الجيش الأميركي يقر بانتهاكات حقوق معتقلين أفغان والصليب الأحمر يؤكد تدنيس المصحف

"وصل إلى غرفة التحقيق بعد أربعة أيام من مكوثه في الزنزانة ويداه مربوطتان إلى سقفها، كانت يداه وقدماه ترتجفان بشكل غير إرادي وحاولوا إجباره على الركوع إلا أنه لم يتمكن من ثني رجليه"

الجيش الأميركي يقر بانتهاكات حقوق معتقلين أفغان والصليب الأحمر يؤكد تدنيس المصحف



وكانت قد ذكرت مصادر صحفية أميركية أن الجيش الأميركي قام بانتهاكات واسعة النطاق لمحتجزين أفغانيين في العام 2002 في أحدث كشف لانتهاكات تجري بعد قضية تدنيس القرآن الكريم بمعتقل غوانتانامو.

وقالت صحيفة نيويورك تايمز "إنها حصلت على تقرير سري تضمن تفاصيل ورسوما توضيحية لتلك الانتهاكات تشمل وفاة اثنين من المعتقلين بقاعدة بغرام, حيث زعم أنها ارتكبت على يد جنود شبان غير مدربين تدريبا جيدا.

وأضافت الصحيفة أن أحد المعتقلين علق من معصميه في سقف زنزانته عدة أيام قبل وفاته وأن الحراس كانوا يضربونه على ساقيه وهو معلق, مشيرة إلى أن أصابع الاتهام وجهت لسبعة جنود.

وحسب التقرير وصف شهود لمحققي الجيش سوء المعاملة التي تعرض لها المعتقلون والتي شملت وقوف إحدى المحققات على عنق أحد المعتقلين, وركلها معتقلا آخر في مكان حساس، وتقييد آخر وإجباره على تقبيل أحذية المحققين وهو يتدحرج على أرضية الزنزانة.

وأضاف التقرير أن سجينا آخر أجبر على التقاط سدادات الزجاجات البلاستيكية من وعاء مليء بالبراز والماء.

وفي تعليقه على تلك الانتهاكات اعترف المتحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية "البنتاغون" لاري دي ريتا بأن هناك "أناسا انتهكوا بوضوح معايير أي شخص للمعاملة الإنسانية".

وكانت التحقيقات الأميركية قد خلصت في أكتوبر/تشرين الأول إلى أن هناك أسبابا تدعو لتوجيه الاتهام لـ27 ضابطا ومجندا لارتكابهم مخالفات جنائية بمقتل أحد المعتقلين في بغرام كما ورد اسم 15 منهم في مقتل الآخر. لكن الصحيفة قالت إن اثنين من محققي الجيش وبخوا وأن سبعة جنود وجهت لهم الاتهامات رسميا.


وقالت اللجنة الدولية للصليب الأحمر في جنيف إن معتقلين في قاعدة غوانتانامو الأميركية في كوبا أكدوا لها وقوع بضع عمليات تدنيس للمصحف الشريف.

ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن المتحدث باسم الصليب الأحمر فنسنت لوسر قوله إن المعتقلين قدموا للجنة الدولية معلومات عن عمليات تدنيس للمصحف، موضحا أن هذه المسألة أثيرت مع السلطات الأميركية.

وأشار لوسر إلى أن مسألة احترام ديانة المعتقلين حساسة ومنصوص عليها في القانون الإنساني الدولي, إذ "يحق للمعتقل ممارسة شعائره الدينة ومن واجب الآخرين احترام معتقداته".

وفي واشنطن قال متحدث آخر باسم اللجنة سايمون سورونو إن الصليب الأحمر الذي يزور المعتقلين في غوانتانامو منذ يناير/كانون الثاني عام 2002 ناقش مع السلطات الأميركية هذه الاتهامات في مناسبات عدة بين مطلع عام 2002 ومنتصف عام 2003.

وأضاف أن السلطات الأميركية اتخذت على ما يبدو تدابير لإصلاح الوضع لأنه لم تتوفر اتهامات أخرى تفيد بأن المصحف الشريف قد تعرض للتدنيس بعد منتصف عام 2003.

وتأتي هذه التصريحات بعد أن تراجعت مجلة نيوزويك الأميركية الأسبوعية عن تحقيق صحفي نشرته مؤخرا أفاد بأن محققين أميركيين في غوانتانامو رموا نسخا من القرآن الكريم في مراحيض هذه القاعدة.

كما تأتي هذه التطورات بعد انتهاء المهلة التي حددها رجال دين أفغان لتسليم المسؤولين عن هذه الفعلة إلى دولة إسلامية لمحاكمتهم. وقد أرجأت مجموعة من رجال الدين الأفغان دعوة للجهاد ضد الولايات المتحدة بسبب تقرير نيوزويك بعد تراجع المجلة عن التقرير.

