اليمن: اتهامات لصالح بتسليم أبين لمسلحين ينتسبون للقاعدة، ودعوات من قادة عسكريين للجيش بالانقلاب

مسؤولو السلطة في محافظة أبين غادرت المدينة قبل انفجار الموقف * قوات من الجيش تدعو بقية الوحدات للثورة على صالح، وتتهمه بتسليم زنجبار للمسلحين * المعارضة: صالح صنع وأعد وسلح الجماعات المسلحة وسلم لها أبين * زنجبار شهدت حركة نزوح جماعي * أنصار الصادق الأحمر يسلمون المباني الحكومية التي سيطروا عليها إلى لجنة وساطة *

اليمن: اتهامات لصالح بتسليم أبين لمسلحين ينتسبون للقاعدة، ودعوات من قادة عسكريين للجيش بالانقلاب

سقطت مدينة زنجبار، عاصمة محافظة أبين (جنوب)، في قبضة مسلحين وصفوا بأنهم من تنظيم القاعدة، فيما أسفرت المواجهات الدامية في المدينة عن مقتل 23 شخصا حتى الآن، وسط اتهامات للرئيس علي عبدالله صالح بـ"تسليم" المنطقة للمسلحين.

وقتل خمسة مدنيين، بينهم طفل، الأحد، خلال المعارك بين مسلحي التنظيم المفترضين وقوات يمنية من اللواء 25 ميكانيكي، فيما تبدو حصيلة الضحايا مرشحة للارتفاع، وسط حركة نزوح كثيفة إلى مناطق أخرى في الجنوب.

وقالت مصادر طبية في وقت سابق، إن ثلاثة من المسلحين، وثلاثة مدنيين قتلوا في اشتباك مع السكان المحليين الذين انضم إليهم عدد قليل من القوات الحكومية، في محاولة لاستعادة السيطرة على المدينة من أيدي القاعدة.

مسؤولو السلطة في محافظة أبين غادرت المدينة قبل انفجار الموقف

وقال مسؤول أمني في محافظة أبين، غادر إلى مدينة عدن الجنوبية، إن عناصر القاعدة "تمكنوا من السيطرة على مدينة زنجبار، عاصمة المحافظة، واستولوا على جميع المرافق الحكومية، ما عدا اللواء 25 ميكانيكي المحاصر" من مسلحي التنظيم المتطرف.. وقدر المسؤول الأمني عدد عناصر القاعدة الذين اقتحموا المدينة، بأكثر من مئتي مسلح.

وقال: "آسف لعدم اهتمام السلطة بهذا الأمر".. وأوضح أن "قيادة السلطة في محافظة أبين غادرت المكان قبل انفجار الموقف"، مشيرا إلى أنه كان بين آخر الضباط الأمنيين الذين غادروا زنجبار باتجاة عدن.

وعثر مواطنون في زنجبار على جثث عشرة جنود قتلوا في المواجهات التي شهدتها المدينة، الجمعة والسبت، بين مسلحي القاعدة والقوات الحكومية، ليرتفع عدد قتلى المواجهات إلى 17 جنديا ومدنيا واحدا على الأقل.

ووصف السكان الاشتباكات التي دارت بين الجانبين بـ"العنيفة" و"البشعة"، وذكر أحد السكان أن "المسلحين كانوا يقومون بقتل الجنود رغم استسلامهم (...)، ومنعونا من دفن جثامين الجنود، وظلت جثثهم عرضة للشمس والرياح مرمية في الشوارع"، كما ذكر شاهد آخر أن المسلحين أحرقوا آليات عسكرية عدة.

وقال نظير أحمد سعيد، وهو أحد سكان زنجبار: "نزحت إلى عدن بسبب عدم وجود أمان في مدينتنا التي سقطت بيد مسلحين يقولون إنهم من القاعدة"، مشيرا إلى أن عائلته كانت تعيش في "خوف وقلق منذ أشهر نتيجة تدهور الأوضاع في أبين".

وأضاف: "صباح السبت، دعا المسلحون عبر مكبرات الصوت المواطنين إلى ممارسة حياتهم الطبيعية، والخروج لفتح المحلات، لكن الاستجابة كانت ضئيلة نتيجة الخوف والرعب في أوساط السكان".

