توصيات للإدارة الأمريكية الجديدة بالحوار المباشر مع إيران والدفع في المسارين السوري والفلسطيني

التقرير الذي أعده مركز "سابان" يؤكد على ضرورة إبقاء الخيار العسكري ضد إيران، كما يؤكد على ضرورة الإسراع في المسار الفلسطيني لأن الوقت ليس في صالح "دولتين لشعبين"..

توصيات للإدارة الأمريكية الجديدة بالحوار المباشر مع إيران والدفع في المسارين السوري والفلسطيني
تناولت صحيفة "هآرتس" تقريرا أعده "مركز سابان" بشأن سياسة الولايات المتحدة في فترة الإدارة الجديدة حيال الشرق الأوسط، والذي يتلخص في فتح حوار دبلوماسي مباشر مع إيران مع إبقاء الخيار العسكري قائما من أجل دفعها إلى التنازل عن برنامجها النووي، علاوة على ضرورة الإسراع في الدفع بما يسمى "عملية السلام" على المسارين السوري والفلسطيني، خاصة وأن الوقت لا يلعب في صالح "دولتين لشعبين".

وجاء أنه تمت صياغة عدد كبير من الأوراق والتوصيات تمهيدا لاستلام باراك أوباما مهام منصبه في رئاسة الولايات المتحدة، إلا أن الوثائق التي تأخذ طابع القرارات كانت التقرير الجديد لمركز "سابان للسياسات في الشرق الأوسط في معهد بروكينغز في واشنطن" و"المجلس الأمريكي للعلاقات الخارجية". وعدا عن التوصية بنقل التركيز عن الحرب في العراق إلى بؤر أخرى، فإن التقرير، الذي استغرق وضعه سنتين، يطالب بإجراء مفاوضات مباشرة وبدون شروط مع إيران. كما يوصي التقرير بالدفع بعملية السلام الإسرائيلي – العربي على مسارين موازيين: الفلسطيني والسوري.

وبحسب ريتشارد هاس، رئيس المجلس الأمريكي للعلاقات الخارجية، فإن الشرق الأوسط بقي المكان الذي يفتقد الاستقرار، وعلى الولايات المتحدة مواجهة هذا الوضع. ويشير إلى أنه بالرغم من أن الإدارة الأمريكية الجديدة تبدأ في فترة تعاني فيها الولايات المتحدة من أضرار بالغة في صورتها، إلا أن أوباما يقف في نقطة انطلاق جيدة لتحسين الوضع.

وبحسب التقرير فإن إيران هي الرابح الاستراتيجي من الحرب على العراق، وأنها تتقدم في برنامجها النووي أسرع مما أشارت إليه تقديرات خبراء كثيرين سابقا. ويضيف التقرير أنه "يجب إجراء حوار مع إيران بسرعة، ليس فقد بسبب التقدم الذي تحققه في برنامجها النووي، وإنما بسبب قدرتها على التأثير على الوضع في العراق وأفغانستان ولبنان وفلسطين".

وتضيف الباحثة سوزان ملوني أنه لا يوجد أي ضمان بأن يعمل الإطار الدبلوماسي الجديد، إلا أنها تشير إلى أنه لم يحدث في السابق وأن كانت الولايات المتحدة في وضع توافق فيه القيادات الإيرانية العليا على ضرورة التحدث مع واشنطن.

ومن جهته يشدد مارتن إنديك، سفير الولايات المتحدة السابق في إسرائيل ومدير مركز "سابان"، على ضرورة أن تتقدم الولايات المتحدة في عدد من المسارات في الشرق الأوسط بشكل مواز. وبحسبه فإن الحكومة السورية تقف في وضع تستطيع من خلاله التوصل إلى اتفاق سلام، وأن الفجوات بين الطرفين يمكن جسرها. ويضيف أن عملية من هذا النوع تمنح الولايات المتحدة رافعة استراتيجية ضد إيران، تتجلى في تقليص الدعم لحزب الله وحركة حماس، وإمكانية استقرار الوضع في لبنان، على حد قول انديك.

ويقول إنديك إن "السؤال هو هل من الأفضل أن نحاول ونفشل أم ألا نحاول أبدا؟". وبحسبه فإن الإدارتين الأمريكيتين السابقتين تشكل اختبارا لذلك؛ فكلينتون حاول إلا أن الأوضاع انفجرت وتسببت بمقتل الكثيرين، أما بوش فقد حاول تجنب ذلك إلا أن هذه المحاولة لا تعتبر نجاحا.

ويضيف أنديك أنه استمع، هو وعدد من معدي التقرير، إلى قادة عرب يقولون إنهم يرغبون بالدفع بهذا الاتجاه، ليس فقط من أجل الفلسطينيين، وإنما لأن إيران تستغل الصراع من أجل نشر النفوذ الشيعي. على حد قوله.

ويتابع إن "القيادات العربية معنية بتدخل جدي، ويجب إشراكهم. وفي حال حصل تقدم على الجبهة الإسرائيلية الفلسطينية، فإن طهران من الممكن أن تشعر أنها ستبقى خارجا، فترد بعمليات. هذا هو الوقت لإشراكهم في بناء التسوية الجديدة، والتوضيح لهم بأنه لا يوجد نية في عزلهم".

وبحسب إنديك فإن الزمن لا يعمل لصالح "دولتين لشعبين"، ومن المهم أن يبدأ الرئيس المنتخب بالعمل على ذلك في أسرع وقت ممكن. ويضيف أن الصراع الإسرائيلي الفلسطيني يأتي في المكان الثالث في قائمة الأولويات الأمنية التي عرضتها الهيئة للأمن القومي.

ويتابع مدير مركز "سابان" إن هناك واقعا على الأرض لا يمكن تجاهله، الشروخات الجغرافية والسياسية في الجانب الفلسطيني. والسؤال هل الجانب الإسرائيلي قادر على تطبيق الاتفاق. مبنى الرجبي في الخليل هو نموذج لإمكانية التصادمات، وفي إسرائيل تجري انتخابات، وعلى ما يبدو فإن نتانياهو هو الذي سيشكل ائتلاف مركز/ يمين، ومع ذلك يشير إندك إلى وجود هيكلية لحل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني.

وبحسب التقرير فإن إيران بحاجة إلى 2-3 سنوات لبناء مفاعل لتخصيب اليورانيوم بنوعية تلائم تطوير أسلحة نووية، ولذلك يجب على الولايات المتحدة أن تطور توجها دبلوماسيا جديدا تجاه إيران، يشتمل على محادثات مباشرة وغير مشروطة. وبشكل مواز، على الإدارة الأمريكية الجديدة أن تعرض اتفاقا مجددا بين الدول المشاركة بشأن تشديد العقوبات الاقتصادية على إيران في حال رفضت الأخيرة حل القضية النووية. ويتابع التقرير أنه لا ينصح باللجوء إلى الخيار العسكري نظرا لاحتمالات عالية تشير إلى نشوء صراع أوسع، وتكون النتيجة غير مساوية للثمن.

ويضيف التقرير أنه بدون وجود تهديد عسكري جدي، فإنه من المستبعد أن تقدم إيران تنازلات في إطار برنامجها النووي وفق مطالب الولايات المتحدة، ولذلك فإن الإدارة الأمريكية القادمة سترغب بأن تصدق إيران بأنها على استعداد لاستخدام القوة. وعلى الولايات المتحدة أن تقترح "مظلة نووية" أمريكية للمنطقة أو بعضها لردع إيران وتهدئة حلفائها.

التعليقات