وشدد رجال الدين في إقليم بدخشان الأحد على ضرورة أن تسلم الولايات المتحدة المسؤولين عن تدنيس المصاحف إلى دولة إسلامية لمحاكمتهم خلال ثلاثة أيام, وإلا أعلنوا الجهاد ضد الولايات المتحدة. غير أن نيوزويك التي نشرت في التاسع من هذا الشهر موضوع التدنيس، تراجعت عن هذا التقرير يوم الاثنين الماضي.

وأثار تقرير المجلة احتجاجات عنيفة في أفغانستان أسفرت عن مقتل 17 شخصا وإصابة أكثر من مائة آخرين بجروح. كما خرجت مظاهرات مماثلة في باكستان وإندونيسيا والسودان وغزة الأسبوع الماضي. ونددت مصر والمملكة العربية السعودية وبنغلاديش وماليزيا وجامعة الدول العربية بما ورد في التقرير. واعتبرت احتجاجات أفغانستان الأسوأ منذ الإطاحة بحركة طالبان أواخر عام 2001. في تقرير للشرطة العسكرية الأمريكية يقع في 2000 صفحة، والذي وصل إل "نيويورك تايمز"، جاء أن معتقلين أفغانيين إثنين قد توفيا جراء التعذيب الذي تعرضا له في قاعدة بغرام على يد جنود الجيش الأمريكي في كانون الأول من العام 2002. ويصف التقرير حالات كثيرة من أعمال التنكيل والإذلال التي تعرض لها المعتقلون. وفي الوقت الذي يوصي فيه التقرير على تقديم 27 من المتورطين في التعذيب، فقد تم توجيه لوائح إتهام بحق سبعة منهم فقط.

وفي حالة المعتقل الأول، وهو سائق تاكسي (22 عاماً)، فقد توفي أثناء التحقيق معه في معتقل باغرام في أفغانستان. ولم يسمح له المحققون برؤية طبيب بالرغم من وضعه الصحي الخطير، وواصلوا تعذيبه.

ويعتقد غالبية المحققين أنه إنسان بسيط تم إعتقاله خطأ بسبب مرور سيارته بالقرب من قاعدة عسكرية للجيش.

وبحسب شهادة المترجم الذي كان حاضراً، فقد سحب المعتقل من زنزانته في ساعات الليل المتأخرة للتحقيق معه حول إطلاق صواريخ على قاعدة للجيش. وعندما وصل إلى غرفة التحقيق، بعد أربعة أيام من مكوثه في الزنزانة ويداه مربوطتان إلى سقفها، كانت يداه وقدماه ترتجفان بشكل غير إرادي. وعندما طلب الماء للشرب قام المحققون برش الماء على وجهه بشكل مهين، وحاولوا إجباره على الركوع إلا أنه وبعد عدة أيام متواصلة من تلقي الضرب على رجليه من قبل الحراس لم يعد يتمكن من ثنيهما.

وقال له المحققون أنه يستطيع رؤية الطبيبب فقد بعد موته. وفي نهاية التحقيق طلب المحققون من الحراس إعادته إلى الزنزانة وربطه ثانية إلى سقف الغرفة. ولم يتم إستدعاء الطبيب إلا بعد وفاته في زنزانته بعد ساعات معدودة من إدخاله إليها.

وفي حالة المعتقل الثاني، فإن الطبيب الذي قام بفحصه عند إعتقاله قد أكد أنه كان يتمتع بصحة جيدة، إلا أن أحد ضباط الجيش الأمريكي نفى هذه الحقيقة أثناء التحقيق معه. وجاء أنه بعد مواجهة حصلت بين المعتقل المحققين تم إقتياده إلى زنزانة إنفرادية لا تتجاوز مساحتها 6 متر مربع وربطه بالسلاسل الحديدية إلى سقف الزنزانة.

وقد أفاد أحد ضباط الشرطة العسكرية أنه جرت العادة على حبس المعتقلين في الزنازين الإنفرادية لمدة يوم، وقد تطول المدة إلى ثلاثة أيام، والمعتقل مكبل ويغطى رأسه بكيس. وأثناء الحبس الإنفرادي يتناوب الحراس على منعهم من النوم بواسطة الصراخ والضرب على أبواب الزنزانة.

وفي الأيام التالية لم يتعاون المعتقل مع المحققين وتعرض للضرب عدة مرات. وكانت لغة الضرب والتعذيب هي وسيلة الإتصال معه، وفي الوقت نفسه لم يفهم أقوال المحققين لعدم تمكنهم من توفير مترجم.

في الثاني من كانون أول أشتكى المعتقل من آلام في صدره. وفي اليوم نفسه جرى التحقيق معه وهو منبطح على الأرض بسبب عدم تمكنه من ثني رجليه والجلوس على الكرسي. وفي الغداة واصل المحققون ضربه بسبب عدم تعاونه معهم. وبالرغم من وضعه الصحي السيء حاولوا إجباره على الركوع، وبعد عشرين دقيقة من نهاية التحقيق معه وجد ميتاً في زنزانته.

التعليقات