16/06/2023 - 11:38

تقرير: محادثات أميركية إيرانية لتهدئة التوتر "بتفاهم ثنائي"

في حين تنفي واشنطن وجود أي اتفاق وشيك مع إيران، أكد مسؤولون إيرانيون وغربيون إن الولايات المتحدة تجري محادثات مع إيران في محاولة للتوصل إلى "تفاهم تهدئة" قد يشمل إعفاءات من العقوبات وإطلاق سراح سجناء، مقابل حد طهران من تخصيب اليورانيوم.

تقرير: محادثات أميركية إيرانية لتهدئة التوتر

(Getty Images)

تجري الولايات المتحدة محادثات مع إيران لرسم خطوات يمكن أن تؤدي للحد من البرنامج النووي الإيراني وإطلاق سراح بعض المواطنين الأمريكيين المحتجزين وإنهاء تجميد بعض الأصول الإيرانية في الخارج، بحسب ما صرّح مسؤولون إيرانيون وغربيون لوكالة "رويتز"، اليوم الجمعة.

وبحسب "رويترز"، فإنه يمكن وصف هذه الخطوات على أنها "تفاهم" لا اتفاق يتطلب مراجعة من الكونغرس الأميركي، حيث يعارض الكثيرون منح إيران مزايا بسبب مساعدتها العسكرية لروسيا وأعمالها القمعية في الداخل ودعمها لوكلاء يهاجمون المصالح الأميركية في المنطقة.

في المقابل، قال مسؤول إسرائيلي تحدث لصحيفة "هآرتس"، إن إسرائيل مطلعة على الاتصالات بين الجانبين الإيراني والأميركي، مؤكدا أن إسرائيل لم تصوغ بعد موقفا من هذه المساعي الأميركية، غير أنه نفى أن تكون إسرائيل تسعى إلى عرقلة هذه المحادثات عبر تسريبها لوسائل الإعلامز

ونقلت "روتيرز" عن مسؤول إيراني، قوله: "أطلق عليه ما تريد، سواء اتفاق مؤقت أو اتفاق مرحلي أو تفاهم مشترك؛ الجانبان كلاهما يريدان منع المزيد من التصعيد". وقال إن "التفاهم الثنائي" سيشمل في البداية "تبادل سجناء وإطلاق سراح جزء من الأصول الإيرانية المجمدة".

وأوضح أن الخطوات الأخرى قد تشمل إعفاءات من العقوبات الأميركية المرتبطة بإيران لتصدير النفط مقابل وقف تخصيب اليورانيوم عند 60% وتعاون إيراني أكبر مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة.

السعي إلى "التهدئة"

من جانبه، قال مسؤول غربي في تصريحات لـ"رويترز" (لم تسمه)، إنه "يسعني أن أطلق عليه تفاهم تهدئة"، مضيفا أن هناك أكثر من جولة من المحادثات غير المباشرة في سلطنة عُمان بين المسؤول في مجلس الأمن القومي الأميركي، بريت مكغورك، وكبير المفاوضين النوويين الإيرانيين، علي باقري كني.

كما التقى المبعوث الأميركي الخاص لإيران، روب مالي، بسفير إيران لدى الأمم المتحدة، بعد شهور من رفض إيران التواصل المباشر، بحسب ما جاء في تقرير "رويترز".

وأوضح المسؤول الغربي أن الفكرة هي خلق وضع قائم مقبول للجميع، وجعل إيران تتجنب الخط الأحمر الغربي للتخصيب إلى درجة نقاء 90%، والتي ينظر إليها عادة على أنها سعي لتطوير أسلحة نووية، وربما حتى "وقف" تخصيبها عند 60%.

وأضاف المسؤول أنه بالإضافة إلى وقف التخصيب عند درجة نقاء بنسبة 60%، يبحث الجانبان المزيد من التعاون الإيراني مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وعدم تركيب أجهزة طرد مركزي أكثر تقدما، مقابل "تحويل كبير" لأموال إيرانية موجودة في الخارج.

تفادي صدام إيراني إسرائيلي

ولم يتضح أيضا ترتيب الخطوات وكيفية ارتباطها بالإفراج عن ثلاثة مواطنين أميركيين محتجزين لدى إيران. علما بأن متقارير سابقة كانت قد أشارت إلى إن إطلاق سراحهم قد يكون مرتبطا بالإفراج عن أموال مجمدة.

وقال متحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، يوم الاثنين الماضي، إن البلدين قد يتبادلان السجناء قريبا إذا أبدت واشنطن حسن نية، مضيفا أن هناك محادثات تجري عبر وسطاء دون أن يخوض في تفاصيل.

وأوضح المسؤول الغربي أن الهدف الرئيسي للولايات المتحدة هو الحيلولة دون تدهور الوضع على الصعيد النووي وتجنب صدام محتمل بين إسرائيل وإيران. وأضاف: "إذا أساء الإيرانيون التقدير، فإن احتمالات رد إسرائيلي قوي هو أمر نريد تجنبه".

لبيد يهاجم نتنياهو

في أعقاب تواتر التقارير حول اتفاق أميركي إيراني وشيك، هاجم زعيم المعارضة الإسرائيلية، يائير لبيد، رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، وقال إنه "على الرغم من كل المحاولات لتسميتها بأسماء أخرى، فإن ما توشك الولايات المتحدة وإيران على توقيعه هو اتفاق نووي".

