الكاتب البريطاني سلمان رشدي يخضع للتنفس الاصطناعي وإدانات دولية لمحاولة قتله

خضعَ الكاتب البريطاني، سلمان رشدي، لجراحة طارئة، مساء أمس، الجمعة، إثر تعرّضه للطعن في العنق خلال ندوة غربي ولاية نيويورك، وقال وكيل أعماله إنّه وُضِع على جهاز التنفس الاصطناعي ويمكن أن يفقد إحدى عينيه.

الكاتب البريطاني سلمان رشدي يخضع للتنفس الاصطناعي وإدانات دولية لمحاولة قتله

(Getty Images)

خضعَ الكاتب البريطاني، سلمان رشدي، لجراحة طارئة، مساء أمس، الجمعة، إثر تعرّضه للطعن في العنق خلال ندوة غربي ولاية نيويورك، وقال وكيل أعماله إنّه وُضِع على جهاز التنفس الاصطناعي ويمكن أن يفقد إحدى عينيه.

ونقلت صحيفة "نيويورك تايمز" عن أندرو ويلي، وكيل الكاتب الذي أصدر مؤسّس الجمهوريّة الإسلاميّة في إيران، روح الله الخميني، فتوى بهدر دمه عام 1989، بسبب روايته "الآيات الشيطانيّة"، قوله إنّ "الأنباء ليست جيّدة" وإنّ "من المحتمل أن يفقد سلمان إحدى عينيه، وقد قُطِعت أعصاب ذراعه وتعرّض كبده للطّعن والتلف".

وفور تعرّضه لهجوم على منصّة مركز ثقافي في تشوتوكوا في شمال غرب ولاية نيويورك، نُقل رشدي بمروحيّة إلى أقرب مستشفى حيث خضع لجراحة طارئة، بحسب ما قال وكيله على "تويتر"، واعدًا بتوفير معلومات منتظمة بشأن الوضع الصحّي للروائي البالغ 75 عامًا والذي يعيش في نيويورك منذ سنوات عدّة.

وقال كارل ليفان وهو أستاذ علوم سياسيّة كان موجودًا في القاعة خلال محاولة قتل رشدي، إنّ رجلاً هرَع إلى المنصّة حيث كان رشدي جالسًا و"طعنه بعنف مرّات عدّة". وروى الشاهد أنّ المهاجم "حاول قتل سلمان رشدي".

ولم تُقدّم الشرطة من جهتها تفاصيل عن حالة رشدي الصحّية، مكتفيةً بالقول إنّه خضع لجراحة.

وعرّفت الشرطة عن المشتبه فيه على أنّه هادي مطر (24 عامًا) من فيرفيلد في نيوجيرزي، في حين لم تّتضح دوافعه حتّى الآن. وأشارت الشرطة إلى أنّ رشدي تعرّض للطعن في رقبته وبطنه.

وهرع عدد من الأشخاص إلى المنصّة وثبّتوا المشتبه به أرضًا، قبل أن يعتقله أحد عناصر الأمن. وقدّم طبيب كان موجودًا بين الحاضرين إسعافات أوّليّة لرشدي قبل وصول رجال الإسعاف.

إدانات دولية

وفي المواقف الدوليّة، دان البيت الأبيض، في بيان، "الاعتداء المشين" على الكاتب البريطاني. وقال مستشار الرئيس الأميركي لشؤون الأمن القومي، جيك سوليفان، إن "البلاد والعالم شهدا اليوم اعتداء مشينا على الكاتب سلمان رشدي"، مشيرا إلى أن هذا الهجوم "عمل عنف مروع".

من جانبه، عبّر الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، عن تضامنه مع رشدي، مؤكّدًا "أنّنا اليوم إلى جانبه أكثر من أيّ وقت مضى".

وكتب ماكرون على "تويتر": "منذ 33 عامًا، يُجسّد سلمان رشدي الحرّية ومحاربة الظلامية... نضاله هو نضالنا، وهو نضال عالميّ. اليوم، نقف إلى جانبه أكثر من أيّ وقت مضى".

من جهته، ندّد رئيس الوزراء البريطاني، بوريس جونسون، بالهجوم "المروّع" الذي تعرّض له الكاتب. ودان جونسون في تغريدة الاعتداء على رشدي "أثناء ممارسته حقًا علينا ألا نتوقّف عن الدفاع عنه"، في إشارة إلى حرّية التعبير.

بدوره، قال الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، إنّه يشعر بالجزع حيال هذا الهجوم، مضيفا بلسان المتحدث باسمه "الكلمات لا يمكن بأي حال من الأحوال الرد عليها بالعنف".

وقالت الشرطة في بيان، إنّه نحو الساعة 11:00 "هرع مشتبه به إلى المنصّة وهاجم رشدي ومُحاوره. تعرّض رشدي للطعن في العنق ونقِل بالمروحيّة إلى مستشفى في المنطقة".

وقالت حاكمة ولاية نيويورك، الديمقراطية كاثي هوتشل، إنّ رشدي على قيد الحياة، ووصفته بأنّه "فرد أمضى عقودًا يواجه السلطة بالحقيقة". وتابعت "ندين كلّ أشكال العنف، ونريد أن يشعر الناس بأنّهم أحرار في قول الحقيقة وكتابتها".

