مواجهة أميركيّة - روسيّة في مجلس الأمن حول أوكرانيا

تواجهت واشنطن وموسكو، اليوم الإثنين، خلال جلسة عقدها مجلس الأمن الدولي للبحث في مسألة القوات التي حشدتها روسيا على حدودها مع أوكرانيا، فيما تكثّف الدول الغربية جهودها الدبلوماسية لتجنّب اندلاع نزاع عسكري.

مواجهة أميركيّة - روسيّة في مجلس الأمن حول أوكرانيا

خلال جلسة مجلس الأمن ("أ ب")

تواجهت واشنطن وموسكو، اليوم الإثنين، خلال جلسة عقدها مجلس الأمن الدولي للبحث في مسألة القوات التي حشدتها روسيا على حدودها مع أوكرانيا، فيما تكثّف الدول الغربية جهودها الدبلوماسية لتجنّب اندلاع نزاع عسكري.

وقبل بدء الاجتماع مباشرة، حذّر الرئيس الأميركي، جو بايدن من أنّه "إذا تخلّت روسيا عن المسار الدبلوماسي وغزت أوكرانيا، فستتحمّل المسؤولية وتواجه عواقب وخيمة وسريعة".

واعتبر بايدن أنّ الجلسة التي عقدها مجلس الأمن بناء على طلب الولايات المتحدة، "هي خطوة حاسمة لجعل العالم يوحّد الصوت" بشأن الأزمة الأوكرانية.

وخلال الجلسة اعتبر سفير روسيا لدى الأمم المتحدة، فاسيلي نيبينزيا أنّ الولايات المتّحدة تريد "خلق حالة من الهستيريا" و"خداع المجتمع الدولي باتّهامات لا أساس لها".

وردّت نظيرته الأميركية، ليندا توماس-غرينفيلد بأنّ نشر أكثر من 100 ألف جندي روسي على الحدود مع أوكرانيا، يبرّر عقد اجتماع في الأمم المتحدة لأنّ هذه القوات العسكرية "تهدّد الأمن الدولي".

خلال جلسة مجلس الأمن ("أ ب")

ولم تتمكن روسيا من الحصول على قرار بإلغاء الاجتماع خلال تصويت إجرائي صوّتت فيه عشر دول من أصل 15 لصالح عقد الجلسة.

كذلك، اتّهمت توماس-غرينفيلد روسيا بأنّها تعتزم رفع عدد قواتها في بيلاروسيا القريبة من أوكرانيا إلى "أكثر من 30 ألف عسكري" في غضون أسابيع.

وأشار نيبينزيا ونظيره البيلاروسي فالنتين ريباكوف إلى أنّ الأمر يتعلّق بـ"تدريبات عسكرية مشتركة" ستجرى في شباط/ فبراير. وقال السفير الروسي أمام وسائل إعلام: "لدينا تدريبات منتظمة مع بيلاروسيا" كما هي الحال على الأراضي الروسية.

وأمام مجلس الأمن، تساءل نيبينزيا على أيّ أساس يمكن الغرب أن يؤكّد وجود أكثر من 100 ألف جندي روسي على الحدود الأوكرانية، مذكّرا بأنّه قبل غزوها العراق عام 2003، أكدت واشنطن أنّ لديها أدلة على وجود أسلحة دمار شامل في هذا البلد، لكن لم يتم العثور عليها أبدا.

سفيرة واشنطن ا لدى الأمم المتحدة، توماس-غرينفيلد

من جانبه، قال السفير الأوكراني لدى الأمم المتحدة، سيرغي كيسليتسيا إنّ "التحركات العسكرية لن ترهب بلاده"، وإن "الأولوية هي التوصل إلى وقف لإطلاق النار في منطقة دونباس" في شرق أوكرانيا التي شهدت اشتباكات مع انفصاليين أوكرانيين مدعومين من موسكو.

ومن المقرّر أن يناقش مجلس الأمن مسألة أوكرانيا مجدّدا في 17 شباط/ فبراير خلال اجتماع دوري مخصّص لاتفاقات مينسك الهادفة لإرساء تهدئة في منطقة دونباس.

