اليونانيون ينتخبون سيريزا على أمل استعادة مزيد من الاستقلالية

انتخب اليونانيون يوم أمس الأحد حزب اليسار المتطرف "سيريزا" ورئيسه أليكسيس تسيبراس، لقيادة البلاد في الفترة القادمة، وتحقيق نصر تاريخي للحزب الذي يرمي لطي صفحة التقشف في اليونان، إذ يعتبر تسيبراس أول رئيس رافض للسياسات المفروضة على اليونان

 اليونانيون ينتخبون سيريزا على أمل استعادة مزيد من الاستقلالية

أليكسيس تسيبراس (أ ف ب)

انتخب اليونانيون يوم أمس الأحد حزب اليسار الرديكالي 'سيريزا' ورئيسه أليكسيس تسيبراس، لقيادة البلاد في الفترة القادمة، وتحقيق نصر تاريخي للحزب الذي يرمي لطي صفحة التقشف في اليونان، إذ يعتبر تسيبراس أول رئيس رافض للسياسات المفروضة على اليونان من قبل الاتحاد الأوروبي.

وأدى تسيبراس (40 عاما)  اليمين الدستورية اليوم رئيسا لوزراء اليونان، ليكون أصغر شخص يتولى هذا المنصب في تاريخ اليونان.  وكسر تسيبراس التقليد المتبع بأداء القسم الديني، إذ اختار أداء القسم المدني متعهدا 'بخدمة مصالح الشعب اليوناني دائما'. 

وألقى رئيس الوزراء الجديد خطابه الأول دون أن يوضح شيئًا بشأن سياسته وخطواته القادمة، إذ قال في أول خطاب له 'حكم الشعب اليوناني يعني نهاية الترويكا'، أي خبراء البنك المركزي اليوناني وصندوق النقد الدولي والاتحاد الأوروبي، وهؤلاء الثلاثة هم الذين يفرضون على اليونان سياسة التقشف منذ أربع سنوات لإنقاذها من الإفلاس، بمنحها قروضًا بقيمة 240 مليار يورو.

ورغم أنه بدا في هذه الفقرة واضحًا وينوي إنهاء سياسة التقشف، لكنه أوضح في تتمة الخطاب إمكانية عقد التسويات مع هذه الجهات وقال: 'ستكون الحكومة الجديدة مستعدة للتعاون والتفاوض للمرة الأولى مع شركائها لإيجاد حل عادل وقابل للحياة ويفيد الجميع'.

وأعربت عدة دول وحكومات ومؤسات عن خوفها من فوز 'سيريزا' بالانتخابات. وكان الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند من بين أول من هنأ تسيبراس معبرا عن 'إرادته بمواصلة التعاون الوثيق بين بلدينا لصالح النمو والاستقرار في منطقة اليورو، من ضمن روحية التطور والتضامن والمسؤولية الراسخة في صميم القيم الأوروبية التي نتقاسمها'.

لكن رئيس الوزراء البريطاني، دافيد كاميرون، أعرب بصراحة عن قلقه في تغريده على تويتر من أن تؤدي الانتخابات اليونانية إلى 'مضاعفة الغموض الاقتصادي في أوروبا'.

وهنأ البيت الأبيض اليوم اليونان على 'حسن سير الانتخابات التشريعية'، معربا عن الأمل 'في العمل بشكل وثيق مع الحكومة المقبلة'.

ويبدو أن الاتحاد الأوروبي، يريد توجيه إشارات إلى تسيبراس منذ اليوم الاثنين أثناء اجتماع لوزراء مالية منطقة اليورو مخصص لبرنامج مساعدة اليونان. فنظريا يفترض بالبلاد أن تختتم برنامج المساعدة الأوروبي في شباط (فبراير) مع إمكانية الحصول على شريحة قروض إضافية بقيمة 7 مليارات يورو.

