تصاعد المظاهرات قرب السفارة الإسرائيلية في عمان.. "اتهام وضغط على الحكومة"

شهدت المظاهرات اليومية هتافات، أبرزها إغلاق سفارة إسرائيل، وإلغاء اتفاقية السلام، ولم تخل من تدافع بين محتجين ورجال الأمن، خاصة أثناء محاولتهم تغيير مكان الاحتجاج والتقدم نحو مقر السفارة الإسرائيلية.

تصاعد المظاهرات قرب السفارة الإسرائيلية في عمان..

(Gettyimages)

يواصل الأردنيون التعبير عن تضامنهم مع الفلسطينيين في قطاع غزة، ورفضهم للحرب الإسرائيلية المستمرة منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023.

تغطية متواصلة على قناة موقع "عرب 48" في "تليغرام"

هذا التضامن يتجسد في فعاليات شعبية شبه يومية، لكنها تصاعدت منذ بدء النصف الثاني من شهر رمضان، مدفوعة بلا مبالاة إسرائيل بالتحذيرات الدولية من التداعيات الكارثية للحرب على نحو 2.3 مليون فلسطيني.

موقف أكثر جدية

اختار المحتجون الأردنيون بجوار السفارة الإسرائيلية في عمّان مكانا ثابتا لمظاهرة يومية سمحت بها السلطات، شريطة عدم تجاوز القانون في المملكة التي ترتبط مع إسرائيل باتفاقية سلام منذ عام 1994.

وجرى رصد مطالب المحتجين وأبرزها: موقف رسمي "أكثر جدية" من الأردن تجاه ما يجري في غزة، باعتبار المملكة عمقا جغرافيا وديموغرافيا لفلسطين.

"لا سفارة (إسرائيلية) على الأرض الأردنية".. هتاف صار يردده آلاف الأردنيين يوميا في الاحتجاجات، وهو مطلب لم يسبق أن نُفذ؛ فمعظم التصعيدات بين عمّان وتل أبيب دارت في فلك استدعاء السفير وإجراءات احتجاجية أخرى.

وسبق أن استجابت الحكومة الأردنية لمطالب الشارع، وقررت في الأول من تشرين الثاني/ نوفمبر 2023 سحب سفيرها من تل أبيب، ورفضت عودة سفير إسرائيل إلى عمّان.

ومنذ بدء النصف الثاني من رمضان، التزم آلاف الأردنيين بالمشاركة في مظاهرة يومية أمام مسجد الكالوتي بمنطقة الرابية في العاصمة، على بعد مئات الأمتار من مقر سفارة تل أبيب.

وشهدت المظاهرات اليومية هتافات، أبرزها إغلاق سفارة إسرائيل، وإلغاء اتفاقية السلام، ولم تخل من تدافع بين محتجين ورجال الأمن، خاصة أثناء محاولتهم تغيير مكان الاحتجاج والتقدم نحو مقر السفارة الإسرائيلية.

وأعلنت مديرية الأمن العام التابعة لوزارة الداخلية، الأحد، أن فعالية مساء السبت شهدت تصادمات مع رجال الأمن وإغلاق لطرق.

وأضافت أنها ستواصل عملها في "الحفاظ على الأمن والسلم المجتمعي وتمكين المواطنين من التعبير عن آرائهم وفقا للقوانين".

وشددت في الوقت نفسه على "تطبيق القانون على كل من يحاول التجاوز أو التحريض بالفعل أو القول على رجال الأمن أو إثارة الفتنة على وسائل التواصل".

ضغط على النظام السياسي

وقال رئيس قسم الإعلام والدراسات الاستراتيجية في جامعة الحسين بن طلال، عيسى الشلبي، إن "ما يحدث قرب السفارة الإسرائيلية ما هو إلا ضغط على النظام السياسي الأردني لإلغاء اتفاقية وادي عربة (مع إسرائيل) وقطع كافة العلاقات مع دولة الاحتلال".

وأضاف أن "المتظاهرين يرون أن ما يقوم به الأردن غير كافٍ لوقف العدوان على غزة، والذي زاد على ستة أشهر دون تحرك عربي أو دولي أو عالمي لوقف العدوان الغاشم".

وأردف "60% من سكان الأردن من أصول فلسطينية، ولا يفصل المملكة عن الضفة الغربية سوى نهر الأردن، وهذا زاد من تحمل عمّان للوضع القائم حاليا بشكل كبير. والأردن يسعى للحل السياسي وإيقاف الحرب".

