القضاء العراقي يستأنف العمل وسط أزمة سياسية متصاعدة

قرر مجلس القضاء الأعلى في العراق، استئناف أعماله بدءا من الأربعاء، بحسب ما أوردت وكالة الأنباء العراقية الرسمية، مساء الثلاثاء، بعدما دعا زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، أنصاره، للانسحاب من أمام مقر المجلس.

القضاء العراقي يستأنف العمل وسط أزمة سياسية متصاعدة

أنصار الصدر أمام مجلس القضاء الأعلى، الثلاثاء (Getty Images)

قرر مجلس القضاء الأعلى في العراق، استئناف أعماله بدءا من الأربعاء، بحسب ما أوردت وكالة الأنباء العراقية الرسمية، مساء الثلاثاء، بعدما دعا زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، أنصاره، للانسحاب من أمام مقر المجلس.

وكان المجلس القضائي قد قرر في وقت سابق اليوم، الثلاثاء، تعليق أعماله، بعدما اعتصم أنصار الصدر خارج مقره لمطالبة القضاء بحل البرلمان، في واحدة من أسوأ الأزمات السياسية منذ الغزو الأميركي للعراق عام 2003.

ونقلت الوكالة العراقية عن مجلس القضاء قوله، في بيان، إنه "بالنظر لانسحاب المتظاهرين وفك الحصار عن مبنى مجلس القضاء الأعلى والمحكمة الاتحادية العليا، تقرر استئناف العمل بشكل طبيعي في كافة المحاكم اعتبارا من صباح يوم الغد (الأربعاء)".

واعتصم مناصرو التيار الصدري، الثلاثاء، لساعات طويلة أمام مبنى مجلس القضاء الأعلى في بغداد قبل أن ينسحبوا بعد حثّ الصدر لهم على المغادرة، على وقع أزمة سياسية خانقة يعيشها العراق.

وصباح الثلاثاء، أعلن المئات من مناصري التيار الصدري من أمام مبنى مجلس القضاء الأعلى مباشرة، تنظيم اعتصام لتحقيق عدة مطالب أبرزها "حلّ البرلمان"، في خطوة قوبلت بقلق وبردود فعل منددة من خصومه ودفعت مجلس القضاء الأعلى إلى تعليق عمله خلال اليوم، قبل أن يعلن عن استئنافه الأربعاء.

ونصب المعتصمون الخيم أمام مبنى أعلى سلطة قضائية في البلاد، وسط انتشار أمني كثيف. وبعد ساعات، نصح الصدر مناصريه بالانسحاب. وجاء في تغريدة كتبها مقرّب منه أنه "للحفاظ على سمعة الثوّار الأحبة ولعدم تضرر الشعب... أنصح بالانسحاب"، لكن مع "الإبقاء على الخيم".

وطلب في الوقت نفسه مواصلة الاعتصام أمام البرلمان "إن شئتم ذلك فالقرار قرار الشعب". وعلى إثر ذلك، غادر المعتصمون الموقع في المنطقة الخضراء المحصنة في وسط بغداد.

ويعيش العراق منذ انتخابات تشرين الأول/ أكتوبر 2021 البرلمانية، حالة شلل سياسي مع العجز عن انتخاب رئيس جديد للجمهورية وتشكيل حكومة جديدة، في ظل خلافات سياسية متواصلة.

وارتفع مستوى التصعيد بين التيار الصدري وخصومه في الإطار التنسيقي، في 30 تموز/ يوليو الماضي، عندما باشر مناصرو الصدر اعتصامًا عند مبنى البرلمان العراقي في المنطقة الخضراء، مطالبين بحلّ البرلمان وإجراء انتخابات مبكرة. و لا يزال هذا الاعتصام متواصلاً مذّاك.

من جانبهم، يريد خصوم الصدر في الإطار التنسيقي الذي يضمّ كتلة رئيس الوزراء الأسبق، نوري المالكي، وكتلة الفتح الممثلة لـ"الحشد الشعبي"، تشكيل حكومة قبل الذهاب إلى انتخابات مبكرة. وينفذ مناصرو الإطار التنسيقي أيضًا اعتصامًا أمام المنطقة الخضراء التي تضمّ مؤسسات حكومية ومقرات دبلوماسية غربية منذ 12 آب/ أغسطس.

وقال أبو كرار العلياوي، أحد الذين جاءوا للاعتصام أمام مجلس القضاء الأعلى إن "مطالبنا القضاء على الفساد... نعتقد أن القضاء مهدد بالخوف... أو أنه مرتشٍ". وكان الصدر قد طالب القضاء بحلّ البرلمان لكن القضاء اعتبر أنه لا يملك هذه الصلاحية.

