أفريقي غير مرئي... هجرات جديدة تطرق أبواب الولايات المتّحدة

مع تفاقم أزمة المهاجرين خلال العام الماضي، فقد شهد المهاجرون ارتفاعًا بالمبلغ الذي يتعيّن عليهم دفعه مقابل الكفالة للخروج من الحجز

أفريقي غير مرئي... هجرات جديدة تطرق أبواب الولايات المتّحدة

(Getty) مسيرة للمهاجرين في نيويورك

نشرت صحيفتا "واشنطن بوست" و"نيويورك تايمز" الأميركيّة، تقريرًا حول أزمة المهاجرين التي تفاقمت في نيويورك خلال الأشهر الماضية، وأدّت إلى ارتفاع حاد في مستوى حالات التشرّد، وعنصريّة السلطات وازداوجيّة المعايير التي تطبّقها تجاه المهاجرين.

وانتشرت أزمة المهاجرين مع تدمير جائحة كوفيد للعديد من اقتصادات أميركا اللاتينيّة، واضطرّوا للهجرة من أجل تحسين ظروف حياتهم القاسية، وعبروا إلى نيويورك بالآلاف من دول أميركا اللاتينيّة المختلفة، وتصدرت الأزمة بعد رفض العديد من الوافدين من قبل إدارة بايدن، وبعد ترك مركز الإغاثة الإنسانيّة الذي أقيم للمهاجرين في جزيرة راندلس فارغًا.

ومع تفاقم أزمة المهاجرين خلال العام الماضي، فقد شهد المهاجرون ارتفاعًا بالمبلغ الذي يتعيّن عليهم دفعه مقابل الكفالة للخروج من الحجز. وقال مؤسّس المكتب الأفريقيّ للهجرة والشؤون الاجتماعيّة، سيدي سار، وهي مؤسّسة لمساعدة المهاجرين على دفع كفالاتهم "الولايات المتّحدة لا تراهم… نحن لا نعترف بوجودهم حتّى".

وفي عام 2019، وصل الولايات المتّحدة الأميركيّة نحو مليوني مهاجر أفريقيّ، وذلك حسب تقرير نشره مركز بيو للأبحاث عام 2022، وقال المنظّم المجتمعيّ، أداما باه، والذي كان يحذّر من شهور أنّ المهاجرين الأفارقة يصلون إلى المنافذ "لم يكونوا يستمعون إلينا"، وقالت الناشطة باور مالو، إنّ المهاجرين السود لا يسمح لهم بركوب الحافلات في تكساس".

وتعرف نيويورك على أنّها مدينة المهاجرين، هذه المدينة التي لم تكن لولاهم، يقول مراقبون إنّ سمعتها على المحكّ في هذا الأمر، بعد ارتفاع معدّلات التشرّد بشكل مجنون في المدينة، خاصّة بين المهاجرين السود والأفارقة. هؤلاء الأشخاص الذين سلكوا طرقًا خطرة للوصول إلى هذا المكان، يواجهون الآن مصيرهم الخاصّ، المبنيّ على ازدواجيّة للمعايير من قبل السلطات، إذ يواجهون المهاجرون مدد احتجاز أطول ومبالغ كفالات أعلى، مقارنة بما يواجهه نظراؤهم من غير السود.

في القبو

(Getty)

يعيش عمر نياس في مبنى سكنيّ في برونكس، ويستقبل كلّ ليلة حوالي 70 رجلًا من المهاجرين السود الواصلين حديثًا إلى المدينة، حيث ينامون في قبو البناية. يقول نياس "لا يهمّني من أين أنت أو من أين أتيت… لا يمكنني ببساطة أن أترك الناس ينامون في الشارع.

الإمام عمر ونشطاء مجتمع آخرين، استطاعوا إيواء حوالي 300 رجل خلال السنتين الماضيتين، وبعد أن امتلأ المكان، نصب خيمة في فناء منزله الخلفيّ. في أوائل تشرين الثاني/ نوفمبر، أعلن الإمام عمر عن إرساله لأكثر من 100 مهاجر سينغاليّ إلى الخيام في جزيرة راندالس، ومن جهته، قال مسؤول مكتب العمدة آدمز، إنّ "بعض الأئمّة توصلوا معه حول ظروف المهاجرين المروّعة، وقد استجبنا وفقًا لذلك".

والإمام عمر، هو سنغاليّ وينحدر من عائلة معروفة هناك، حيث والده وجدّه وأعمامه هم جميعًا أئمّة. يستيقظ في الرابعة صباحًا، ويؤذّن في الناس للصلاة.

وقال أحد المهاجرين، ويدعى مانكور نديا، إنّه قضى 6 سنوات في البرازيل، حيث تمكّن من الحصول على تأشيرة سهّلت له الدخول إلى الولايات المتّحدة، كان يعمل في مجال التكييف، واستقلّ طائرة إلى نيكاراغوا، ثمّ ركب الحافلات عبر أميركا الوسطى والمكسيك حتّى وصل إلى حدود الولايات المتّحدة الأميركيّة. كانت رحلته خطيرة للغاية، كما يصفها "رأيت سينغاليين يموتان على هذا النحو، إنّه ليس سهلًا". لقد غادر نديا من داكار بعد وفاة زوجته، باحثًا عن فرصة عمل، بعد أن ترك ابنته الوحيدة مع عائلته هناك".

وقال وهو يستعرض صورة ابنته على هاتفه المحمول "حلمي هو العمل، والحصول على حياة أفضل، ومساعدة عائلتي، وتحقيق حياة جيّدة، ومساعدة ابنتي وجميع أفراد عائلتي"، ولا يزال نديا يتقاسم القبو في المسجد في عشرات المهاجرين للمبيت.

ومن جهته، صرّح عمدة مدينة نيويورك، إريك أدامز، أمس الإثنين، إنّه لم يعد بإمكان المدينة تحمّل توافد مزيد من المهاجرين، موجهًا انتقاداته لتعامل الرئيس بايدن مع هذه الأزمة.

وكان حكام فلوريدا وتكساس الجمهوريون، نقلوا آلاف المهاجرين الباحثين عن ملاذ آمن في الولايات المتّحدة، إلا ولايات يديرها حكّام ديمقراطيّون، كشكل من ترحيل الأزمات في الولايات المتّحدة.

وكانت إدارة بايدن قررت إصدار 30 ألف تصريح إقامة إضافي شهريا لمهاجرين من كوبا وهاييتي ونيكاراغوا وفنزويلا، وهي البلدان التي تسجل حاليا أكبر تدفق للمهاجرين بطريقة غير قانونية.

التعليقات