وبحسب لبيد ، فإن الاتفاقية التي تم الكشف عن تفاصيلها في تقارير صحافية غربية وأميركية، "هي بالضبط نفس الاتفاقية النووية التي حاولوا الدفع بها أثناء ولاية ‘حكومة التغيير‘ وتمكنا من منعها من خلال العمل بهدوء ومكثف مع الإدارة الأميركية".

وأضاف أنه "إذا تم التوقيع على هذه الاتفاقية الآن، فإن هذا يعتبر فشلا ذريع للحكومة. وبسبب ‘الانقلاب القضائي‘ فقد نتنياهو الاهتمام والإنصات من الجانب الأميركي والقدرة على التأثير في وقف اتفاق سيئ وخطير". وتابع "عليه أن يعلن إلغاء ‘الانقلاب القضائي‘ والذهاب إلى واشنطن وفعل كل شيء حتى لا يتم التوقيع على الاتفاق".

إسرائيل مطلعة على الاتصالات.. ولا تحاول عرقلتها

في المقابل، نقلت صحيفة "هآرتس" اليوم الجمعة، عن مسؤول إسرائيلي رفيع، إن الولايات المتحدة تُطلع إسرائيل على آخر المستجدات في المحادثات مع إيران بشأن القضية النووية، وقد فعلت ذلك حتى بعد المحادثات السرية التي أجرتها مع طهران الشهر الماضي في عُمان.

وقال إن إسرائيل لم تصوغ بعد موقفا بشأن التفاهمات الأميركية الإيرانية التي تم التوصل إليها في المحادثات، ولا تعمل على عرقلتها؛ مشددا على أن "هناك حوارًا مفتوحا ومستمرا بيننا وبين الأميركيين"، مشيرا إلى أن إسرائيل "لم تتفاجأ" من التقارير الأخيرة حول النووي الإيراني، وهي "على اتصال دائم بالإدارة الأميركية".

وأوضح المسؤول أن الجانب الإسرائيلي لم يتوصل بعد إلى موقف واضح بشأن هذه المحادثات. وأضاف أن "هناك حاليًا دراسة للمسألة من أجل صياغة قرار بشأن كيفية الرد"، ورجّح أن تقوم إسرائيل بـ"إبداء تحفظات" على هذه المساعي، دون مهاجمة الإدارة الأميركية.

وشدد على أن "التفاهمات لا تلزمنا وسنحافظ على حرية العمل لحماية مصالحنا"؛ ونفى أن يكون الجانب الإسرائيلي قد عمل على تسريب معلومات عن المحادثات الأميركية الإيرانية بهدف عرقلتها أو إحباطها، وقال "لدى إسرائيل تساؤلات بل ومخاوف بشأن هذا الموضوع ونطرح ذلك في الحوار المفتوح الذي نجريه مع الأميركيين".

محاولة للاتفاف على الكونغرس

وتنفي الحكومة الأميركية تقارير عن سعيها إلى اتفاق مؤقت، مستخدمة وسائلها للإنكار المعدة بعناية لتترك الباب مفتوحا أمام احتمال "تفاهم" أقل رسمية يمكن أن يتجنب مراجعة الكونغرس. ونفى المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية، مات ميلر، وجود أي اتفاق مع إيران.

غير أنه قال إن واشنطن تريد من طهران تخفيف حدة التوتر وكبح برنامجها النووي ووقف دعم جماعات بالمنطقة تنفذ هجمات بالوكالة (عن إيران)، ووقف دعم الحرب الروسية على أوكرانيا والإفراج عن مواطنين أميركيين محتجزين. وأضاف "نواصل استخدام وسائل التواصل الدبلوماسية لتحقيق كل هذه الأهداف"، وذلك دون الخوض في تفاصيل.

ويبدو أن المسؤولين الأميركيين يتجنبون القول إنهم يسعون إلى "اتفاق" بسبب قانون 2015 الذي يستوجب حصول الكونغرس على نص أي اتفاق بشأن برنامج إيران النووي، مما يفتح المجال أمام المشرعين لمراجعته وربما التصويت عليه.

وكتب رئيس لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب الأميركي، الجمهوري مايكل مكول، إلى الرئيس جو بايدن، يوم أمس، الخميس، قائلا إن "أي ترتيب أو تفاهم مع إيران، حتى وإن كان غير رسمي، يتطلب تقديمه للكونغرس".

وبعد أن فشلت في إحياء الاتفاق النووي الإيراني المبرم عام 2015، تأمل واشنطن في استعادة بعض القيود على إيران لمنعها من تطوير سلاح نووي يمكن أن يهدد إسرائيل ويثير سباق تسلح نووي في المنطقة. وتقول طهران إنها لا فيما تشدد طهران على أن مشروعها النووي لأغراض مدنية بحتة.

وكان اتفاق 2015، الذي انسحب منه في 2018 الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترامب، يضع حدا لتخصيب طهران لليورانيوم عند درجة نقاء 3.67% ومخزونها من هذه المادة عند 202.8 كيلوغرام، وهي حدود تتجاوزها طهران منذ ذلك الحين.

ويبحث مسؤولون أميركيون وأوروبيون عن طرق لكبح جهود طهران النووية منذ انهيار المحادثات الأميركية الإيرانية غير المباشرة. وتوضح الرغبة في استئناف المناقشات تنامي الشعور في العواصم الغربية بضرورة التعامل مع برنامج إيران.

التعليقات