يتجنب الطلاب الأجانب في الجامعات الأميركية، التعبير عن آرائهم بعد الإجراءات العقابية للإدارة الأميركية تجاه المشاركين منهم في المظاهرات الداعمة لفلسطين.
تغطية متواصلة على قناة موقع "عرب 48" في "تليغرام"
وأدى إلغاء تأشيرات طلاب أجانب وتوقيف بعضهم بغرض الترحيل في إجراء دخل حيز التنفيذ بعد وصول الرئيس دونالد ترامب، للسلطة، إلى تغيير سلوكيات في الجامعات الأميركية وخاصة عند الطلاب الأجانب.
وللاطلاع أكثر على تلك المتغيرات في ظل الإجراءات العقابية، رصدت الأناضول، آراء طلاب في حرم جامعة هارفارد، التي هددتها إدارة ترامب بقطع التمويل الفيدرالي عنها.
ورغم اختلاف جنسياتهم والبلدان التي قدموا منها إلى جامعة هارفارد إحدى أعرق الجامعات الأميركية، إلا أن مخاوف الطلاب الأجانب في الولايات المتحدة واحدة، وتتمثل بخطر إلغاء تأشيراتهم.
وتشتهر مدينة بوسطن في ولاية ماساتشوستس بأنها مدينة للطلاب والعلم، وتضم أفضل الجامعات في البلاد، وتضم أكبر عدد من الطلاب الأجانب بواقع أكثر من 44 ألف طالب من جميع أنحاء العالم.
ويشكل الطلاب الأجانب البالغ عددهم 6 آلاف و793 طالبا في جامعة هارفارد، 27 بالمئة من إجمالي عدد طلاب الجامعة.
إلا أن الإجراءات الأميركية تجاه الطلاب الأجانب وتهديدهم بإلغاء تأشيراتهم، بثت الخوف والارتباك في نفوسهم، بحيث وصلوا إلى درجة الخشية من التعبير عن آرائهم بالولايات المتحدة.
وقد انعكست تلك الضغوط جليا على مشاركة الطلاب الأجانب في المظاهرات المنددة بقطع التمويل عن الجامعات التي شهدتها عدة مدن أميركية الخميس الماضي، حيث لم تحظ تلك المظاهرات إلا بمشاركة خجولة من الطلاب الأجانب، ومن شارك منهم أخفى وجه تجنبا لكشف هويته.
كما يتجنب الطلاب الأجانب أيضا نشر منشورات على وسائل التواصل الاجتماعي بشأن القضايا المتعلقة بفلسطين أو تمويل الجامعات.
ومن أجل تبديد أجواء القلق والخوف التي تؤثر على الطلاب الأجانب، تبعث جامعة هارفارد رسائل إلكترونية تحت عنوان "اعرف حقوقك"، لاطلاعهم على سير الإجراءات القانونية لمواجهة أمور متعلقة بالمظاهرات وما شابهها، بالإضافة إلى تنظيم ندوات في الحرم الجامعي، والإجابة على استفساراتهم.
التقت موفد الأناضول العديد من الطلاب الأجانب في حرم جامعة هارفارد، إلا أنهم لم يرغبوا في الحديث أمام الكاميرا، حيث أن الاعتقال المتسرع للطالبة التركية رميساء أوزتورك، في بوسطن ومثولها أمام القضاء بهدف ترحيلها، على خلفية مشاركتها في مظاهرات داعمة لفلسطين، أثار حالة من الرعب بين جميع الطلاب الأجانب.
وفي 25 آذار/مارس الماضي، اعتقلت السلطات الأميركية طالبة الدكتوراه التركية رميساء أوزتورك، في ولاية فيرمونت.
وفي 9 مارس، اعتقلت السلطات الأميركية أيضا الناشط الفلسطيني محمود خليل، الذي قاد احتجاجات تضامنية بجامعة كولومبيا العام الماضي، تنديدا بالإبادة الجماعية في غزة.
