أوروبا تنقسم... واليونان لا تستطيع الانتظار

وفي علامة على تزايد التوتّر بين أكبر قوتين اقتصاديتين وسياسيتين في منطقة اليورو، رفض هولاند الخيار الذي اقترحته ألمانيا والقاضي بـ "خروج مؤقت" لأثينا من منطقة العملة الموحدة.

أوروبا تنقسم... واليونان لا تستطيع الانتظار

هولاند وميركل

انقسم قادة منطقة اليورو حول مصير اليونان الأحد، إذ يلوح خروج كارثي لاثينا من العملة الموحدة في الأفق، فيما يستمر السعي للتوصل إلى صفقة إنقاذ، بينما لا تستطيع اليونان أن تنتظر البدء بمناقشة خطة جديدة نظرًا إلى خطورة حال مصارفها.

وقال مصدر مسؤول يوناني إنه "لا نريد مهلة" حتى الأربعاء، كما اقترح وزراء مالية مجموعة اليورو لأنه حتى ذلك الوقت لن يكون هناك ما يكفي من السيولة من البنك المركزي الأوروبي وأن الوضع خطير جدًا، الخميس سيكون متأخرًا جدًا".

ووقف صقور المال الألمان في وجه الحمائم بقيادة فرنسا في القمة الـ 19 لزعماء منطقة اليورو في بروكسل، في حين أن أثينا تواجه مطالب لإقرار قوانين إصلاح جديدة الأسبوع المقبل.

ورغم أن المصارف اليونانية تواجه خطر جفاف السيولة قريبًا، فإن القمة الطارئة للقادة الـ 28 لدول الاتحاد الأوروبي التي وصفت بأنها الفرصة الأخيرة للحفاظ على اليونان في منطقة اليورو، ألغيت الأحد بسبب التقدم البطيء في المفاوضات، وتم الاكتفاء بقمة دول منطقة اليورو ال 19.

وأكد رئيس الوزراء اليوناني الكسيس تسيبراس لدى وصوله إلى بروكسل أنه يمكن التوصل إلى اتفاق 'إذا أراد كل الأطراف هذا الأمر'، مضيفًا 'أنا هنا للتوصل إلى تسوية صادقة، إننا مدينون بذلك للشعب الأوروبي، يمكننا أن نتوصل هذا المساء إلى اتفاق إذا أراد كل الأطراف هذا الأمر'.

لكن المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل، انتهجت موقفا متشدّدًا كالعادة، مرددة موقفها المعتاد المشابه لدول عدة من أوروبا الشرقية في الاتحاد.

وأكدت ميركل أنه 'لن يكون هناك اتفاق بأي ثمن لإنقاذ اليونان'، مضيفة أن 'القيمة الأهم المتمثلة بالثقة والقدرة على الوفاء بالالتزامات فقدت مع اليونانيين'، متوقعة حصول 'مفاوضات شاقة'.

الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند، الذي كان الأكثر تأييدا لأثينا خلال الفترة الماضية، قال إن 'فرنسا ستبذل كل ما هو ممكن لإيجاد اتفاق يتيح بقاء اليونان في منطقة اليورو'.

وفي علامة على تزايد التوتّر بين أكبر قوتين اقتصاديتين وسياسيتين في منطقة اليورو، رفض هولاند الخيار الذي اقترحته ألمانيا والقاضي بـ 'خروج مؤقت' لأثينا من منطقة العملة الموحدة.

ونقل وزراء مالية منطقة اليورو الأحد، لرؤساء دولهم وثيقة تتحدث عن خيار 'خروج موقت لليونان من منطقة اليورو.

وبحسب الوثيقة فإنه 'في حال الفشل في التوصل الى اتفاق سيقدم اقتراح لليونان بالتفاوض سريعا على خروج موقت من منطقة اليورو مع احتمال إعادة جدولة دينها'.

ووردت هذه الفقرة بين قوسين في الوثيقة، وهذا يعني أنه غير متفق عليها بين كل الوزراء ويعود إلى رؤساء الدول للبت بها.