من جانبها، شدّدت نائبة الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون السياسية، روزماري ديكارلو على أنّ "لا بديل عن الدبلوماسية" في هذه الأزمة، مضيفة: "يجب أن لا يكون هناك أيّ تدخّل عسكري".

واستقبل بايدن، الإثنين، حليفه أمير قطر، تميم بن حمد آل ثاني الذي سيناقش معه، من بين أمور أخرى، مسألة أمن الغاز في أوروبا وسبل "ضمان استقرار الإمدادات العالمية للطاقة".

سفير روسيا لدى الأمم المتحدة، فاسيلي نيبينزيا ("أ ب")

من جهتها، أعلنت الناطقة باسم وزارة الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا أنّ محادثة هاتفية ستجرى الثلاثاء بين وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، ونظيره الأميركي، أنتوني بلينكن.

وشدّدت موسكو على أنّها لا تريد أن تكون في وضع "يتعرّض فيه أمننا للتهديد يوميا" كما سيكون عليه الوضع في حال انضمّت أوكرانيا إلى حلف شمال الأطلسي.

وتُتّهم روسيا منذ نهاية 2021 بحشد ما يصل إلى مئة ألف جندي على الحدود الأوكرانية بهدف شنّ هجوم. لكنّ موسكو تنفي أيّ مخطط من هذا القبيل، مطالبةً في الوقت نفسه بضمانات خطّية لأمنها، في مقدّمها التعهّد بعدم انضمام أوكرانيا إلى حلف شمال الأطلسي أبدا وبوقف توسّع الحلف شرقًا.

ورفضت الولايات المتّحدة هذا الأسبوع الطلب، في ردّ خطّي إلى موسكو. وقال الكرملين إنّه يفكّر في ردّه على الردّ الأميركي.

من جهته اعتمد رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ الأميركي موقفا حازما، مؤكدا أنه من الضروري أن توجه واشنطن رسالة قوية للرئيس الروسي، فلاديمير بوتين مفادها أنّ أيّ عدوان ضد أوكرانيا ستترتّب عليه كلفة عالية.

ممثل الصين خلال الجلسة ("أ ب")

وأعلنت دول غربيّة عدّة في الأيام الماضية إرسال وحدات عسكرية إضافية إلى أوروبا الغربية بينها الولايات المتحدة التي وضعت 8500 عسكري في حال تأهّب لتعزيز حلف شمال الأطلسي، وفرنسا التي تريد نشر "مئات" الجنود في رومانيا.

ويُرتقب أن يزور كييف هذا الأسبوع، كلّ من وزير الخارجيّة الفرنسي، جان-إيف لودريان ونظيرته الألمانيّة، أنالينا بيربوك، ورئيس الوزراء البولندي، ماتيوش مورافسكي.

وكانت وزيرة الدفاع الكنديّة، آنيتا أنان التي تُقدّم بلادها مساعدة عسكريّة لأوكرانيا، وصلت إلى كييف الأحد في زيارة تستغرق يومين، وقد أعلنت أنّ العسكريين الكنديّين المتمركزين في أوكرانيا منذ 2015 للمساهمة في تدريب القوات الأوكرانية سيتحرّكون باتجاه غرب هذا البلد.

عقوبات أميركيّة "تستهدف أفرادا من النخبة الروسية وعائلاتهم"

وفي سياق ذي صلة، أعلنت الناطقة باسم البيت الأبيض، جين ساكي، الإثنين، أن الولايات المتحدة أعدت "عقوبات تستهدف أفرادا من النخبة الروسية وعائلاتهم"، إذا غزت روسيا أوكرانيا.

بوتين في خطاب سابق ("أ. ب")

وأوضحت ساكي أن واشنطن حددت "أفرادا ينتمون إلى الدائرة المقربة من الكرملين يدورون في فلكها".

