04/06/2019 - 16:46

وثائق سرية: أميركا "خرقت قانونها" لمساعدة إسرائيل بحرب تموز

كشفت مؤسسة "إنترسيبت" الإخبارية التحليلية، عبر الاستعانة بوثائق استخباراتية أميركية، مسربة، الأسبوع الماضي، أن المسؤولين العسكريين الإسرائيليين، استخدموا قنوات خاصة للضغط على نظرائهم الأميركيين...

وثائق سرية: أميركا

خلال حرب تموز (أ ب)

كشفت مؤسسة "إنترسيبت" الإخبارية، الأسبوع الماضي، أن المسؤولين العسكريين الإسرائيليين، استخدموا قنوات خاصة للضغط على نظرائهم الأميركيين في وكالة الأمن القومي، لتزويدهم بقاعدة بيانات مفصلة حول قيادات حزب الله وأماكن تواجدهم في حرب تموز/ يوليو 2006، من أجل استهدافهم واغتيالهم. 

ووفقًا لتقرير المؤسسة التحليلية، الذي تم إعداده بالاستعانة بوثائق استخباراتية أميركية مسربة، فإن الضغط الإسرائيلي، قوبل بداية برفض أميركي، لأن القانون المحلي يمنع مشاركة معلومات مماثلة، ليتم، لاحقًا، الالتفاف على القانون الأميركي، عبر تشكيل لجنة حكومية تشرف على مشاركة المعلومات الاستخباراتية مع إسرائيل. 

ورغم القيود القانونية التي تمنع وكالة الأمن القومي من الإفصاح عن معلومات استخباراتية لجهة أجنبية، فإن المسؤولين الأميركيين قرروا وضع إطار جديد لعملية تبادل المعلومات مع أجهزة المخابرات الإسرائيلية، إثر الضغوط التي مارسها نظراؤهم الإسرائيليون، والتالي استثنائهم من الحظر القانوني، ما أثار حفيظة بعض النقاد.

وعُرضت الوثائق المذكورة، والتي سربت بواسطة الموظف السابق في وكالة الأمن القومي، إدوارد سنودين، الذي سرب الكثير من المواد السرية عام 2013، من خلال مقالين، على موقع إخباري داخلي للوكالة، يُدعى "سيد توديي"، وقدمت، بشكل مقتضب، شرحًا للعلاقات الاستخباراتية المتبادلة بين إسرائيل والولايات المتحدة خلال الحرب العدوانية على لبنان صيف العام 2006. 

ونقلت الوثائق رواية ضابط اتصال تابع لوكالة الأمن القومي، مُكلف بإدارة العلاقات مع الشركاء الأجانب، حول الخلافات التي"نشبت" بين الأميركيين والإسرائيليين بسبب الطلب "الملح" الذي قدمته وحدة 8200 العسكرية الإسرائيلية، لوكالة الأمن القومي خلال العدوان على لبنان.

وكتب المسؤول في الوكالة الأميركية، أن اعتماد الوحدة العسكرية الإسرائيلية على وكالته، كان يرتكز حول المهمات ذات "الحساسية العالية للوقت"، و"التحذيرات من المخاطر"، بما في ذلك "استخبارات الإشارات التكتيكية"، بالإضافة إلى استلام معلومات جغرافية حول أمكان تواجد قيادات حزب الله.

وشدد ضابط المخابرات على أن الطلب الإسرائيلي الملح بمعرفة أماكن عناصر حزب الله، كان "إشكاليا بشكل خاص، وقد أجريت عدة نقاشات في أوقات متأخرة من الليل، والتي شابها توتر في بعض الأحيان، موضحا بالتفصيل، الحظر القانوني الأميركي على وكالة الأمن القومي، الذي يمنعها من تقديم المعلومات التي يمكن استخدامها في عمليات القتل المستهدفة".

وأضاف أنه "على الرغم من فهم قائد وحدة 8200، داني هراري، الكامل للنظام القانوني في الولايات المتحدة، إلا أنه طلب بإلحاح إعفائه من هذه السياسة القانونية الأميركية في هذا الشأن. واعتبرت قيادة الوحدة 8200 أن الحظر الأميركي في هذا الخصوص مخالفًا ليس فقط لدعم إسرائيل في قتالها ضد حزب الله، بل تقاعسًا في الحرب الأميركية العالمية على الإرهاب عموما".

وقال الصحافي مرتزا حسين، في مقال كتبه في هذا الشأن على منصة "إنترسيبت"، إن الضابط روى أن وكالة الأمن القومي توصلت في نهاية المطاف إلى تسوية مع نظيرتها الإسرائيلية من خلال العمل مع مكتب مدير الاستخبارات الوطنية، وهو مكتب على مستوى حكومي يشرف على عمل المخابرات الأميركية. وجاء في الوثيقة أنه "في النهاية، وُضع إطار عمل من قبل مكتب مدير الاستخبارات الوطنية، يحدد معالم وأساليب ما يمكن وما لا يمكن مشاركته مع الإسرائيليين". ولا تعطي الوثائق تفاصيل أكثر في هذا الصدد.

