تبدل اللهجة الأميركية حول مقتل خاشقجي: تغيير موقف أم محاولة احتواء؟

يشير التفاعل الأميركي مع خطاب الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، حول مقتل الكاتب الصحافي جمال خاشقجي في قنصلية بلاده في إسطنبول، إلى فصل جديد في العلاقات الأميركية السعودية قد يشي بتموضع أميركي جديد فيما يتعلق بقضية خاشقجي

تبدل اللهجة الأميركية حول مقتل خاشقجي: تغيير موقف أم محاولة احتواء؟

(أ ب)

يشير التفاعل الأميركي مع خطاب الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، حول مقتل الكاتب الصحافي جمال خاشقجي في قنصلية بلاده في إسطنبول، إلى فصل جديد في العلاقات الأميركية السعودية قد يشي بتموضع أميركي جديد فيما يتعلق بقضية خاشقجي، على الرغم من أن الإدارة الأميركية حاولت جاهدة في البداية تبرير كل البيانات الرسمية السعودية في هذا الشأن، على تناقضها.

ووصف ترامب أسلوب معالجة الرياض لهذا الأمر بأنه "أسوأ تستر على الإطلاق"، وقال إنه يرغب في معرفة كل الحقائق عن مقتل خاشقجي قبل قبوله تقييم إردوغان. وأضاف أنه يتوقع الحصول على تقرير قريبا جدا.

وقال ترامب، مساء الثلاثاء، إنه سيترك القرار للكونغرس بشأن تبعات قضية مقتل خاشقجي على السعودية. وأضاف ترامب، في تصريحات بالبيت الأبيض، نقلتها وسائل إعلام أميركية، أن ذلك سيحصل "بالتشاور معه"، في إشارة إلى التبعات.

ونقلت شبكة "سي إن إن"، مساء اليوم الثلاثاء، عن الرئيس الأميركي دونالد ترامب، تصريحه بأنه "يشعر أن السعوديين خانوا الثقة التي منحهم إياها".

وأكدت "سي إن إن" الأميركية، إلى أن ترامب منزعج بسبب تداعيات مقتل خاشقجي، ويشعر بأن السعوديين "خانوا ثقته"، وذلك بحسب ما نقلت عن مصادر متنوعة قالت إنهم سمعوا ترامب يعبر عن إحباطه بشأن قضية خاشقجي.

وذكرت الشبكة أن الرئيس الأميركي أبلغ المقربين منه أنه يشعر بأن السعوديين "خانوا ثقته"، بعد تقديمهم روايات متغيرة حول ما حصل للصحافي السعودي.

وأضافت أن ترامب يلقي باللوم سرا على السعوديين لأنهم جعلوه يظهر بمظهر سيئ، وأنه لا يعجبه أن يُنظر إليه وإلى صهره جاريد كوشنر على أنهما حميميان بشكل مبالغ فيه مع السعوديين.

فيما رجّح محللون أميركيون أن تصريحات ترامب حول "خيانة الثقة"، قد تكون صدرت بعد إطلاعه على تقرير مديرة وكالة الاستخبارات المركزية "سي آي إيه" جينا هاسبل، التي وصلت تركيا اليوم واطلعت على معلومات موثوقة من الجهات المنوط بها التحقيق بالقضية.

هذا وتوعد نائب الرئيس الأميركي مايك بنس، اليوم الثلاثاء، بالرد على "الجريمة الوحشية" بحق الصحافي خاشقجي. وذلك في تصريحات أدلى بها لمنتدى تستضيفه صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية، التي كان خاشقجي يكتب فيها مقالات رأي.

ووصف بنس حادثة قتل خاشقجي بأنها "هجوم على الصحافة الحرة والمستقلة"، وفي رده على سؤال حول موقفه من خطاب إردوغان حول خاشقجي، قال بنس إن "كلمة إردوغان هذا الصباح بأن هذا القتل الوحشي كان متعمدا ومدبرا له بشكل مسبق، يتعارض مع التأكيدات السابقة التي قدمها النظام السعودي".

وأضاف أن الوقائع التي سردها إردوغان "تعزز عزم إدارتنا على معرفة ما حدث هنا"، وتابع بالقول: "العالم يراقب، الشعب الأميركي يريد إجابات، وسنطالب بالحصول على تلك الإجابات، كما نطالب بمحاسبة أولئك المسؤولين عن هذا العمل الهمجي".

