بريطانيا تعلق حملات الاستفتاء إثر صدمة اغتيال كوكس

دعا رئيس الوزراء البريطانيّ، ديفيد كاميرون، اليوم الجمعة، إلى "التّسامح" والاتّحاد، وذلك لدى زيارته قرية بريستال (شمال إنكلترا)، حيث قتلت النّائبة جو كوكس، أمس الخميس، كما دعا البرلمان إلى عقد جلسة استثنائيّة، الإثنين.

بريطانيا تعلق حملات الاستفتاء إثر صدمة اغتيال كوكس

نيغيل بول فيراج، رئيس حزب الاستقلال البريطانيّ UKIP يضع الأكاليل لذكرى كوكس

دعا رئيس الوزراء البريطانيّ، ديفيد كاميرون، اليوم الجمعة، إلى 'التّسامح' والاتّحاد، وذلك لدى زيارته قرية بريستال (شمال إنكلترا)، حيث قتلت النّائبة جو كوكس، أمس الخميس، كما دعا البرلمان إلى عقد جلسة استثنائيّة، الإثنين.

ووضع كاميرون وزعيم المعارضة العماليّة، جيرمي كوربن، ورودًا في المكان الذي اغتيلت فيه كوكس، لتضاف إلى مجموعة الأكاليل الكبيرة هناك.

وقبل أقلّ من أسبوع على إجراء الاستفتاء على عضويّة بريطانيا في الاتّحاد الأوروبيّ، والذي أدّى إلى انقسام البلاد وأثار نقاشًا محتدمًا بين المعسكرين المؤيّد والمعارض لخروج البلاد من الاتّحاد، دعا كاميرون إلى لحظة تفكير.

وقال 'أينما نرى حقدًا أو انقسامات أو عدم تسامح، علينا إزالتها من حياتنا السّياسيّة وحياتنا العامّة ومجتمعاتنا'.

وأضاف 'اليوم أصيبت بلادنا بالصّدمة. إنّ هذه لحظة نقف فيها ونفكّر في بعض الأمور المهمّة جدًا لبلادنا'.

وربط بعض المعلّقين مقتل النّائبة بالاستفتاء الذي أثار التّوتّرات بسبب تناوله قضايا تتعلّق بالهويّة والقوميّة والهجرة.

واغتيلت جو كوكس (41 عامًا) وهي أم لطفلتين، في وضح النّهار في خضمّ الحملة على الاستفتاء في قرية بريستال، شمال انكلترا.

وأوقف المعسكران حملتهما على الاستفتاء ثلاثة أيّام تشمل يوم السّبت، احترامًا للنائبة، قبل أقلّ من أسبوع على الاستفتاء الذي سيجري يوم الخميس 23 حزيران/يونيو.

وجه مغطّى بالدّماء

اغتيلت كوكس، العاملة الإنسانيّة السّابقة والمؤيّدة لحملة البقاء في الاتّحاد الأوروبيّ والمعروفة بدفاعها عن اللاجئين السّوريّين، الخميس، أمام مكتبة تلتقي فيها عادة أهالي دائرتها.

وقال شاهد العيان هشام بن عبد الله (56 عامًا) إنّه سمع طلقين ناريّين وشاهد امرأة نحيلة على الأرض.

وأضاف هشام الذي عمل مع كوكس قبل انتخابها للبرلمان لأوّل مرّة العام الماضي 'لقد كان وجهها مغطّى بالدّماء'.

واعتقل رجل في الثّانية والخمسين من العمر قالت وسائل الاعلام بأنّه يدعى توماس مير، وهو من أهالي المنطقة. ووصفه الجيران بالانعزاليّ، وكانت ثمّة مؤشّرات إلى تعاطفه مع اليمين المتطرّف، كما كان يعاني من مشاكل نفسيّة.

وقال ستيفن ليز، الذي كان صديقا لشقيق مير، إنّه 'كان يفرك يديه بمنظّف قويّ وبفرشاة للأظافر، حتّى تصبح حمراء جدًا'.

وروى أحد شهود العيان، ويدعى كلارك روثويل صاحب مقهى لوكالة 'برس أسوسييشن' أنّ المسلّح صرخ 'اجعلي بريطانيًّا أوّلًا' عدّة مرات خلال الهجوم.

و'بريطانيا أوّلًا' هو اسم مجموعة من اليمين المتطرّف معادية للهجرة، لكنّها نفت أي ضلوع لها في الهجوم.

