الصين: عزل ملايين الأشخاص لمكافحة فيروس كورونا

كثّفت الصين إجراءات احتواء فيروس كورونا المستجدّ خلال الساعات الأخيرة، وعزلت أكثر من أربعين مليون شخص، أمس الجمعة، فيما أُلغيت احتفالات كانت مقرّرةً، اليوم السبت، لمناسبة السنة القمريّة الجديدة، وأُغلِقت مواقع شعبيّة تلقى إقبالاً.

الصين: عزل ملايين الأشخاص لمكافحة فيروس كورونا

(أ.ب.)

كثّفت الصين إجراءات احتواء فيروس كورونا المستجدّ خلال الساعات الأخيرة، وعزلت أكثر من أربعين مليون شخص، أمس الجمعة، فيما أُلغيت احتفالات كانت مقرّرةً، اليوم السبت، لمناسبة السنة القمريّة الجديدة، وأُغلِقت مواقع شعبيّة تلقى إقبالاً.

وأمرت السلطات الصينية بفرض إجراءات على مستوى البلاد، للكشف عن حالات الإصابة المشتبهة بفيروس كورونا المستجد على القطارات والطائرات والحافلات، مع ارتفاع عدد المصابين والوفيات. وأفاد بيان لجنة الصحة الوطنية أنه سيتم وضع محطات للكشف عن الإصابات، وسيتم نقل الركاب الذين يُشتبه بإصابتهم "فورًا" إلى مركز صحي. وأمرت السلطات بتعقيم القطار أو الطائرة أو الحافلة بعد عزل الحالات المشتبهة.

وأضاف البيان أن على جميع المناطق وضع "خطط استجابة طارئة" لتفشي المرض تشمل تدريب الكوادر الطبية.

وجاء الإعلان فيما أغلقت السلطات خمس مدن جديدة تعد نحو 56 مليون نسمة، اليوم السبت، في محاولة لاحتواء المرض ليشمل حظر السفر المفروض في مقاطعة هوبي وسط البلاد 18 مدينة.

ونشرت السلطات 450 موظفًا صحيًا عسكريًا، لدى بعضهم خبرة في مكافحة مرضي "سارس" أو "إيبولا" في مدينة ووهان، التي ظهر فيها الفيروس للمرة الأولى، وفق ما أفادت وسائل إعلام رسمية السبت.

وتضاعفت اليوم السبت الحصيلة الرسميّة لضحايا الفيروس الذي ظهر في كانون الأول/ ديسمبر في سوق بمدينة ووهان، مع تأكيد وفاة 41 شخصًا في الصين بين نحو 1300 مصاب بالفيروس في داخل البلاد.

أمّا في الخارج، فسُجّلت إصابة ثانية بالفيروس في الولايات المتّحدة، وثلاث إصابات في فرنسا، للمرّة الأولى في أوروبا.

وأشاد الرئيس الأميركي دونالد ترامب، أمس الجمعة، بجهود بكين لمحاولة احتواء انتشار الفيروس، مثنيًا على "شفافيّتها" في المعركة ضدّ كورونا. وكتب ترامب على "تويتر" أن "الصين تعمل بجدّ لاحتواء فيروس كورونا. الولايات المتحدة تُقدّر حقًا جهودهم وشفافيّتهم"، مبديًا قناعته بأنّ الأمور "ستسير على ما يرام".

في ووهان الصينيّة التي تعدّ 11 مليون نسمة ووُضعت بحكم الأمر الواقع تحت الحجر الصحي منذ الخميس الماضي، يقول سائق سيّارة أجرةإنأ "هذا العام، عامنا الجديد مخيف جدًا... لا نجرؤ على الخروج بسبب الفيروس".

وفي العاصمة الصينيّة، ارتدى موظّفو المترو أزياء مخصّصة لحماية أنفسهم وقياس حرارة أجسام المسافرين عند مدخل محطّة بكين. ويزداد إلغاء الاحتفالات وإغلاق المواقع منعًا لانتشار الفيروس. وبدأت العطل الطويلة للعام الصيني الجديد، أمس الجمعة، عشيّة بدء سنة الفأر في 25 كانون الثاني/ يناير. ويتنقل خلال هذه العطلة مئات الملايين، وهو ما يُفاقم العدوى.

وفي مؤشّر إلى القلق الذي ساد كلّ أنحاء الصين، أعلنت السلطات إغلاق أقسام من سور الصين العظيم ومواقع رمزيّة مثل مقابر مينغ. وسيُبقي استاد بكين الوطني الذي شُيّد للألعاب الأولمبية في بكين عام 2008، أبوابه مغلقة حتى 30 كانون الثاني/ يناير.