كما لفت نائب الرئيس الأميركي إلى أن ترامب سيتخذ قراراته في هذا الشأن "استنادا إلى قيم الشعب الأميركي ومصالحنا الوطنية في المنطقة".

وحين سؤاله عما إذا كان قد رأى أي معلومات استخباراتية تربط ولي العهد السعودي محمد بن سلمان باختفاء خاشقجي، قال بنس "لا أريد التحدث عن أي معلومات استخباراتية رأيتها".

وأكد أن هاسبل تزور حاليا تركيا بهدف مراجعة الأدلة بشأن قضية قتل خاشقجي. وقال: "عندما تعود مديرة الاستخبارات ستطلع الرئيس وإياي، وكل فريقنا عما جمعه الأتراك".

واستطرد بالقول: أريد أن أؤكد للشعب الأميركي أننا سنتحرى جميع الحقائق. وتابع: "إن القتل الوحشي لصحافي بريء معارض، لن تمر دون رد أميركي، وأتوقع أنه لن يمر دون رد دولي".

وقد تدفع الصيغة المحدثة للرواية التركية، والتي أوردها إردوغان اليوم في خطابه، الإدارة الأميركية لتبديل موقفها وإعادة النظر بالعلاقة مع الأسرة الحاكمة السعودية بمعزل عن المصالح الاقتصادية لمستشار الرئيس الأميركي وصهره، جاريد كوشنر، الذي صرّح أمس الإثنين، في مقابلة مع قناة "سي إن إن"، أن "الأمور قابلة للتغيير" وأن الإدارة "ستحدد الرواية الأكثر صدقية" لاعتمادها والتصرف على أساسها. كمت شدد على أن إستراتيجية الإدارة تقوم على "ما تتطلبه مصالحنا وليس على السعودية".

وبعد مرور ساعات على إشادته باعتراف الرياض بروايتها المتناقضة، سارع ترامب إلى وصمها "بالمخادعة والمليئة بالكذب". وأضاف، أمس الإثنين، أن العملية كانت "مؤامرة انحرفت عن مسارها". جاء ذلك وسط احتقان الكونغرس الأميركي وبالأخص في أوساط الجمهوريين المقربين من ترامب بمجلس الشيوخ، والذين دعوا إلى "عدم التعامل معه (بن سلمان) بعد الآن"، لكن "من دون التفريط في العلاقة مع السعودية".

فيما عزا محللون، ملامح التبدل في الموقف الأميركي، والتي لا تزال غير مباشرة بعد، إلى محاولة احتواء أميركية للموقف الدبلوماسي "المحرج" على أقل تقدير الذي تمر به الحليفة الاقتصادية المهمة (في إشارة إلى السعودية)، خصوصًا وأن قضية خاشقجي قد فرضت نفسها على أجواء حملة الانتخابات النصفية في الكونغرس، المقررة في 6 تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل.

وحرص ترامب خلال الفترة الماضية، على التذكير المستمر بصفقة سلاح مع المملكة بقيمة "110 مليارات دولار"، وسط ارتفاع أصوات ذات اعتبار في الإدارة الأميركية وفي مجلسي الشيوخ والنواب، تطالب بوقف تصدير الأسلحة للسعودية ووقف التعامل مع ولي العهد، محمد بن سلمان.

يذكر أن إردوغان، رفض، اليوم، محاولات الرياض تحميل المسؤولية عن قتل خاشقجي بـ"طريقة وحشية" لضباط مارقين، قائلا إن الشخص الذي أمر بقتل الصحافي البارز يجب أن "يحاسب".

ولم يذكر إردوغان، في كلمة أمام البرلمان عن القضية التي أثارت غضبا عالميا، الأمير بن سلمان الذي يشتبه بعض أعضاء الكونغرس الأميركي بأنه من أصدر الأمر بالقتل.

لكنه قال إن تركيا لن تنهي التحقيق في قضية خاشقجي دون الوصول إلى إجابات لجميع الأسئلة وإبلاغ تركيا بهوية متعاون محلي تقول الرياض إنه تخلص من الجثة، مؤكدا على أن هذه القضية كانت مخططة.

 

التعليقات