كما كان الباحث الهندي في جامعة جورج تاون، بدر خان سوري، مطلوبا للترحيل بزعم نشر "دعاية حماس ومعاداة السامية"، لكن القاضية الأميركية باتريشيا توليفر جايلز، أوقفت القرار.
وقال طالب فرنسي من أصل شمال إفريقي، فضل عدم الكشف عن اسمه، إن عائلته ستأتي لزيارته إلى الولايات المتحدة هذا الصيف، وإنه لا يريد الذهاب إلى فرنسا لقضاء العطلة.
وأضاف: "نمر بأوقات عصيبة، وقد دعمت بعض الاحتجاجات في الجامعة بالتصفيق لها. وبطبيعة الحال، نشرت منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي ولم أحذف أيا منها، ولم أرتكب أي أعمال غير قانونية".
وتابع: "ولكننا لم نعد قادرين على التنبؤ بما قد يحدث في ظل هذه الظروف، ولن أغادر البلاد حتى يتضح المسار الذي ستتخذه الإدارة الأميركية".
وأكد طالب السنة الثالثة في هارفارد عدم مغادرة الولايات المتحدة إلى أن ينهي سنته الأخيرة ويتخرج، ورغم أنه لم يحذف شيئا من منشوراته السابقة على مواقع التواصل الاجتماعي، قال الطالب إنه لم يعد ينشر منشورات جديدة.
بدوره، يشاطر طالب إيطالي شعور الخوف مع زميله الفرنسي، وأوضح أن الإجراءات الأميركية تجاه المشاركين في الفعاليات الهادفة لرفع مستوى الوعي بشأن الانتهاكات في فلسطين والعالم باتت تشكل خطرا حتى الطلاب الوافدين من الدول ذات الغالية المسيحية والأوروبية.
وأضاف أن "الخوف من إلغاء تأشيراتنا حقيقي ولا يمكننا الاستهانة به"، مبينا أن هذا الوضع يشكل خطرا أكبر بكثير على الطلاب المسلمين.
بينما يعتقد طالب وافد من إحدى البلدان العربية في جامعة هارفارد، أن الإدارة الأميركية تستخدم خوارزميات لتتبع الطلاب.
وأضاف الطالب، مفضلا عدم الكشف عن هويته، أن بيانات الطلاب الأميركيين محمية بموجب القانون، فيما أن السلطات يمكنها الوصول إلى جميع معلومات وهواتف واتصالات ومواقع الطلاب الأجانب.
وقال: "عندما يتعلق الأمر بالأمن القومي، فإن بيانات الطلاب الأجانب لا يبقى لها أي خصوصية".
ومشيرا بيده إلى الكاميرات المنتشرة في الحرم الجامعي، أضاف: "يمكنهم اختراق هذه الكاميرات ومراقبتنا على مدار الساعة".
حالة الخوف منتشرة أيضا بين الطلاب الأتراك في الجامعات الأميركية، ودفعهم اعتقال مواطنتهم رميساء أوزتورك، إلى توخي الحذر أكثر.
وأدى اعتقال وكالة الهجرة والجمارك الأميركية، رميساء، إلى جعلها رمزا للحملة الموجهة ضد الطلاب الأجانب في الولايات المتحدة، ما زاد من الضغوط النفسية على الطلاب الأتراك.
تحتل جامعة هارفارد التي تجري أبحاثا عالمية المستوى بفضل التمويل الحكومي ومن الجهات المانحة، المرتبة الأولى في قائمة "أفضل عشر جامعات في العالم".
وقررت إدارة ترامب تجميد 2.2 مليار دولار من التمويل، و60 مليون دولار من العقود الخاصة بجامعة هارفارد.
وفي أحدث تطور، أعلنت الإدارة الأميركية أنها بدأت تحقيقا "للتأكد من أن المنح التي تزيد قيمتها على 8.7 مليارات دولار المقدمة من منظمات مختلفة لجامعة هارفارد استخدمت وفقا لقوانين الحقوق المدنية".
اقرأ/ي أيضًا | قرار قضائي يوقف خطة ترامب لترحيل مهاجرين فنزويليين
التعليقات