حاجة بايدن في زيارته السعودية

"لم تكن مفاجئة على اعتبار أن بايدن ورغم قوله إنه لن يكون هنالك حديث مع ولي العهد محمد بن سلمان، عندما وصل سدة الرئاسة، إلا أنه أقر عمليا عددا من صفقات الأسلحة مع السعودية"

حاجة بايدن في زيارته السعودية

(Gettyimages)

سيعلن الرئيس الأميركي، جو بايدن، عن مساعدة بقيمة مليار دولار للأمن الغذائي في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، حسبما أكد مسؤول أميركي، السبت، وسط تصاعد أزمة الغذاء على وقع الحرب في أوكرانيا.

وقال المسؤول إن "الرئيس سيعلن اليوم عن تخصيص الولايات المتحدة مليار دولار من مساعدات الأمن الغذائي في المدى القريب إلى البعيد، لمنطقتي الشرق الأوسط وشمال أفريقيا".

وجاءت تصريحات المسؤول في جدة بغربي السعودية حيث يختتم بايدن جولته الإقليمية في الشرق الأوسط.

ومن المقرّر أن يناقش الرئيس الأميركي أسعار النفط المتقلبة خلال اجتماع قمة مع قادة دول عربية، السبت، في جدة، المحطة الأخيرة في جولته التي قادته أيضا إلى إسرائيل والأراضي الفلسطينية المحتلة.

وفي حوار أجرته وكالة "الأناضول" للأنباء مع أستاذ العلاقات الدولية بجامعة قطر، علي باكير، قال إن​​ "النفط على رأس أجندة الرئيس الأميركي جو بايدن في زيارته المرتقبة إلى السعودية، وحشد مصادر للنفط والغاز بديلة لنظيرتها الروسية".

وفي 14 حزيران/ يونيو الماضي، أعلن البيت الأبيض على لسان المتحدثة باسمه كارين جان بيير، أن زيارة بايدن إلى السعودية "تلبية لدعوة الملك سلمان" لحضور قمة سياسية بمدينة جدة في 16 تموز/ يوليو الجاري، تجمع قادة دول مجلس التعاون الخليجي، إضافة إلى مصر والعراق والأردن.

زيارة غير مفاجئة

قيّم باكير الزيارة بالقول: "لم تكن مفاجئة على اعتبار أن بايدن ورغم قوله إنه لن يكون هنالك حديث مع ولي العهد محمد بن سلمان، عندما وصل سدة الرئاسة، إلا أنه أقر عمليا عددا من صفقات الأسلحة مع السعودية".

وأضاف: "كان ذلك مؤشرا على أن البراغماتية والمصلحة هي التي تحكم التحركات الأميركية وليس الأيديولوجيا، وبالتالي هناك إمكانية لاستئناف العلاقة مع السعودية بالشكل الذي كانت عليه سابقا ولقاء ولي العهد".

وزاد: "خاصة أن توقيت الزيارة يأتي في ظل بحث الولايات المتحدة والأوروبيين عن بديل لصادرات الغاز والنفط الروسي لدول الاتحاد الأوروبي من جهة، وأيضا في ظل البحث عن مصادر لزيادة ضخ كميات من النفط والغاز في السوق للحد من الارتفاع الحاد في الأسعار الحاصل حاليا".

واستطرد: "بالتالي هناك حاجة إلى الاستعانة بكل مصدري النفط والغاز المهمين وعلى رأسهم المملكة العربية السعودية في ما يتعلق بالنفط، وقطر في ما يتعلق بالغاز".

النفط ملف رئيسي

كما شدد المتحدث، على أن الجانب الأميركي يسعى أولا إلى حشد مصادر النفط والغاز البديلة عن نظيرتها الروسية لتأمينها إلى الدول الأوروبية، ومحاولة تخفيض أسعار النفط.

وأردف: "لأن الارتفاع الحاد في أسعار النفط يؤثر بشكل كبير وسلبي على الاقتصاد الأميركي وعلى وضع الرئيس بايدن السياسي وعلى الانتخابات القادمة وبالتالي له مصلحة في تخفيض الأسعار، وضخ المزيد من الكميات في السوق".

وحول مساعي الولايات المتحدة لإبعاد السعودية عن روسيا، أفاد بأن "مصلحة واشنطن أن تبتعد الرياض عن موسكو، لكن في نفس الوقت مثل هذه السياسة سيكون لها تكاليف، فالولايات المتحدة مهتمة بتأمين النفط والغاز ومن دون شك إبعاد السعودية أو غيرها من الدول عن روسيا".