قوات من الجيش تدعو بقية الوحدات للثورة على صالح، وتتهمه بتسليم زنجبار للمسلحين

من جهة أخرى، دعت وحدات متمردة من الجيش اليمني، اليوم الأحد أيضا، بقية وحدات الجيش، إلى الانضمام إليها، وتأييد المتظاهرين المطالبين بإنهاء حكم علي عبد الله صالح.

وقالت وحدات الجيش المنضمة للثورة في بيان، قرأه اللواء عبد الله علي عليوة، وزير الدفاع السابق: "ندعوكم للانضمام إلى إخوانكم في القوات المسلحة، الذين ساندوا الثورة الشبابية، كما ندعوكم لعدم الرضوخ للأوامر التي تصدر لكم للدخول في مواجهات مع بعضكم، أو مع الشعب، وندعو بقية قادة الوحدات العسكرية لتأييد الثورة."

واتهمت قوات الجيش في البيان الذي أطلقت عليه "البيان رقم واحد"، صالح، بتسليم زنجبار للمسلحين المتطرفين.

وذكر البيان الذي تلاه وزير الدفاع السابق، عبدالله علي عليوة، إن صالح أصدر "توجيهاته في الأمس للأجهزة الأمنية والعسكرية في أبين، بتسليم مؤسسات الدولة للارهابيين والمجاميع المسلحة".

من جانبه، اتهم وزير الداخلية اليمني السابق، حسين محمد عرب، نظام الرئيس علي عبد الله صالح، بـ"دعم تنظيم القاعدة"، عبر "تسليمه" عددا من المدن بمحافظة أبين، مما أدى إلى سيطرة التنظيم على زمام الأمور في زنجبار.

وقال عرب إن القاعدة "لم تشن أي هجوم على زنجبار، وكل ما حدث كان عملية تسليم قامت بها القيادات الأمنية في زنجبار إلى الجماعات المسلحة، وترك العشرات من الجنود المساكين يواجهون مصيرهم".

وأضاف أن "نظام الرئيس صالح يريد إغراق المحافظات الجنوبية في فوضى عارمة، عبر السماح للجماعات المسلحة التي تدعي انتماءها للقاعدة"، ودعا أبناء المحافظات الجنوبية إلى "مواجهة الجماعات المسلحة التب تدعي بأنها قاعدة وهي تتبع صالح".

المعارضة: صالح صنع وأعد وسلح الجماعات المسلحة وسلم لها أبين

بدورها استنكرت أحزاب اللقاء المشترك (معارضة)، "قيام نظام الرئيس علي عبد الله صالح بتسليم محافظة أبين وعاصمتها زنجبار لبعض الجماعات المسلحة".

وقالت في بيان مساء السبت، إن "نظام صالح تعمد تسليم أبين للجماعات المسلحة التي صنعها وأعدها وسلحها، ليتخذ منها فزاعة، يخيف بها مختلف الأطراف المحلية والاقليمية والدولية".

وحض اللقاء المشترك "كافة قوى التغيير والثورة السلمية في أبين، وفي سائر المحافظات، على سرعة اتخاذ التدابير السياسية والاجتماعية، لقطع الطريق على مثل هذه المخططات الاجرامية، التي ينفذها صالح، بعد أن سدت أمامه جميع الطرق، ولم يتبق أمامه سوى الرحيل الفوري".

وذكر شهود عيان أن المسلحين قاموا بإطلاق سراح عشرات السجناء الذين يقبعون في السجن المركزي بزنجبار.. وأكد أحد رجال الأمن أن عدد السجناء يصل إلى أكثر من 53 شخصا، وبعضهم متهم بجرائم قتل، إضافة إلى قضايا جنائية مختلفة.

زنجبار شهدت حركة نزوح جماعي

إلى ذلك، شهدت زنجبار حركة نزوح جماعي تصاعدت الأحد، نتيجة اشتداد المعارك بين عناصر الجيش المحاصرين ومن يوصفون بأنهم مسلحو القاعدة بحسب ما أفاد شهود عيان.

وقال شهود إن معظم سكان المدينة نزحوا في اتجاه مدن جعار، وأحور، وعدن، وشوهد بعضهم وهم يحملون حاجاتهم المنزلية.

وأوضح النازح عبد الله ناصر الشدادي، الذي وصل إلى بلدة الشيخ عثمان بعدن، قال: "أنا وأسرتي 12 شخصا قد غادرنا المنزل بسبب معارك الجيش مع المسلحين، وسيطرت جماعات لا نعرفها على المدينة".

