"قمّة جدّة للأمن والتنمية": واشنطن "لن تتخلى" عن الشرق الأوسط

أكّد الرئيس الأميركي، جو بايدن، لقادة الخليج ودول عربية أخرى في جدة في "قمّة جدّة للأمن والتنمية"، السبت، أن واشنطن "لن تتخلى" عن الشرق الأوسط حيث تلعب منذ عقود دورا سياسيا وعسكريا محوريا، ولن تسمح بوجود فراغ تملؤه قوى أخرى.

رؤساء 9 دول عربية وبايدن في قمة "جدة للأمن والتنمية" (Gettyimages)

أكّد الرئيس الأميركي، جو بايدن، لقادة الخليج ودول عربية أخرى في جدة في "قمّة جدّة للأمن والتنمية"، السبت، أن واشنطن "لن تتخلى" عن الشرق الأوسط حيث تلعب منذ عقود دورا سياسيا وعسكريا محوريا، ولن تسمح بوجود فراغ تملؤه قوى أخرى.

وقال بايدن في لقاء قمة مع قادة مجلس التعاون الخليجي والعراق والأردن ومصر في ختام زيارة إلى الشرق الأوسط "لن نتخلى (عن الشرق الأوسط) ولن نترك فراغًا تملؤه الصين أو روسيا أو إيران".

وأضاف بايدن "اسمحوا لي أن أختتم بتلخيص كل هذا في جملة واحدة: الولايات المتحدة ملتزمة ببناء مستقبل إيجابي في المنطقة، بالشراكة معكم جميعًا، ولن تغادر".

وأكد أنه "ستدعم الولايات المتحدة وتعزز الشراكات مع الدول المنخرطة في النظام الدولي القائم على القوانين. سنضمن أن هذه الدول يمكنها الدفاع عن نفسها ضد التهديدات الخارجية".

وخلال القمة، قال بايدن إن "المستقبل للبلدان التي تطلق العنان للإمكانات الكاملة لسكانها (...) حيث يمكن للمواطنين استجواب وانتقاد القادة دون خوف من الانتقام"، فيما كان يتعرّض لانتقادات على خلفية لقائه مع ولي العهد.

وشدد على أنّ الولايات المتحدة "لن تتسامح مع محاولة دولة واحدة الهيمنة على دولة أخرى في المنطقة من خلال التعزيزات العسكرية أو التوغل أو التهديدات"، في إشارة إلى إيران التي يتّهمها جيرانها بمحاولة زعزعة استقرار المنطقة.

وبعد أن شدد على أن الولايات المتحدة ستعتمد رؤية جديدة للمنطقة الاستراتيجية ولن تسمح بوجود فراغ تملؤه قوى أخرى، غادر بايدن السعودية في ختام جولة شرق أوسطية شملت أيضا إسرائيل والضفة الغربية المحتلة.

بن سلمان: سياسات غير واقعية تجاه مصادر الطاقة ستؤدي إلى التضخم

من جهته، قال ولي العهد، محمد بن سلمان، في بداية الاجتماع أنّه يأمل "أن تؤسس القمة لعهد جديد من التعاون المشترك لتعميق الشراكة الإستراتيجية بين دولنا والولايات المتحدة الأميركية لخدمة مصالحنا المشتركة وتعزيز الأمن والتنمية في هذه المنطقة الحيوية للعالم أجمع".

ودعا إيران إلى عدم التدخل في شؤون دول المنطقة، وإلى التعاون معها، واعتبر أن هناك حاجة لتوحيد الجهود لدعم الاقتصاد العالمي، لافتًا إلى أن السياسات غير الواقعية تجاه مصادر الطاقة لن تؤدي سوى إلى التضخم.

واعتبر أن جائحة كورونا والوضع الجيوسياسي يتطلبان مزيدا من الجهود المشتركة لدعم الاقتصاد العالمي وإن التحديات البيئية تتطلب نهجا "واقعيا ومسؤولا" للانتقال التدريجي إلى مصادر الطاقة المستدامة.

ملك الأردن: لا استقرار دون حلّ يضمن قيام دولة فلسطينية مستقلة

بدوره، أكد العاهل الأردني، الملك عبد الله الثاني، أن لا أمن ولا استقرار ولا ازدهار في المنطقة دون حل يضمن قيام الدولة الفلسطينية المستقلة على خطوط الرابع من حزيران عام 1967، وعاصمتها القدس الشرقية، لتعيش بأمن وسلام إلى جانب إسرائيل.

ولفت إلى أن التعاون الاقتصادي في المنطقة يجب أن يشمل السلطة الوطنية الفلسطينية لضمان نجاح الشراكات الإقليمية.

أمير قطر: لا يجوز أن يكون دور العرب تقديم التنازلات وإسرائيل التعنت

من جانبه، قال أمير قطر، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، في كلمة ألقاها في القمة، إنه "لا يجوز أن يكون دور العرب اقتراح التسويات، ودور إسرائيل رفضها والزيادة في التعنت كلما قدم العرب تنازلات".

وقال إنه "كما أن لإسرائيل رأيا عاما، فإن لدينا أيضًا في العالم العربي رأينا العام"، وأعرب عن تطلعه إلى "دور فعال للولايات المتحدة في الدعوة إلى مفاوضات جادة لتسوية القضية الفلسطينية، وفق قرارات الشرعية الدولية وعلى أساس مبدأ حل الدولتين الذي توافق عليه المجتمع الدولي، بحيث لا يكون المقصود تفاوضًا من أجل التفاوض، ولا لإيهام أنفسنا أنه ثمة عملية سلام جارية".

