روسيا تمنع سكّانها من تحويل أموال إلى الخارج

أعلن الكرملين أن الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، أمر باتخاذ إجراءات دعما للروبل الذي يدفع ضريبة العقوبات الغربية المرتبطة بالنزاع في أوكرانيا، وذلك عبر منع السكان في روسيا من تحويل أموال إلى الخارج.

روسيا تمنع سكّانها من تحويل أموال إلى الخارج

مكتب صرافة في موسكو، اليوم (أ ب)

أعلن الكرملين أن الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، أمر باتخاذ إجراءات دعما للروبل الذي يدفع ضريبة العقوبات الغربية المرتبطة بالنزاع في أوكرانيا، وذلك عبر منع السكان في روسيا من تحويل أموال إلى الخارج.

وبحسب مرسوم نُشر على موقع الكرملين، إنّ سكان روسيا ممنوعون من تحويل أموال إلى الخارج اعتبارًا من يوم غد، الثلاثاء.

كذلك، أجبرت الجهات المصدرة الروسية، اعتبارا من اليوم، الإثنين، على أن تحول إلى الروبل 80% من العائدات التي تلقتها بالعملات الأجنبية، منذ الأول من كانون الثاني/ يناير الماضي، وأن تستمرّ في التحويل وفق هذه النسبة في المستقبل.

يأتي ذلك مع تزايد العزلة الدبلوماسية والاقتصادية لموسكو في اليوم الخامس على غزو أوكرانيا، في أكبر هجوم على دولة أوروبية منذ الحرب العالمية الثانية، فيما يحاول الاقتصاد الروسي تعزيز دفاعاته في مواجهة العقوبات التي فرضتها الدول الغربية ردًا على الغزو الروسي لأوكرانيا.

جاء ذلك بالتزامن مع التقارير حول صعوبات كبيرة بواجهها مشتري النفط الروسي، بشأن المدفوعات وتوافر السفن في أعقاب العقوبات الغربية على موسكو بسبب غزو أوكرانيا. علما بأن قطاع الطاقة الروسي الواسع نفسه لم يتعرض للعقوبات. وتنتج روسيا 10% من النفط العالمي وتزود أوروبا بـ40% من الغاز.

"إمبراطورية الكذب" تحاصر بوتين

وفي وقت سابق، اليوم، انتقد بوتين "إمبراطورية الكذب" الغربية، مع فرض الدول الغربية عقوبات على روسيا بسبب غزوها أوكرانيا، فيما انهارت عملة الروبل وهرع الروس لسحب مدّخراتهم من المصارف.

وانهارت قيمة الروبل لتصل إلى مستويات غير مسبوقة مقابل الدولار واليورو، بحيث أصبح اليورو يوازي 109,4 روبلات فيما كان يوازي 93,5 روبلًا عشية الغزو. وحُدّد سقف على فترات منتظمة لوقف التداول وبالتالي لإبطاء هبوط قيمة الروبل.

وانتعشت العملة في فترة بعد الظهر، في وقت بدأت السوق تستعيد هدوءها.

وبهدف حماية الاقتصاد والروبل، رفع المصرف المركزي الروسي سعر الفائدة من 9,5% إلى 20% صباح الإثنين. أمّا بورصة موسكو فلم تفتح الإثنين خشية من خطر الانهيار.

ومن بين العقوبات، قطعت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي ودول أخرى المصارف الروسية الكبرى من نظام "سويفت" للتحويلات المالية، ومنعت كلّ اتحويلات مع المصرف المركزي الروسي.

وأغلقت كلّ أوروبا مجالها الجوي أمام شركات الطيران الروسية، ما يقطع الأوصال الجوية لموسكو مع الغرب.

وقال بوتين، وفق مقاطع تلفزيونية حول اجتماع شارك فيه أيضًا رئيس الوزراء الروسي، ميخائيل ميشوستين، "دعوتكم إلى هنا للحديث عن مسائل متعلّقة بالاقتصاد والمال".

وأضاف "لقد تحدّثنا سابقًا (مع ميشوستين) حول هذا الموضوع، أي هذه العقوبات التي يريد المجتمع الغربي فرضها علينا، ما سمّيته إمبراطورية الكذب".

نظام بديل لـ"سويفت" وتقييد تدفق الأصول

واستقبل بوتين وزير المالية، أنتون سيلوانوف، ورئيس مصرف "سبيربنك"، هيرمان غريف، وحاكمة المصرف المركزي، إلفيرا نابيولينا.

وقالت الأخيرة إنها اعتمدت اجراءات "لمنع الذين يسكنون خارج روسيا" من إخراج أصولهم منها، مؤكدةً أن النظام الروسي البديل لنظام "سويفت"، أي "نظام نقل المراسلات المالية" المُتاح للأجانب، وأن المصرف المركزي سيكون "خفيفًا جدًا" بما يخصّ الوضع القائم وأن المصارف الروسية "حافظت على كلّ الوسائل والحسابات للعملاء".

وكان قد اعترف المتحدث باسم الكرملين، دميتري بيسكوف بأن العقوبات الغربية على موسكو "ثقيلة" و"إشكالية"، لكنّه أكد أن روسيا تمتلك "القدرات اللازمة للتعويض عن الأضرار".

هل للعقوبات تداعيات فورية؟

وقال المحلّل من المعهد الاقتصادي "غايدار"، أليكسي فيديف، إن "الإجراءات المتّخذة (...) تقلّل من التقلبات" في الوضع، مضيفًا "إن عدم الاستقرار كبير والمصرف المركزي يتصرّف بعقلانية".

غير أن بعض الطبقة الأوليغارشية الروسية التي اغتنت في تسعينيات القرن المنصرم أعربت عن استيائها.

وكتب مؤسس شركة الألمنيوم الروسية العملاقة "روسال"، أوليغ ديريباسكا، الخاضع لعقوبات منذ سنوات، "إنها أزمة حقيقة هنا، ويجب أن يكون هناك مدراء حقيقيون للأزمة (...) من الضروري تغيير السياسة الاقتصادية ووضع حد لكل رأسمالية الدولة هذه".

وطالب المسؤولين بـ"توضيحات" بشأن ما سيحدث للاقتصاد خلال الأشهر الثلاثة المقبلة.

ويعتبر سيرغي خيستانوف، وهو مستشار لشؤون الاقتصاد الكلي لشركة السمسرة "أوبن بروكر"، أن روسيا قد تخضع لعقوبات إضافية لأن مواردها النقدية الأساسية وتصديرها للمواد الأولية لم يتأثر بالعقوبات الحالية.

وأوضح أنه "طالما أن لا عقوبات فعلية على التصدير الروسي وخصوصًا على النفط والغاز، لن تحصل أي كارثة"، لكن "سيشعر الناس طبعًا" بتداعيات العقوبات الحالية.

التعليقات