تقرير: ‬الإمارات تعتزم الحفاظ على علاقاتها مع إسرائيل... "أولوية إستراتيجية"

أربعة مصادر مطلعة تتحدث لوكالة "رويترز" تؤكد أنه لا يوجد احتمال لقطع العلاقات الدبلوماسية بين الإمارات وإسرائيل، وأن هذه العلاقات تشكل أولوية إستراتيجية في الأجل الطويل بالنسبة لأبو ظبي.

تقرير: ‬الإمارات تعتزم الحفاظ على علاقاتها مع إسرائيل...

(Getty Images)

تعتزم الإمارات الاحتفاظ بالعلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل على الرغم من الغضب العربي والعالمي إزاء تزايد عدد ضحايا الحرب على قطاع غزة، فيما تسعى إلى أن يكون لها بعض التأثير على الحرب الإسرائيلية في مقابل حماية مصالحها الخاصة، بحسب ما نقلت وكالة "رويترز" عن أربعة مصادر وصفتها بـ"المطلعة".

تغطية متواصلة على قناة موقع "عرب 48" في تلغرام

وصارت الإمارات أبرز دولة عربية تقيم علاقات دبلوماسية مع إسرائيل منذ 30 عاما بموجب اتفاقيات إبراهيم التي توسطت فيها الولايات المتحدة في عام 2020. ومهد ذلك الطريق أمام دول عربية أخرى لإقامة علاقات مع إسرائيل عن طريق تحطيم المحظورات المتعلقة بتطبيع العلاقات بدون إقامة دولة فلسطينية.

ومع تزايد عدد ضحايات الحرب الإسرائيلية المدمرة على قطاع غزة، يتصاعد الغضب في العواصم العربية الرافض للمواقف الضعيفة في مواجهة الجرائم الإسرائيلية، وفي هذه الأثناء، تعمل الإمارات على تخفيف المواقف العلنية للدول العربية الموجهة ضد إسرائيل "بحيث يكون من الممكن العودة إلى حوار واسع بمجرد انتهاء الحرب"، بحسب مصادر "رويترز".

وتحدث رئيس الإمارات، محمد بن زايد آل نهيان، الشهر الماضي، مع رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو. وأدان المسؤولون الإماراتيون علنا تصرفات إسرائيل ودعوا مرارا إلى إنهاء العنف. وردا على طلب للتعليق بشأن ما قالته المصادر قال مسؤول إماراتي إن الأولوية العاجلة لدى دولة الإمارات هي وقف إطلاق النار وفتح ممرات إنسانية.

والتقى رئيس الإمارات، بأمير قطر، تميم بن حمد آل ثاني، في أبوظبي، يوم الخميس الماضي، لمناقشة الدعوات إلى وقف فوري لإطلاق النار لأسباب إنسانية، وسط محادثات بوساطة قطرية للإفراج عن عدد محدود من الرهائن مقابل وقف مؤقت للقتال.

وقال رئيس الإمارات، عبر مواقع التواصل الاجتماعي، بعد المباحثات، إن "الإمارات حريصة على التشاور المستمر مع الأشقاء والأصدقاء للدفع في اتجاه وقف التصعيد وتوفير الحماية للمدنيين وفق قواعد القانون الدولي الإنساني، وضمان ممرات آمنة للمساعدات الإنسانية لقطاع غزة، وإيجاد أفق للسلام العادل والشامل في المنطقة".

ورغم العلاقات الاقتصادية والأمنية الوثيقة مع إسرائيل على مدى السنوات الماضية، لم تحقق أبوظبي نجاحا واضحا في كبح الهجوم على غزة، الذي أدى إلى استشهاد أكثر من 11 ألف شخص. علما بأن الإمارات تتمتع بنفوذ كبير في الشؤون الإقليمية بدعم من ثروتها النفطية الكبيرة. كما أنها شريك أمني للولايات المتحدة وتستضيف قوات أميركية.

وقالت المصادر الأربعة إنه وسط تأزم الموقف، تزايد إحباط الإمارات من واشنطن شريكتها الأمنية ​​الأكثر أهمية التي تعتقد أنها لا تمارس ضغوطا كافية لإنهاء الحرب، فيما تعتبر الإمارات أن "الحرب تهدد بإشعال التوترات الإقليمية وموجة جديدة من التطرف في الشرق الأوسط".

