جمعة إرحل: 24 شهيدا في حمص وقرى الشمال السوري

تواصلت المظاهرات في سوريا اليوم الجمعة، الذي أطلق عليه المحتجون اسم "جمعة إرحل"، وذلك في وقت تستمر فيه السلطات السورية في تشديد قبضتها الأمنية على مناطق متفرقة من البلاد، حيث تم اقتحام مزيد من قرى شمال البلاد، وقد بلغ عدد من استشهد من المدنيين 24 شهيدا.

جمعة إرحل: 24 شهيدا في حمص وقرى الشمال السوري

تواصلت المظاهرات في سوريا اليوم الجمعة، الذي أطلق عليه المحتجون اسم "جمعة إرحل"، وذلك في وقت تستمر فيه السلطات السورية في تشديد قبضتها الأمنية على مناطق متفرقة من البلاد، حيث تم اقتحام مزيد من قرى شمال البلاد، وقد بلغ عدد من استشهد من المدنيين 24 شهيدا.

فقد قال قالت المحامية والناشطة الحقوقية البارزة، رزان زيتونة، إن القوات السورية قتلت 24 مدنيا على الأقل يوم الجمعة، خلال الاحتجاجات، وفي هجمات عسكرية على قرى في منطقة متاخمة لتركيا.

وقالت زيتونة وفقا لرويترز، إن الأربع والعشرين مدنيا، بينهم سبعة أشخاص قتلوا في مدينة حمص، التي كانت مسرحا لاحتجاجات واسعة ضد الرئيس السوري بشار الأسد، و14 قرويا في محافظة إدلب، في شمال غرب البلاد، حيث اقتحمت قوات تدعمها دبابات وطائرات هليكوبتر قرى لقمع المحتجين في المناطق الريفية القريبة من تركيا.

وفي وقت سابق، قال شهود وناشطون، إن أعدادا كبيرة من السوريين نزلوا إلى الشوارع في شتى أنحاء البلاد استجابة لنداء المعارضة والمحتجين، وهم يرددون "ارحل.. ارحل"، مطالبين الرئيس السوري بشار الأسد بالتنحي، في مؤشر على اتساع رقعة المظاهرات.

وأظهر تسجيل فيديو قام بتصويره أحد السكان، ونشر على موقع يوتيوب، آلاف الأكراد وهم يحملون لافتة تطالب الأسد بالتنحي، في مدينة عامودا الشمالية.

حماة ودير زور تشهدان أكبر المظاهرات

وشهدت مدينتا  دير الزور، شرق البلاد، وحماة، وسطها، أكبر التظاهرات، حيث رفع المشاركون فيها لافتات تطالب برحيل الرئيس بشار الأسد.

وقال شهود عيان من مدينة دير الزور: "إن عشرات آلاف شاركوا في المظاهرة، التي تعد الأكبر منذ انطلاق التظاهرات في المحافظة، نهاية شهر آذار/مارس الماضي، دون وجود أي من عناصر الأمن".

وأضاف شهود العيان، أن "المتظاهرين انطلقوا من أكثر من 25 مسجدا في المدينة، واتجه الجميع نحو <ساحة الحرية>، والتي كانت تسمى ساحة <الباسل> (نسبة إلى باسل الأسد، الشقيق الأكبر للرئيس بشار الأسد، الذي توفي قبل سنوات في حادث سير)، وهم يحملون أكثر من 10 آلاف علم سوري، بينما حملوا ثلاثة أعلام كبيرة، أحدها طوله 300 متر، وكذلك حمل اليوم علم الاستقلال"، الذي يحمل الألوان الأخضر والأبيض والأسود، مع وجود ثلاثة نجوم حمراء.

وقال شهود العيان، إن "حجم المظاهرة الكبير يعود إلى أن طلبة المدارس والجامعات، أنهوا امتحاناتهم أمس واليوم، وكان لهم حضور كبير، كما حضر أبناء البلدات والقرى المجاورة للمدينة للمشاركة في التظاهرة ".

وقال شهود آخرون، إن "مظاهرات كبيرة شهدتها مدينتي البوكمال، على الحدود العراقية، والميادين، شارك فيها آلاف، دون حدوث أي مصادمات مع قوات الأمن."

"مليونية حماة" في ساحة العاصي وريفها

وفي تسجيلات بثها ناشطون عبر اليوتيوب ومواقع انترنيت خاصة بالمعارضة، ظهرت حشود غفيرة من المتظاهرين في ساحة العاصي بمدينة حماة، وقد وصفت بأنها "مليونية حماة".

وقال شهود عيان من حماة: "إن عشرات الآلاف من أبناء المدينة شاركوا في المظاهرة التي انطلقت من عدة محاور في المدينة، ثم اتجهت إلى ساحة العاصي، وردد المتظاهرون عبارات تدعو النظام إلى الرحيل."