وأضافت ساكي أن هؤلاء الأشخاص كانوا "أهدافا" للعقوبات بسبب علاقاتهم المالية الوثيقة مع دول غربية.

بريطانيا تقرر تشديد عقوباتها على موسكو

وأعلنت وزيرة الخارجية البريطانية، ليز تراس، الإثنين، أنّ الحكومة ستقدّم مشروع قانون يرمي إلى تشديد حزمة العقوبات التي يمكن لندن أن تفرضها على موسكو، إذا ما شنّ الكرملين هجومًا عسكريا على أوكرانيا.

وقالت تراس أمام مجلس العموم: "سنقدّم أمام المجلس مشروع قانون يشدّد نسبيًا موقفنا حيال العمل العدواني الذي تقوم به روسيا تجاه أوكرانيا"، موضحةً أنّ هذه العقوبات قد تستهدف عددًا أكبر من الأشخاص والشركات بناءً على أهميّتهم بالنسبة إلى الكرملين.

وأضافت الوزيرة: "سنتمكّن من استهداف كلّ الشركات المرتبطة بالدولة الروسية والتي تقوم بنشاطات لديها أهمية اقتصادية للدولة الروسية أو تعمل في قطاع لديه أهمية إستراتيجية للدولة الروسية. ولن يكون بإمكاننا استهداف هذه الكيانات فحسب، بل سنتمكّن أيضا من ملاحقة من يملكها أو يديرها".

رئيس الوزراء البريطاني، جونسون (أ. ب.)

وأشارت تراس إلى أنّ نظام العقوبات هذا سيكون "الأشدّ" ضدّ روسيا و"أكبر تغيير" في نهج المملكة المتحدة منذ خروجها من الاتحاد الأوروبي.

وأضافت: "سنحرص على أن يتحمّل الأشخاص الذين يتشاركون المسؤولية في العمل العدواني للكرملين والمزعزع للاستقرار، ثمنا باهظا. سيخاطرون بتجميد أصولهم في بريطانيا وحظرهم من دخول أراضيها. كذلك، سيكون من المستحيل أن تتعامل معهم أي شركة أو فرد في المملكة المتحدة".

ومن المقرّر أن يتّصل رئيس الوزراء البريطاني، بوريس جونسون ببوتين لحضّه مجدّدا على "التراجع والانخراط في المساعي الدبلوماسية".

الكرملين: بوتين وماكرون ناقشا مسألة أوكرانيا و"الضمانات الأمنية" لموسكو

وأجرى الرئيسان الروسي، بوتين والفرنسي إيمانويل ماكرون، مكالمة هاتفية، الإثنين، للمرة الثانية خلال أربعة أيام في ظل الأزمة المرتبطة بأوكرانيا، كما أعلن الكرملين.

وأكدت الرئاسة الروسية في بيان صدر عقب المكالمة "استمر تبادل وجهات النظر بشأن الوضع حول أوكرانيا وحول إعطاء روسيا ضمانات أمنية طويلة الأجل ملزمة قانونيا".

بايدن: "مستعدّون لكلّ الاحتمالات"

ولاحقا، حذّر بايدن من أنّ بلاده وإذ "تواصل الدعوة لاعتماد الدبلوماسية" سبيلا لحلّ الأزمة على الحدود الروسية-الأوكرانية، فإنّها في الوقت نفسه "مستعدّة لكلّ الاحتمالات".

وفي تصريح أدلى به في المكتب البيضاوي بالبيت الأبيض قال الرئيس الأميركي: "لقد أوضحنا اليوم في الأمم المتحدة الطبيعة الكاملة للتهديدات الروسية لسيادة أوكرانيا وسلامة أراضيها، وكذلك للمبادئ الأساسية للنظام الدولي القائم على قواعد".

وأضاف: "نواصل الحضّ على الدبلوماسية بوصفها الطريقة المثلى للمضي قدما، لكن مع استمرار روسيا في حشد قواتها حول أوكرانيا، فنحن مستعدّون لكلّ ما يمكن أن يحدث".

التعليقات