بلير وبوش يواجهان كارثة دبلوماسية

بلير وبوش يواجهان كارثة دبلوماسية
إعلان فرنسا وروسيا اعتزامهما استخدام حق النقض " الفيتو " في مجلس الأمن الدولي يمثل كارثة دبلوماسية محدقة بالمساعي الأمريكية والبريطانية الرامية إلى استصدار قرار ثان حول العراق حيث لن يكون هناك قرار إذا مارس أي من البلدين حقه في استخدام هذا الحق.

بناء على هذا ، فأن افضل النتائج التي قد يأمل الرئيس الأمريكي جورج بوش ورئيس الوزراء البريطاني توني بلير في تحقيقها هي الحصول على ما يسمى " الأغلبية الأخلاقية " أي تأييد تسعة من الأعضاء الخمسة عشر في مجلس الأمن للقرار لكن تلك " الأغلبية الأخلاقية " لن يكون لها أساس قانوني وعليه من المستبعد أن يطرح مشروع القرار للتصويت بل قد يؤجل حتى وقت لاحق وهناك احتمال أن تضطر الولايات المتحدة وبريطانيا لسحب القرار الجديد إذا اتضح لهما ان العزلة تحاصر موقفهما بالرغم من إعلان الرئيس بوش عن رغبته في أن تكشف الدول " عن أوراقها " في عملية التصويت.

ويستدل من المعطيات الحالية ان وضع الدول المعارضة الأخرى من أعضاء المجلس التي لم تحسم موقفها بعد قد يتعزز علما أن الفرنسيين والروس إضافة إلى الألمان وربما الصينيين صامدون في مواقفهم وتشكل تصريحات الأمين العام للأمم المتحدة كوفي عنان الذي قال فيها ان أي إجراء خارج شرعية الأمم المتحدة سيكون بمثابة انتهاك لميثاقها، مشكلة أخرى خصوصا بالنسبة لرئيس الوزراء توني بلير الذي يواجه انشقاقا داخل حزبه وداخل حكومته...

أما الرئيس بوش الذي يحاول ان يظهر وكأن " ليس هناك ما يقض مضجعه " وانه " لا يحتاج إلى إذن أحد للتدخل في العراق" يعاني من " مأزق جدي " خاصة وان قرار الولايات المتحدة بدعم محتمل من بريطانيا، المضي قدما في شن حربها على العراق يعني وببساطة ان الفوضى ستدب في مجلس الأمن وستتم تصفية الحسابات الدبلوماسية بعد ذلك!


الحقيقة التي يتعين على الحكومتين الأمريكية والبريطانية الآن مواجهتها هي أن استصدار قرار ثان قد يكون بعيد المنال... ففرنسا وروسيا تلتزمان بالمنطق الذي يفرضه موقفهما وهو أن عمليات التفتيش بدأت تثمر نتائج وينبغي السماح باستمرارها، في مقابل ذلك لا تقدم الولايات المتحدة وبريطانيا تنازلات كافية باستثناء تنازل واحد عرضته بريطانيا ويتعلق بأجل17 مارس النهائي الذي ينص على ضرورة أن يثبت العراق بحلوله " إذعانه الكامل " للقرارات الدولية...وان آي تأجيل للموعد النهائي سيكون ردا على شكاوى أعضاء المجلس مثل تشيلي على سبيل المثال التي قالت ان تلك المهلة قصيرة جدا

المنافسة الفرنسية البريطانية بلغت ذروتها وجاك سترو وزير الخارجية البريطاني رفض في بيان له أمام مجلس العموم يوم، الاثنين الفكرة التي تقدمت بها باريس والقاضية بتمديد أجل عمليات التفتيش ووصف تلك الفكرة بأنها " عودة إلى سياسة الاحتواء الفاشلة" ...و الحكومة البريطانية أوفدت مرة أخرى وزيرة الدولة للشؤون الخارجية إلى الدول الأفريقية الثلاث الأعضاء في مجلس الأمن ( انغولا والكاميرون وغينيا ) والتي زارتها قبل أقل من شهر بينما اتصل رئيس الوزراء توني بلير هاتفيا بالرئيس الصيني جيانغ زيمين ، لكن لا يبدو أنه وجد آذانا صاغية في بكين حسب وكالة الأنباء الصينية التي نقلت عن الرئيس زيمين قوله " ان من مصلحة الجميع أن تستغرق عمليات التفتيش المدة الزمنية الضرورية".

ويبدو أن أنغولا تعارض أيضا الآجل النهائي الذي حدد بحلول 17 من مارس حيث قال نائب وزير الخارجية الانغولي جورجي شيكوتي ان لواندا لن تؤيد مشروع القرار الحالي... بينما قال الرئيس التشيلي ريكاردو لاغوس في وقت سابق ان أجل 17 مارس يترك " حيزا زمنيا ضيقا " . وعليه فان الولايات المتحدة الأمريكية قد تسعى إلى تأجيل ذلك الموعد أملا منها بان يساعد ذلك في " انتزاع " قرار من تركيا حول استخدام القواعد التركية والمنشات العسكرية لمرابطة قوات أمريكية ضخمة خاصة وان زعيم حزب العدالة والتنمية التركي رجب طيب اردوغان الذي انتخب نائبا برلمانيا يعتزم إعادة النظر فى المقترح بعد توليه منصب رئيس الوزراء، علما ان معظم التحليلات تشير إلى ان رفض البرلمان التركي الموافقة على نشر جنود أمريكيين على أراضى بلاده سيتعزز في ضوء استمرار " الرفض " الفرنسي والروسي وهو أمر بات بحكم المؤكد على ضوء التصريحات الأخيرة لكل من الرئيس الفرنسي، جاك شيراك ونظيره الروسي، فلاديمير بوتين.

التعليقات