كيف ستكون العلاقات السعوديّة - الأميركيّة في فترة بايدن؟

يرى خبراء أنّ السعودية لا تزال تمتلك نفوذا كافيا لمنع حدوث شرخ كبير في العلاقات مع الولايات المتحدة الأميركية، رغم تعهّد الرئيس الأميركي المنتخب، جو بايدن بإعادة تقييم العلاقة مع الرياض، على خلفية مسألة حقوق الإنسان.

كيف ستكون العلاقات السعوديّة - الأميركيّة في فترة بايدن؟

الرئيس الأميركي المنتخب، بايدن (أ ب)

يرى خبراء أنّ السعودية لا تزال تمتلك نفوذا كافيا لمنع حدوث شرخ كبير في العلاقات مع الولايات المتحدة الأميركية، رغم تعهّد الرئيس الأميركي المنتخب، جو بايدن بإعادة تقييم العلاقة مع الرياض، على خلفية مسألة حقوق الإنسان.

وتمتّع ولي العهد السعوديّ، محمد بن سلمان، الذي تزامن صعوده السريع إلى السلطة مع بداية رئاسة دونالد ترامب، في عام 2016، بعلاقات وطيدة مع البيت الأبيض شكّلت شبكة حماية له من الكثير من الانتقادات.

لكن هزيمة ترامب تترك الحاكم الفعلي للدولة الخليجية عرضة للمحاسبة المحتملة من أقرب حليف غربي، ما قد يجعله أقل قدرة على الوصول إلى الدوائر الضيقة في واشنطن في وقت تواجه أجندته الإصلاحية مخاطر اقتصادية وسط استمرار الحرب في اليمن المجاور.

وبينما قدّم ترامب وصهره جاريد كوشنر، الدعم الكامل لوليّ العهد السعودي، تعهّد بايدن بإعادة تقييم العلاقة.

وانتقد ما وصفه بـ"شيك على بياض خطير" من ترامب للسعودية، وتعهّد بمواصلة السعي وراء تحقيق العدالة في قضية مقتل الصحافي السعودي، جمال خاشقجي في عام 2018 على يد أفراد سعوديين، وبمراجعة مبيعات الأسلحة الأميركية بسبب الحرب الكارثية في اليمن.

ومع ذلك، يقول خبراء إن العلاقات العسكرية والاقتصادية القائمة منذ عقود، والتي تشمل مكافحة الإرهاب معا والحفاظ على الاستقرار في أسواق النفط، من غير المرجح أن تنقلب رأسا على عقب.

بن سلمان (أ.ب.)

وعلى الرغم من أن الولايات المتحدة قلّصت اعتمادها على النفط السعودي في السنوات الأخيرة، إلا أنّ السعودية لا تزال زبونا رئيسيا للمقاولين العسكريين الأميركيين.

ويرى خبراء أن بايدن سيحتاج إلى العمل مع حكّام السعودية بشأن مجموعة من القضايا الساخنة في المنطقة، بدءا من مواجهة النفوذ الإقليمي لإيران، إلى محاربة تنظيم "داعش" الإرهابي الذي عاد للظهور مؤخرا.

ونقلت وكالة "فرانس برس" عن الدبلوماسي السابق الرفيع المستوى في السفارة الأميركية في الرياض، ديفيد رونديل، القول، إن "إدارة بايدن ستّتخذ بلا شك موقفا أكثر تشدّدا في ما يتعلّق بحقوق الإنسان من سابقتها، لكن من غير المرجح أن تتخلّى تماما عن الشراكة السعودية الأميركية".

وأضاف رونديل الذي ألّف كتابا عن السعودية: "بينما أصبحت الولايات المتحدة أكثر استقلالية في مجال الطاقة (...)، فإنّ الحلفاء الأميركيين المهمين مثل اليابان وكوريا لم يفعلوا ذلك".

