السودان: قطع الإنترنت على وقع تظاهرات في الذكرى الأولى للانقلاب

ومنذ عام، يتحدّى أنصار الديمقراطية القمع كل أسبوع وينزلون الى الشوارع للاحتجاج والدعوة إلى "عودة العسكر إلى الثكنات". وخلال هذه الفترة، قُتل 118 متظاهرا أثناء مطالبات بعودة السلطة إلى المدنيين، وهو شرط

السودان: قطع الإنترنت على وقع تظاهرات في الذكرى الأولى للانقلاب

(أ ب)

نظمت تظاهرات في السودان، اليوم الثلاثاء، إحياء للذكرى الأولى للانقلاب وللمطالبة بحكومة مدنية قادرة على إخراج البلاد من المأزق، في الوقت الذي قُطع فيه الاتصال بالإنترنت.

في مثل هذا اليوم من العام الماضي، تراجع قائد الجيش الفريق أول عبد الفتاح البرهان عن كل التعهدات التي كان اتخذها قبل عامين بتقاسم السلطة مع المدنيين تمهيدا لانتخابات حرة في السودان.

عند الفجر، طالب يومها باعتقال كل القادة السياسيين والوزراء المدنيين في الحكومة، واستأثر الجيش بالسلطة.

ومنذ ذلك الحين، ينقطع الاتصال بالإنترنت في الوقت الذي يُنظّم فيه أيّ تحرك ضدّ الانقلاب، كما هو الحال الثلاثاء.

رغم كلّ ذلك، "خرج مئات التلاميذ والطلاب في عطبره"، حسبما قال لوكالة فرانس برس عادل محمد، وهو أحد سكّان المدينة الواقعة على بعد 350 كيلومترا شمالي الخرطوم.

وهتف المتظاهرون حاملين الأعلام، "العسكر إلى الثكنات" و"سلطة مدنية".

وفي الليلة السابقة، خرجت مواكب تدعو إلى التظاهر في الخرطوم وضواحيها ومدن عدّة. واستباقا لذلك، أعلنت ولاية الخرطوم يوم عطلة في جميع الإدارات والمدارس.

ومنذ عام، يتحدّى أنصار الديمقراطية القمع كل أسبوع وينزلون الى الشوارع للاحتجاج والدعوة إلى "عودة العسكر إلى الثكنات". وخلال هذه الفترة، قُتل 118 متظاهرا أثناء مطالبات بعودة السلطة إلى المدنيين، وهو شرط رئيسي يضعه المانحون الدوليون لاستئناف مساعداتهم المالية التي علّقت احتجاجا على الانقلاب.

وبات الوضع الاقتصادي في السودان كارثيا.

وبين تضخّم يزيد عن 100% ونقص في المواد الغذائية، أصبح ثلث السودانيين البالغ عددهم 45 مليونا يعانون من الجوع، وهو رقم يزيد بنسبة 50% عن العام الماضي، بحسب برنامج الاغذية العالمي.

ووفق البرنامج، ارتفعت أسعار المواد الغذائية الأساسية بنسبة 137%، ما جعل العائلات تخصّص "أكثر من ثلثي دخلها للغذاء".

وإضافة إلى قلق السودانيين الأول، وهو تدهور قوتهم الشرائية، يخشى كثيرون، بعد ثلاث سنوات على ثورة العام 2019، عودة الدكتاتورية القائمة على التحالف بين الإسلاميين والعسكريين.

فمنذ الانقلاب، استعاد العديد من أنصار البشير مناصبهم، وخصوصا في القضاء الذي يحاكم أمامه حاليا الدكتاتور السابق.

وفوق كل هذا، تسود ضبابية في ما يتعلّق بالوضع السياسي في البلاد، ويستبعد المراقبون والمحلّلون أي إمكانية لإجراء الانتخابات التي وعدت السلطات الحالية بتنظيمها في صيف 2023.

وليس هناك أي وجه سياسي على استعداد للانضمام الى حكومة مدنية يعد بها باستمرار الفريق البرهان. كما لم تسفر الوساطات الدولية أو المبادرات المحلية عن نتائج.

وقال موفد الأمم المتحدة إلى السودان فولكر برثيس، السبت، إن البلد "لا يملك ترف المناورات السياسية"، مضيفا "يتعيّن على الفاعلين السياسيين أن ينحوا خلافاتهم جانبا وأن يركزوا على مصلحة السودانيين".

وتظاهر آلاف من السودانيين الجمعة تحت شعار "لا للحكم العسكري" واحتفالا بالذكرى الـ58 لأول "ثورة" على السلطة العسكرية في بلد هيمن عليه العسكريون بشكل شبه متواصل منذ استقلاله.

وتؤكد الكتلة الديمقراطية أن "مسيرات الخامس والعشرين من تشرين الأول/أكتوبر ستكون بداية نهاية عهد الانقلابيين بلا رجعة، وإعلان دستور السودان المدني الديمقراطي".

ودعت السفارات الغربية، الإثنين، السلطات إلى "احترام حرية الرأي وحق التجمّع السلمي". كما طالبت بـ"عدم استخدام القوة" في بيان دان "مقتل متظاهر الأحد".

ومع تعبئة قوات الأمن لمواجهة التظاهرات، يرى خبراء أن الفراغ الأمني في عدد من الولايات فتح الباب أمام نزاعات قبلية دامية.

وأسفرت تلك الاشتباكات التي تجرى غالبا بأسلحة أوتوماتيكية بسبب نزاعات على الماء والكلأ والأرض، عن مقتل 600 شخص منذ مطلع العام، ونزوح أكثر من 210 آلاف، وفق الأمم المتحدة.

وأعلن الجيش السوداني، الإثنين، تعيين قائد عسكري جديد لولاية النيل الأزرق في السودان التي شهدت نهاية الأسبوع الماضي اشتباكات قبلية دامية أوقعت قرابة 250 قتيلا، وفق بعض التقارير، بحسب ما ذكرت الأمم المتحدة بالأمس.

التعليقات