وأغلقت "المدينة المحرمة" وهي القصر الإمبراطوري القديم، أبوابها منذ الخميس الماي حتّى إشعار آخر، وأُلغيت احتفالات رأس السنة الجديدة التي تجمع عادةً مئات ملايين الأشخاص في الحدائق للاحتفال.

إجراءات في ماليزيا تحسبًا لانتقال الفيروس عبر القادمين من الصين (أ.ب)

وفي شنغهاي، أعلنت مدينة ملاهي "ديزني لاند" إغلاق أبوابها. ومن مونتريال، ألغى "سيرك دو سولاي" الكندي عرضًا كان مقرّرًا في بكين، بناءً على طلب السلطات.

وفي مواجهة الأزمة، اتّخذ النظام الصيني، الخميس الماضي، قرارًا غير مسبوق بمنع كلّ القطارات والطائرات من مغادرة ووهان، وبإغلاق الطرق السريعة.

وتوجّه عدد قليل من الطائرات إلى المدينة خلال النهار. وتلقّت الحافلات والسفن عند نهر يانغتسي، أطول نهر في الصين وتقع ووهان على ضفافه، الأمرَ بالتوقّف في الاتّجاهين.

ولليوم الثاني على التوالي، كانت شوارع ووهان مقفرة والمتاجر مُغلقة وحركة السير خفيفة. وصار ارتداء الأقنعة الواقية إلزاميّاً تحت طائلة تسطير محضر ضبط بحقّ المخالف. رغم ذلك، لا خشية من تسجيل نقص في الأغذية، إذ أقدم كثُر على تخزينها استعدادًا للعام الجديد.

وفي مستشفيات زارتها وكالة فرانس برس، كان مرضى ينتظرون ممرّضةً ترتدي بزة حماية، من أجل قياس حرارة أجسامهم. وقال رجل يبلغ 35 عامًا اسمه لي "لديَّ حرارة وسعال، أخشى أن أكون التقطت العدوى".

وبما أنّ المستشفيات مكتظّة، بوشر بناء مستشفى مخصّص لاستقبال ألف مصاب بالفيروس في غضون عشرة أيام. ويُفترض أن يفتح أبوابه في الثالث من شباط/ فبراير، وفق وسائل إعلام رسمية. وأعلن التلفزيون الصيني إرسال 40 طبيبًا عسكريًّا إلى ووهان.

وبالإجمال، ثمة 13 منطقة مقطوعة عن العالم، وتضمّ 41 مليون شخص، أي ما قد يوازي سكّان بولندا أو كندا.

وعقب اجتماع امتدّ على يومين في مقرّها في جنيف، أقرّت منظّمة الصحّة العالمية، الخميس الماضي، بوجود "حال طوارئ في الصين"، لكنّها اعتبرت أنّ "من المبكر جداً" التحدّث عن "حال طوارئ صحّية عالميّة".

ولم تستخدم المنظّمة حتّى الآن مصطلح حال الطوارئ العالميّة، إلا في حالات وباء نادرة تتطلّب استجابة دوليّة حازمة، مثل انفلونزا الخنازير "إتش 1 إن 1" عام ،2009 وفيروس "زيكا" عام 2016 ، وإيبولا الذي اجتاح قسمًا من غرب إفريقيا بين عامي 2014 و2016، وجمهورية الكونغو الديموقراطية عام 2018.

وتؤكّد المنظّمة أن لا دليل حتّى الآن على انتقال العدوى من إنسان لآخر خارج الصين، مضيفةً "يبدو أنّ الأمر يقتصر حتى الآن على مجموعات أسريّة وعلى العاملين في مجال الرعاية الصحية".

ولا تطلب المنظمة فرض قيود على السفر، إنما إخضاع المسافرين لفحوص في المطارات. وتطالب أيضاً "كل الدول" بوضع إجراءات لكشف حالات الإصابة بالفيروس، الذي لا يوجد حاليا علاج له أو لقاح للوقاية منه.

في دافوس حيث عقد المنتدى الاقتصادي العالمي، أعلن التحالف من أجل ابتكارات تحسبًا من الأوبئة، الخميس الماضي، أنّ التجارب الطبية المتعلّقة بإعداد أول لقاح يمكن أن تحصل "بدءًا من الصيف".

وتمّ الإعلان عن إصابات في دول آسيوية (هونغ كونغ وماكاو وتايوان وكوريا الجنوبية واليابان وتايلاند وسنغافورة وفيتنام) وأيضاً في الولايات المتحدة وفرنسا.

ويثير المرض خشية من تكرار ما حصل مع فيروس سارس المماثل، الذي أدى إلى مقتل 650 شخصا في الصين القارية وهونغ كونغ بين عامي 2002 و2003.

التعليقات