ويبدو أن الرياض قلقة من تعهّد بايدن بإحياء الاتفاق النووي المبرم عام 2015 بين القوى العالمية وإيران، وهو اتفاق تمّ التفاوض عليه عندما كان نائبا للرئيس في عهد باراك أوباما.

ومزّق ترامب الاتفاق، بعدما اختار زيارة الرياض في أول جولة خارجية له كرئيس في عام 2017.

ولضمان نجاح الاتفاق هذه المرة، يرى محلّلون أن بايدن سيسعى للحصول على توافق بين دول المنطقة، بما في ذلك السعودية التي تعارض تقليديا الدبلوماسية مع طهران.

بايدن وأوباما (أ ب)

وقال المحلل السعودي، علي الشهابي: "لا أحد يتوقع أن يسافر بايدن أولا إلى الرياض ويؤدي رقصة وهو يحمل سيفا، لكنه يحتاج إلى السعودية من أجل أي غطاء إقليمي لصفقة إيرانية جديدة، وفي مسألة دعم مكافحة الإرهاب، والصراع الإسرائيلي الفلسطيني، واستقرار سوق النفط".

وكان بايدن قد أعرب عن دعمه لاتفاقات التطبيع العربية- الإسرائيلية الأخيرة، بما في ذلك البحرين التي من غير المرجّح أن تكون قد وقّعت على اتفاق التطبيع من دون موافقة الرياض.

ويرى مراقبون أن بن سلمان يمكن أن يستخدم التطبيع المحتمل للسعودية مع إسرائيل كأداة تفاوضية إذا زاد بايدن من الضغوط.

وبحسب الباحثة في معهد المجلس الأوروبي للعلاقات الدولية، تشينزيا بيانكو، فإنّ "كثيرين في الرياض يعتقدون أن اتفاق التطبيع مع إسرائيل سيضع الأمير محمد في وضع أفضل بكثير مع إدارة بايدن".

وأضافت: "كل شيء يعتمد على مدى عدائية إدارة بايدن في الواقع، في السياسة وليس في الخطاب، تجاه السعودية بدءا من كانون الثاني/ يناير"، مع أدائه اليمين.

ويعتبر المراقبون السعوديون خطابات بايدن الانتخابية حول بلدهم؛ أداة انتخابية لا أكثر، مشيرين إلى أن ترامب وجّه أيضا ملاحظات معادية للسعودية في حملته عام 2016 قبل التقرّب من حكّامها.

رحب بايدن بالتطبيع (أ ب)

كما أنّ تعهّد بايدن بإعادة تقييم مبيعات الأسلحة للسعودية يتعارض مع سجله السابق، فعندما كان نائبا للرئيس خلال فترتي ولايتين لأوباما، قدّمت الولايات المتحدة لقواتٍ سعودية، الدعم اللوجستي والاستخباراتي، كما باعت أسلحة تزيد قيمتها على 115 مليار دولار في 42 صفقة منفصلة، أي أكثر من أي إدارة سابقة أخرى، وفقا لبيانات من عام 2016 لمنظمة "سيكيوريتي أسيستينس مونيتور"، التي تتخذ من الولايات المتحدة مقرّا لها.

ومع ذلك، فإنّ أقرباء سجناء الرأي السعوديين يعلّقون آمالهم على بايدن، ويتوقّعون أن يضع شروطا أكثر صرامة على الدعم الأميركي مثل المطالبة بالإفراج غير المشروط عن هؤلاء السجناء.

وأشرف بن سلمان على حملة قمع لأي معارضة، مع اعتقال عشرات النشطاء والصحافيين ورجال الدين وحتى أفراد العائلة المالكة على خلفية شبهات بالفساد في السنوات الأخيرة.

وقال وليد الهذلول شقيق الناشطة لجين الهذلول، المسجونة منذ أكثر من عامين والمضربة عن الطعام حاليا: "نأمل أن يجعل (بايدن) انتهاكات حقوق الإنسان في السعودية أولوية، الأمر الذي أهملته إدارة ترامب الحالية".

التعليقات