"حان الوقت لكسر الصمت تجاه فلسطين"

ذكرت ألكسندر في مقالها، أن الكونغرس بأكمله حافظ على صمته في الآونة الأخيرة، تجاه "الكابوس الذي تكشّف في الأراضي المحتلة (الفلسطينية)"، مشيرة إلى أن أعضاء البرلمان الأميركي الذي يتمتع فيه اللوبي الإسرائيلي (الصهيوني) بقوّة هائلة، يقللون بشكل منهجي من انتقاداتهم

القائد السياسي الأميركي من أصل إفريقي، مارتن لوثر كينغ (نيويورك تايمز)

 ميشيل ألكسندر هي كاتبة عمود في صحيفة "نيويورك تايمز" منذ العام 2018، وهي ناشطة حقوقية ومحامية وباحثة قانونية أصدرت كتابا بعنوان "جيم كرو الجديد: الاعتقال الجماعي في عصر عمى الألوان"


تتزايد الرقابة الأميركية في السنوات الأخيرة، وتحديدا بعد وصول دونالد ترامب، إلى الرئاسة، على الجماعات والأفراد المتضامنين مع حقوق الشعب الفلسطيني والقضية الفلسطينية، في محاولة لتغييب هذه القضية عن الرأي العام الأميركي، ودعم الرواية الإسرائيلية بشكل شبه مُطلق. 

وكتبت المحامية وناشطة حقوق الإنسان الأميركية من أصل أفريقي، ميشيل ألكسندر، مقالا في هذا السياق في صحيفة "نيويورك تايمز"، بعنوان "حان الوقت لكسر الصمت تجاه فلسطين". 

الصمت تجاه معاناة الفلسطينيين

ذكرت ألكسندر في مقالها، أن الكونغرس بأكمله حافظ على صمته في الآونة الأخيرة، تجاه "الكابوس الذي تكشّف في الأراضي المحتلة (الفلسطينية)"، مشيرة إلى أن أعضاء البرلمان الأميركي الذي يتمتع فيه اللوبي الإسرائيلي (الصهيوني) بقوّة هائلة، يقللون بشكل منهجي من انتقاداتهم الموجهة لإسرائيل، رغم توسع احتلال الأراضي الفلسطينية وتبنيها لـ"بعض" ممارسات الأبرتهايد في جنوب إفريقيا، وقوانين "جيم كرو" العنصرية الأميركية ضد السود التي سادت حتى منتصف القرن الماضي.

المحامية والناشطة ميشيل ألكسندر

ولفتت ألكسندر إلى أن هذا الصمت لم يقتصر على النواب في الكونغرس، بل امتد إلى جمعيات الحقوق المدنية وناشطين مستقلين، عازية ذلك بشكل أساسي إلى خشية هؤلاء من وقف التمويل الذي تمنحهم إياه المؤسسات الكبرى، ومن الاتهامات الباطلة بـ"معاداة السامية".

ويتعرض طلاب الجامعات أيضا لهذه التضييقات حيث أنهم يخشون التعبير عن آرائهم تجاه القضية الفلسطينية في ظل التكتيكات المكارثية التي تنتهجها منظمات سرية مثل "كناري ميشن"، التي تنشر معلومات عن ناشطين مناهضين للسياسات الإسرائيلية ضد الفلسطينيين، في الولايات المتحدة، مما يهدد مستقبلهم الوظيفي.

وشددت الناشطة على أن بعضهم يشعر بالقلق من تعرض عملهم المهم في مواضيع العدالة الاجتماعية لمخاطر أو حملات تشهير، في حال دعمهم للشعب الفلسطيني، تماما كما ظنت بنفسها في الماضي. 

مبدأ رفض الظلم

قارنت الكاتبة الحاجة إلى "كسر الصمت تجاه فلسطين"، بما فعله القائد السياسي الأميركي من أصل إفريقي، مارتن لوثر كينغ، مع قضية الحرب التي شنتها الولايات المتحدة على فيتنام في ستينيات القرن الماضي.

وقالت إن الكثيرين من "حلفاء" كينع، طالبوه في تلك الفترة، بالتزام الصمت حول الحرب الأميركية على فيتنام بالرغم من سقوط آلاف الضحايا، مشيرة إلى أنهم كانوا يعلمون أن إعلانه الحقيقة الكاملة عن الحرب الظالمة والكارثية، كان سوف يعرضه إلى حملات انتقام وردة فعل شرسة، ويُنفر مؤيديه ويهدد التقدم الهش لحركة الحقوق المدنية التي كان يتزعمها.