وأضاف أمير قطر أن "المخاطر التي تحدق بمنطقة الشرق الأوسط في ظل الوضع الدولي المتوتر تتطلّب إيجاد حل عادل ودائم للقضية الفلسطينية التي تشغل مكانة مركزية لدى شعوب عالمينا العربي والإسلامي وقوى السلام في العالم أجمع، لأنها قضية عادلة وذات حمولة رمزية كثيفة في الوقت ذاته".

وأردف أنه "سيظل أهم مصادر التوتر وعدم الاستقرار قائمًا ما لم تتوقف إسرائيل عن ممارساتها وانتهاكاتها للقانون الدولي المتمثلة في بناء المستوطنات وتغيير طابع مدينة القدس واستمرار فرض الحصار على غزة"، وأشار إلى أنه "لم يعد ممكنًا تفهم استمرار الاحتلال بسبب السياسات الانتقائية في تطبيق قرارات الشرعية الدولية، وتفضيل سياسات القوة وفرض الأمر الواقع على مبادئ العدالة والإنصاف".

ولفت إلى أن "تحقيق الاستقرار في منطقة الخليج ضروري ليس لها فحسب، بل للمجتمع الدولي بأسره"، وشدد على ضرورة "تجنيب منطقة الخليج، والشرق الأوسط عمومًا، مخاطر التسلح النووي مع الإقرار بحق دول المنطقة في استخدام الطاقة النووية للأغراض السلمية وفقًا للقواعد الدولية". كما أكد "على ضرورة حل الخلافات في منطقتنا بالحوار القائم على احترام سيادة الدول، وعدم التدخل في شؤونها الداخلية، وتعزيز المصالح المشتركة، والمشاركة في تحمل المسؤوليات".

السيسي: الأزمات العالمية تهدد بمخاطر انتشار الإرهاب

من جانبه، جدد الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، عزم بلاده على تطوير الشراكة بين الدول العربية والولايات المتحدة، وذبك خلال كلمته بقمة جدة للأمن والتنمية بحضور الرئيس الأميركي.

وقال السيسي إن "الأزمات العالمية ازدادت وتهدد بمخاطر انتشار الإرهاب، ويجب أن تكون لدولنا إسهامات حقيقية في مواجهة الأزمات".

وأضاف أنه يجب وضع حد للصراعات والحروب الأهلية في المنطقة، وأشار إلى أن "مصر منفتحة على انتهاج سياسات السلام لحل كل الصراعات"، مقترحًا خطة من 5 نقاط لمواجهة أزمات المنطقة.

وتطرق السيسي إلى القضية الفلسطينية، مشيرًا إلى أنه يجب إنشاء دولة فلسطينية مستقلة على حدود 1967، مشيرًا إلى أن "إحياء عملية السلام لا يكفي بل يجب التوصل لحل نهائي لا رجعة فيه".

وقال السيسي إنه يجب الاستمرار في مواجهة قوى الإرهاب التي تحظى بدعم من قوى خارجية، لا مكان للميليشيات ولا لداعميها الذين يوفرون لها المال والسلاح. كما شدد على أن الأمن العربي كل لا يتجزأ للتصدي لأية مخاطر، مضيفًا "ندعم أن تكون المنطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل".

وكان قد عقد بايدن لقاءات ثنائية مع رؤساء الدول عربية قبل انعقاد القمة المشتركة الجماعية، واستهل لقاءاته الثنائية مع رئيس الوزراء العراقي، مصطفى الكاظمي، وأتبعه باجتماع مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، وكان آخر لقاءاته الثنائية مع رئيس الإمارات، محمد بن زايد.

الكاظمي وبايدن (Gettyimages)

وأكد بيان أميركي عراقي مشترك أهمية الالتزام المتبادل بالشراكة الثنائية بين البلدين وفقًا لاتفاق الإطار الإستراتيجي، مشددًا على أهمية تشكيل حكومة عراقية جديدة تستجيب لإرادة الشعب، وأكد أيضًا أهمية تقوية المؤسسات العراقية وتمكين قوات الأمن من تحقيق الاستقرار بالعراق والمنطقة.

ووفقًا لما نقلت "رويترز" عن مسؤول أميركي إن "بايدن سيبحث في جدة تكامل القدرات الصاروخية والدفاعية بين دول الشرق الأوسط. وتأمل واشنطن أن تصدر منظمة أوبك إعلانا في الأسابيع المقبلة بزيادة إنتاج النفط".

وقال المسؤول إن "زعماء دول مجلس التعاون الخليجي سيلتزمون أيضًا بتقديم 3 مليارات دولار على مدار العامين المقبلين في مشروعات تتماشى مع الشراكات الأميركية في البنية التحتية العالمية والاستثمار".

وبعد زيارته الأراضي الفلسطينية المحتلة وإسرائيل أولى جولاته للشرق الأوسط منذ توليه الرئاسة، وصل بايدن أمس الجمعة، إلى السعودية واجتمع بالعاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز وولي العهد الأمير محمد بن سلمان ومسؤولين سعوديين كبار آخرين.

وبعد محادثات الرئيس الأميركي مع المسؤولين السعوديين، تعهدت واشنطن والرياض بمنع إيران من الحصول على سلاح نووي، وبالحفاظ على استقرار أسواق الطاقة العالمية.

التعليقات