الكونغرس: محاكمة لعزل ترامب إثر هجوم أنصاره على الكابيتول

إدانة ترامب ستحتاج إلى أصوات أكثر من ثلثي أعضاء مجلس الشيوخ، ما يعني انشقاق 17 جمهوريا عن صفوف باقي أعضاء الحزب والانضمام إلى جميع الديمقراطيين البالغ عددهم 50 سناتورا، في سيناريو يبدو مستبعدا في الوقت الراهن

الكونغرس: محاكمة لعزل ترامب إثر هجوم أنصاره على الكابيتول

ترامب لدى مغادرته البيت الأبيض، 20 كانون الثاني/يناير الماضي (أ.ب.)

سيكون الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترامب، محور محاكمة ثانية غير مسبوقة تبدأ تبدأ بعد غد، الثلاثاء، في مجلس الشيوخ الذي سيتعيّن على أعضائه تحديد إن كان قد حرّض بالفعل على هجوم دام استهدف مقرّ الكابيتول. ويأتي ذلك بعد عام على تمرير مجلس النواب قرار عزله الأول.

وسينظر أعضاء مجلس الشيوخ في سابقة مثيرة للجدل عندما يجتمعون لاتّخاذ قرار بشأن عزل رئيس لم يعد في منصبه، ولا يزال يشكّل مركز ثقل في حزبه ولو من دون السلطة التي كان يمنحه إياها البيت الأبيض.

وتتركز هذه الإجراءات على الفوضى التي شهدها السادس من كانون الثاني/يناير الفائت، عندما اقتحم المئات من أنصار ترامب مقر الكونغرس واصطدموا مع الشرطة محاولين منع انعقاد جلسة رسمية للمصادقة على فوز جو بايدن في الانتخابات.

ووصف التحرّك، الذي يعتبره نواب ديمقراطيون محاولة انقلاب على أيدي إرهابيين من الداخل، بأنه أخطر هجوم على الديمقراطية الأميركية منذ الحرب الأهلية، في ستينات القرن التاسع عشر.

وأثار الاعتداء الذعر في أوساط أعضاء الكونغرس، الذين كان المشاركون فيه يستهدفونهم، كما أشعل غضب كثيرين، ما دفع الديمقراطيين لبدء إجراءات عزل ترامب تزامناً مع انقضاء عهده الرئاسي.

وفي 13 كانون الثاني/يناير، وجّه مجلس النواب له تهمة "التحريض على التمرّد" ليكون ترامب الرئيس الأميركي الوحيد الذي يعزل مرّتين. ولم يسبق أن دين أي رئيس أميركي من قبل خلال محاكمة لعزله. ويهدف الديمقراطيون عبر المحاكمة إلى حظر ترامب من تولي أي منصب فدرالي في المستقبل، في حال تمكنّوا من تحقيق هدف إدانته.

وغطّت شبكات الإعلام الأميركية الهجوم على الكابيتول بالبث المباشر وهناك آلاف الصور والتسجيلات المصوّرة عن الوقائع، بما فيها تلك التي أظهرت بعض المشاركين وهم يصرّون على أن ترامب "يريدنا هنا". ويشير معارضو ترامب إلى أنه لعب دورا في الهجوم عبر انتهاك قسمه وتحريض أنصاره.

من جانبهم، يدعي ترامب وحلفاؤه أن المحاكمة بحد ذاتها غير دستورية، إذ بإمكان مجلس الشيوخ إدانة رئيس في منصبه وإزاحته من السلطة، لكن لا يمكنه القيام بذلك تجاه مواطن عادي. وستسمح هذه المقاربة لفريق الدفاع عنه وأعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين بتجنّب مهمة الدفاع عن التغريدات والانتقادات اللاذعة الصادرة عن ترامب قبيل أعمال العنف.

أنصار ترامب لدى اقتحامهم الكونغرس (أ.ب.)

وأصرّت رئيسة مجلس النواب، نانسي بيلوسي، التي شكّلت فريقا من تسعة ديمقراطيين لإدارة إجراءات العزل وتوجيه التهم لترامب، على ضرورة إجراء المحاكمة، مشيرة إلى أن الفشل في إدانته سيضر بالديمقراطية الأميركية. وصرّحت للصحافيين، يوم الخميس الماضي، بأنه "سنرى إذا سيكون مجلس الشيوخ مجلس شجاعة أو جبن".

وستحتاج إدانة ترامب إلى أصوات أكثر من ثلثي أعضاء مجلس الشيوخ، ما يعني أنه سيتعيّن على 17 جمهوريا الانشقاق عن صفوف باقي أعضاء الحزب والانضمام إلى جميع الديمقراطيين البالغ عددهم 50 سناتورا، في سيناريو يبدو مستبعدا في الوقت الراهن.

لكن بينما لا يزال ترامب يحتفظ بدعم قوي من قاعدته الانتخابية، إلا أن الهجوم قد يكون خفض مستوى شعبيته، وهو أمر لا يصب في مصلحة الرئيس السابق البالغ 74 عاما، والذي تروق له فكرة الترشّح مجددا للرئاسة في العام 2024.

"برميل بارود وإشعال عود ثقاب"

لا ينوي الديمقراطيون الذين يديرون إجراءات عملية العزل الالتزام بالنظريات القانونية فحسب خلال الجلسة. وتكشف مذكرة تلخّص مرافعاتهم النبرة التي سيلجؤون إليها، إذ اتّهموا ترامب بـ"تحضير برميل متفجرات وإشعال عود ثقاب ومن ثم البحث عن الفائدة الشخصية من الفوضى التي أعقبت ذلك".

كما أشاروا إلى نيّتهم استخدام العديد من تصريحات ترامب العلنية ضده، بما فيها الخطاب الذي أدلى به في السادس من كانون الثاني/يناير، قبيل الاعتداء، أمام حشد من أنصاره قرب البيت الأبيض حيث دعاهم إلى "إظهار قوّتهم". وقال ترامب حينها "لن تستعيدوا بلدنا قط إذا كنتم ضعفاء"، داعيا إياهم إلى "القتال بشراسة".

أنصار ترامب داخل الكونغرس، في 6 كانون الثاني/يناير الفائت (أ.ب.)

أما محامو الدفاع عنه فركّزوا في بيانهم على نقطتين، هما أن المحاكمة "صورية" إذ لا يمكن إزاحة ترامب من منصب لم يعد فيه، وأن الهدف من خطابه كان التشكيك في نتائج الانتخابات بينما لا تندرج تصريحاته، في السادس من كانون الثاني/يناير، إلا في إطار حرية التعبير التي يحميها الدستور.

وبينما لم يشر الديمقراطيون إلى ماهية الأدلة التي سيستخدمونها أو الشهود الذين سيستدعونهم، على غرار ضباط شرطة الكابيتول، رفض فريق الرئيس السابق دعوتهم لترامب للإدلاء بشهادته. وتشير تقارير إعلامية إلى أن الديمقراطيين لا يفكّرون في إصدار مذكرة استدعاء بحقه لإجباره على الحضور.

من جهتهم، لا يرغب الجمهوريون الذين يبدو أنهم منقسمون حيال مستقبل الحزب، بمناقشة مسألة المحاكمة المثيرة للجدل طويلا. كما أن العديد من الديمقراطيين يفضّلون طي الصفحة سريعا، من أجل إفساح المجال أمام الكونغرس لإقرار مقترحات لبايدن تحظى بأولوية على غرار خطة إنقاذ اقتصادي ضخمة لمواجهة تداعيات فيروس كورونا.

التعليقات