وكشف مصدر أوروبي لفرانس برس أمس الأحد في بروكسل أنه 'لن نتمكن من تجنب إعادة تفاوض (على الديون)، لكن السؤال هو حول ماذا: أهي المهل، المبالغ، أم كلتاهما؟'. وأضاف المصدر 'سيكون الأمر أكثر صعوبة بالنسبة للمبالغ'.

في الواقع إن ما يسعى إليه تسيبراس هو تخفيض للديون الهائلة (300 مليار يورو و175% من إجمالي الناتج الداخلي)، إلى جانب إمكانية إفساح المجال لليونانيين لاستعادة الأنفاس في حياتهم اليومية، وزيادة الحد الأدنى للاجور من 580 إلى 751 يورو أو إلغاء عدد من الضرائب، ما يخالف إرادة الترويكا.

وناشد رئيس البنك المركزي الألماني، ينس فايدمان، تسيبراس بـ'عدم قطع وعود واهمة' لمواطنيه.

إحياء آمال سائر أحزاب اليسار الراديكالي الأوروبية

وأدى نجاح 'سيريزا' إلى إحياء آمال سائر أحزاب اليسار الراديكالي الأوروبية. ورحب رئيس حزب 'بوديموس' الإسباني، بابلو أغليسياس، بأن اليونانيين بات لديهم 'رئيس حقيقي، وليس مندوبا للمستشارة الألمانية آنجيلا ميركل'. وفي فرنسا تحدث رئيس حزب اليسار جان لوك ميلانشون عن 'تيار كاسح' و'صفحة جديدة لأوروبا'.

ويبدو أن حكومة أنتونيس ساماراس المحافظة عوقبت لسعيها للاستجابة إلى أقصى الحدود لمطالب الترويكا على مستوى الإصلاحات منذ 2012. فقد أتت الحصيلة قاسية على المواطنين الذين يعانون من نسبة بطالة بلغت 25% واقتطاعات حادة في الرواتب.

وبعد حملة انتخابية ركزت على التخويف والمبالغة، أقر ساماراس بخسارته، وهنأ تسيبراس في اتصال هاتفي. وصرح لاحقا للتلفزيون: 'أسلم بلدا في طور الخروج من الأزمة وهو عضو في الاتحاد الأوروبي ومنطقة اليورو. آمل أن تحافظ الحكومة المقبلة على هذه المكتسبات'.

ورحب آلاف الأنصار بفوز 'سيريزا'، وتوافدوا من كل أنحاء أوروبا للاحتفال حول نقطة التجمع التي أقامها الحزب حول خيمة في وسط أثينا. وقالت كلاوديا الإيطالية 'إنها فرصة كبرى لليونان وأوروبا، فرصة كبرى جدا للعالم أجمع'.

وينقص 'سيريزا' مقعدان للوصول إلى أكثرية 151 مقعدا، التي كانت لتجيز له الأكثرية المطلقة ما كان 'سيطلق يديه'، بحسب تعبير تسيبراس. لكن سيسهل عليه توفير دعم في صفوف 13 نائبا من حزب 'اليونانيون المستقلون' أو 17 من حزب 'تو بوتامي' (النهر) وهو حزب جديد منبثق من وسط اليسار. ويلتقي تسيبراس اليوم رئيس الجمهورية كارولوس بابولياس لبحث هذه النقاط.

النازيون الجدد القوة الثالثة في البلاد

وبالرغم من التحقيق الواسع النطاق الذي يستهدف حزب 'الفجر الذهبي' للنازيين الجدد باعتباره 'منظمة إرهابية' وسجن سبعة من نوابه الحاليين الـ16 للانتماء إلى منظمة مماثلة، يبقى الحزب القوة الثالثة في البلاد، حيث نال 6% من الأصوات و17 نائبا.

وانعكس وصول سيريزا إلى السلطة سلبا على أسواق آسيا، لكن من دون أن يثير ذعرا. فقد تراجع اليورو المتدني أصلا، إلى أدنى مستوياته منذ 11 عاما ليبلغ 1,1098 دولارا قبل أن ينتعش قليلا، فيما تراجعت بورصة طوكيو بنسبة 1,29% عند الافتتاح.

التعليقات