الهجوم على القنصلية الإيرانية في دمشق يكشف تمدد دائرة أهداف إسرائيل العسكرية

مسؤول إيران يشدد على أن طهران مضطرة لاتخاذ رد فعل جدي لردع إسرائيل عن تكرار مثل تلك الهجمات أو التصعيد. لكنه أضاف أن مستوى الرد سيكون محدودا ويهدف للردع. محللون يؤكدون أن هجوم دمشق يشكل تصعيدا خطيرا في المواجهة.

الهجوم على القنصلية الإيرانية في دمشق يكشف تمدد دائرة أهداف إسرائيل العسكرية

الدمار الذي أحدثه الهجوم في مجمع السفارة الإيرانية (Getty Images)

ظن قادة عسكريون إيرانيون أن مجمع السفارة الإيرانية في دمشق مكان آمن لعقد اجتماع رفيع المستوى، بعد شهور من الهجمات الإسرائيلية المتكررة على سورية، وذلك على اعتقاد بأن السفارة محمية بموجب الأعراف الدولية لحماية البعثات الدبلوماسية، وفقا لما أفاد به أكثر من عشرة مسؤولين من إيران وسورية والمنطقة.

تغطية متواصلة على قناة موقع "عرب 48" في "تليغرام"

لكنهم كانوا مخطئين. قتلت ضربة جوية على المجمع سبعة إيرانيين يوم الإثنين، من بينهم محمد رضا زاهدي، القيادي الكبير في الحرس الثوري الإيراني، الذي يشغل منصب قائد فيلق القدس في سورية ولبنان.

هذه الضربة هي الأجرأ في سلسلة من الهجمات التي استهدفت مسؤولين إيرانيين في سورية منذ كانون الأول/ ديسمبر وهي أيضا الأكبر من حيث عدد الضحايات.

كان الهجوم، الذي ألقت طهران بالمسؤولية فيه على إسرائيل كما النظام السوري، ضربة عسكرية نادرة الحدوث على مجمع دبلوماسي في أي مكان في العالم مما دفع الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي لإصدار بيانات التنديد والشجب على وجه السرعة.

ويرى محللون أن الضربة تشكل تصعيدا خطيرا في الحملة الإسرائيلية الأوسع نطاقا لتقويض النفوذ الذي اكتسبته إيران في سورية على مدى العقد الماضي.

كان زاهدي قد وصل إلى سورية قبل حوالي 24 ساعة من الهجوم وكان يقيم في مجمع السفارة هو واثنان آخران من كبار القادة، وذلك وفقا لما ذكره مصدر إيراني آخر طلب مثل باقي المصادر عدم ذكر اسمه.

وقال المصدر إن القادة الثلاثة كانوا في سورية لمناقشة لوجستيات عملياتية وأعمال تنسيق دون أن يذكر مزيدا من التفاصيل.

وكان زاهدي قياديا بارزا في فيلق القدس الذي يوجه الدعم الإيراني لحلفاء طهران في المنطقة ومن بينهم حزب الله اللبناني. وهو، زاهدي، أرفع قيادي في الحرس الثوري يقتل منذ أن اغتالت الولايات المتحدة بضربة بطائرة مسيرة قاسم سليماني في بغداد، قبل أربع سنوات.

وتسببت الطريقة التي وقع بها حادث السفارة في موجات صدمة هزت المنطقة المضطربة بالفعل بسبب الحرب الإسرائيلية في غزة.

وقال المحلل في مجموعة يوراسيا، جريجوري برو، "من وجهة نظري الأمر غير مسبوق". وأضاف أنه لا يتذكر قيام أي دولة باستهداف مباشر للوجود الدبلوماسي لدولة أخرى بتلك الطريقة.

وتابع "اعتقد ضباط الحرس الثوري، على الأرجح، أنهم في مأمن طالما بقوا في المجمع الدبلوماسي… لا أتخيل أن أي ضابط في الحرس الثوري يشعر بالأمان حاليا".

ومع تعهد المرشد الإيراني، علي خامنئي، بالثأر، تنطوي تبعات الهجوم على السفارة على مخاطر زيادة التصعيد في الصراع الذي يتمدد بالفعل في الشرق الأوسط منذ عملية "طوفان الأقصى" وشن إسرائيل حربها على غزة في 7 تشرين الأول/ أكتوبر.

لكن مسؤولين إيرانيين أشارا إلى أن طهران لن تحيد عن النهج الذي تبنته منذ تشرين الأول/ أكتوبر، وهو تجنب الصراع المباشر مع إسرائيل والولايات المتحدة في الوقت الذي تساند فيه الجماعات الحليفة لها التي تضرب إسرائيل والقوات الأميركية وسفن الشحن في البحر الأحمر، في هجمات، تؤكد هذه الجماعات أنها تشنها دعما للمقاومة في قطاع غزة.

وقال مصدر إيراني ثالث، وهو مسؤول بارز، إن طهران مضطرة لاتخاذ رد فعل جدي لردع إسرائيل عن تكرار مثل تلك الهجمات أو التصعيد. لكنه أضاف أن مستوى الرد سيكون محدودا ويهدف للردع، دون أن يدلي بمزيد من التفاصيل. كما أحجم مكتب العلاقات العامة للحرس الثوري الإيراني عن التعليق.

ولم تعلن إسرائيل مسؤوليتها عن هجوم يوم الإثنين الذي سوى البناية الملاصقة لمبنى السفارة الإيرانية في دمشق بالأرض. ونادرا ما تعلق إسرائيل على عملياتها في سورية.

وقالت نائبة رئيس برنامج الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في "تشاتام هاوس"، صنم وكيل، إن الهجوم هو الأحدث الذي يظهر الطبيعة الدقيقة لمعلومات المخابرات الإسرائيلية في سورية والمنطقة على نطاق أوسع.

وأشارت وكيل إلى غارة إسرائيلية أدت في الثاني من كانون الثاني/ يناير الماضي، إلى مقتل قيادي كبير في حركة حماس الفلسطينية في لبنان، معقل حزب الله حزب الله.

وأضافت "لقد شهدنا عمليات قتل على مستوى عال جدا لمسؤولين يضطلعون بمسؤوليات إدارية…"، مضيفة أن الهجوم الأخير الذي استهدف زاهدي "يتعلق بهدف إسرائيل الأوسع المتمثل في محاولة إضعاف القدرات العملياتية لمحور المقاومة على مدى الأشهر الستة الماضية".

وذكرت مصادر أمنية أن إسرائيل شنت الأسبوع الماضي واحدة من أشد غاراتها دموية منذ أشهر في سورية، مما أسفر عن مقتل 33 سوريا وستة من مقاتلي حزب الله. كما وجهت إسرائيل ضربات قوية لحزب الله في لبنان منذ اندلاع المواجهات على خلفية الحرب على غزة، ما أسفر عن استشهاد العشرات من عناصر المقاومة.

التعليقات