تصعيد رغم الهدنة: قصف جوي بالخرطوم واحتدام القتال بدارفور

الاشتباكات تواصلت خلال الأيام الماضية على الرغم من هدنة بوساطة أميركية. وشهود عيان يفيدون باستمرار "اشتباكات بين الجيش وقوات الدعم السريع لليوم الثاني على التوالي بمختلف أنواع الأسلحة"

تصعيد رغم الهدنة: قصف جوي بالخرطوم واحتدام القتال بدارفور

فارون من القتال في السودان، أمس (Getty Images)

تشهد مناطق في العاصمة السودانية الخرطوم اليوم، الخميس، قصفا من طائرات مقاتلة ومحاولات للتصدي لها، على الرغم من التوصل إلى اتفاق لوقف القتال الذي اندلع بين طرفي النزاع منذ نحو أسبوعين، فيما يحتدم القتال في إقليم دارفور المضطرب بغرب السودان.

وفي وقت متأخر من الليلة الماضية، وافق الجيش السوداني مبدئيا على مبادرة للمنظمة الحكومية للتنمية في شرق أفريقيا (إيغاد) بتكليف رؤساء جنوب السودان وكينيا وجيبوتي بالعمل على حل الأزمة الحالية.

وبحسب بيان للجيش السوداني، شملت المبادرة "تمديد الهدنة الحالية إلى 72 ساعة إضافية" و"إيفاد ممثل عن القوات المسلحة وآخر عن الميليشيا المتمردة إلى جوبا بغرض التفاوض". ولم ترد بعد قوات الدعم السريع على مقترح تكتل شرق أفريقيا.

ومنذ 15 نيسان/ابريل، تدور المعارك بين الجيش، بقيادة عبد الفتاح البرهان، وبين قوات الدعم السريع، بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي)، في حرب على السلطة، بعدما كانا حليفَين منذ انقلاب 2021.

الخرطوم (أ.ب.)

وأفاد شهود عيان بأن الاشتباكات استمرت خلال الأيام الماضية على الرغم من هدنة بوساطة أميركية تم الاتفاق عليها أول من أمس. ولا تزال الطائرات الحربية تحلق في سماء العاصمة وينخرط المقاتلون من الجانبين في قتال عنيف بالبنادق الآلية والأسلحة الثقيلة.

وأسفرت المعارك حتى الآن عن مقتل 512 شخصًا على الأقل وجرح الآلاف، بحسب بيان لوزارة الصحة الاتحادية في السودان، ولكن قد يكون عدد الضحايا أكثر من ذلك نتيجة القتال المستمر.

وأوضحت نقابة الأطباء السودانية على صفحتها على موقع فيسبوك في بيان الخميس أن الخرطوم وحدها شهدت، أمس، سقوط ثمانية من هؤلاء القتلى على الأقل خلال اتفاق وقف إطلاق النار. كذلك أكدت نقابة الأطباء السودانية تعرض 14 مستشفى للقصف وتوقف 19 منشأة طبية عن العمل بسبب الاشتباكات.

وتصاعد العنف في أجزاء أخرى من السودان بما في ذلك إقليم دارفور المضطرب غرب البلاد. وأفاد شهود عيان في الجنينة، عاصمة ولاية غرب دارفور، بوقوع "اشتباكات بين الجيش وقوات الدعم السريع لليوم الثاني على التوالي بمختلف أنواع الأسلحة". وفرّ مواطنو الجنينة باتجاه الحدود السودانية - التشادية لتجنب العنف.

إجلاء رعايا أجانب من السودان، أمس (Getty Images)

وانتشرت أعمال نهب وحرق للمنازل في الجنينة، بحسب بيان للأمم المتحدة، التي قالت إن "نحو 50 ألف طفل يعانون من سوء التغذية الحاد بعد تعطل دعم الغذاء بسبب القتال".

ومع اشتداد حدة القتال في مدن سودانية عدة، يواجه عدد كبير من المحاصرين في البلاد نقصا حادا في الغذاء والماء والكهرباء، فضلا عن انقطاع خدمات الاتصالات بشكل متكرر.

وتقدر الأمم المتحدة عدد الفارين بسبب الحرب في السودان إلى دول الجوار، مثل جنوب السودان وتشاد، بنحو 270 ألف شخص. كما غامر عدد كبير من السودانيين بالخروج من العاصمة في رحلات شاقة وطويلة إلى مصر في الشمال وإثيوبيا في الشرق.

ونظمت الحكومات الأجنبية من جميع أنحاء العالم في الأيام الأخيرة قوافل برية وطائرات وسفن لإجلاء الآلاف من مواطنيها من البلد الذي مزقته المعارك.

"الصحة العالميّة" تدعو المتنازعين لإخلاء المرافق الطبيّة

ووجه المدير الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية في شرق المتوسط، أحمد المنظري، اليوم، نداءً عاجلا إلى أطراف النزاع في السودان بإخلاء المرافق الصحية "فورا".

وقال المنظري في بيان: "نرحب بأخبار وقف إطلاق النار في السودان، إثر تصاعد الهجوم على البنية التحتية الصحية، واحتلال أطراف النزاع المستشفيات في العاصمة الخرطوم والمركز الوطني لمختبرات الصحة العامة المركزية في السودان".

وأوضح أن "احتلال هذه المرافق الصحية الحيوية وانتهاكها يحول دون حصول المرضى على الرعاية الصحية الأساسية، وتسبب أيضاً بالتوقف عن اختبار عينات مختبرية بالغة الأهمية‎".

‏وحذر من أن "هذا المختبر يحتوي على مسببات أمراض، مثل الحصبة والكوليرا والسل المقاوم لأدوية متعددة، وفيروس شلل الأطفال المشتق من اللقاحات، ومواد خطرة أخرى".

وأضاف أن "منظمة الصحة العالمية قلقة إزاء احتمالية إساءة تعامل الأفراد غير المدربين مع هذه العينات المُعدية، ما يعني إصابة أنفسهم ثم انتقال الإصابة إلى غيرهم".

وفي معرض وصفه لأكبر المخاطر التي تهدد الصحة في السودان خلال العنف المستمر، قال المنظري إنها "تتلخص في تعطل العديد من المستشفيات والعيادات عن العمل، ومحدودية فرص الحصول على المياه النظيفة، ونقص الغذاء، والنزوح القسري للسكان".

وأضاف: "نوجه نداءً عاجلا إلى أطراف الصراع في السودان للانسحاب من جميع المرافق الصحية فورًا، وعدم إعاقة عمل مرافق الصحة العامة الحيوية في البلاد".

وتابع: "أدعو جميع الأطراف في السودان إلى حماية العاملين الصحيين والبنية التحتية الصحية، والالتزام بحماية خدمات الرعاية الصحية وعمل مرافق الصحة العامة في جميع حالات النزاع".

التعليقات