وقال المستشار الدبلوماسي لرئيس الإمارات، أنور قرقاش، الأسبوع الماضي، إنه يتعين على الولايات المتحدة الضغط من أجل إنهاء الحرب سريعا، وبدء عملية لحل القضية الفلسطينية المستمرة من خلال معالجة مسائل اللاجئين والحدود والقدس الشرقية.

وفي كلمة في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، حيث تشغل الإمارات مقعدا مؤقتا كعضو غير دائم، قالت السفيرة لانا نسيبة إن أبوظبي سعت من خلال "اتفاقيات أبراهام" مع إسرائيل والولايات المتحدة إلى تحقيق الرخاء والأمن في "شرق أوسط جديد". وأشارت إلى إن الأضرار التي لحقت بسكان غزة، تهدد بالقضاء على هذا الأمل.

وفي هذا السياق، أكد مسؤول أوروبي رفيع المستوى، في حديث لوكالة "رويترز"، إن "الدول العربية أدركت الآن أنه ليس من الممكن بناء علاقات مع إسرائيل دون معالجة القضية الفلسطينية".

لا قطع للعلاقات

قالت المصادر الأربعة التي تحدثت لـ"رويترز"، إن الإمارات تواصل استضافة سفير إسرائيلي، ولا يوجد احتمال لقطع العلاقات الدبلوماسية، التي تشكل أولوية إستراتيجية في الأجل الطويل بالنسبة لأبو ظبي.

وكان من بين الدوافع وراء الاتفاق إعادة ترتيب أوسع لسياسة أبو ظبي الخارجية على أساس اقتصادي. وتعتبر الإمارات إيران تهديدا للأمن الإقليمي، على الرغم من أنها اتخذت في السنوات القليلة الماضية خطوات دبلوماسية لتهدئة التوترات.

وبنت إسرائيل والإمارات علاقات اقتصادية وأمنية وثيقة في السنوات التي تلت التطبيع، بما في ذلك التعاون الدفاعي. وزودت إسرائيل الإمارات بأنظمة دفاع جوي بعد هجمات بصواريخ وطائرات مسيرة على أبو ظبي في أوائل عام 2022 شنتها حركة الحوثي اليمنية.

وأفادت بيانات للحكومة الإسرائيلية أن حجم التجارة مع الإمارات تجاوز ستة مليارات دولار منذ عام 2020. ويملأ السائحون الإسرائيليون الفنادق والشواطئ ومراكز التسوق في الإمارات، وهي عضو بارز في منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) ومركز أعمال إقليمي.

وقال أحد المصادر، وهو دبلوماسي رفيع مقيم في الشرق الأوسط "حققوا (الإمارات) مكاسب لا يريدون خسارتها".

ومع ذلك، حتى قبل هجوم 7 تشرين الأول/ أكتوبر، كانت أبو ظبي تشعر بالقلق إزاء فشل الحكومة اليمينية في إسرائيل في الحد من توسع المستوطنات في الضفة الغربية المحتلة والاقتحامات المتكررة لحرم المسجد الأقصى.

ولم يستبعد أي من المصادر الأربعة أن تخفض الإمارات العلاقات مع إسرائيل أو تقطعها إذا تصاعدت الأزمة. وقالت المصادر إن تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة أو الضفة الغربية إلى مصر أو الأردن يمثل خطا أحمر بالنسبة لأبو ظبي.

وقال الزميل في جامعة سنغافورة الوطنية، جيمس دورسي، إن الحرب في غزة قوضت مصداقية فكرة أن التعاون الاقتصادي وحده يمكن أن يبني منطقة مستقرة. وأضاف "الشرق الأوسط الجديد يُبنى على أرض هشة جدا".

وفي حين انتقدت أبوظبي سلوك إسرائيل في الحرب، فقد أدانت أيضا حركة حماس. وترى الإمارات أن حركة المقاومة الفلسطينية والجماعات الإسلامية الأخرى تشكل تهديدا لاستقرار الشرق الأوسط ومناطق أخرى.

وقال أحد المصادر "حماس ليست منظمتهم المفضلة... بالنسبة لهم: إنها الإخوان المسلمون في نهاية المطاف".

التعليقات