لبنان: أهالي ضحايا انفجار المرفأ يحتجون على اعتقال شقيق أحد القتلى

تبلّغ نون مع أكثر من عشرة أشخاص من عائلات الضحايا الخميس استدعاءهم إلى التحقيق صباح الإثنين لدى قوى الأمن الداخلي، قبل أن يتم الجمعة استدعاؤه من جهاز أمن الدولة ومن ثم توقيفه بناء على إشارة من القاضي زاهر حمادة.

لبنان: أهالي ضحايا انفجار المرفأ يحتجون على اعتقال شقيق أحد القتلى

(Gettyimages)

احتج العشرات من أهالي ضحايا انفجار مرفأ بيروت وناشطين اليوم، السبت، في بيروت احتجاجا على توقيف، وليام نون، شقيق أحد ضحايا فوج الإطفاء، إثر تصريحات أدلى بها في خطوة أثارت نقمة واسعة فيما التحقيق معلق منذ أكثر من عام.

وجاء تحرّك الأهالي الذين دعوا إلى اعتصام مفتوح أمام المديرية العامة لأمن الدولة في بيروت حتى إطلاق سراح نون المحتجز منذ الجمعة، في وقت تحول تدخلات سياسية في القضية ودعاوى رفعها تباعا مدعى عليهم بينهم نواب حاليون ووزراء سابقون لكفّ يد المحقق العدلي القاضي طارق بيطار، دون إحراز تقدم في التحقيقات المعلقة منذ نهاية العام 2021.

وقالت زينة نون، والدة وليام بعدما أمضت ليلتها داخل مقر أمن الدولة خلال الاعتصام "ماذا فعل وليام؟ يطالب بأن يحاسب من قتل شقيقه؟ وليام ليس إرهابيا". وسألت "هل هكذا يتم التعامل مع الناس الذين مات أولادهم؟".

وخسرت عائلة نون ابنها جو أحد العناصر العشرة من فوج الإطفاء الذين هرعوا إلى المرفأ لإطفاء حريق سبق وقوع الانفجار المروّع الذي حصد في الرابع من آب/أغسطس 2020 أكثر من 215 قتيلا وتسبّب بإصابة أكثر من 6500 شخص بجروح، عدا عن دمار واسع في المرفأ وعدد من أحياء العاصمة.

وشارك وليام الذي يُعرف بلسانه السليط وانتقاداته الحادة لعرقلة التحقيق ويتصدّر كافة التحركات الاحتجاجية لأهالي الضحايا، في اعتصام الثلاثاء أمام قصر العدل، طالب بإعادة إطلاق التحقيقات في قضية انفجار المرفأ. وظهر على شاشات التلفزة وهو يرمي حجارة على نوافذ عدد من مكاتب قصر العدل.

وكان الخميس في عداد الأهالي الذين نظموا اعتصاما أمام قصر العدل، احتجاجا على محاولة تعيين قاض رديف مكان بيطار. وقال في تصريحات عدة خلال الاعتصام وعبر شاشات التلفزة إنهم قد يقدمون على "تكسير" أو "تفجير" قصر العدل في ما لو جرى ذلك.

وتبلّغ نون مع أكثر من عشرة أشخاص من عائلات الضحايا الخميس استدعاءهم إلى التحقيق صباح الإثنين لدى قوى الأمن الداخلي، قبل أن يتم الجمعة استدعاؤه من جهاز أمن الدولة ومن ثم توقيفه بناء على إشارة من القاضي زاهر حمادة.

وشارك في الاعتصام أمام مقر جهاز أمن الدولة في منطقة الرملة البيضا في بيروت العشرات من الناشطين وأهالي الضحايا. وانضم إليهم تباعا عدد من النواب والمحامين الذين استنكروا توقيف نون "الاعتباطي" على خلفية تصريحاته، فيما المدعى عليهم في الانفجار يرفضون حضور جلسات استجوابهم ويعطلون عمل المحقق العدلي.

كما حضر عدد من رجال الدين المسيحيين تضامنا مع أهالي الضحايا، تقدّمهم مطران بيروت للموارنة بولس عبد الساتر الذي دعا القضاء إلى القيام بدوره والإسراع في البتّ بالتحقيقات المعطلة.

وقال النقيب السابق لمحامي بيروت والنائب، ملحم خلف، بعدما أمضى ليلته داخل مقر أمن الدولة لوكالة "فرانس برس"، إن "ميزان العدالة معطل ويستقوي على الضعيف" مضيفا "ليتهم ينفّذون بالحماسة ذاتها كافة المذكرات الصادرة عن المحقق العدلي في جريمة المرفأ".

والتحقيق معلّق منذ أكثر من عام في الانفجار الذي نجم وفق السلطات، عن تخزين كميات ضخمة من نيترات الأمونيوم داخل المرفأ من دون إجراءات وقاية، إثر اندلاع حريق لم تُعرف أسبابه. وتبيّن لاحقا أن مسؤولين على مستويات عدة كانوا على دراية بمخاطر تخزين المادة ولم يحركوا ساكنا.

وبعد نحو خمسة أشهر من تسلّمه الملف إثر تنّحي قاض سابق بسبب ضغوط سياسية، أعلن القاضي بيطار عزمه استجواب مسؤولين سياسيين بينهم رئيس حكومة سابق ونواب مدعى عليهم طلب من البرلمان رفع الحصانة عنهم. كما طلب منحه الإذن لملاحقة مسؤولين أمنيين بينهم مدير جهاز أمن الدولة طوني صليبا وادعى على مسؤولين عسكريين سابقين.

لكنه اصطدم بتدخلات سياسية حالت دون إتمام عمله، مع اعتراض قوى رئيسية أبرزها حزب الله، اللاعب السياسي والعسكري الأبرز في لبنان، على عمله واتهامه بـ"تسييس" الملف، وصولا إلى المطالبة بتنحيه.

وغرّدت نائبة المدير الإقليمي لمنظمة العفو الدولية في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، آية مجذوب، السبت "يظهر اعتقال وليام نون بوضوح أن القضاء اللبناني يهتم بحماية من هم في السلطة والمسؤولين عن انفجار مرفأ بيروت أكثر من اهتمامه بحماية المصلحة العامة".

وتابعت "نظامنا القضائي ليس مستقلا. إنه أداة للطبقة السياسية".

ويؤجج تعليق التحقيق والتدخلات السياسية المتكررة في بلد تسود فيه ثقافة الإفلات من العقاب غضب أهالي الضحايا ومنظمات حقوقية تطالب الأمم المتحدة بإرسال بعثة تقصي حقائق مستقلة، أمام تعثّر التحقيق المحلي.

ويزور قاضي تحقيق فرنسي في 23 من الشهر الحالي بيروت للاستفسار عن معلومات طلبها القضاء الفرنسي حول انفجار مرفأ بيروت ولم يحصل على أجوبة بشأنها، وفق ما أفاد مسؤول قضائي وكالة "فرانس برس" الأربعاء.

وقالت ريتا حتّي التي خسرت ابنها وزوج ابنتها وقريبها، والثلاثة من عناصر فوج الإطفاء، لـ"فرانس برس" خلال الاعتصام "القضاء اليوم أمام الامتحان الأخير (..) فإما أن ينتفض ويقول كلمته بتجرّد من أي ضغط سياسي أو تكون نهايته".

التعليقات