"إجتماع لندن" في الصحافة البريطانية

-

عشية الاجتماع الذي يجري في لندن لدعم الإصلاحات الفلسطينية، ركزت الصحف البريطانية على الجهود التي لم تتوقف في الشرق الأوسط نحو السلام رغم التفجير الأخير في تل أبيب، وأجرت صحيفة "الإندبندنت" البريطانية حوارًا خاصًا مع الرئيس الفلسطيني، محمود عباس.

وأفردت صحيفة "التايمز" البريطانية تغطية خاصة للاجتماع، وأبرزت أهم النقاط التي يتوقع أن يركز عليها. وعرضت الصحيفة خريطة للشرق الأوسط في البؤرة، وإلى جانبها أعلام الدول المعنية، والمطالب المتوقع أن تمس كل جانب.

وتوقعت الصحيفة أن يركز المؤتمر على تقديم مساعدات دولية لدعم السلطة الفلسطينية للأمن، وحثّ دول الخليج على تمويل الإصلاحات الفلسطينية، فيما أشارت إلى المطالب بانسحاب القوات السورية من لبنان، وبحث التعديلات الدستورية المتوقعة في مصر.

ويقول ريتشارد بيستون، كاتب "التايمز" في تحليل عشية الاجتماع المنتظر عقده في العاصمة البريطانية، إنّ بريطانيا ستسعى هذا الأسبوع لإعادة ضخ دم جديد في جهود السلام في الشرق الأوسط، رغم الآثار الضارة للعملية التفجيرية الذي وقعت ليلة الجمعة الماضية في تل أبيب، والتي نفذها فلسطيني، وهي أول هجوم من نوعه منذ أربعة أشهر.

ويتابع كاتب التحليل القول إنه على الورق فإن الهدف من اجتماع لندن هو أن يكون جلسة قصيرة مركزة تعمد "لمساعدة السلطة الفلسطينية على تخليص نفسها من إرث حكم ياسر عرفات"!

وتضيف الصحيفة أنّ هذا يعني إعادة هيكلة قوات الأمن الفلسطينية التي تتسم بالفوضى، والتي تتألف في الوقت الراهن من عدة أجهزة تتنافس فيما بينها، وكذلك إدخال إصلاحات لتنظيف الإدارة والمؤسسات المالية الفلسطينية التي تصفها الصحيفة بأنها فاسدة وتفتقر إلى الكفاءة بشكل هائل.

وتقول الصحيفة إنه ينظر إلى هذه الإصلاحات على أنها لازمة بالنسبة للسلطة الفلسطينية قبل الانسحاب الذي تخطط إسرائيل القيام به من قطاع غزة في تموز، حيث ستدخل المنطقة تحت مظلة الإدارة الفلسطينية.

ويوضح بيستون أنّ اجتماع لندن، الذي قُصد ألا يسمى مؤتمرًا لعدم توقع أن يسفر عن مفاوضات أوسع للشرق الأوسط، سيتيح الفرصة لعدد من المشاركين الرئيسيين في أن يسعوا لتحقيق أهداف خاصة بهم.

فبالنسبة لرئيس الوزراء البريطاني، توني بلير، فإنّ استضافة هذا الاجتماع ستثبت لبعض منتقديه، والكثيرون منهم داخل حزبه، جدّيته في مساعدة الفلسطينيين على بناء دولتهم، وإمكان أن يحشد الدعم من أمريكا إلى أوروبا وبلدان أخرى في العالم.

وتردف الصحيفة أنه رغم نفي بلير أن يكون المؤتمر مجرد فرصة لالتقاط الصور، فإن تصدره اجتماعًا حول السلام في الشرق الأوسط سيساعد على استمالة المنتقدين لسياسته الخارجية في المنطقة، خاصة مع اقتراب الانتخابات البريطانية العامة التي لم يبق عليها إلا بضعة أسابيع.