وذكر أن "هذا يتطلب ربما مساعي أكبر للضغط على الدولة المعنية ولا أعتقد أنني أرى أي من وسائل الضغط حاليا على السعودية أو على غيرها من البلدان التي تريد أن تنوع علاقاتها، أو تنفتح على روسيا، أو غيرها من الدول".

ولفت قائلا: "أعتقد أن هذا الموضوع ربما يأتي في مرحلة لاحقة وليس الآن، أو ربما يحاول الجانب الأميركي أن يستعيض عنه بانفتاح متزايد باتجاه إيران على سبيل المثال لتحقيق توازن أو ربما لإقناع السعودية إذا ما كانت تريد الحصول على الدعم الأميركي في مواجهة إيران في المرحلة المقبلة".

مشروع التطبيع

وفيما يتعلق بالتطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي الذي تقوده الولايات المتحدة، ذكر باكير، أن "مشروع التطبيع مستمر بأشكال ونسب وسياسات مختلفة من الجانب الأميركي الحريص مؤخرا على أن تكون إسرائيل جزءا من الجهود الدفاعية الخليجية ضد مخاطر خارجية ربما على رأسها إيران".

وزاد: "بالتالي هنالك مصلحة للولايات المتحدة في العمل على دمج إسرائيل في المنطقة عبر عملية التطبيع، وأيضا في دمجها في المنطقة من ناحية ملف الغاز، لأن إسرائيل دولة منتجة ومصدرة للغاز".

وتابع: "هنالك محاولات لإدماجها في الاقتصاد الإقليمي، من خلال مشاريع لها علاقه بتسويق وإنتاج ونقل الغاز، أيضا الولايات المتحدة تريد تخفيض الضغط في المستقبل من خلال دعمها لإسرائيل، وهي ترى أن تشجع التعاون بينها وبين دول أخرى في المنطقة".

وبين أن "هذا من شأنه مساعدتها على تحقيق هذا الهدف، ومما لا شك فيه أنه كان هنالك خطوات غير مباشرة بين السعودية وإسرائيل للتطبيع، لكن هذه الخطوات لم تكن علنية بخلاف الخطوات التي قامت بها الإمارات".

وتابع: "الجميع يعلم كيف خرب رئيس الحكومة الإسرائيلي السابق، بنيامين نتنياهو، هذه الجهود بين السعودية وبين بلده عندما كشف بشكل علني عن زيارة قام بها إلى الرياض للحصول على مكاسب انتخابية، وبالتالي الجانب السعودي رأى أن مثل هذا الكشف لم يكن يصب في صالحه، فتوقفت إلى حد ما جهود التطبيع".

الموقف من إيران

وحول الموقف من إيران، قال: "إدارة بايدن مهتمة بالتوصل إلى اتفاق مع إيران حول الملف النووي، وهنالك مفاوضات تجري وجهود تبذل لكنها وصلت إلى طريق مسدود مؤخرا، بسبب السقف العالي لإيران ومحاولة ابتزاز جديدة للموقف الأميركي".

وأضاف: "طبعا هنالك مخاوف إقليمية من أن يؤدي أي اتفاق بين إيران والولايات المتحدة لإعطاء طهران اليد العليا في المنطقة وتحفيزها وتشجيعها على مواصلة مشروعها التوسعي، ولاسيما في ظل السماح لها بتصدير المزيد من النفط والغاز، وبالتالي الحصول على عوائد مالية يتم توزيعها على مشروعها الإقليمي وعلى مليشياتها المنتشرة بالمنطقة".

وأردف: "هذه المخاوف تمتد لتطول عدة دول من بينها طبعا بعض دول الخليج كالسعودية والإمارات وأيضا إسرائيل، لذلك هناك مصلحة أميركية أيضا في تطوير التعاون الدفاعي، لكن إلى أي مدى من الممكن فعليا أن يتم هذا الأمر على أرض الواقع، هذا يحتاج إلى تقييم خاص".

وتابع: "هنالك بعض التقارير التي تتحدث عن أن إسرائيل بالفعل نشرت أنظمة دفاعية أو رادارات في بعض الدول الخليجية ضمن هذا المشروع للتصدي لإيران، لكن الأمر يحتاج لمعلومات أكبر وتقييم أدق".

التعليقات