وقال الشلبي، إن "هناك أيادٍ خارجية (لم يسمها) تحاول الزج بالشارع الأردني إلى الانحراف عن الوقفات الاحتجاجية السلمية إلى مظاهرات تدعو إلى الفوضى والاعتداء على الأمن الأردني، الذي يحاول مساعدة المحتجين".

وتابع "لا بد أن يكون هناك ضبط للنفس ومحاولة ضبط الشارع في مسيرات سلمية ووقفات تضامنية تعّبر عن روح المسؤولية، بعيدا عن الفوضى والعبارات غير المسؤولة".

وزاد بأن "الأردن هو الأطول حدودا مع إسرائيل، وهذا من أهم محددات السياسة الخارجية للتعامل معها، إضافة إلى أن اتفاقية 1994 كانت ضرورة حتمية تقتضيها مصلحة الدولة الأردنية".

خروج عن المألوف

بدوره، اعتبر أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الألمانية الأردنية، بدر الماضي، أن "المظاهرات بدأت تخرج عن المألوف في الحياة السياسية الأردنية والأطر المتفق عليها ضمنا بين القوى المحسوبة على المعارضة وأجهزة الدولة".

وأضاف الماضي "الأردن الرسمي لم يتوان عن أخذ زمام المبادرة في نصرة أهل غزة، وعلى المستوى الشعبي لم يمر يوم أو جمعة حتى وقف الشعب الأردني بكافة مكوناته منددا بالجرائم المرتكبة ضد أبناء القطاع".

واستدرك "استمر ذلك حتى منتصف رمضان، حيث بدأ التحول في الخطاب الشعبي من مهاجمة الكيان الإسرائيلي إلى مهاجمة السياسات الحكومية الأردنية".

واستطرد "وبدأت الأمور تسير باتجاه أن مسؤولية نصرة الشعب الفلسطيني هي مسؤولية أردنية فقط وليست عربية أو إسلامية أو إنسانية دولية".

و"تمت الدعوة إلى مظاهرات لاحتلال سفارة الكيان، والتي لا يوجد بها أحد منذ بداية الحرب، والأردن ملزم بمحددات دولية وسياسية جاءت ضمن إطار عربي، وتحديدا فلسطيني عندما تم الذهاب إلى إقامة سلام مع دولة الاحتلال"، وفق الماضي.

وعن القوى المشاركة في المظاهرات، قال إن "الكل يعلم أن هناك تيارا سياسيا (لم يسمه) يتصدر المشهد في الساحة الأردنية في الوقت الحالي".

وأردف "ولكن يجب علينا أن لا ننسى أن هناك تيارات يسارية وقومية مشاركة بقوة، بالإضافة إلى التيار العريض غير المسيس من النخب العمّانية التي لم تعتد التنظيم السياسي، لكنها خرجت هذه المرة نصرة لغزة".

واستدرك "لكن تحولت هذه النصرة إلى اتهام مباشر للحكومة من هذه التيارات السياسية والشعبية".

ومنذ بدء الحرب على غزة، فإن الداعي الرئيس لعدد كبير من الاحتجاجات في الأردن هو "الملتقى الوطني لدعم المقاومة" (نقابي حزبي)، والذي تعد الحركة الإسلامية جزءا منه.

وبخصوص السيناريوهات القادمة، رأى الماضي أن "الحكومة الأردنية يمكنها أن تتجه إلى منع المظاهرات والتجمعات البشرية، إذا ما بقي هذا النفس الاتهامي للدولة في الشارع".

ودعا قيادات المقاومة الفلسطينية إلى "أن تتوقف عن تجاوز النظام الرسمي الأردني، عبر توجيه الخطاب إلى القواعد الشعبية".

ومضى قائلا إنه "بات من المستهجن أن تتم مخاطبة بعض الشعوب دون الأخرى، وكأن الأمر يشي بمحاولة جعل الأردن ساحة للصراع بعد الذي جرى في غزة".

وقبل أيام، دعت الحكومة الأردنية حركة "حماس" إلى التوقف عما وصفته بـ"التحريض على الدولة".

وجاءت دعوة الحكومة بعد دعوات وجهها كل من القائد العام لكتائب القسام، محمد الضيف، ورئيس حركة "حماس" بالخارج، خالد مشعل، إلى الشعب الأردني باستمرار التظاهر من أجل غزة.

التعليقات