واعتقل عنصر مكلّف ضبط الأمن المشتبه به، فيما تعرّض محاور رشدي لإصابة في الرأس. وأظهرت تسجيلات فيديو تمّ تداولها على وسائل التواصل الاجتماعي أشخاصًا يُسرعون لنجدة الكاتب بعد تعرّضه للاعتداء.

وقال أحد الشهود على مواقع التواصل: "حدث رهيب وقع للتوّ في مؤسّسة تشوتوكوا، تعرّض سلمان رشدي لاعتداء على المنصّة (...) تمّ إخلاء المكان".

على الأثر، أكّدت مؤسسة تشوتوكوا التي تُعنى بالفنون والأدب في منطقة تقع على بعد 110 كيلومترات إلى الجنوب من بافالو، في بيان، أنّها تنسّق مع عناصر إنفاذ القانون وأجهزة الطوارئ.

واشتهر رشدي بعد إصداره روايته الثانية "أطفال منتصف الليل" في العام 1981 التي حازت تقديرات عالمية وجائزة بوكر الأدبية. وتتناول الرواية مسيرة الهند من الاستعمار البريطاني إلى الاستقلال وما بعده.

لكنّ روايته "الآيات الشيطانيّة" التي صدرت في العام 1988 أثارت جدلا كبيرا وأصدر مؤسس الجمهورية الإسلاميّة، الخميني، فتوى بهدر دمه. واعتبر بعض المسلمين أنّ الرواية مسيئة للنبي محمد.

واضطرّ رشدي الملحد والمولود في الهند لأبوين مسلمين غير ممارسين للشعائر الدينية، للتواري بعدما رصِدت جائزة ماليّة لمَن يقتله، وهي لا تزال سارية.

ووضعت الحكومة البريطانية رشدي تحت حماية الشرطة في المملكة المتحدة، وتعرّض مترجموه وناشروه للقتل أو لمحاولات قتل.

وفي العام 1991 قتل الياباني هيتوشي إيغاراشي الذي ترجم كتابه "الآيات الشيطانيّة" طعنًا.

وبقي رشدي متواريًا نحو عقد وقد غيّر مقرّ إقامته مرارًا وتعذّر عليه إبلاغ أولاده بمكان إقامته.

ولم يستأنف رشدي ظهوره العلني إلا في أواخر تسعينات القرن الماضي بعدما أعلنت إيران أنها لا تؤيد اغتياله.

وبقي إطلاق التهديد والمقاطعة يلاحقان المناسبات الأدبية التي يشارك فيها رشدي، كما أثار منحه لقب فارس في بريطانيا في العام 2007 احتجاجات في إيران وباكستان، حيث قال أحد الوزراء إنّ التكريم يبرر التفجيرات الانتحاريّة.

لكنّ فتوى هدر دمه لم تُثنِ رشدي عن الكتابة وعن إعداد مذكّراته في رواية بعنوان جوزيف أنطون وهو الاسم المستعار الذي اعتمده إبّان تواريه، وقد كتبها بصيغة الغائب.

وروايته "أطفال منتصف الليل" الواقعة في أكثر من 600 صفحة تم تكييفها للمسرح والشاشة الفضّية، و ترجمت كتبه إلى أكثر من 40 لغة.

وفي خريف العام 2018 قال رشدي "مَرّ 31 عاما"، مضيفًا "الآن كلّ الأمور تسير بشكل جيد. كنت في الـ41 حينها (حين صدرت الفتوى)، حاليا أبلغ 71 عاما. نعيش في عالم تتغيّر فيه دواعي القلق بسرعة كبيرة. حاليًا، هناك أسباب كثيرة أخرى تبعث على الخوف، أشخاص آخرون يتعيّن قتلهم...".

الصحف المحافظة الإيرانية تهنئ مهاجم سلمان رشدي

من جانبها، هنأت صحيفة "كيهان" اليومية الإيرانيّة المحافظة المتشددة، في عددها الصادر اليوم، السبت، الرجل الذي طعن رشدي. وكتبت الصحيفة التي يعين المرشد الأعلى، علي خامنئي، رئيسها، "مبروك لهذا الرجل الشجاع المدرك للواجب الذي هاجم المرتد والشرير سلمان رشدي".

وأضافت "لنقبل يد من مزق رقبة عدو الله بسكين"، في حين لم تعلق السلطات الإيرانية رسميا حتى الآن على محاولة اغتيال الكاتب البالغ من العمر 75 عاما.

وتماشيا مع الخط الرسمي وصفت جميع وسائل الإعلام الإيرانية رشدي بأنه "مرتد"، باستثناء الصحيفة الإصلاحية "اعتماد". ورأت صحيفة "إيران" اليومية الرسمية أن "رقبة الشيطان" "ضربت بشفرة حلاقة".

وكتب مستشار فريق المفاوضين حول الملف النووي، محمد مراندي، في تغريدة على "تويتر": "لن أذرف الدموع على كاتب يدين بكراهية واحتقار لا حدود لهما المسلمين والإسلام". وأضاف أن "رشدي بيدق إمبراطورية يتظاهر بأنه روائي ما بعد الاستعمار".

وتساءل "أليس من الغريب أننا بينما نقترب من صفقة نووية محتملة، تزعم الولايات المتحدة أن هجومًا على (مستشار الأمن القومي السابق في البيت الأبيض جون) بولتون كان مخططا له (...) ثم بعدها يحدث هذا؟".

التعليقات