ومن بين هذه الشعارات: "ما من حبك ما منحبك.. ارحل عنا إنت وحزبك...ارحل، ارحل، ارحل".. وأكد شهود العيان أن المظاهرة "مرت في شوارع عدة من المدينة، دون وقع حوادث، كما لم يشاهد أي تواجد أمني".

كما خرجت مظاهرات عدة في ريف محافظة حماة، وكان أكبر تلك المظاهرات في مدينة صوران القريبة من حماة.

حلب، وإدلب، ودرعا، وحمص، والبوكمال

وأفاد الناشط السياسي سمير نشار، في اتصال هاتفي بثته قناة الجزيرة من مدينة حلب، أن المظاهرات في المدينة انطلقت بعد صلاة الجمعة، وأنه حصلت اشتباكات بين قوات الأمن والمتظاهرين في منطقة سيف الدولة.

وفي محافظة إدلب، خرجت مظاهرات في كفر نبل، وبنش، وبعض بلدات المحافظة.. كما شهدت أحياء الخالدية، وباب السباع، وبابا عمر، مظاهرات شهدت مصادمات مع قوات الأمن، ولم يسجل وقوع قتلى أو جرحى.

وفي محافظة درعا، خرجت مظاهرت كبيرة في بلدة إنخل (50 كم شمال المحافظة)، من أمام جامع القاسم، فتدخل الجيش وأطلق النار في الهواء، ولم تحدث أي صدامات مع المتظاهرين.

كما خرج متظاهرون في مدينتي حمص، والبوكمال (محافظة دير الزور)، يطالبون بإسقاط النظام.

وامتدت الاحتجاجات المطالبة برحيل النظام السوري إلى المخيمات التي تأوي المواطنين السوريين، الذين لجؤوا إلى تركيا، جراء اقتحام قوات الأمن السورية لعدد من البلدات المحاذية لتركيا.

الاحتجاجات شملت ضواحي دمشق، والمحتجون يبتكرون أساليب حديثة لتمويه الأمن

وفي العاصمة دمشق، أغلقت السلطات أبواب جامع الحسن، في حي الميدان، بعد سماع أصوات تكبير داخل حرم الجامع لمنع خروج تظاهرات، بينما عمد المتظاهرون إلى أسلوب جديد أمام جامع زين العابدين، حيث انتشر عشرات الشباب، ثم ينادون بالتكبير، فتقوم قوات مكافحة الشغب بملاحقتهم، ثم يتفرقون بين جموع المصلين والأحياء الجانبية، وما أن يختفي هؤلاء حتى يبدأ التكبير آخرون".

وفي الحجر الأسود، وفي حي برزة الدمشقيين، خرجت مظاهرتان كبيرتان تطالبان بالرحيل، ولم يحدث أي احتكاك مع قوات الأمن التي كانت تنتشر بكثافة، وقال شهود عيان، إن فريقين من شبكتي "سي.إن.إن" الأميركية، و"سكاي نيوز" البريطانية، حضرا إلى برزة لتغطية المظاهرات.

كما خرجت مظاهرات في بلدة المعضمية، ودراريا، ودوما، والحجر الأسود، في ضواحي دمشق، تطالب برحيل النظام.

وقد أكد المرصد السوري لحقوق الانسان تلك الأنباء، مشيرا إلى أن الاحتجاجات شملت ضواحي في العاصمة دمشق، وحتى منطقة الحدود مع لبنان، والصحراء المتاخمة لحدود العراق، كما حدثت احتجاجات كبرى في إدلب، حيث هاجمت الدبابات مجموعة من القرى في التلال القريبة من تركيا، وقتلت ثلاثة مدنيين خلال ليل الخميس، وارتفع بذلك عدد القتلى إلى 14 مواطنا قرويا على الأقل خلال اليومين الماضيين، وهو ما يتفق مع رواية زيتونة.

وكان المحتجون السوريون، قد دعوا مؤخرا إلى عصيان مدني يشمل حرق فواتير الاتصالات والمياه والكهرباء، تحت عنوان "لن أدفع ثمن الرصاص الذي أقتل به".

"بركان حلب"

وتأتي احتجاجات "جمعة إرحل"، بعد مظاهرة شهدتها أمس مدينة حلب، ثانية مدن البلاد وعاصمتها الاقتصادية، في إطار ما سمي "بركان حلب"، حيث خرج آلاف المتظاهرين في عدد من أحياء المدينة.

ووفقا لناشطين ومواقع إلكترونية، فقد خرجت المظاهرات من أحياء سيف الدولة، والمشارقة، والشعار وصلاح الدي، والإذاعة، وباب النصر، والسليمانية، ومن ساحة الجامعة، ومنطقة الميريديان، رغم الانتشار المكثف لقوات الأمن ومؤيدي النظام الذين يطلق عليهم "الشبيحة".