وأوضحت الكاتبة أن كينغ أدان في نيسان/ إبريل 1967، الحرب الأميركية على فيتنام قائلا إن "الصمت الخيانة"، مضيفة أنه كان وحيدا في موقفه الأخلاقي هذا. 

ونوهت إلى أنه رغم التكلفة الكبيرة التي تكبدها كينغ لموقفه ذاك، فقد وضع "مثالا لما هو مطلوب منا إذا أردنا أن نحترم قيمنا العميقة في أوقات الأزمات، حتى عندما يخدم الصمت مصالحنا الشخصية أو مجتمعاتنا وقضايانا بشكل أكبر. هذا ما أفكر فيه عندما أعبر عن الأعذار والمبررات التي أبقتني صامتة إلى حد كبير على أحد التحديات الأخلاقية العظيمة في عصرنا: الأزمة في فلسطين وإسرائيل".

وأكدت الناشطة أن احترام رسالة كينغ، يُحتم على الناشطين إدانة سياسات إسرائيل بسبب انتهاكاتها الصارخة للقانون الدولي واستمرار احتلال الضفة الغربية ، والقدس الشرقية ، وغزة ، وهدم المنازل ومصادرة الأراضي. مضيفة: "يجب أن نصرخ ضد معاملة الفلسطينيين عند نقاط التفتيش، وعمليات التفتيش الروتينية لمنازلهم والقيود المفروضة على تحركاتهم، وإمكانيات الفلسطينيين المحدودة للغاية في الحصول على السكن اللائق والمدارس والغذاء والمستشفيات والمياه".

وقالت أيضا: "يجب ألا نتسامح مع رفض إسرائيل النقاش، حتى حول حق اللاجئين الفلسطينيين بالعودة إلى ديارهم، على النحو المنصوص عليه في قرارات الأمم المتحدة، وعلينا أن نتساءل عن أموال الحكومة الأميركية التي دعمت أعمالا عدائية متعددة سقط خلالها آلاف الضحايا المدنيين في غزة، وكذلك مبلغ الـ38 مليار دولار الذي تعهدت به الحكومة الأميركية بدعم إسرائيل عسكريا".

وأضافت: "وأخيرا، يجب علينا،  بقدر ما نستطيع حشده من شجاعة وإدانة، أن نرفع أصواتنا ضد نظام التمييز القانوني الموجود داخل إسرائيل، وهو نظام يحتوي على أكثر من 50 قانونا يميز ضد الفلسطينيين، وفقًا لـ"عدالة"، المركز القانوني لحقوق الأقلية العربية في إسرائيل. مثل قانون القومية الجديد الذي ينص صراحة على أن الإسرائيليين اليهود فقط هم من يحق لهم تقرير المصير في إسرائيل، متجاهلين حقوق الأقلية العربية التي تشكل 21 في المئة من السكان".

وأوضحت الكاتبة أن الاستشهاد بمواقف كينغ لإدانة إسرائيل قد يكون محط جدل، لأنه دعم قيامها من منطلقات إنسانية، حيث أنه اعترف بتعرض يهود أوروبا للاضطهاد والتشرد ودعمهم في بناء وطنهم الخاص، كما أنه أراد إظهار التضامن مع الجالية اليهودية، التي كانت حليفا مهما للمجتمع المدني وحركة الحقوق المدنية.

لكنها قالت إنه ألغى حجّه إلى البلاد بعد الاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية عام 1967، مبررا ذلك بأن زيارته "سوف يفسرها العالم العربي وإفريقيا، وآسيا بالطبع،  على أنه يؤيد كل ما فعلته إسرائيل. ولديّ أسئلة وشكوك حولها".

واعتبرت ألكسندر أن كينغ الذي اغتيل عام 1968، كان سوف يدين إسرائيل، متفقة بذلك مع المؤرخ روبين دي جي كيلي، الذي استنتج من خلال بحثه، أنه لو كانت لكينغ الفرصة لدراسة الوضع الحالي للقضية الفلسطينية كما درس الحرب على فيتنام كانت "معارضته الواضحة للعنف والاستعمار والعنصرية والنزعة العسكرية، ستجعل منه منتقدا حادا لسياسات إسرائيل الحالية". 

ويأتي مقال ألكسندر، بمثابة إعلان عن أنها سوف تبدأ بالحديث بشجاعة وإدانة كبيرتين حول الظُلم الذي يُمارس خارج حدود الولايات المتحدة، خصوصا ذلك الذي تموله حكومتها.

التعليقات