ويأتي هذا الاجتماع بعد محادثات مكثفة لوزراء مالية منطقة اليورو استمرت ليومين، حول مقترحات اليونان للإصلاحات في مقابل خطة إنقاذ لمدة ثلاث سنوات بقيمة 80 مليار يورو.

وقال وزير المالية الفنلندي، اليكس ستوب إنهم اتفقوا أن على اليونان إقرار قوانين جديدة بحلول يوم الأربعاء، وفقا للشروط التي وافق عليها وزراء منطقة اليورو.

وأضاف أنه 'على أثينا أيضا إدخال شروط صارمة على إصلاح سوق العمل والمعاشات التقاعدية وضريبة القيمة المضافة والضرائب، والتدابير في مجال الخصخصة'.

وقال رئيس مجموعة اليورو، يروين ديسلبلوم، إثر الاجتماع إنه 'قطعنا شوطا طويلًا، لا تزال ثمة مسائل رئيسية' عالقة. وأضاف أنه 'يعود الآن إلى القادة أن يحدّدوا مضمون الاتفاق'.

وكانت اليونان ودائنوها على خلاف منذ انتخب تسيبراس في كانون الثاني/يناير الذي تعهد بإنهاء خمس سنوات من التقشّف المرير تحت وطأة حزمتي إنقاذ منذ العام 2010 بقيمة 240 مليار يورو.

وتحوّل التوتر إلى غضب الشهر الماضي بعدما دعا تسيبراس إلى استفتاء على مطالب الدائنين، والتي رفضها اليونانيون بغالبية ساحقة.

وليلة الجمعة السبت، وافق البرلمان اليوناني على مقترحات جديدة من قبل الحكومة في أثينا، رغم أنها مشابهة إلى حد كبير لتلك التي تم رفضها في الاستفتاء.

ويتزايد القلق في اليونان خصوصًا بعد أسبوعين على إغلاق المصارف وتحديد الحصص النقدية في أجهزة الصرف الآلي.

وحذّر وزير الاقتصاد جيورجوس ستاثاكيس أنه من المرجح أن تبقى القيود على حالها لـ 'أشهر' حتى لو تم التوصل الى اتفاق، وبدا القلق جليا في اليونان فيما باتت البلاد على شفير الانهيار المالي.

وعنونت صحيفة تو فيما عددها اليوم بـ 'اتفاق في حقل الغام' ولفتت إلى أن 'مستقبل البلاد يتقرّر الآن في قمة رؤساء الدول'. فيما كتبت صحيفة ايليفثيروس تيبوس إن 'مستقبل اليونان على المحك' متسائلة بقلق 'ماذا سيحدث مع كابوس خروج اليونان من اليورو؟'.

وفي الوقت الراهن، وحده البنك المركزي الأوروبي يبقي المصارف اليونانية وكل اقتصاد البلاد على قيد الحياة بفضل قروض عاجلة لا يمكن أن تستمر الى ما لانهاية، وخصوصًا أنه يتوجب على أثينا أن تسدّد أكثر من أربعة مليارات يورو للبنك المركزي الاوروبي في 20 تموز/يوليو، وهو مبلغ لن تتمكن اليونان في هذه الحال من تسديده.

وتتزايد المخاوف في الوقت نفسه من أن نتائج التصويت البرلماني ليلة الجمعة السبت في أثينا قد أضعفت من قدرة الحكومة اليونانية على تشريع الإصلاحات التي تطالب بها مجموعة اليورو.

وحصل تسيبراس على تأييد 251 من أصل 300 نائب في البرلمان اليوناني لخططه الإصلاحية، رغم أنها مماثلة لتلك التي رفضها اليونانيون في استفتاء الأسبوع الماضي.

ولكن ثلاث شخصيات حكومية بارزة كانت من بين النواب العشرة الذين امتنعوا عن التصويت أو صوتوا ضد، وغاب أشخاص عديدون من حزب سيريزا اليساري، ما دفع المعلقين الى التنبؤ بهزة حكومية.

 

التعليقات