اليمن... ماذا بعد انهيار الهدنة؟

يرى الحوثيون أنهم الطرف الأقوى بعد سبع سنوات من الصراع، وأن الحرب لا يجب أن تنتهي عند هذه النقطة، وأنهم يستطيعون الحصول على مكاسب إضافية خصوصًا مع الرغبة الكبيرة في تجديد التسوية (الهدنة) لدى الطرف المناوئ.

اليمن... ماذا بعد انهيار الهدنة؟

عنصر من جماعة الحوثي في ساحة السبعين العاصمة اليمنية، صنعاء (Getty Images)

انتهت هدنة استمرت ستة أشهر في اليمن مساء أمس، الأحد، دون تجديدها، ما يثير مخاوف من عودة التصعيد العسكري في البلد الذي تمزقه حرب طاحنة منذ 2014 بين الحوثيين المدعومين من إيران، وقوات الحكومة يساندها تحالف عسكري بقيادة السعودية. وتسبّبت الحرب بمقتل مئات آلاف الأشخاص بشكل مباشر أو بسبب تداعياتها، وفق الأمم المتحدة.

ومنذ الثاني من نيسان/ أبريل الماضي، سمحت الهدنة بوقف القتال واتّخاذ بعض التدابير التي ساهمت في تخفيف صعوبات الظروف المعيشية للسكان، في مواجهة واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم.

لِمَ فشلت الهدنة؟ وما هي السناريوهات المقبلة المحتملة؟

ورفض الحوثيون خطة المبعوث الأممي، هانس غروندبرغ، لتمديد الهدنة التي انطلقت على أساس أن تستمر شهرين ثم تمّ تجديدها على مرحلتين، إلى فترة ستة أشهر وتوسيعها لتشمل نقاط اتفاق جديدة.

لكن الحوثيون طالبوا بدفع رواتب الموظفين المدنيين والعسكريين المتقاعدين في المناطق الخاضعة لسيطرتهم "دون تمييز"، ما يعني أن تقوم الحكومة اليمنية بدفع رواتب موظفي حكومة الحوثيين غير المعترف بها دوليا وعسكرييها.

(Getty Images)

كما جددوا المطالبة بالسماح بدخول المشتقتات النفطية والسفن التجارية للسلع والبضائع والمستلزمات الطبية والدوائية، إلى مناطقهم، واعتبر بعض مراقبين أن مطالب الحوثيين تكاد تكون تعجيزية.

وترى الخبيرة في شؤون الشرق الأوسط، إليزابيث كيندال، أن مطالب الحوثيين "غير واقعية في هذه المرحلة المبكرة"، معتبرة أنهم يطالبون بما يعدّ "تنازلات سيكون من الصعب للغاية تقديمها في غياب أي محادثات سلام منظمة".

الحوثيون يسعون لمزيد من المكاسب

وبحسب كيندال، فإنّ "الانطباع الموجود هو أن الحوثيين غير مهتمين حقا بمواصلة الهدنة". فيما يرى الباحث في مركز "مالكوم كير - كارنيغي" ومقره بيروت، أحمد ناجي، أنّ الهدنة "فشلت بسبب خلل التوازن في طرفي معادلة الحرب".

ويوضح أن "جماعة أنصار الله (الحوثيون) تعتقد أنها الطرف الأقوى بعد سبع سنوات من الصراع، وأن الحرب لا يجب أن تنتهي عند هذه النقطة، وأنهم يستطيعون الحصول على مكاسب إضافية خصوصًا مع الرغبة الكبيرة في تجديد التسوية (الهدنة) لدى الطرف المناوئ".

قوات موالية للحكومة في محافظة الحديدة (Getty Images)

ويتوقع محللون أن تؤشر نهاية الهدنة على عودة التصعيد العسكري الذي توقف إلى حد كبير في الأشهر الستة الماضية، خصوصا قرب مدينة مأرب، آخر معقل للحكومة في الشمال ومفتاح موارد اليمن النفطية، وكذلك تعز التي يحاصرها الحوثيون في جنوب شرق البلاد.

لكنهم لا يستبعدون إمكانية استمرار جهود الأمم المتحدة لإقناع الحوثيين بالقبول بالهدنة. ويقول مدير مركز صنعاء للدراسات الإستراتيجية، ماجد المذحجي، إن "هناك توترا عسكريا على امتداد الجبهات ومناوشات عسكرية محدودة حتى الآن".

وأضاف أنه "أظن أننا سنشهد تطورا في الاتجاه العسكري والاشتباكات في الأيام القادمة خصوصا في جبهات التماس الأساسية في مأرب وتعز". وأوضح المذحجي أن هذا قد "يندرج في إطار تصعيد عسكري لمحاولة الوصول إلى المزيد من التنازلات" لصالح الحوثيين.

قوات من جماعة الحوثي في استعراض عسكري في صنعاء، أيلول الماضي (Getty Images)

ويتوقّع ناجي "استمرار الاتصالات المكثفة لإقناع الحوثيين بتجديد الهدنة"، ولكنّه أشار إلى أنّه "في حالة الوصول إلى طريق مسدود، فإنّ الحرب ستشهد جولة جديدة من المواجهات العسكرية أكثر ضراوة من ذي قبل".

الشعب اليمني الخاسر الأكبر.. وجميع الأطراف متضررة

وسيكون الشعب اليمني الخاسر الأكبر من عدم تمديد الهدنة، بحسب المحللين. إذ يتهدّد خطر المجاعة الملايين من سكان اليمن، فيما يحتاج آلاف، بينهم الكثير من سكان المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، إلى علاج طبي عاجل غير متوافر في البلد الذي دُمّرت بنيته التحتية.

ويعتمد نحو 80% من سكان اليمن البالغ عددهم 30 مليون نسمة، على المساعدات الإنسانية للاستمرار؛ ويقول ناجي: "الشعب اليمني سيخسر الأمل الذي رافق فترة الهدنة بأن الحرب قد تنتهي باتفاق سياسي. أيضًا ستنعكس تبعات عودة المواجهات العسكرية على المدنيين في اليمن بشكل كبير".

مساعدات إنسانية في صنعاء (Getty Images)

وأفادت مصادر عسكرية حكومية، أمس الأحد، بوقوع هجمات شنها الحوثيون جنوب مدينة مأرب. كذلك أشارت المصادر إلى قصف الحوثيين لتعز. ويرى ناجي أنّ "الخسارة" من عدم تمديد الهدنة "ستطال" كذلك "الدول الإقليمية، السعودية والإمارات، عبر الهجمات العابرة للحدود".

ومع انتهاء الهدنة، حذّر المتحدث باسم الجناح العسكري الجماعة "أنصار الله"، يحيى سريع، في بيان، بالفعل، من احتمال توجيه ضربات جديدة للبلدين. ويقول المذحجي إنّ الحوثيين، برفضهم الهدنة، "حرموا الشعب اليمني من أكبر فرصة وأطول هدنة في تاريخ هذه الحرب".

التعليقات