وقال ناشطون إن أعدادا كبيرة من المتظاهرين توجهت بعد ذلك إلى ساحة سعد الله الجابري، وسط المدينة، التي تشهد منذ أيام اعتصامات يشارك فيها محامون، وأضافوا أن اشتباكات وقعت في المدينة بين محتجين وموالين للنظام.

ووفقا للمصادر ذاتها، فإن مؤيدين للنظام أجبروا تجارا على غلق محلاتهم للمشاركة في مظاهرة مؤيدة لنظام الرئيس الأسد.

وتعد حلب مركزا سكانيا كبيرا (أكثر من مليوني ساكن)، وتشكل ثقلا اقتصاديا مهما، ويأمل المعارضون أن تنضم مع العاصمة دمشق إلى المدن والمناطق التي تشهد احتجاجات مستمرة منذ ما يزيد عن ثلاثة أشهر.

وقالت رئيسة اللجنة العربية للدفاع عن حرية الرأي والتعبير، بهية مارديني، تعليقا على مظاهرات حلب، إنها تتوقع حراكا أكبر فيها.. وإن حلب عنصرا أساسيا لنجاح الثورة.

مظاهرات الخميس شملت مختلف أنحاء سوريا، واقتحام القرى متواصل

وبالتزامن مع مظاهرات حلب، تجددت الاحتجاجات في عدد من المدن والبلدات السورية.. وقال ناشطون إن طلابا تظاهروا الخميس أمام كلية الاقتصاد بجامعة دمشق، واعتقل ثلاثة منهم.

وسجلت مظاهرات في حماة، ودير الزور، وجبلة، وفي بلدة ناحتة بمحافظة حوران، بجنوب البلاد.

وكانت مظاهرات ليلية قد خرجت في وقت سابق في حمص، وإدلب، ودير الزور، وحماة، ورفض المشاركون فيها الحوار الذي عرضه النظام.


واقتحمت القوات السورية الخميس، مزيدا من البلدات والقرى في محافظة إدلب، بشمال غرب البلاد، بعدما قتلت الأربعاء، ما لا يقل عن 16 مدنيا، وجرحت العشرات في منطقة جبل الزاوية، وفقا لناشطين وحقوقيين سوريين.

وقال رئيس المرصد السوري لحقوق الإنسان، رامي عبد الرحمن، إن نحو 60 آلية بين دبابات، ومدرعات، وناقلات جند، توغلت الخميس في كفر نبل، وكنصفرة.

ونقلت عنه وكالة الصحافة الفرنسية، أن عددا من سكان القريتين فروا منها باتجاه الشمال والجنوب.

وكانت قرى أخرى، من بينها الرامي، والبارة، وسرجا، وإرم الجوز قد تعرضت إلى الاقتحام وسط إطلاق نار كثيف وفقا لناشطين

كلينتون تحث الحكومة السورية على البدء بالإصلاح

من جهة أخرى، قالت وزيرة الخارجية الامريكية، هيلاري كلينتون، اليوم الجمعة أيضا، إنه على الحكومة السورية أن تبدأ الإصلاح، وإلا واجهت المزيد من المعارضة المنظمة.

وقالت كلينتون خلال مؤتمر صحفي في ليتوانيا، إنها شعرت بخيبة أمل من تقارير تحدثت عن أعمال عنف جديدة في الأيام القليلة الماضية، وقالت إن سماح الحكومة السورية باجتماع واحد للمعارضة في دمشق غير كاف.

وردا على سؤال عن التناقض الصارخ بين السماح بعقد الاجتماع، ومواصلة حملة عسكرية في شمال سوريا، قالت كلينتون: "لا يبدو أن هناك رسالة متجانسة ومتسقة تأتي من سوريا."

وأضافت للصحفيين في المؤتمر الذي ضم أيضا رئيسة ليتوانيا، داليا جريبوسكايتي: "يجب أن يبدأوا تحولا حقيقيا إلى الديمقراطية، والسماح باجتماع واحد للمعارضة ليس كافيا لبلوغ هذا الهدف.. لذا أشعر بخيبة أمل من التقارير التي تحدثت عن استمرار العنف مؤخرا على الحدود، وفي حلب، حيث تعرض المحتجون للضرب والطعن بالمدي من جانب جماعات تابعة للحكومة وقوات الأمن."

وتابعت: "من الواضح تماما أن الوقت ينفد أمام الحكومة السورية.. إما أن يسمحوا بعملية سياسية حقيقية تتضمن السماح باحتجاجات سلمية في أنحاء سوريا، والدخول في حوار بناء مع أعضاء المعارضة والمجتمع المدني، أو مواجهة المزيد من المعارضة المنظمة."

وأضفات: "نأسف لإزهاق الأرواح وللعنف، لكن هذا الخيار يرجع للحكومة السورية.. وفي الوقت الحالي نتطلع إلى الأفعال لا الأقوال، لكننا لم نر الكثير من الأفعال."

التعليقات