويسهم في سلام وازدهار المنطقة. وأكد القادة ضرورة التوصل لاتفاق بشأن ملء وتشغيل السد في أجل زمني معقول كما نص عليه البيان الرئاسي لرئيس مجلس الأمن الصادر في 15 أيلول/ سبتمبر 2021، ووفقاً للقانون الدولي".

وفي ما يخص الحرب في أوكرانيا، قال البيان إن القادة "جددوا التأكيد على ضرورة احترام مبادئ القانون الدولي، بما فيها ميثاق الأمم المتحدة، وسيادة الدول وسلامة أراضيها، والالتزام بعدم استخدام القوة أو التهديد بها. ويحث القادة المجتمع الدولي وجميع الدول على مضاعفة الجهود الرامية للتوصل إلى حل سلمي، وإنهاء المعاناة الإنسانية، ودعم اللاجئين والنازحين والمتضررين من الحرب، وتسهيل تصدير الحبوب والمواد الغذائية، ودعم الأمن الغذائي للدول المتضررة".

وبشأن أفغانستان، لفت البيان إلى أن "القادة أكدوا على أهمية استمرار وتكثيف الجهود في سبيل دعم وصول المساعدات الإنسانية لأفغانستان، وللتعامل مع خطر الإرهابيين المتواجدين في أفغانستان، والسعي لحصول الشعب الأفغاني بجميع أطيافه على حقوقهم وحرياتهم الأساسية، وخاصة في التعليم والرعاية الصحية وفقاً لأعلى المعايير الممكنة، وحق العمل خاصةً للنساء. عبر القادة عن تقديرهم لدور دولة قطر في مساندة أمن الشعب الأفغاني واستقراره".

وفي ختام البيان، "رحب القادة باستعدادات دول قطر لاستضافة كأس العالم 2022، وجددوا دعمهم لكل ما من شأنه نجاحه"، وأكدوا "التزامهم بانعقاد اجتماعهم مجدداً في المستقبل".

التعليقات