انطلاق مباحثات السلام الأفغانية في الدوحة

انطلقت في العاصمة القطرية، الدوحة، اليوم السبت، مباحثات سلام تاريخية بين الحكومة الأفغانية وحركة طالبان، برعاية أميركية، ترمي إلى إنهاء ما يقرب من عقدين من الحروب والنزاعات.

انطلاق مباحثات السلام الأفغانية في الدوحة

من الجلسة الافتتاحية للمباحثات في الدوحة (أ ب)

انطلقت في العاصمة القطرية، الدوحة، اليوم السبت، مباحثات سلام تاريخية بين الحكومة الأفغانية وحركة طالبان، برعاية أميركية، ترمي إلى إنهاء ما يقرب من عقدين من الحروب والنزاعات.

وأقر المتفاوضون في الجلسة الافتتاحية بأن المحادثات ستكون طويلة ومعقدة، حيث تجري على وقع استمرار أعمال العنف في المناطق الأفغانية.

وقال وزير الخارجية الأميركي، مايك بومبيو، في كلمته "سنواجه بلا شك العديد من التحديات في المحادثات خلال الأيام والأسابيع والأشهر القادمة".

وبعد 19 عاما على اجتياح أفغانستان وإزاحة نظام حركة طالبان عن سدة الحكم، لا يزال المدنيون يُقتلون بالعشرات يوميا، في مواجهات بين عناصر الحركة والقوات الأميركية والحكومية.

وبحسب كبير المفاوضين باسم كابول، عبد الله عبد الله، فإنّ 12 ألف مدني قتلوا وأصيب 15 ألفا بجروح منذ توقيع اتفاق بين الحركة والولايات المتحدة بشأن الانسحاب من أفغانستان في شباط/ فبراير الماضي.

ودعا المسؤول الحكومي المكلّف بالمفاوضات باسم كابول، في كلمته الافتتاحية، إلى "أن نوقف العنف وأن نتفق على وقف إطلاق نار في أسرع وقت ممكن. نريد وقف إطلاق نار إنسانيا"، شاكرا ممثلي طالبان على حضورهم.

لكن المسؤول في الحركة، ملا عبد الغني برادر، وأحد مؤسسيها، لم يتبن موقفا مماثلا. وشدّد برادر أمام المجتمعين على أن تكون أفغانستان بلدا مستقلا بنظام إسلامي، في ما قد يكون نقطة الخلاف الرئيسية خلال المحادثات.

ويرى مراقبون أن حركة طالبان التي رفضت الاعتراف بحكومة الرئيس أشرف غني، ستسعى إلى إعادة بناء أفغانستان لتصبح "إمارة" إسلامية، بينما ستعمل إدارة غني على الحفاظ على الوضع الراهن المدعوم من الغرب لجمهورية دستورية كرّست العديد من الحقوق بما في ذلك مزيد من الحريات للمرأة.

وحثت وزيرة الخارجية النروجية، إين إريكسن سورييد، جميع الأطراف، على إدراج "النساء والضحايا والأقليات وأصحاب المصلحة الآخرين" في المسار السياسي، قائلة إن من شأن ذلك أن يكون المفتاح لاتفاق دائم.

وهناك أربعة نساء من بين أعضاء فريق كابول وعددهم 21، بينما لا تتواجد أي امرأة في وفد طالبان الذي يضم العدد ذاته.

وقالت حبيبة سرابي، إحدى المفاوضات، في تصريحات نقلتها وكالة "فرانس برس"، إن افتتاح المحادثات كان "إيجابيا جدا".

وتابعت "الجميع بمن فيهم الوزير بومبيو أكدوا تضامنهم، وهناك من هم من جهة طالبان أيضا. إنه وضع أفضل مقارنة بالاجتماعات الماضية. نحن في طريقنا لبناء الثقة".

بدوره، أشار المبعوث الأميركي الذي قاد محادثات الانسحاب الأميركي مع طالبان، زلماي خليل زاد، إلى أن الجدول الزمني لمغادرة القوات الأجنبية من أفغانستان بحلول أيار/ مايو لا يزال على المسار الصحيح، وأن وقف إطلاق النار الشامل يجب أن يحدث قبل ذلك.

وضغط الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، باتجاه سحب القوات الأميركية وإنهاء أطول حرب تخوضها الولايات المتحدة بدأت قبل ما يقرب من 20 عاما عندما غزت واشنطن أفغانستان.

وحذر خليل زاد من أن واشنطن لن تضمن قيام دولة أفغانية في المستقبل لا تتماشى مع "القيم العالمية" بما في ذلك حقوق المرأة، موضحا "لا يوجد شيك على بياض".

والمشاهد في العاصمة الأفغانية، نقلت تسمُّر السكان أمام شاشات أجهزة التلفزيون مع بدء حفل الافتتاح.

وانطلقت المفاوضات بين الطرفين الخصمين بعد ستة أشهر من الموعد المقرر، بسبب خلافات مريرة بشأن صفقة تبادل أسرى مثيرة للجدل تم الاتفاق عليها في شباط/ فبراير الماضي.

وبدأت المحادثات بعد يوم من الذكرى الـ19 لهجمات الحادي عشر من أيلول/ سبتمبر 2001 التي اتخذتها الولايات المتحدة ذريعة لغزو أفغانستان وإطاحة نظام طالبان.

وقد يستغرق التوصّل إلى اتفاق سلام شامل سنوات، وسيعتمد ذلك على استعداد كلا الجانبين لإيجاد مقاربة مشتركة لطريقة الحكم في بلدهما.

وتعقد المحادثات في غرفة اجتماعات كبيرة في فندق ضخم، تم توزيع المقاعد فيه على مسافات متباعدة اجتماعيا، في مقابل لافتة كتب عليها "مفاوضات سلام أفغانستان" بأربع لغات.

وبدأ المندوبون في الوصول منذ الفجر إلى الموقع الذي استضاف توقيع اتفاق بين الولايات المتحدة وطالبان في شباط/ فبراير، مما مهد الطريق للمحادثات وإعلان الحركة "انتصارها".

ونظمت قطر بهدوء العملية السياسية التي تعقدت بسبب العنف في أفغانستان وأزمة فيروس كورونا المستجد، حيث شدد كبير الوسطاء في الدوحة، مطلق القحطاني، على "قوة الدبلوماسية". وقال "ننصح طالبان بالحفاظ على حقوق المرأة وحمايتها".

وكانت قطر قد دعت حركة طالبان لفتح مكتب سياسي في الدوحة عام 2013 وساعدت في التوسط في اتفاق شباط/ فبراير لسحب القوات بين واشنطن والحركة.

ومنذ الاتفاق بين الولايات المتحدة وطالبان، تواصلت أعمال العنف في البلاد، وقالت وزارة الدفاع الأفغانية إنه تم تسجيل مواجهات في أكثر من 20 منطقة في الساعات الأربع والعشرين الماضية.

التعليقات