وصرّحت النّائبة العماليّة، إيفيت كوبر لإذاعة البي.بي.سي 'لا نعرف بعد ملابسات هذه القضيّة، إلّا أنّ هناك تزايدًا في حدّة النّقاش العامّ'.

وفي برلين دعت المستشارة الألمانيّة، أنغيلا ميركل، اليوم الجمعة، الأحزاب السّياسيّة البريطانيّة إلى التّخفيف من النّقاش في الأسبوع الأخير.

وقالت 'إنّ المبالغات ولغة التّطرّف لا تساعد على ترسيخ جوّ من الاحترام'.

وفي لاهاي، أعلن رئيس الوزراء الهولنديّ، مارت روت، الذي تتولّى بلاده الرّئاسة الدّوريّة للاتّحاد الأوروبيّ، اليوم الجمعة، إنّ 'التّسامح وحريّة التّعبير هما من الأهميّة بمكان للسماح للسياسيّين بالقيام بعملهم'.

وقال روت في مؤتمره الصّحافيّ الأسبوعيّ 'نتمتّع بحريّة التّعبير عن آرائنا، وما دمنا لا نؤجّج العنف ضدّ الأفراد أو المجموعات، نستطيع أن نقول كلّ ما نشاء'.

'مراسلات خبيثة'

تعتبر كوكس، أوّل عضو في البرلمان البريطانيّ يتمّ اغتياله منذ مقتل النّائب إيان غو، على يدّ مسلّحي الجيش الجمهوريّ الإيرلنديّ، في تفجير سيّارة مفخّخة في 1990.

وقالت الشّرطة إنّ كوكس اشتكت في وقت سابق من هذا العام من تلقّيها 'مراسلات خبيثة'.

وفي آذار/مارس اعتقلت الشّرطة رجلًا وأصدرت بحقّه تحذيرًا رسميًّا، وأفرجت عنه لاحقًا. إلّا أنّه ليس الرّجل نفسه الذي اعتقل الخميس.

وقالت صحيفة 'تايمز' إنّ الشّرطة فكّرت في زيادة الإجراءات الأمنيّة لها، في حين طرح معلّقون فكرة توفير حماية إضافيّة لجميع النوّاب.

وذكرت منظّمة 'ساذرن بوفرتي لو سنتر' الأميركيّة المدافعة عن الحقوق المدنيّة إنّ مير الذي أقام في المنطقة لعقود، 'من الأنصار المتفانين' لـ'التّحالف الوطنيّ' الذي كان لعشرات السّنين أكبر منظّمة للنازيّين الجدد في الولايات المتّحدة.

وأضافت المنظّمة أنّ مير أنفق أكثر من 620 دولارًا (550 يورو) على شراء مطبوعات من المنظّمة التي تدعو إلى بناء أمّة مؤلّفة من البيض حصرًا وإلى القضاء على الشّعب اليهوديّ.

وأضافت أنّ مير اشترى كتيّب تعليمات حول صنع بندقيّة، لافتة إلى أنّ شهود عيان قالوا لوسائل الإعلام البريطانيّة إنّ المهاجم استخدم بندقيّة تبدو 'من طراز قديم' أو 'مصنّعة يدويًّا'.

الاتّحاد ضد الكراهيّة

وكوكس التي دافعت في خطابها الأوّل أمام البرلمان عن الهجرة والتّنوّع، تقيم مع زوجها برندان وطفلتيهما (3 و5 سنوات) في مركب على نهر تيمز.

ووضعت أكاليل الزّهور على سطح المركب، اليوم الجمعة، حيث كانت تعيش، وسط تكريم السّكّان لها.

وبعد ورود الأنباء عن مقتلها، وجّه برندان نداءً مؤثّرًا للتماسك والوحدة في مواجهة الكراهيّة.

وقال برندان في بيان بعد وفاتها إنّ 'جو كانت تؤمن بعالم أفضل'.

وأضاف أنّها 'كانت تريد أمرين قبل كلّ شيء: الأوّل أن يغمر أطفالنا بالحبّ والثّاني أن نتّحد لنكافح معًا الكراهيّة التي قتلتها'.

وقبل اغتيال كوكس، أظهرت استطلاعات الرّأي احتمال فوز معسكر خروج بريطانيا من الاتّحاد الأوروبيّ في الاستفتاء المرتقب. وأثّر هذا الاحتمال على أسواق المال وأدّى إلى تراجع الجنيه الأسترليني.

لكنّ المستثمرين رجّحوا أن تزيد مأساة اغتيال النّائبة من احتمال فوز معسكر البقاء في الاتّحاد الأوروبيّ.

التعليقات