وبعدما أعلن تعليق عمله إثر الاعتصام صباحًا، قال مجلس القضاء الأعلى، في بيان، إنه يعتزم استئناف عمله الأربعاء. وذكر البيان أنه "بالنظر لانسحاب المتظاهرين وفك الحصار عن مبنى مجلس القضاء الأعلى والمحكمة الاتحادية العليا، تقرّر استئناف العمل بشكل طبيعي في كافة المحاكم اعتبارا من صباح يوم الغد (الأربعاء)".

واعتبر مجلس القضاء في بيان صدر في 14 آب/أغسطس أن "مهام مجلس القضاء... بمجملها تتعلق بادارة القضاء فقط وليس من بينها اي صلاحية تجيز للقضاء التدخل بامور السلطتين التشريعية أو التنفيذية".

وينصّ الدستور العراقي في المادة 64 منه على أن حلّ مجلس النواب يتمّ "بالأغلبية المطلقة لعدد أعضائه، بناءً على طلبٍ من ثلث أعضائه، أو طلبٍ من رئيس مجلس الوزراء وبموافقة رئيس الجمهورية".

وبعيد الإعلان عن انتهاء الاعتصام، أعرب الحشد الشعبي في بيان عن استعداده "الدفاع عن مؤسسات الدولة التي تضمن مصالح الشعب وعلى رأسها السلطة القضائية والتشريعية"، مؤكدًا أنه حرص على ألّا يكون "طرفًا في الأزمة السياسية الراهنة" لكن يجد نفسه "ملزمًا بحماية السلم الأهلي والدفاع عن الدولة".

وحذّر رئيس مجلس النواب، محمد الحلبوسي، مساء الثلاثاء، من "الأزمة الخانقة" التي "تتجه نحو غياب الشرعية وقد تؤدي إلى عدم اعتراف دولي بكامل العملية السياسية".

فيما أعلن رئيس الوزراء العراقي، مصطفى الكاظمي، في بيان، قطع زيارته إلى مصر والعودة إلى بغداد على أثر التطورات.

وذكر البيان أن الكاظمي "عاد إلى بغداد" بهدف "المتابعة المباشرة لأداء واجبات القوات الأمنية في حماية مؤسسات القضاء والدولة"، داعيًا إلى "اجتماع فوري لقيادات القوى السياسية من أجل تفعيل إجراءات الحوار الوطني، ونزع فتيل الأزمة".

من جهته، رأى رئيس الجمهورية، برهم صالح، في بيان، أن "التظاهر السلمي والتعبير عن الرأي حق مكفول دستوريًا، ولكن تعطيل عمل المؤسسة القضائية أمر خطير يهدد البلد".

وعلّقت بعثة الأمم المتحدة في العراق (يونامي) على الأحداث في تغريدة بالقول إن "الحق في الاحتجاج السلمي عنصر أساسي من عناصر الديمقراطية"، لكن "لا يقل أهمية عن ذلك التأكيد على الامتثال الدستوري واحترام مؤسسات الدولة".

ولم تفضِ محاولات الحوار بين الطرفين إلى نتيجة بعد، فيما قد تزداد الأمور تعقيدًا بعد تطورات الثلاثاء.

وبعيد بدء الاعتصام، أعرب الإطار التنسيقي، في بيان، عن "إدانته الكاملة للتجاوز الخطير على المؤسسة القضائية". وأعلن "رفضه استقبال أي رسالة من التيار الصدري أو أية دعوة للحوار المباشر الا بعد ان يعلن عن تراجعه عن احتلال مؤسسات الدولة الدستورية".

وبدعوة من الكاظمي، عقد قادة الكتل السياسية العراقية في قصر الحكومة في بغداد، الأسبوع الماضي، اجتماعًا، قاطعه التيار الصدري، وشارك فيه قياديون في الإطار التنسيقي، لا سيما المالكي وهادي العامري.

وكرّر التيار الصدري أكثر من مرّة رفضه للحوار. وقال الصدر في تغريدة قبل يومين إنه قدّم "مقترحًا للأمم المتحدة لجلسة حوار علنية... فلم نرَ جوابًا ملموسًا".

وأضاف "لا يتوقعوا منّا حوارًا سريًا جديدًا بعد ذلك... لقد تنازلت كثيرًا من أجل الشعب والسلم الأهلي. وننتظر ماذا في جعبتهم من إصلاح ما فسد لإنقاذ العراق".

التعليقات