وأضاف حسين أن إحجام المسؤولين الأميركيين عن تبادل المعلومات الاستخباراتية عام 2006 يسلط الضوء على الديناميكية الجيوسياسية الشائكة بين هذين الحليفين القديمين، واللذين تتعارض وكالاتيهما الاستخباراتيتين مع بعضهما البعض في بعض الأحيان؛ كما يثير تساؤلات حول مدى شرعية مشاركة المعلومات الاستخبارية مع دولة شريكة تعمل خارج القيود القانونية الأميركية.

ولفت حسين إلى أن مسألة المعلومات الاستخباراتية التي يُسمح للمؤسسات الأميركية مشاركتها قانونيا مع حكومات أجنبية لا تزال غامضة، حيث يقول الخبير القانوني في الأمن السيبراني والخصوصية في كلية "فليتشر" للدراسات القانونية والدبلوماسية في جامعة "تافتس"، إنه يُمكن "الافتراض أن مكتب مدير الاستخبارات الوطنية ومكتب المدعي العام قد طورا سياسات معينة بشأن صياغة وتطبيق أنظمة تبادل المعلومات الاستخباراتية هذه، لكنها ليست متاحة للجمهور".

وذكر الصحافي أن وكالة الأمن القومي وقّعت مذكرة تفاهم مع الاستخبارات الإسرائيلية عام 2009، يُسمح بموجبها مشاركة بيانات استخباراتية، وفقا لوثيقة أخرى سربها سنودن أيضا، لصحيفة "ذي غارديان" البريطانية، والتي أثارت جدلا لما يحيطها من غموض حول الصلاحيات التي حصل عليها الإسرائيليون في الوصول إلى بيانات خاصة أو متعلقة بمواطنين أميركيين بما في ذلك رسائلهم الخاصة.

وأوضح أن انعكاسات الاتفاقية على الحريات المدنية كانت الأكثر إثارة للقلق، خصوصا في ما يتعلق ببيانات جمعتها وكالة الأمن القومي حول أشخاص غير أميركيين ومن ثم تقاسمتها مع المخابرات الإسرائيلية.

وكان مركز "برينان للعدالة" الحقوقي، قد علق على مذكرة التفاهم عام 2016، بالقول إن التوجيهات المتاحة للجمهور، لا تشرح كيف تضع وكالات الاستخبارات في الاعتبار، تأثير تبادل المعلومات الاستخباراتية على حقوق الإنسان لغير الأميركيين. وأضاف تقرير المركز أن "انعدام الشفافية يثير مخاوف من إمكانية استخدام المعلومات المشتركة لقمع أو فرض الرقابة أو الاضطهاد أو ارتكاب انتهاكات أخرى في مجال حقوق الإنسان".

وتشير مذكرة التفاهم بين إسرائيل ووكالة الأمن القومي إلى اتفاق بعد نحو ثلاث سنوات من انتهاء العدوان الإسرائيلي على لبنان عام 2006. لكنه حجم التعاون الذي كان بين البلدين خلال الحرب، لا يزال غير واضح حتى اليوم.

ولخّص عرض سري داخلي لوكالة الأمن القومي، قُدم عام 2007، بعض الخلافات الأساسية التي نشبت بين وكالة الأمن القومي ووحدة 8200، خلال العدوان على لبنان. 

وأشارت الوثيقة إلى أن الوحدة الإسرائيلية كان لديها نحو 5500 مجند و1200 ضابط مهني، وأن الوكالة الإسرائيلية يقع مقرها في تل أبيب بالإضافة إلى ما سمته "مراكز إنتاج" في سورية والأراضي الفلسطينية المحتلة ومصر ولبنان.

وذكرت الوثيقة أن المسؤولين الإسرائيليين كانوا يشعرون بـ"قلق كبير"، واعتمدوا بشكل كبير على دعم وكالة الأمن القومي أثناء عدوانهم على لبنان وحربهم ضد حزب الله، حيث طلبوا معلومات عن الجنود الذين خطفهم الأخير في لبنان، ودور إيران في عمليات الاختطاف هذه، واستخبارات الإشارات الإلكترونية، وبيانات جغرافية.

وأوضحت الوثيقة أن حزب الله كان جاهزا للحرب وتمتع بدعم لوجستي إيراني وسوري. في المقابل، أشار المسؤولون إلى أن صورة إسرائيل الإعلامية في أنحاء العالم كانت "سيئة"، ربما بسبب قصفها للأحياء المدنية، حيث لفتت الوثائق المسربة في "سيد توديي" إلى أن الحياة في تل أبيب خلال العدوان الإسرائيلي على لبنان، استمرت كالمعتاد، بينما أكد المسؤولون الأميركيون خلال العرض "التقديمي" الداخلي عام 2007، أنهم لاحظوا أنه كان "هناك القليل من التعاطف مع الضحايا المدنيين غير الإسرائيليين".

اقرأ/ي أيضًا | هل تتعاون شركات الهايتك في الولايات المتحدة مع الموساد؟

 

التعليقات