وأضاف أن "الخوف أجبرنا على النزوح، والوضع في زنجبار مأساوي، فأنا لدي أهل في عدن أستطيع العيش معهم، لكن هناك أشخاص لا يملكون شيئا".

وقال أحد ضباط اللواء 25 ميكانيكي، إن هناك وساطة قبلية لتسليم المعسكر إلى القاعدة "لكننا رفضنا ولن يحدث ذلك"، وأضاف: "سنقاتل حتى آخر رصاصة، ولن نسلم لمسلحين عملوا على قتل زملائنا"، معربا عن أسفه لوجود "أشخاص من السلطة ضمن الوساطة".

أنصار الصادق الأحمر يسلمون المباني الحكومية التي سيطروا عليها إلى لجنة وساطة

وفي مدينة تعز الجنوبية، قال ناشط إن قوات الأمن فتحت النار لتفريق محتجين يتظاهرون ضد صالح، مما تسبب في مقتل اثنين من المحتجين، وإصابة 35 آخرين.

وفي صنعاء بدأ وقف إطلاق النار الهش صامدا، بعد ما يقرب من أسبوع من القتال بين قوات الأمن التابعة لصالح، ومجموعة حاشد القبلية التي تتبع للشيخ صادق الأحمر، والذي خلف 115 قتيلا على الأقل، وأجبر الآلاف على الفرار من العاصمة.. كما عاد المارة والسيارات إلى شوارع صنعاء.

وقد بدأ أنصار الأحمر الأحد، إخلاء وتسليم مبان حكومية سيطروا عليها خلال الأيام الماضية إلى لجنة وساطة، بموجب اتفاق مع الرئيس علي عبدالله صالح.

وقال الشيخ عبد الله بدر الدين: "بدأ إخلاء المباني الحكومية التي يسيطر عليها المناصرون للشيخ صادق، وبدأ تسليمها إلى لجنة الوساطة"، وذكر بدر الدين أنه "تم تسليم مبنى وزارة الإدارة المحلية، وستستمر عملية إخلاء باقي المباني وتسليمها، بما في ذلك بعض مراكز الشرطة".

وأشار إلى وجود "التزام بعدم إعادة استخدام هذه المباني كثكنات عسكرية"، وهو أمر اشترطه آل الأحمر، وكان يؤخر إبرام اتفاق الهدنة بين الطرفين.

وفتحت متاجر الالكترونيات، والعطور، وغيرها من المصالح، أبوابها، لكن الزبائن عددهم محدود، نظرا لأن السكان يحاولون عدم إنفاق المال تحسبا لاندلاع القتال مرة أخرى، وهم يحتاجون إلى شراء الأساسيات سريعا.

وتمتد الهدنة أيضا لمناطق خارج صنعاء، حيث اشتبك أفراد قبائل مع الحرس الجمهوري، وهاجمت القوات الجوية أفراد القبائل المسلحين، مستخدمة القنابل.

وقالت مصادر قبلية، إن بعض أعضاء الحرس في محافظة ذمار جنوبا، انضموا للثورة في مطلع الأسبوع.

وعلى الرغم من الهدنة، فإن المحللين يساورهم القلق من احتمال اندلاع القتال مرة أخرى، نظرا للعداء بين الأطراف المختلفة، والغضب الشعبي المتزايد من صالح، لتمسكه بالسلطة بعد 33 عاما قضاها في الرئاسة، في أزمة جعلت البلاد على وشك الانهيار المالي.

وقالت يسرا العبسي، التي تشارك في اعتصام: "ما زلنا موجودين هنا لإسقاط النظام.. حتى إذا استغرق ذلك أسبوعا آخر.. أو شهرا آخر، أو عاما آخر."

وقال وزير التجارة اليمني يوم السبت، إن هذه الأزمة السياسية كبدت اقتصاد البلاد ما يصل إلى خمسة مليارات دولار، وهناك حاجة فورية لتقديم المساعدة لمنع الانهيار في اليمن.

ولقي نحو 300 شخص حتفهم على مدى الشهور الماضية، أثناء محاولة الرئيس اليمني وقف الثورة المطالبة بالديمقراطية بالقوة.

التعليقات