وتضيف الصحيفة أنّ الاجتماع سيتيح لوزيرة الخارجية الأمريكية، كوندوليزا رايس، فرصة إظهار الالتزام مجددًا بعملية السلام، وهو الالتزام الذي أكّد عليه الرئيس الأمريكي، جورج بوش، خلال زيارته الأوروبية الأسبوع الماضي، حيث قال إنه "مُصرّ على أن تقود العملية السلمية إلى إقامة دولة فلسطينية تعيش في سلام جنبا إلى جنب مع إسرائيل".

وبالنسبة لعباس، تقول الصحيفة إن الاجتماع يمثل لرئيس الوزراء الفلسطيني أول تجمع عام كبير مكرس للفلسطينيين منذ انتخابه رئيسًا للسلطة الفلسطينية في كانون الأول الماضي.

وتتابع أنّ لندن ستمثل منتدى يتمكن من خلاله من مناشدة العالم العربي بشكل مباشر لتنحية خلافاته مع نظام عرفات السابق وإعطاء الشعب الفلسطيني مساعدة ملموسة في منعطف هام في تاريخه.

وتتصدر صحيفة "الإندبندنت" صورة عباس، وإلى جانبها بالبنط العريض اقتباس من الحوار الخاص الذي أجرته معه الصحيفة، يقول فيه "أمامنا فرصة، وسيكون من اللامسؤولية إذا تركناها نحن، أو الإسرائيليون، أو العالم، تفلت من أيدينا".

يقول دونالد ماكينتاير من "الإندبندنت" إنّ عباس أوضح خلال الحوار الخاص للصحيفة البريطانية حرصه على الانتقال إلى المفاوضات حول تسوية دائمة مع رئيس الوزراء الإسرائيلي أريئيل شارون.

وفضلا عن الصفحة الأولى، أفردت "الإندبندنت" صفحتين كاملتين للحوار مع عباس، فضلا عن تعليق بصفحاتها الداخلية.

وفي الحوار يقول عباس إنه "لا يمكننا إرساء أسس دولة دون حكم القانون والنظام العام"، مضيفا أنه يبذل جهودا "بنسبة 100 بالمائة"، معربًا عن القول إنه "لن يتم التسامح" مع الأفعال من قبيل التفجير الأخير في تل أبيب.

ويقول عباس إنّ إسرائيل تعاونت مع السلطة الفلسطينية بتقديم معلومات تتعلق بالتفجير، غير أنه يؤكد إنه لا يمكن الاستمرار في وقف العنف ما دام الفلسطينيون يتعرضون لقتل يومي على أيدي الجيش الإسرائيلي.

ويعرب عباس في حديثه عن اعتقاده بأنّ إقامة دولة فلسطينية مستقلة على أراض متصلة وبشكل ممكن التحقق، بمقتضى حدود 1967، هو في مصلحة الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي.

ويقول عباس إنّ المطلوب أكثر من مجرد إجراءات لبناء الثقة هو "توجهات لبناء الثقة"، ويشرح ذلك بالحاجة لوجود توجّه جديد في التعامل مع الالتزامات التي نصت عليها خارطة الطريق؛ فبدلا من اعتبار كل خسارة للفلسطينيين هي مكسب لإسرائيل، وأن كل تفصيلة تخضع لمفاوضات ممتدة، ينبغي اعتبار كل خطوة يخطوها أيّ من الجانبين خطوة نحو هدف فيه نفع متبادل يؤدي لإنهاء الصراع.

ويعرب عباس عن أمله في أن يقود اجتماع لندن إلى عقد مؤتمر دولي، حسبما تنص عليه خارطة الطريق، لبدء مفاوضات الوضع النهائي.

وتقول "الإندبندنت" في تعليقها على الاجتماع إنّ مشاركة كوفي عنان وممثلين عن البنك الدولي و24 وزير خارجية يعني أنه سيكون تجمعًا دوليًا بحق، وتضيف القول إنه إذا نجح اجتماع لندن في جعل المجتمع الدولي يشعر بأنّ نجاح عباس أمر يخصه بشكل مباشر، فإن هذا الاجتماع لن يكون بالأمر السيء.

التعليقات